داخل القشرة البصرية للدماغ البالغ، توجد منطقة صغيرة مخصصة للاستجابة للوجوه، بينما تُظهر المناطق المجاورة تفضيلات قوية للأجساد أو لمشاهد مثل المناظر الطبيعية.
ولطالما افترض علماء الأعصاب أنّ الأمر يستغرق سنوات عديدة من الخبرة البصرية حتى تتطور هذه المناطق عند الأطفال، لكن دراسة جديدة لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في أميركا، نُشرت أول من أمس في دورية «كرنت بيولوجي»، أشارت إلى أنّ هذه المناطق «تتشكل في وقت أبكر بكثير مما كان يعتقد سابقاً».
وفي الدراسة التي أُجريت على أطفال تتراوح أعمارهم بين شهرين وتسعة أشهر، حدد الباحثون «مناطق من القشرة البصرية للرضع تُظهر بالفعل تفضيلات قوية للوجوه تماماً كما يحدث عند البالغين».
ومنذ أكثر من 20 عاماً، استخدم باحثون في معهد ماساتشوستس، التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي لاكتشاف منطقة الوجه المغزلي، وهي منطقة صغيرة من القشرة البصرية تستجيب للوجوه بقوة أكبر من أي جزء بالجسم، وحددوا أيضاً وقتها أجزاءً من القشرة البصرية تستجيب للأجسام والمشاهد الطبيعية.
وافترض الباحثون وقتها أنّ الأمر يستغرق عدة سنوات من الخبرة المرئية لهذه المناطق لتصبح تدريجياً انتقائية لأهدافها المحددة، وأبلغت دراسة في عام 2017 استخدمت لأول مرة بنجاح الرنين المغناطيسي الوظيفي لدراسة أدمغة تسعة من الأطفال المستيقظين، أنّ منطقة الوجه المغزلي لا تُظهر تفضيلاً قوياً للوجوه البشرية على أي نوع آخر من المدخلات، بما في ذلك الأجسام البشرية أو وجوه الحيوانات الأخرى أو المشاهد الطبيعية.
ومع ذلك كانت تلك الدراسة محدودة بسبب العدد الصغير من الأشخاص، وأيضاً بسبب اعتمادها على ملف الرنين المغناطيسي الوظيفي الذي طوّره الباحثون خصيصاً للأطفال، الذي لم يقدم صوراً عالية الدقة مثل المستخدمة للبالغين.
وفي الدراسة الجديدة، أراد الباحثون الحصول على بيانات أفضل من المزيد من الأطفال، فقاموا ببناء ماسح ضوئي جديد أكثر راحة لهم وأكثر قوة أيضاً، مع دقة مماثلة لتلك الخاصة بأجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي المستخدمة لدراسة دماغ البالغين، وبعد الذهاب إلى الماسح الضوئي المتخصص، مع أحد الوالدين، شاهد 90 طفلاً مقاطع فيديو تُظهر إما الوجوه وإما أجزاء الجسم مثل الركل بالأقدام أو التلويح بالأيدي أو الأشياء مثل الألعاب أو المشاهد الطبيعية مثل الجبال.
وجمع الباحثون بيانات الرنين المغناطيسي الوظيفي، وكشف تحليلهم أنّ مناطق معينة من القشرة البصرية للرضع تُظهر استجابات انتقائية للغاية للوجوه وأجزاء الجسم والمشاهد الطبيعية في نفس المواقع التي تُرى فيها تلك الاستجابات في دماغ البالغين.
استجابة دماغ الرضع للوجوه تشبه البالغين
استجابة دماغ الرضع للوجوه تشبه البالغين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة