مخاوف ليبية من تشتت أصوات الناخبين

مخاوف ليبية من تشتت أصوات الناخبين
TT

مخاوف ليبية من تشتت أصوات الناخبين

مخاوف ليبية من تشتت أصوات الناخبين

تشهد الساحة الليبية حالة من التسارع بين شخصيات عديدة من المجتمع للترشح في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وفيما اكتفى البعض منهم بإبداء رغبته عبر مواقع التواصل الاجتماعي في خوض السباق، تدافع العشرات من السياسيين والنشطاء للتقدم بأوراقهم إلى المفوضية العليا، وسط تخوفات من أن يؤدي ذلك لتشتيت أصوات الناخبين، وارتفاع التكلفة المادية للحملات الانتخابية.
وبعد يوم واحد من فتح باب الترشح، أعلنت المفوضية العليا للانتخابات، مساء الثلاثاء الماضي، أن إجمالي عدد المرشحين لانتخابات مجلس النواب في جميع الدوائر الانتخابية وصل إلى 155 مرشحاً، كما تقدم عدد من الشخصيات للمنافسة على مقعد الرئيس القادم لكنهم لم يستوفوا شروط الترشح، باستثناء مرشح واحد.
وأشادت عضو مجلس النواب الليبي، ربيعة أبو رأس، بإقدام شريحة واسعة من المواطنين على المشاركة في العملية الانتخابية والترشح في الانتخابات كوسيلة لتغيير الأوضاع الراهنة عوضاً عن المشاركة في الحرب، لافتة إلى أن عدد الناخبين المقيدين بسجلات المفوضية داخل البلاد يقارب مليونين و800 ألف نسمة، أما خارجها ففي حدود تسعة آلاف فقط.
وقالت ربيعة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «تشتت أصوات الناخبين جراء كثرة المرشحين للانتخابات التشريعية سيؤدي لانتخاب نواب بعدد أصوات قليلة جداً حتى في نطاق المدن ذات الكثافة السكانية العالية، وللأسف قد يتم تفسير هذا الأمر مستقبلياً بكونه دليلاً على عدم شعبية النائب بل قد يعيره البعض بذلك».
وعن بقية التحديات، قالت ربيعة، التي تنتوي إعادة الترشح على مقعد دائرة حي الأندلس في طرابلس الكبرى، إنه «بات على أي مرشح أن يعد برنامجاً انتخابياً يميزه عن برامج شريحة واسعة من المتنافسين، والأهم أنه أصبح مضطراً لمضاعفة حملته الدعائية من عقد ندوات ومؤتمرات شعبية والقيام بزيارات لأهالي الدائرة ليضمن وصول صوته وإقناع أكبر عدد منهم بالتصويت له».
وتابعت: «هذا سيزيد التكلفة المالية، ما يعزز فرص أصحاب الأموال الوفيرة سواء كانوا يملكون الكفاءة السياسية أو لا يملكونها، على حساب كفاءات أخرى وتحديداً شريحتي المرأة والشباب».
أما على صعيد الانتخابات الرئاسية، فحذرت النائبة من أن «تشتت أصوات الناخبين وتحديداً بالمنطقة الغربية ذات الكثافة السكانية الأعلى قد يؤدي في نهاية المطاف لفوز إحدى الشخصيات الجدلية المرفوضة من أهالي تلك المنطقة، وهو ما قد ينذر برفض النتائج»، حسب قولها.
من جانبه، استبعد رئيس الهيئة العليا لتحالف «القوى الوطنية» توفيق الشهيبي، تأثير تشتت الأصوات على النسبة التي سيحصل عليها المرشحون الكبار في الانتخابات الرئاسية، وقال الشهيبي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا اليوم قرابة 40 شخصية أعلنت اعتزامها الترشح للرئاسة، ولكن مع ظهور القائمة الرسمية سيتقلص هذا العدد كثيراً».
وتابع: «ومع اقتراب موعد الانتخابات سيتقلص أكثر وأكثر نظراً لإعلان البعض انسحابهم المبكر من السباق، إما لإدراكهم أنهم لا يتمتعون بالقبول الشعبي الواسع كما كانوا يتوقعون، وإما لثقل التكلفة المالية للحملة الدعائية».
ورأى الشهيبي أن «المنافسة ستظل محصورة بين الشخصيات المحورية التي لن يتجاوز عددهم في النهاية ستة متنافسين؛ ولكنهم سيحصدون ما يقرب من 80 في المائة من الأصوات»، حسب توقعه.
ومن أبرز الشخصيات التي أُعلن ترشحها على مقعد رئيس ليبيا القادم، وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا، وقائد الجيش الوطني الليبي، خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس «تكتل إحياء ليبيا» عارف النايض، ومندوب ليبيا السابق لدى الأمم المتحدة إبراهيم الدباشي، ووزير الخارجية بالحكومة المؤقتة عبد الهادي الحويج، وعضو البرلمان عبد السلام نصية.
رغم ذلك، يرى الشهيبي أن كثرة المرشحين «قد يكون لها جانب إيجابي»، مضيفاً: «المشاركة الواسعة في الانتخابات الرئاسية من شخصيات تمثل أطرافاً وقوى وتيارات سياسية أو مناطق جهوية تعني التزام هؤلاء جميعاً ومؤيديهم بدرجة ما بالنتائج، وستسهم أيضاً في زيادة نسبة التصويت بالاستحقاق».
وأكمل: «أما كثرة المرشحين في الانتخابات التشريعية فقد تؤدي لكسر هيمنة بعض القبائل على الدوائر الكبرى التي كانت ترشح أبناءها بغض النظر عن كفاءتهم من عدمها»، لافتاً إلى أن «كثيراً من أهالي تلك الدوائر اتخذوا بالفعل قراراً بالعزوف عن المشاركة هذا العام رغم تسجيل أسمائهم في كشوف الناخبين بالمفوضية لإدراكهم أن النتيجة شبه محسومة لمرشحين قبليين معروفين، ولكن وجود خيار آخر، خاصة من مرشحي التيار المدني والأحزاب السياسية قد يدفعهم لتبديل قناعاتهم، وقد يستفيد هؤلاء أيضاً من تشتت أصوات القبيلة نظراً لترشح كثيرين من أبنائها على ذات المقعد».
بدوره، قال عضو «ملتقى الحوار السياسي» أحمد الشركسي، إن المشاركة الواسعة في الانتخابات وعدم إقصاء أي طرف سيعطي ضماناً بدرجة ما بمشروعية العملية الانتخابية والقبول بنتائجها، مراهناً على أن «وعي الليبيين وتدقيق خياراتهم قد يكون السبيل الوحيد للحد من تشتت الأصوات جراء كثرة المرشحين».
وأوضح الشركسي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «نسبة كبيرة ممن اكتووا لسنوات بنيران الحرب والصراعات التي أدت لعدم توافر الخدمات الرئيسية من كهرباء ومياه لن يختاروا شخصيات فاسدة أو ضعيفة في الانتخابات البرلمانية»، كما أنهم «لن يبيعوا أصواتهم بالمال كما يتوقع البعض، في ظل وجود نسبة غير هينة من المرشحين يجمعون بين الكفاءة والنزاهة».
وتوقع الشركسي أن «يبتعد الليبيون في الانتخابات الرئاسية عن الأسماء الجدلية ومشعلي الحروب، لذا من الممكن أن تحسم الجولة الثانية أي تشتت في التصويت، وعندها ستتضح الأوزان الحقيقية للمرشحين».



بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
TT

بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (الخميس) إلى الأردن، مستهِلاً جولة لبحث الأزمة في سوريا بعد إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، وفق ما أفاد صحافي من «وكالة الصحافة الفرنسية» كان ضمن فريق الصحافيين المرافق له في الطائرة.

وقال مسؤولون أميركيون، للصحافيين المرافقين، إن بلينكن المنتهية ولايته سيلتقي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ووزيرَ خارجيته في مدينة العقبة (نحو 325 كيلومتراً جنوب عمان) على البحر الأحمر، في إطار سعيه إلى عملية «شاملة» لاختيار أعضاء الحكومة السورية المقبلة. وفور وصوله، توجَّه بلينكن إلى الاجتماع، ومن المقرر أن يسافر في وقت لاحق من اليوم إلى تركيا.

ودعا بلينكن إلى عملية «شاملة» لتشكيل الحكومة السورية المقبلة تتضمَّن حماية الأقليات، بعدما أنهت فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» حكم بشار الأسد المنتمي إلى الطائفة العلوية التي تُشكِّل أقلية في سوريا.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، لدى إعلانها عن جولة بلينكن، إنه سيدعو إلى «قيام سلطة في سوريا لا توفر قاعدة للإرهاب أو تُشكِّل تهديداً لجيرانها»، في إشارة إلى المخاوف التي تُعبِّر عنها كل من تركيا، وإسرائيل التي نفَّذت مئات الغارات في البلد المجاور خلال الأيام الماضية. وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إلى أنه خلال المناقشات في العقبة على البحر الأحمر «سيكرر بلينكن دعم الولايات المتحدة لانتقال جامع (...) نحو حكومة مسؤولة وتمثيلية». وسيناقش أيضاً «ضرورة (...) احترام حقوق الأقليات، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، ومنع تحول سوريا إلى قاعدة للإرهاب أو أن تُشكِّل تهديداً لجيرانها، وضمان تأمين مخزونات الأسلحة الكيميائية وتدميرها بشكل آمن». وهذه الزيارة الثانية عشرة التي يقوم بها بلينكن إلى الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل، التي ردَّت بحملة عنيفة ومُدمِّرة ما زالت مستمرة على قطاع غزة.

وانتهت رحلة بلينكن السابقة بخيبة أمل بعد فشله في تأمين صفقة تنهي فيها إسرائيل و«حماس» الحرب في مقابل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة. وسيغادر بلينكن منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل مع إدارة الرئيس جو بايدن.

ووصف الرئيس المنتخب دونالد ترمب الوضع في سوريا بـ«الفوضى». وقال إن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تتدخل، رغم أنه لم يوضح السياسة الأميركية منذ سقوط الأسد.