تهديد حوثي للفلسطينيين في ذمار... وتجنيد إجباري للأفارقة

TT
20

تهديد حوثي للفلسطينيين في ذمار... وتجنيد إجباري للأفارقة

أفادت مصادر محلية في محافظة ذمار اليمنية (100 كلم جنوب صنعاء) بأن الميليشيات الحوثية واصلت للمرة الثانية خلال أقل من أسبوع تهديداتها لأسر وعائلات فلسطينية تقيم في ذمار بالسجن على خلفية عجزها عن دفع مبالغ مالية ضخمة لصالح الجماعة تحت ذريعة تجديد الإقامة.
وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن الانقلابيين ألزموا ثلاث عائلات فلسطينية بعضها تقطن حي الغفران غرب مدينة ذمار على دفع 7 ملايين ريال عن كل أسرة مقابل تجديد ما تسمى بـ«الإقامة» (الدولار نحو 600 ريال في مناطق سيطرة الميليشيات).
وأشارت المصادر إلى أن قيادات حوثية في المحافظة واصلت تهديداتها لنحو 12 شخصاً (ذكور وإناث) من الأسر الفلسطينية بفرض غرامات مالية إضافية بحقهم حال تأخيرهم عن دفع ما فرض عليهم من مبالغ.
واعتبرت المصادر أن تلك الممارسات تأتي في إطار مسلسل الاستهداف والتعسف والتضييق الحوثي المتعمد بحق الجاليات العربية وغيرها المقيمة بمختلف المدن تحت سيطرة الجماعة.
وسبق للانقلابيين، حلفاء إيران في اليمن، أن هددوا مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، أسرة فلسطينية هي حالياً ضمن الأسر التي شملها تهديد وتعسف الجماعة الأخير بذمار بدفع ما فرض عليها من مبالغ مالية.
وبحسب ما نقلته مصادر محلية، فإن الانقلابيين أجبروا عائلة فلسطينية من 4 أفراد تسكن ذات الحي الذي استهدفته الجماعة مؤخراً على دفع مبلغ مالي مقابل تجديد الإقامة.
وطبقاً للتقارير، فقد وجهت الأسرة الفلسطينية بعد تعرضها لابتزاز قيادات حوثية بذمار رسائل عدة منها إلى مصلحة الهجرة والجوازات الخاضعة تحت سيطرة الجماعة وإلى وزير داخليتها المدعو عبد الكريم الحوثي وإلى القيادي في الميليشيات المدعو محمد البخيتي المعين محافظاً لذمار من أجل إعفائها من المبالغ المفروضة عليها ووضع حد للمضايقات والتهديدات التي تتعرض لها، لكنها لم تلق خلالها أي تجاوب.
وأشارت إلى أن رب الأسرة الفلسطينية محمد صبري قويدر يعمل مدرساً في اليمن منذ 20 عاماً، وبسبب عدم وجود مصدر دخل للأسرة فإنها عجزت عن دفع قيمة تجديد الإقامة.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي تعرضت خلالها عائلات فلسطينية وأخرى عربية وأفريقية لعمليات ابتزاز بمختلف مناطق سيطرة الجماعة، إذ سبق أن أقدم قيادي بارز في الميليشيات يكنى بـ«أبو هاشم الخولاني» أواخر يونيو (حزيران) الماضي على مهاجمة منزل عائلة فلسطينية في صنعاء بهدف إخراجها منه والسيطرة عليه بقوة السلاح.
وتداول ناشطون محليون حينها مقطع «فيديو»، يظهر المشرف الحوثي وهو يقتحم المنزل الفلسطيني في العاصمة بطريقة همجية تكشف زيف ما تدعيه الجماعة من مناصرتها للقضية الفلسطينية.
وعبر عدد من الناشطين حينها عن غضبهم وسخطهم حيال تلك الممارسات المتبعة بحق أبناء الجالية الفلسطينية في صنعاء.
وقالوا: «إن الحوثي يدعي أنه يدعم فلسطين وأشعل مواقع التواصل بالشعارات الكاذبة الداعية إلى الموت لإسرائيل بينما يقوم أحد مشرفيه بمهاجمة منزل أسرة فلسطينية بصنعاء ويصفها بـ«اللاجئة» ويطالبها بالخروج من منزلها ومغادرة صنعاء».
وتساءل الناشطون بالقول: «ما الفرق بين ما تقوم به الميليشيات الحوثية بحق الفلسطينيين بمدن سيطرتها وبين ما تقوم به إسرائيل بحق منازل الفلسطينيين في المدن الفلسطينية؟».
وفيما يخص الاستهداف الحوثي الذي طال على مدى سنوات ماضية ولا يزال المئات من أبناء الجاليات الأفريقية القاطنة في العاصمة صنعاء ومدن يمنية أخرى، كانت مصادر قد تحدثت بوقت سابق عن أن الميليشيات دشنت على مدى الفترات الماضية العشرات من حملات التجنيد الإجبارية لشباب وأطفال أفارقة في العاصمة ومناطق أخرى تحت شعارات حوثية عدة كان آخرها شعار: «انفروا خفاقاً وثقالاً».
وأشارت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، بمواصلة الجماعة رفد جبهاتها بمقاتلين أفارقة جدد مقابل إغراءات مالية تتراوح بين 80 و100 دولار لكل مقاتل ينخرط في القتال بصفوفها.
وعينت الميليشيات خلال بعض حملاتها السابقة، بحسب المصادر، مشرفين على عمليات التجنيد ممن لديهم خبرات باللاجئين الأفارقة، بهدف إتمام مهمة الحشد والتعبئة للاجئين وفرز وتصنيف المجندين وفق خبراتهم في حمل السلاح، ونقلتهم إلى الجبهات.
ووفق المصادر نفسها، شملت حملات التجنيد أفارقة من مختلف الأعمار من الموجودين بصفتهم لاجئين في عدد من أحياء صنعاء ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة الميليشيات.
وكان شهود بصنعاء أكدوا بوقت سابق، لـ«الشرق الأوسط» أن الميليشيات واصلت حشد مئات المرتزقة الأفارقة، لإشراكهم في القتال مع قواتها. وأشار الشهود إلى أن معظم العناصر الذين حشدهم المتمردون ينتمون إلى الجنسيتين الإثيوبية والصومالية.
وشكت حينها عائلات من جنسيات صومالية وإثيوبية بحي الصافية وأحياء أخرى بصنعاء من تعرضهم مؤخراً لعمليات ترويع وابتزاز من قبل الميليشيات، لإجبارهم على تجنيد أبنائهم للقتال معها.
وأكد أفراد من تلك العائلات سابقاً لـ«الشرق الأوسط» تعرضهم لظروف معيشية صعبة وقاسية في صنعاء منذ الانقلاب الحوثي على الشرعية واجتياح صنعاء ومدن يمنية أخرى.


مقالات ذات صلة

تعسف الانقلابيين يضرب التكافل الاجتماعي في اليمن

المشرق العربي اتهامات للجماعة الحوثية باستخدام المساعدات في استقطاب المقاتلين خصوصاً من الأطفال (رويترز)

تعسف الانقلابيين يضرب التكافل الاجتماعي في اليمن

تتسبب ممارسات الجماعة الحوثية في تراجع التكافل الاجتماعي بين اليمنيين، بالتزامن مع مساعيها لحرمان السكان من المساعدات المقدمة من فاعلي الخير وتجييرها لصالحها

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي النساء اليمنيات يواجهن صعوبات حياتية كبيرة بسبب الحرب وممارسات الجماعة الحوثية (إ.ب.أ)

تستّر حوثي على عصابات تختطف النساء

بسبب جهود عائلة يمنية أجرت بحثاً واسعاً عن إحدى نسائها المختطفات في محافظة إب، أمكن الكشف عن عصابتين تختطفان 16 امرأة في ظل تستر الجماعة الحوثية على هذه الجرائم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي وزير الدفاع اليمني الفريق ركن محسن الداعري (الشرق الأوسط) play-circle

وزير الدفاع اليمني لـ«الشرق الأوسط»: سنتعامل بحزم مع أي مغامرة حوثية

أكد وزير الدفاع اليمني أن القوات المسلّحة اليمنية وجميع التشكيلات العسكرية في جهوزية عالية للتعامل بصلابة وحزم مع أي اعتداءات أو مغامرات حوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يمنيان ينظفان الزجاج الذي تسببت الغارات الأميركية في تحطيمه أمام متجرهما بصنعاء (أ.ف.ب)

سكان صنعاء يتخوفون من مواجهة طويلة بين واشنطن والحوثيين

أعادت الضربات الأميركية الأخيرة في اليمن تجديد مخاوف السكان من مواجهة طويلة تؤثر على معيشتهم، في ظل إصرار الحوثيين على التصعيد وعدم اكتراثهم بتبعات ممارساتهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا له زعيمهم عبد الملك الحوثي لاستعراض القوة أمام الضربات الأميركية (إ.ب.أ)

الحوثيون يختارون التّصعيد رغم وعيد ترمب واستمرار الضربات

اختارت الجماعة الحوثية تمسُّكها بالتصعيد البحري رغم الوعيد والضربات الأميركية المستمرة التي أمر بها ترمب، زاعمة أنها هاجمت حاملة الطائرات «ترومان» مرتين.

علي ربيع (عدن)

تحذيرات من عواقب إنسانية جرَّاء التصعيد العسكري في اليمن

تراجع كبير شهدته المساعدات الغذائية في اليمن (أ.ف.ب)
تراجع كبير شهدته المساعدات الغذائية في اليمن (أ.ف.ب)
TT
20

تحذيرات من عواقب إنسانية جرَّاء التصعيد العسكري في اليمن

تراجع كبير شهدته المساعدات الغذائية في اليمن (أ.ف.ب)
تراجع كبير شهدته المساعدات الغذائية في اليمن (أ.ف.ب)

في حين دقت منظمات دولية ناقوس الخطر بسبب ارتفاع معدلات انتشار سوء التغذية الحاد في عدة مناطق يمنية بصورة تبعث على القلق، حذَّرت من عواقب التصعيد العسكري الأخير في اليمن.

