وزير المالية الفلسطيني: الخصومات الإسرائيلية 42 % من عجز الموازنة

قال للدول المانحة إن اتفاقية باريس غير قابلة للتطبيق

أشتية والوفد المرافق له في لقاء مع رئيس وزراء النرويج بمكتبه في أوسلو أمس (وفا)
أشتية والوفد المرافق له في لقاء مع رئيس وزراء النرويج بمكتبه في أوسلو أمس (وفا)
TT

وزير المالية الفلسطيني: الخصومات الإسرائيلية 42 % من عجز الموازنة

أشتية والوفد المرافق له في لقاء مع رئيس وزراء النرويج بمكتبه في أوسلو أمس (وفا)
أشتية والوفد المرافق له في لقاء مع رئيس وزراء النرويج بمكتبه في أوسلو أمس (وفا)

قال وزير المالية الفلسطيني، شكري بشارة، أمام الدول المانحة، إن الخصومات والاقتطاعات الإسرائيلية من المقاصة، ومماطلة الحكومة الإسرائيلية في تسوية ملفات مالية، كلفت الخزينة الفلسطينية 1.4 مليار دولار منذ بداية عام 2021.
وأضاف بشارة، في تقرير عرضه على المانحين في اجتماع لجنة تنسيق المساعدات الدولية للشعب الفلسطيني، في العاصمة النرويجية أوسلو، أمس، أن «الخصومات الإسرائيلية الجائرة، بذريعة أنها تعادل ما يتم صرفه من الحكومة الفلسطينية لإعانة عوائل الشهداء والجرحى والأسرى، مسؤولة وحدها عن 42 في المائة من عجز الموازنة الذي بلغ حتى الآن 400 مليون دولار».
وبلغ عجز الموازنة الفلسطينية حتى نهاية العام 960 مليون دولار، تنخفض إلى 560 مليون دولار في حال أفرجت إسرائيل عن الأموال التي اقتطعتها بشكل أحادي الجانب، بحسب الوزير الذي حذر من أنه في حال عدم تحويل الحكومة الإسرائيلية الخصومات المتراكمة خلال أيام «فإن الحكومة الفلسطينية لن تكون قادرة على الوفاء بالتزاماتها كاملة».
وشرح الوزير كيف تقتطع إسرائيل مبلغ 30 مليون دولار شهرياً عقاباً للسلطة على دفع رواتب الشهداء والأسرى، إلى جانب اقتطاعات أخرى بلغت منذ مطلع العام الحالي 451 مليون دولار (257 مليون دولار كهرباء، و98 مليوناً للمياه، و34 مليوناً رسوم معالجة مياه عادمة، و62 مليوناً عمولة جباية وبدل خدمة).
ولفت بشارة إلى أن الحكومة الإسرائيلية لا تقوم بتزويدنا بأي تفاصيل عن الاقتطاعات التي نتوقع أن قيمتها الحقيقية تتجاوز ما لا يقل عن 20 في المائة، وأن «من شأن معالجة هذا الموضوع خفض العجز في الموازنة الفلسطينية إلى نحو 260 مليون دولار».
وأشار وزير المالية إلى وجود تحسن ملحوظ في الإيرادات خلال العام الحالي، نتيجة لتحسن عمليات تحصيل الضرائب وزيادة الامتثال، إذ ارتفعت إيرادات المقاصة بنسبة 25 في المائة، على أساس سنوي، إلى 2.389 مليار دولار حتى نهاية أكتوبر (تشرين الأول) المنصرم، كما زادت الإيرادات المحلية خلال الفترة نفسها بنسبة 31 في المائة إلى 1.276 مليار دولار.
إلا أن تلك الزيادة لم تستطع مواكبة التوسع في الإنفاق الذي نتج بشكل أساسي عن التدابير الطارئة المتعلقة بمواجهة جائحة كورونا، وزيادة قيمة فاتورة الرواتب. وأوضح الوزير الفلسطيني أن كلفة تدابير «كورونا» بلغت 200 مليون دولار منذ بداية العام. أما فيما يتعلق بفاتورة رواتب الموظفين، فقال إنها قفزت في عام 2021، لتصبح نحو 300 مليون دولار؛ أي ما يعادل نسبة 10 في المائة، جراء إعادة ما لا يقل عن 6 آلاف موظف إلى العمل، وإعادة صرف علاواتهم وبدلاتهم، إضافة إلى تكلفة التعيينات والترقيات والعلاوات الجديدة.
ولفت بشارة إلى أن كل ذلك يأتي بالتزامن مع انخفاض حاد في المساعدات الخارجية التي لم تتجاوز منذ بداية العام 130 مليون دولار، مقابل توقعات بنحو 656 مليون دولار، وانخفاضاً من 1.3 مليار دولار في عام 2013.
ووفق بيانات وزارة المالية، فإن الإنفاق في قطاع غزة يشكل ما نسبته 35 في المائة من إجمالي الموازنة العامة، ويتوقع أن يرتفع الإنفاق في القطاع إلى 1.734 مليار دولار بنهاية العام.
وقال بشارة إن الحكومة الفلسطينية لجأت إلى الاقتراض من القطاع المصرفي لسد الفجوات التمويلية التي نتجت عن احتجاز عائدات المقاصة من قبل الحكومة الإسرائيلية، وامتدت 15 شهراً خلال عامي 2019 و2020.
ويبلغ رصيد الدين الحكومي للمصارف العاملة في فلسطين نحو 2.4 مليار دولار. أما الدين الخارجي، فيبلغ نحو مليار دولار، منها 500 مليون دولار للصندوق الإسلامي، و250 مليون دولار لحكومة قطر، والباقي لمؤسسات أخرى.
وخلص وزير المالية الفلسطيني إلى أن «السبب الرئيسي لعدم إحراز تقدم اقتصادي مستدام هو عدم حدوث أي تقدم في عجلة السلام وتنفيذ حل الدولتين»، إضافة للتحديات الاقتصادية والمالية، وعدم القدرة على تحصيل إيرادات من المناطق المسماة «ج»، وعدم القدرة على البناء والتشغيل والتطوير فيها، والحرمان من الوصول إلى الموارد الطبيعية واستثمارها. كما أن غياب الوجود الفلسطيني على المعابر والموانئ والمطارات سبب رئيسي أيضاً في عدم ضبط عمليات الاستيراد والتصدير.
وشدد في النهاية على أن بروتوكول باريس الذي يحكم العلاقة الاقتصادية والمالية بين فلسطين وإسرائيل أصبح غير قابل للتطبيق، وهو بحاجة ماسة للتعديل، بما يحقق العدالة للشعب الفلسطيني.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم