اجتماع وزاري لـ«ضامني آستانة» الشهر المقبل

موسكو تنشّط تحركها مع دمشق في الملف الإنساني

دورية روسية - تركية في الرميلان شمال شرقي سوريا في 16 سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)
دورية روسية - تركية في الرميلان شمال شرقي سوريا في 16 سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

اجتماع وزاري لـ«ضامني آستانة» الشهر المقبل

دورية روسية - تركية في الرميلان شمال شرقي سوريا في 16 سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)
دورية روسية - تركية في الرميلان شمال شرقي سوريا في 16 سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)

بدا أمس، أن البلدان الضامنة وقف النار في سوريا نجحت في تقريب وجهات النظر حول عقد اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، لبحث آليات مشتركة للتحرك خلال المرحلة المقبلة.
وكان تباين ظهر حول هذا الموضوع، بعدما عرضت كازاخستان الأسبوع الماضي، تنظيم اجتماع لوزراء خارجية روسيا وإيران وتركيا على هامش أعمال الجولة الجديدة من مفاوضات «مجموعة آستانة» المقررة الشهر المقبل.
وفي مقابل تأكيد وزير خارجية كازاخستان مختار تلوب بردي تلقي بلاده طلبات من بعض الأطراف لتنظيم هذا اللقاء، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف في حينها، أنه «لا خطط لدى الوزير سيرغي لافروف للمشاركة في اجتماعات نور سلطان».
وعكست تصريحات الوزير الكازاخي أمس، أن هذا الموضوع تمت تسويته، وقال إنه «تم الاتفاق على عقد اجتماع لوزراء خارجية الدول الضامنة لمسار آستانة بشأن القضية السورية في 20 ديسمبر (كانون الأول) المقبل».
وفي إشارة إلى تلقي بلاده موافقة من موسكو على عقد اللقاء، أضاف الوزير: «لقد أكدنا استعدادنا لإجراء مفاوضات بشأن سوريا في 20 ديسمبر. تلقينا مذكرة رسمية من الجانب الروسي، والآن ننتظر تأكيد الأطراف الأخرى. وعندها فقط سنقوم بالبدء في إرسال دعوات رسمية للاجتماع». وزاد: «يوجد الآن اتفاق على عقد اجتماع لوزراء خارجية الدول الضامنة لمسار آستانة (روسيا وتركيا وإيران) في إطار المفاوضات السورية في كازاخستان... التنسيق بين الدول الضامنة جارٍ الآن. ومن جانبنا أكدنا استعدادنا لتنظيم الاجتماع».
ورأت أوساط روسية أن الحاجة إلى تنظيم لقاء على مستوى وزاري باتت ملحة، بسبب تصاعد التباين بين الأطراف الضامنة حول عدد من المسائل الميدانية والسياسية في سوريا.
وتنعقد الاجتماعات في إطار «مسار آستانة» عادة على مستوى نواب وزراء الخارجية، لكن في حالات عدة عقد الوزراء الثلاثة اجتماعات مهدت للقاءات رؤساء البلدان الضامنة.
على صعيد آخر، أعلنت مصادر روسية وسورية عن انطلاق أعمال الجلسة الافتتاحية للاجتماع المشترك للهيئتين الوزاريتين التنسيقيتين في البلدين، حول عودة اللاجئين، وتهيئة الظروف المناسبة لدفع هذا المسار. ووفقاً للمعطيات، فقد بدأت جولة الحوار بحضور ممثلين عن منظمة الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر.
ويعد هذا الاجتماع حلقة تكميلية في الاجتماعات التي تسعى إلى تنفيذ مخرجات مؤتمر اللاجئين الذي عقد في دمشق العام الماضي، بدعم قوي من جانب موسكو. لكن أوساطاً روسية قالت إن أجندة الاجتماع لن تقتصر على ملف عودة اللاجئين، وإنها تشمل كل الملفات المتعلقة بالوضع الإنساني، كونها تهيئ الظروف لدفع مسار عودة اللاجئين.
ونقلت قناة «آر تي» التلفزيونية الروسية عن وزير الإدارة المحلية والبيئة السوري حسين مخلوف، أن المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين السوريين في دمشق الذي عقد قبل عام تمخضت عنه نتائج مهمة جداً تشكل منهاج عمل للهيئتين الوزاريتين التنسيقيتين السورية والروسية، وتتم متابعتها من خلال فريق عمل مشترك يعمل بتوجيهات رئيسي سوريا وروسيا الاتحادية.
وأشار إلى أنه حرصاً على متابعة تنفيذ التوصيات، عقدت اجتماعات ثنائية في يوليو (تموز) بين مختلف الوزارات والهيئات السورية والروسية، مبيناً أن الاجتماعات الثنائية السورية - الروسية التي تنعقد حالياً بين مختلف الوزارات والجهات تخدم التعاون المشترك، بهدف دعم عودة اللاجئين السوريين واستقرارهم في مدنهم وقراهم.
وزاد أنه «بفضل جهود الدولة السورية وبالتعاون الوثيق ومساندة الأصدقاء، تمت عودة مئات الآلاف من السوريين داخلياً وخارجياً».
وأشار الوزير السوري إلى أن «العمل جارٍ في كل المناطق التي حررها الجيش على إعادة تأهيل البنى التحتية بكل أشكالها»، مبيناً أنه «تمت منذ بداية العام إعادة تأهيل وصيانة المئات من مراكز تحويل الكهرباء ومحطات الضخ وشبكات الري والمراكز الصحية وشبكات مياه الشرب وتأهيل آلاف المنازل والمحال التجارية المتضررة، ويجري العمل على إعادة تأهيل محطة حلب الكهربائية وإنشاء محطة الرستين بمحافظة اللاذقية وتمت إعادة تأهيل محطة الزارة ويجري العمل على تأهيل باقي المحطات».
ولفت إلى استمرار الدولة بتقديم ما يلزم للمهجرين في مراكز الإيواء وخارجها صحياً وتربوياً والجانب الروسي لإنجاز التسويات لأكثر من 20000 مواطن في درعا ودير الزور والحسكة والقنيطرة وباقي المحافظات.
ميدانياً، أعلنت وزارة الدفاع الروسي أنها رصدت تصعيداً متواصلاً للوضع في إدلب، وقال نائب رئيس مركز المصالحة الروسي في سوريا، فاديم كوليت، إن «مسلحي تنظيم (جبهة النصرة) الإرهابي نفذوا 12 عملية قصف في منطقة إدلب لخفض التصعيد شمال غربي سوريا».
ووفقاً للناطق العسكري، فقد «تم تسجيل 12 عملية إطلاق نار من مواقع تنظيم (جبهة النصرة) خلال الـ24 ساعة الماضية، بينها 11 في محافظة حلب وعملية قصف واحدة في محافظة اللاذقية».
وكانت موسكو أشارت أكثر من مرة خلال الأسبوع الأخير، إلى رصد انتهاكات لاتفاق وقف النار من جانب جبهة النصرة. وتحمل موسكو أنقرة المسؤولية عن الفشل في تنفيذ الاتفاقات الروسية - التركية التي تشمل إبعاد المسلحين عن الطرق الدولية وإنشاء منطقة عازلة على جانبي الطريق الدولية «إم فور».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.