مستوطنة جديدة على أراضي سلفيت بعد تجميد مشروع بنائها 30 سنة

فلسطينيون قرب مستوطنة آرئيل في سبتمبر الماضي يرفعون أعلام دول معارضة للاستيطان (أ.ف.ب)
فلسطينيون قرب مستوطنة آرئيل في سبتمبر الماضي يرفعون أعلام دول معارضة للاستيطان (أ.ف.ب)
TT

مستوطنة جديدة على أراضي سلفيت بعد تجميد مشروع بنائها 30 سنة

فلسطينيون قرب مستوطنة آرئيل في سبتمبر الماضي يرفعون أعلام دول معارضة للاستيطان (أ.ف.ب)
فلسطينيون قرب مستوطنة آرئيل في سبتمبر الماضي يرفعون أعلام دول معارضة للاستيطان (أ.ف.ب)

بعد تجميد دام أكثر من 30 سنة، أخرجت الحكومة الإسرائيلية مشروع بناء مستعمرة جديدة في الضفة الغربية من درج سلطات الاحتلال، تضم في المرحلة الأولى 730 وحدة سكنية.
ومع أن وزارة الإسكان الإسرائيلية تظهره وكأنه حي استيطاني في المدينة الاستيطانية، «أريئيل»، بدعوى أنه جاء لسد حاجة التكاثر الطبيعي، فإنه في الواقع يبتعد عن المدينة أكثر من كيلومترين. وهو يقوم على أراض فلسطينية تابعة لمحافظة سلفيت ويمنع التوسع العمراني للفلسطينيين في قرى المنطقة.
وقالت مصادر إسرائيلية عليمة، إن مخطط هذه المستوطنة قائم منذ سنوات التسعينات من القرن الماضي، لكن الحكومات الإسرائيلية امتنعت عن تنفيذه بسبب المعارضة الأمريكية والدولية. غير أن وزير الإسكان في حكومة نفتالي بنيت، زئيف الكين، قرر في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إخراجه من الدرج والشروع في تنفيذه. وقد طرحت وزارة الإسكان مناقصات لبناء الحي، في الأيام الأخيرة. ويتبين من مراجعة الخرائط، أن المشروع يتضمن منح الشرعية القانونية الإسرائيلية للبؤرة الاستيطانية «نوف آفي»، المقامة في منطقة التل فوق أراض بملكية خاصة للفلسطينيين، والمجاورة للمستوطنة الجديدة. ويخشى الفلسطينيون في المنطقة من أن يشمل بناء هذه المستوطنة التهام المزيد من الأراضي الفلسطينية والقضاء على أي إمكانية لتوسيع البلدات الفلسطينية وسد احتياجات سكانها.
وأكدت المصادر على أن بناء المستوطنة الجديدة جاء ضمن مشاريع استيطان أخرى، قرر الوزير الكين تنفيذها، ونشر المناقصات بشأنها وتشمل 1300 وحدة استيطانية في مستوطنات الضفة الغربية المحتلة. لكن المستوطنين تقدموا بمشاريع تعديل لمقترح الوزير ترمي إلى بناء حي آخر في «أرئيل»، مؤلف من 800 وحدة سكنية استيطانية. وهو أيضا جرى تحضيره في تسعينات القرن الماضي، لكن الحكومة اضطرت لتجميده بسبب خلافات بشأن الملكية للأرض.
وقد صرح رئيس بلدية سلفيت، عبد الكريم فتاش، بأن هذه المشاريع، وفضلا عن أبعادها السياسية والاستراتيجية لتخليد الاحتلال ووضع المزيد من العراقيل أمام حل الدولتين، تحكم بالموت على مشاريع تطوير سلفيت وقراها، وبينها مشروع يجري إعداده منذ سنين طويلة لبناء جامعة حديثة تستوعب 10 آلاف طالب وطالبة. وأكد أن الحي الاستيطاني الجديد يقع في المنطقة التي ستبنى فيها الجامعة إلى جانب مخططات أخرى لخدمة سكان سلفيت.
كما يخشى سكان سلفيت من أن الحي الاستيطاني الجديد سيتسبب بإخراج الطريق الرئيسي المؤدي إلى المحافظة، من الطرق المؤدية إلى مستوطنة أرييل، وحرمانهم من المرور عبره بحجج أمنية، رغم أنه عمليا طريق ضيق ومتعرج يربط سلفيت بالطريق الاستيطاني السريع رقم 5.
وقال فتاش، إن السلطة الفلسطينية تواصلت مع دبلوماسيين أجانب ومع جهات سلمية في إسرائيل، لمحاولة وقف بناء هذه المستوطنة.
المعروف أن مستوطنة أرئيل بدأت كبؤرة استيطان غير قانونية، في عام 1973، ولكنها حظيت باعتراف الحكومة الإسرائيلية عام 1974. وفي فترة انهيار الاتحاد السوفييتي سنة 1989، تم استيعاب 6 آلاف مستوطن من اليهود الروس القادمين إلى إسرائيل. ويبلغ عدد سكانها اليوم نحو 20 ألف مستوطن، وتبلغ مساحة نفوذها 14 ألف دونم من أراضي محافظتي نابلس وسلفيت.
وقد كان مطروحا الانسحاب منها وإخلاؤها في فترة المفاوضات السلمية بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية. لكن إسرائيل غذت مشاريعها الاستيطانية فيها، وجعلتها مدينة مركزية في قلب الضفة الغربية وأقامت فيها جامعة رسمية تابعة لمجلس التعليم العالي الإسرائيلي يزيد عدد طلابها اليوم على 16 ألفا، ومنطقة صناعية ضخمة تنتشر على 1300 دونم وتضم 8 آلاف عامل.



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.