وأكدت اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» أن أي تصعيد إضافي قد يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية التي يعانيها اليمنيون جراء النزاع المستمر منذ أكثر من 10 سنوات.

ودعت اللجنة كافة الأطراف إلى وضع حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية على رأس أولوياتها، مؤكدة ضرورة اتخاذ جميع الاحتياطات لتجنب إزهاق أرواح المدنيين والإضرار بالأعيان المدنية، وفقاً لأحكام القانون الدولي الإنساني.

وتقول اللجنة إنها تواصل استجابتها للاحتياجات الإنسانية الملحَّة؛ إذ قدمت إمدادات طبية لدعم بعض المرافق الصحية، في إطار دورها بوصفها منظمة إنسانية محايدة ومستقلة.

إلى ذلك حذَّرت منظمة «أطباء بلا حدود» من مخاطر سوء التغذية في اليمن، ودعا مسؤولون في المنظمة (مكتب اليمن) المجتمع الدولي إلى تقديم دعم مالي أكبر، بعد انخفاض تمويل المساعدات الإنسانية، لافتين إلى أنَّ سوء التغذية بات منتشراً بنسبة أكبر ويبعث على القلق.

المخيمات في اليمن تفتقد الرعاية الصحية والمياه النظيفة والغذاء الكافي (الأمم المتحدة)
المخيمات في اليمن تفتقد الرعاية الصحية والمياه النظيفة والغذاء الكافي (الأمم المتحدة)

وتؤكد «أطباء بلا حدود» أن النساء والأطفال هم أكثر الفئات في اليمن الذين يعانون خطر سوء التغذية. لافتة إلى أن نسبة كبيرة من النساء الحوامل تعاني سوء التغذية ومن ظروف صحية صعبة، ما ينعكس سلباً على الأطفال اليمنيين حديثي الولادة.

وأفادت بأن معظم المراكز الصحية في اليمن لا تزال تعيش أوضاعاً صعبة، وتكتظ بالأطفال المحتاجين إلى كل أشكال الرعاية؛ حيث يعانون الإصابة بأمراض أخرى، منها: الحصبة والكوليرا والإسهال المائي الحاد؛ مؤكدة أنها تقدم خدماتها لليمنيين بنحو 13 محافظة من أصل 22.

وأدى تعليق المساعدات الغذائية وتخفيضها إلى زيادة الصعوبات المعيشية والصحية التي يواجهها اليمنيون في كافة المناطق.

حاجة ماسة

حسب «أطباء بلا حدود» فإن ثمَّة حاجة ماسة إلى مزيد من عمليات توزيع الأغذية الموجَّهة في اليمن، من أجل ضمان حصول النساء الحوامل والمرضعات، وكذلك الأطفال دون الخامسة، على التغذية التي يحتاجون إليها قبل أن تُهدَّد صحتهم.

وحذَّرت المنظمة في أحدث بياناتها، من استمرار عدم اتخاذ أي تدابير عاجلة لإنقاذ سكان اليمن الذين قد يواجهون مزيداً من المصاعب، في ظل نظام رعاية صحية منهك ومعدلات سوء تغذية متصاعدة.

وعلى صلة بالموضوع ذاته، أكدت منظمة «يونيسيف»، أن اليمن لا يزال يُسجل أعلى معدلات سوء التغذية على مستوى العالم؛ خصوصاً لدى الأطفال، ما يشكل تهديداً متزايداً لحياة مئات الآلاف منهم.

المخاطر في اليمن تتفاقم نتيجة انعدام خدمات الصحة الإنجابية (الأمم المتحدة)
المخاطر في اليمن تتفاقم نتيجة انعدام خدمات الصحة الإنجابية (الأمم المتحدة)

وأفادت المنظمة، في تقرير حديث لها، بأن الوصول إلى الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الصحية في كثير من المناطق اليمنية لا يزال محدوداً وغير كافٍ، نتيجة للصراع والأزمة الاقتصادية المستمرين، مؤكدة أن ذلك أدى إلى تفاقم أزمة سوء التغذية بشكل كبير؛ حيث سُجلت أعلى المعدلات على مستوى العالم.

وذكرت «يونيسيف» أن الارتفاع الحاد في سوء التغذية يُعزى بشكل رئيسي إلى تفشي الكوليرا والحصبة، فضلاً عن ارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي بشكل مستمر، الأمر الذي يؤثر على أكثر من 600 ألف طفل يمني، بمن فيهم 120 ألفاً يعانون سوء التغذية الحاد.

وكان تقرير أممي سابق قد ذكر أن أكثر من 17 مليون يمني يواجهون انعدام الأمن الغذائي، بينما 15.4 مليون شخص باتوا يفتقرون إلى المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي، بالإضافة إلى 20.3 مليون يفتقرون إلى الرعاية الصحية المناسبة.