القضاء العراقي يبرئ أحد عناصر حماية طارق الهاشمي

TT

القضاء العراقي يبرئ أحد عناصر حماية طارق الهاشمي

أفرج القضاء العراقي عن المتهم مازن عبد كشكول، وهو أحد أفراد حماية نائب رئيس الجمهورية السابق طارق الهاشمي الذي يقيم منذ سنوات في تركيا بعد فراره من العراق على خلفية اتهامات له ولأفراد حمايته بالإرهاب عام 2011، وكان كشكول يتنظر منذ نحو 10 سنوات حكماً بالإعدام، قبل أن تعاد محاكمته ويحكم عليه بالبراءة.
ويبدو أن القضاء تجنب الإعلان عن إطلاق سراح كشكول؛ نظراً لحساسية ملف الهاشمي وأفراد حمايته، لكن مقاطع «فيديو» انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي تظهر لحظة استقباله من قبل أقاربه وأفراد عائلته، إلى جانب تأكيد طارق الهاشمي أن عملية الإفراج عن كشكول تمت قبل نحو أسبوع.
وتعدّ قضية الهاشمي وأفراد حمايته من بين أكثر القضايا الجنائية المرتبطة بأعمال الإرهاب إثارة للجدل في العراق منذ سنوات طويلة، بالنظر للشكوك والدوافع السياسية التي أحاطت بها. كانت السلطات العراقية أصدرت في ديسمبر (كانون الأول) عام 2011 مذكرة اعتقال بحق الهاشمي، بتهمة إصدار أوامر إلى عناصر من حمايته لتنفيذ عمليات اغتيال لضباط وقضاة ومسؤولين عراقيين، ثم حكم عليه بالإعدام غيابياً.
وفي يناير (كانون الثاني) 2012، أعلنت وزارة الداخلية اعتقال 16 شخصاً من حمايته، ثم أعلنت الهيئة التحقيقية تورطهم في تنفيذ 150 عملية مسلحة. وفي مايو (أيار) 2012، نفى الهاشمي التهم التي وجهتها المحكمة الجنائية المركزية في بغداد له ولأفراد حمايته المعتقلين، وأعرب عن عدم ثقته بالقضاء العراقي؛ لأنه «تحت سيطرة الحكومة»، وأن التهم الموجهة له «ذات دوافع سياسية»، متهماً رئيس الوزراء آنذاك، نوري المالكي، بـ«إذكاء الانقسام الطائفي في البلاد».
واستغرب كثيرون صدور الحكم ببراءة كشكول. ويتساءل الخبير العسكري المختص في شؤون الحرب النفسية، الدكتور سعد العبيدي، عن «طبيعة الأدلة التي قدمها القضاء أولاً لإدانة المتهم والأدلة الأخرى التي برأت ساحته. ويقول العبيدي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «حكماً من هذا النوع يثير العجب حقاً، ثم من سيعوض المفرج عنه سنوات طويلة من العذاب والحرمان ومن سيعوض عائلته وأسرته المسكينة». ورأى العبيدي أن «القضايا والأحكام القضائية التي ترتبط بأشخاص مثل الهاشمي، تعني أن لها أبعاداً سياسية، وتعني أيضاً أن غالبية الأحكام التي صدرت على هذه الخلفية مشكوك في أمرها وتستحق أن يعاد النظر فيها».
من جهة أخرى، ورداً على اتهامات وجهتها بعض الأطراف والجماعات السياسية إلى رئيس الجمهورية برهم صالح بإصدار عفو رئاسي عن نجل محافظ النجف المدان بتهم الاتجار بالمخدرات ولعنصر حماية طارق الهاشمي، نفى مكتب الرئاسة ذلك، وقال في بيان، أمس، إنه «فيما ينفي هذه الأخبار العارية عن الصحّة، التي تُنشر بين الحين والآخر، فإنه يؤكد ضرورة استقاء المعلومة من مصادرها المعتمدة، والموقع الرسمي للرئاسة، والمنصّات التابعة له». ودعت رئاسة الجمهورية «وسائل الإعلام والمدوّنين ومواقع التواصل الاجتماعي وأبناء شعبنا العزيز إلى تحرّي الدقة في المعلومة، خصوصاً مع الفترة الحرجة التي تمرّ بها البلاد».
وكان محافظ النجف لؤي الياسري نفى، الجمعة الماضي، الأنباء التي تحدثت عن إطلاق سراح نجله المحكوم عليه في قضية اتجار بالمخدرات. وقال الياسري في تصريحات صحافية إن «الأنباء التي تداولتها منصات عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام بشأن إطلاق سراح ابني بعفو رئاسي غير صحيحة وعارية عن الصحة». وأكد أن ابنه «لا يزال يقضي مدة محكوميته داخل السجن والتي حددها القضاء بـ15 عاماً».
وكانت القوات الأمنية ألقت القبض في عام 2018، على جواد لؤي الياسري، نجل المحافظ، وهو ضابط صغير في وزارة الداخلية، برفقة اثنين من زملائه وضبطت بحوزتهم 5 كيلوغرامات و600 غرام من «الحشيشة»، إضافة إلى مسدس و7 آلاف حبة مخدرة.



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.