ألغام الحوثيين تتربص بالمدنيين العائدين إلى مناطقهم في الحديدة

TT

ألغام الحوثيين تتربص بالمدنيين العائدين إلى مناطقهم في الحديدة

يواجه اليمنيون العائدون إلى مساكنهم في الأحياء التي أخلتها القوات المشتركة في مدينة الحديدة مخاطر الموت أو الإعاقة بالمتفجرات والألغام التي زرعتها ميليشيات الحوثي وسط الأحياء وفي التقاطعات وجزر الشوارع وفي محيط مناطق التنزه في المدينة الساحلية، بشكل لم يسبق أن عرفته المدينة المسالمة عبر تاريخها، وذلك بالتزامن وإعلان الأمم المتحدة إنشاء مشروع جديد بهدف تعزيز القدرات المؤسسية للتعامل مع المخاطر المتزايدة لانتشار الألغام.
وقال ثلاثة من السكان في مدينة الحديدة لـ«الشرق الأوسط» إن ميليشيات الحوثي أزالت السواتر الترابية ودفنت الخنادق التي كانت استحدثتها في الشارع المؤدي إلى ساحل «رأس كثيب» وهو أهم منطقة للتنزه في المدينة وأغلق منذ العام 2018، وأنها فتحت ممرا للسيارات في منطقة «كيلو 16» المدخل الرئيسي للمدينة والميناء والتي أخلتها القوات المشتركة ضمن خطة إعادة الانتشار.
ومع هذه الخطوة أفاد السكان بأن الشوارع والمناطق الأخرى المجاورة لا تزال مليئة بالمتفجرات حيث انتشرت اللوحات التحذيرية في تلك المناطق وسط مخاوف من السكان وبالذات من العائلات التي بدأت تعود إلى تلك المناطق التي هجرتها منذ ما يزيد على ثلاثة أعوام.
وبحسب المصادر فإن اللوحات التحذيرية من الألغام انتشرت في شوارع وتقاطعات المدينة وكشفت حجم الكارثة التي أقدمت عليها ميليشيات الحوثي حين نثرت حقول الألغام في الشوارع والتقاطعات ووسط التجمعات السكنية، إلى جانب إقامة الخنادق والمتارس في تلك الأحياء واستخدام المباني السكنية مواقع لاستهداف القوات المشتركة والتمركز على أسطحها ما عرض حياة السكان للخطر.
وكان أغلب السكان في تلك المناطق فضلوا النزوح إلى مدن أخرى، إذ تبين أن التحركات في مناطق التماس تشكل خطرا فعليا على حياتهم وبالذات الأطفال الذين يشكلون أغلب ضحايا المتفجرات.
وإلى ما قبل انقلاب ميليشيات الحوثي على الشرعية كانت السلطات اليمنية تفاخر بالتحسن الكبير الذي تحقق في مجال نزع وإزالة ألغام سنوات الصراع التي شهدتها البلاد منذ من السبعينات، إلا أن تفجير الميليشيات للحرب دفعها إلى زرع كميات كبيرة من الألغام والمتفجرات في كل المناطق التي وصلت إليها بما فيها التجمعات المدنية والمزارع وبطريقة غير مسبوقة.
وكان مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية أعلن أن مشروع «مسام» انتزع أكثر من 1500 لغم خلال أسبوع واحد فقط من المناطق التي طردت منها ميليشيات الحوثي، فيما أكد سكان في مدينة الحديدة أن الميليشيات اضطرت إلى رفع لافتات تحذيرية في مداخل المدينة وفي تقاطعات الشوارع والجزر تحذرهم من المرور في هذه المواقع بسبب وجود حقول ألغام.
إلى ذلك أعلن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تأسيس مشروع جديد للتعامل مع الألغام والمتفجرات، مدته ثلاثة أعوام، حيث تشير التقديرات إلى أن ميليشيات الحوثي نشرت أكثر من مليون لغم من مختلف الأحجام والأشكال في كل المناطق التي وصلتها، حيث أظهرت عملية فتح منافذ مدينة الحديدة عقب عملية إعادة الانتشار التي نفذتها القوات المشتركة أن الميليشيات زرعت التقاطعات وجزر الشوارع بالألغام والمتفجرات والتي لا تزال تشكل خطرا على المدنيين وبالذات الأطفال.
ووفق بيان وزعه برنامج الأمم المتحدة فإن هولندا ستمول إنشاء مشروع جديد مدته ثلاثة أعوام (مشروع طارئ للأعمال المتعلقة بالألغام - المرحلة الثانية) ويهدف إلى البناء على النتائج الحالية لتعزيز القدرة المؤسسية للاستجابة لتهديد مخاطر المتفجرات، وتحسين الوعي بين المجتمعات المحلية لتجنبها، وأنه سيتم تنفيذ البرنامج في جميع أنحاء اليمن، مع التركيز بشكل خاص على المجتمعات الملوثة بالألغام والمتفجرات.
وبحسب ما ذكره البيان، سيتم تنفيذ جميع الأنشطة بالتعاون مع الشركاء المحليين، والمركز اليمني التنفيذي لمكافحة الألغام الموجود في صنعاء وعدن، والمركز اليمني لتنسيق مكافحة الألغام، والمركز الوطني لمكافحة الألغام وسوف يتم التركيز على المسح والتطهير، وتعزيز مهارات السلطات الوطنية لمكافحة الألغام، وإزالة المتفجرات من مخلفات الحرب ورسم خرائط التلوث بالمتفجرات من مخلفات الحرب وتقييمها لتمكين التخطيط الدقيق للأنشطة المستقبلية وزيادة معارف المجتمعات المعرضة للخطر بشأن التوعية بمخاطر الذخائر المتفجرة.
ويقول بيتر ديريك هوف، سفير هولندا في اليمن إن «إزالة الألغام وسيلة مهمة لتحسين الأمن البشري»، «من خلال دعم مشروع الأعمال المتعلقة بالألغام، إذ تساهم هولندا في بناء مجتمع في اليمن يستعيد فيه الناس لإمكانية الوصول إلى السلامة والأمن والمدارس والمستشفيات والأسواق وسبل العيش وغيرها من الموارد والخدمات المهمة الضرورية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية».
ويوضح أووك لوتسما، الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، أن «السلامة والأمن أمران أساسيان لعملية بناء السلام». وأنه «دون القدرة المؤسسية على إزالة مخاطر المتفجرات في اليمن، لا يبقى أمام المدنيين خيار سوى المخاطرة بحياتهم لتنفيذ المهام اليومية. وهذه ليست خلفية يمكننا من خلالها تحقيق سلام مستدام».
إلى ذلك ذكر تقرير الوقائع لوكالة التنمية الأميركية أن المتفجرات من مخلفات الحرب كانت مسؤولة عما يقرب من 60 في المائة من مقتل أكثر من 40 ضحية من الأطفال تم الإبلاغ عنها بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، رغم مواصلة الجهات الفاعلة الإنسانية دعوة أطراف النزاع لحماية المدنيين بالامتناع عن استخدام الأسلحة المتفجرة والألغام الأرضية في المناطق المكتظة بالسكان.
يشار إلى أن المشروع السعودي لنزع الألغام في اليمن أفاد في أحدث بيان له بأن فرقه تمكنت من بدء مشروع نزع 287 ألفاً و645 لغماً، زرعتها الميليشيات الحوثية بعشوائية لحصد المزيد من الضحايا والأبرياء من الأطفال والنساء وكبار السن.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.