«الخريطة الروسية» تشمل تسوية أوضاع 20 ألف سوري

TT

«الخريطة الروسية» تشمل تسوية أوضاع 20 ألف سوري

أفيد أمس بأن «الخريطة الروسية» التي قادتها قاعدة حميميم أدت إلى تسوية أوضاع 20 ألف سوري، في وقت بدأ صباح الثلاثاء اجتماع مقرات التنسيق الروسية والسورية الخاصة بعودة اللاجئين في قصر المؤتمرات بدمشق، بحضور ممثلين عن منظمة الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمات إنسانية أخرى، ذلك ضمن برنامج أعمال الاجتماع السوري - الروسي المشترك لمتابعة أعمال المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين.
ومن المقرر أن تعقد ندوة موسعة حول العقوبات المفروضة على سوريا وروسيا وأثرها على تنظيم التعاون الاقتصادي والتجاري والإجراءات المتخذة لمواجهتها. ويناقش الاجتماع «مسائل التسوية السورية في فترة ما بعد النزاع»، حسب بيان صادر عن وزارة الدفاع الروسية التي أفادت بمشاركة قادة مقرات التنسيق الروسية والسورية، وقائد المركز الوطني الروسي لإدارة شؤون الدفاع، الفريق أول ميخائيل ميزينتسيف ووزير الإدارة المحلية والبيئة السوري حسين مخلوف، والمبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون التسوية السورية ألكسندر لافرينتييف، والسفير الروسي لدى سوريا ألكسندر يفيموف ومعاون وزير الخارجية السوري أيمن سوسان.
وأكد وزير الإدارة المحلية والبيئة بدمشق حسين مخلوف في الجلسة الافتتاحية على أن «العودة التدريجية لسوريا إلى عمقها العربي ودورها الإقليمي هي مؤشر على صوابية الموقف السوري طيلة فترة الحرب».
وفي أول رقم رسمي سوري حول التسويات التي جرت في سوريا خلال العام الجاري، ذكر مخلوف أنها شملت أكثر من 20000 مواطن في درعا ودير الزور والحسكة والقنيطرة وباقي المحافظات. كما نوه إلى دور عقيلة الرئيس أسماء الأسد في «قيادة مبادرة تنظيم وتوحيد الأعمال الخيرية قبل شهر رمضان الفائت، والتمكن من الوصول إلى ثلاثة ملايين شخص من أكثر الفئات حاجة وضعفاً وتقديم المساعدة العاجلة لهم وتنفيذ برامج تنموية في مناطق مختلفة». كما أشار مخلوف إلى أن الاجتماعات الثنائية السورية - الروسية التي تنعقد اليوم بين مختلف الوزارات والجهات «تخدم التعاون المشترك بهدف دعم عودة اللاجئين السوريين».
من جانبه، تحدث المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف عن الجهود المشتركة السورية - الروسية وأن الأولوية «هي لتحقيق استتباب الوضع والاستقرار في سوريا لخلق ظروف مواتية لعودة اللاجئين»، وأن روسيا ستواصل تقديم المساعدة للسوريين.
من جهته، قال رئيس مركز التنسيق الروسي - السوري لإعادة اللاجئين ميخائيل ميزينتسيف أن الجهود المشتركة للهيئتين التنسيقيتين المشتركتين أسهمت بعودة أكثر من مليوني لاجئ سوري إلى وطنهم. وتضمنت أعمال الاجتماع التنسيقي الروسي ـ السوري وضع حجر الأساس لبناء مركز تعليم اللغة الروسية لمرحلة ما بعد الثانوية وذلك في مدرسة المنير الخاصة بمحافظة اللاذقية التي تستقبل سنوياً ألفي طالب وطالبة. ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن كارين سومباتيان ممثل وزارة التعليم في روسيا الاتحادية حديثه عن مساهمة روسيا في إعداد الكوادر العلمية السورية، وكشفه وجود أكثر من 2500 طالب سوري سنوياً يدرسون في الجامعات الروسية، فيما اعتبر غلاغوييف سيرغي نيكولايفيتش رئيس جامعة بيلوغرود الروسية للتكنولوجيا والعلوم أن المركز سيكون فرصة لنشر الثقافة واللغة الروسية وهو «خطوة لإعداد الشباب الذين سيبنون سوريا» وسيحمل المركز اسم العالم فلاديمير تشوخوف وهو مصمم أول ناقلة نفط في العالم ومصمم لـ500 جسر حول العالم. أما محافظ اللاذقية إبراهيم خضر السالم فقد أكد أن افتتاح المركز «حلقة في سلسلة طويلة» للتعاون بين البلدين.
كما سيعقد اجتماع بين وزير الزراعة السوري ورئيس «مؤسسة العلوم الحكومية الاتحادية»، لاختيار المكان المخصص لإقامة ممثلية مؤسسة العلوم الحكومية الاتحادية.
وخلال فعاليات اليوم الأول جرى لقاء إعلامي ضم الجهات المعنية في روسيا وسوريا وجرت مناقشة تنظيم البث التلفزيوني الأرضي وعبر الأثير في سوريا، ومتابعة مذكرة التفاهم بين قناة «روسيا اليوم» العربية وهيئة الإذاعة والتلفزيون السورية.
ومن المقرر إبرام اتفاقية ترميم «قوس النصر» في تدمر بين وزارة الثقافة بدمشق و«معهد التأريخ والحضارة المادية التابع لأكاديمية العلوم الروسية». وستناقش مائدة مستديرة في المتحف الوطني آفاق التعاون في مجال الحفاظ على الإرث الثقافي في سوريا.
إلى ذلك، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على 4 وزراء تم تعيينهم مؤخراً في الحكومة السورية، شملت تجميد أصول وحظر سفر داخل أوروبا.
وأعلن الاتحاد أن عقوبات تجميد الأصول وحظر السفر داخل أوروبا شملت 4 وزراء بينهم: التجارة الداخلية وحماية المستهلك عمرو سالم، والإعلام بطرس حلاق، والشؤون الاجتماعية والعمل محمد سيف الدين.
وقال الاتحاد إن «الوزراء الأربعة متهمون بالمشاركة في تحمل «مسؤولية قمع النظام السوري العنيف للمدنيين». وترفع العقوبات الجديدة عدد المستهدفين بعقوبات الاتحاد الأوروبي في سوريا إلى 287 شخصاً.
وتشمل العقوبات الأوروبية التي بدأ الاتحاد فرضها على سوريا منذ 2011، سبعين كياناً، بينها منظمات وبنوك وشركات.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.