إزالة الأنقاض «ليست كافية» لعودة نازحي مخيم اليرموك

إزالة الأنقاض في مخيم اليرموك جنوب دمشق في 25 الشهر الماضي (إ.ب.أ)
إزالة الأنقاض في مخيم اليرموك جنوب دمشق في 25 الشهر الماضي (إ.ب.أ)
TT

إزالة الأنقاض «ليست كافية» لعودة نازحي مخيم اليرموك

إزالة الأنقاض في مخيم اليرموك جنوب دمشق في 25 الشهر الماضي (إ.ب.أ)
إزالة الأنقاض في مخيم اليرموك جنوب دمشق في 25 الشهر الماضي (إ.ب.أ)

رغم تواصل عملية إزالة أنقاض الدمار بوتيرة عالية، وفتح كثير من الطرقات في «مخيم اليرموك» للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق، فإن عودة الأهالي إليه للاستقرار في منازلهم لا تزال ضعيفة، بسبب شرط الحصول على «موافقة أمنية» وغياب الخدمات الأساسية وارتفاع تكاليف الترميم.
ومنذ 10 سبتمبر (أيلول) الماضي، قام كثير من نازحي المخيم بإزالة الأنقاض من منازلهم، وذلك عقب إعلان الأمين العام لـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة»، طلال ناجي في بداية الشهر ذاته عن قرار للرئيس السوري بشار الأسد بتسهيل عودتهم إلى المخيم بدءاً من يوم العاشر من الشهر ذاته «دون قيد أو شرط». وتم تحديد الفترة الممتدة من 10 سبتمبر وحتى الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، لإزالة الأنقاض من المنازل. وبعد انتهاء تلك الفترة المحددة، واصل كثير من الأهالي عمليات تنظيف منازلهم، بينما باشرت لجنة تتبع لمنظمة التحرير الفلسطينية، بإزالة أنقاض الدمار من الطرقات الرئيسية والفرعية والساحات، من خلال أكثر من 10 تراكسات و40 سيارة شاحنة كبيرة.
ويعد «مخيم اليرموك» من أبرز مناطق جنوب العاصمة، ويتبع إدارياً محافظة دمشق، ويقع على بعد أكثر من سبعة كيلومترات جنوب دمشق، وتصل مساحته إلى نحو كيلومترين مربعين، واستعادت الحكومة السورية السيطرة عليه في مايو (أيار) عام 2018 بعد سيطرة فصائل المعارضة المسلحة و«هيئة تحرير الشام» وتنظيم «داعش» عليه منذ أواخر عام 2012.
وبعد التوسع الكبير الذي طاله، بات «مخيم اليرموك» يقسم إلى ثلاثة أقسام: الأول هو «المخيم القديم»، ويمتد بين شارعي اليرموك الرئيسي (غرب) وفلسطين (شرق)، ومن مدخل المخيم (شمال) وحتى شارع المدارس (جنوب) منتصف المخيم، والثاني منطقة «غرب اليرموك» وتمتد من شارع اليرموك الرئيسي (شرق) وحتى شارع الثلاثين (غرب)، ومن مدخل المخيم (شمال) وحتى سوق السيارات (جنوب)، وأما القسم الثالث فيسمى منطقة «التقدم»، وتمتد من سوق السيارات (شمال) وحتى مقبرة الشهداء (جنوب)، ومن منطقة دوار فلسطين (شرق) وحتى حدود المخيم المحاذية للحجر الأسود (غرب).
وأبرز المناطق التي جرى إزالة أنقاض الدمار منها حتى الآن، من قبل لجنة منظمة التحرير الفلسطينية، هي منطقتا «المخيم القديم» و«غرب اليرموك»، إذ تحسنت نوعاً ما معالم الشوارع هناك، فيما لا تزال منطقة «التقدم» غارقة بالدمار.
والتقى رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، يوم الجمعة الماضي، «لجنة مخيم اليرموك لإعادة الإعمار وإزالة الأنقاض» في رام الله.
وذكرت وسائل إعلام فلسطينية أن اللجنة قدمت تقريراً عن أعمالها في إزالة أنقاض الدمار وإعادة الإعمار، ما أتاح عودة مئات العائلات التي هجّرت إلى منازلها، ما خفف من معاناتهم.
وأشارت اللجنة إلى أن المرحلة الثانية من العمل في إزالة الأنقاض، والتي انطلقت في السادس من أكتوبر الماضي، «مستمرة، وبدأت الحياة تعود تدريجياً» إلى المخيم.
لكن عمل اللجنة وتواصله بوتيرة عالية لم يسهم في زيادة وتيرة عودة الأهالي إلى منازلهم للاستقرار فيها والتي لا تزال ضعيفة جداً، وإن ازدياد أعداد الأهالي الذين يقومون بترميم منازلهم وبعض من ينقلون الأثاث إلى بيوتهم.
مدرسة تقطن في شقة إيجار بمنطقة قريبة من المخيم الذي نزحت منه قبل أكثر من ثماني سنوات تقول لـ«الشرق الأوسط»: «كيف نعود من دون ماء ولا كهرباء ولا مواصلات ولا مدارس؟»، في حين يؤكد شاب ثلاثيني، يقع منزل أهله في منطقة «التقدم» ويحتاج إلى عملية إكساء جديدة بعد تعفيشه، أنه لا يستطيع ترميم منزله بسبب «جبال الردم» في المنطقة، ويتساءل: كيف ستدخل السيارة المحملة بمواد الترميم إلى الحارة؟
أما «أبو يعرب» الذي يعمل بائع علب سجائر، فيؤكد لـ«الشرق الأوسط»، أنه حصل على «موافقة أمنية» للعودة إلى منزله الواقع في «المخيم القديم»، ولكنه يحتاج إلى «ما لا يقل عن 15 مليون ليرة سورية (الدولار الأميركي يساوي نحو 3500 ليرة) لإعادة ترميمه، والحال بالويل»، في إشارة إلى حالة الفقر المدقع التي يعيشها.
وبالنسبة لـ«يوسف» وهو موظف، فإن ما يعوق عودته هو عدم حصوله على «موفقة أمنية»، ويذكر لـ«الشرق الأوسط» أنه لا يوجد أي «إشكال أمني» عليه، وقد تقدم بطلب منذ أكثر من 9 أشهر ولكن لم تأتِ الموافقة بعد. ويوضح أنه حصل بشق النفس على موافقة لتنظيف منزله وما زال بانتظار «فرج الحصول على الموافقة الأمنية».
ووصل عدد اللاجئين الفلسطينيين في «مخيم اليرموك» قبل الحرب المستمرة منذ عقد من الزمن إلى أكثر من 200 ألف لاجئ من أصل نحو 450 ألف لاجئ في عموم سوريا، حتى لُقّب بـ«عاصمة الشتات الفلسطيني»، علماً بأنه يوجد في سوريا خمسة عشر مخيماً. وإلى جانب اللاجئين الفلسطينيين كان يعيش في «مخيم اليرموك» نحو 400 ألف سوري من محافظات عدة.
وينتشر في محيط دمشق كثير من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، منها «مخيم جرمانا» و«مخيم سبينة» و«مخيم خان الشيح»، وتعاني تلك المخيمات من الإهمال والنقص الشديد في الخدمات، بينما يوجد في حلب (شمال) «مخيم النيرب»، وفي درعا (جنوب) «مخيم اللاجئين الفلسطينيين».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».