تدخل هولندا مباراتها المصيرية ضد ضيفتها النرويج في روتردام اليوم ضمن الجولة الأخيرة من التصفيات الأوروبية المؤهلة لـ«كأس العالم 2022» في قطر، وخسارة البرتغال في أذهان لاعبيها، لتفادي أي سيناريو مشابه أو حتى أسوأ ضمن منافسات المجموعة السابعة.
وصُدم المنتخب البرتغالي على أرضه في لشبونة بخسارة مدوية في الدقيقة الأخيرة أمام صربيا «1 - 2» ليخفق في التأهل المباشر ويرضخ لخوض الملحق التأهيلي في مارس (آذار) المقبل. وفيما صعق المنتخب الصربي نظيره البرتغالي في عقر داره وأسقطه 2 - 1 بهدف قاتل في الدقيقة الأخيرة، حسمت إسبانيا مواجهتها المفصلية مع السويد بهدف متأخر للبديل ألفارو موراتا، وكرواتيا خطفت تأهلها بهدف عكسي ضد روسيا في الجولة الأخيرة للتصفيات.
لذا؛ تدرك هولندا الساعية للعودة إلى النهائيات بعد غيابها عن نسخة «روسيا 2018» أن أي خطوة منتقصة ممنوعة وأنها ستكون مطالبة بالفوز؛ إذ إن هناك احتمالاً حتى بعدم حلولها وصيفة وخوض الملحق. ويتصدر منتخب الطواحين المجموعة برصيد 20 نقطة بفارق نقطتين عن كل من تركيا والنرويج، مع أفضلية طفيفة للأتراك الذين يملكون فارق هدف واحد عن المنتخب الاسكندنافي (+10 مقابل +9).
منطقياً؛ ونظراً لأن هولندا تملك فارق أهداف شاسعاً عن باقي منافسيها (+23)، فإن التعادل سيكون كافياً لها لخطف الصدارة والتأهل المباشر حتى في حال فوز تركيا على مضيفتها مونتينيغرو.
ولكن في حال فوز كل من النرويج وتركيا، فإن ذلك سيقضي على أي آمال لرجال المدرب لويس فان غال في التأهل إلى الملحق وسيتراجعون للمركز الثالث.
ويدرك المنتخب الهولندي أن المهمة لن تكون سهلة أمام النرويج بعد أن انتهت المباراة الأولى التي جمعتهما في أوسلو في التصفيات بالتعادل الإيجابي 1 – 1، لكن هذه المرة، تخوض النرويج المباراة بغياب نجمها القناص الشاب إرلينغ هالاند، صاحب الهدف في مباراة الذهاب والمبتعد عن الملاعب منذ فترة بسبب الإصابة.
وكانت كل من هولندا والنرويج فوّتت فرصة تعزيز فرصهما بالصدارة وضمان الملحق توالياً، بتعادل الأولى في مونتينيغرو (2 - 2) في الجولة السابقة السبت، والثانية سلباً مع ضيفتها لاتفيا، فيما كانت تركيا المستفيد الأكبر بعد اكتساحها جبل طارق بسداسية نظيفة في إسطنبول.
وكانت هولندا قاب قوسين من حجز بطاقتها إلى «قطر» بعد أن تقدمت بهدفين لممفيس ديباي، إلا إن مونتينيغرو فاجأتها بهدفين في الدقائق الثماني الأخيرة من المباراة لتؤجل مصيرها.
أدى ذلك إلى انتقادات لاذعة من القائد فيرجيل فان دايك الذي قال بعد المباراة: «الطريقة التي لعبنا بها في الشوط الثاني كانت مخزية. نريد أن نستحوذ على الكرة. نريد أن نلعب كرة القدم... أن نهاجم ونسجل. ولكن كرة القدم هي أيضاً معرفة كيف ندافع».
ولن تعوّل هولندا على دعم الجماهير التي لن توجد في الملعب بسبب القيود المتعلقة بوباء فيروس «كورونا» مع ارتفاع عدد الإصابات في البلاد؛ إذ سيتعيّن عليها إتمام المهمة بجهود لاعبيها فقط.
وبعد أن ضمنت فرنسا بلوغها النهائيات عن المجموعة الرابعة بفوز ساحق بثمانية أهدف دون رد ضد كازخستان السبت؛ بينها رباعية (سوبر هاتريك) لنجمها كيليان مبابي، تحتدم المعركة على الوصافة بين مضيفتها فنلندا وأوكرانيا التي تحل ضيفة على البوسنة والهرسك.
وتحتل فنلندا المركز الثاني برصيد 11 نقطة وبفارق 4 نقاط عن «الديوك» وعلى بعد نقطتين من أوكرانيا. ومع تقارب فنلندا وأوكرانيا في العديد من الأرقام أمثال فارق الأهداف (+2 مقابل +1) والأهداف المسجلة (+10 مقابل +9)، فلن تدخل فنلندا إلا باحثة عن الفوز على الرغم من أنه من غير الواضح ما إذا كان المدرب الفرنسي ديدييه ديشامب سيزج بتشكيلته الرئيسية أم بمنتخب رديف نسبياً.
في المجموعة الخامسة، سيكون التعادل كافياً لويلز أمام ضيفتها بلجيكا الضامنة تأهلها، لخوض الملحق التأهيلي؛ إذ في رصيد زملاء غاريث بيل 14 نقطة مقابل 11 لتشيكيا التي ستكون مرشحة لتخطي إستونيا في براغ.
ويتأهل إلى النهائيات مباشرة أصحاب المركز الأول في كل من المجموعات العشر، فيما تخوض المنتخبات الوصيفة ملحقاً فاصلاً بينها بمشاركة منتخبين مؤهلين من دوري الأمم الأوروبية لتحديد هوية المنتخبات الثلاثة الأخرى المتأهلة عن القارة العجوز.
وخلافاً للنظام القديم، لن يقام الملحق الفاصل بمواجهات مباشرة من مباراتي ذهاب وإياب، بل ستقسم المنتخبات الـ12 على 3 مسارات تحدد بموجب قرعة ويتنافس في كل منها 4 منتخبات بنظام نصف نهائي (24 - 25 مارس المقبل) ومباراة نهائية (28 - 29 مارس المقبل) يتأهل الفائز فيها إلى المونديال (3 مسارات = 3 منتخبات متأهلة عن كل مسار).
صدمة للبرتغال... وإسبانيا تفلت
في لشبونة وضمن منافسات المجموعة الأولى، كان التعادل يكفي البرتغال لبلوغ «مونديال قطر»؛ إلا إن هدف البديل ألكسندر ميتروفيتش في الدقيقة الـ90 حرمها ذلك، بعد أن افتتح ريناتو سانشيز التسجيل لأصحاب الأرض في الدقيقة الثانية، قبل أن يعادل دوشان تاديتش للضيوف في الدقيقة الـ33. وترك هدف ميتروفيتش زملاء كريستيانو رونالدو في مهمة شاقة لخوض الملحق الذي يخوضه أصحاب المركز الثاني في المجموعات العشر إضافة إلى منتخبين مؤهلين من دوري الأمم الأوروبية لتحديد هوية ممثلي القارة الثلاثة الآخرين.
وتصدرت صربيا التي بلغت النهائيات للمرة الثالثة بصفتها بلداً مستقلاً منذ انفصالها عن يوغوسلافيا ومن ثم مونتينيغرو، برصيد 20 نقطة مقابل 17 للبرتغال. ويتحتم على البرتغال الانتظار لمعرفة إذا ما كانت ستبلغ النهائيات للمرة الثامنة في تاريخها أم لا، كما يسعى رونالدو للانضمام إلى النادي المغلق للاعبين الذين خاضوا 5 نهائيات لكأس العالم أمثال الحارس الإيطالي جانلويجي بوفون والألماني لوثار ماتيوس.
ولعب المهاجم ميتروفيتش دور البطل لصربيا بعد أن كان قبل أشهر مغضوباً عليه حين أهدر ركلة الترجيح الحاسمة في مواجهة فاصلة أمام أسكوتلندا حرمت بلاده من التأهل لنهائيات بطولة أمم أوروبا لكرة القدم. وأطلق مهاجم فولهام البالغ 27 عاماً، والذي عانى أيضاً من تراجع مستواه مع ناديه خلال هذا العام، العنان لاحتفالات عارمة في بلغراد بعدما امتلأت شوارع العاصمة الصربية حتى الساعات الأولى من الصباح. ولم يكن كثير من الخبراء والمحللين يتوقعون هذا السيناريو، لكن ميتروفيتش، الذي أصبح كذلك الهداف التاريخي لمنتخب بلاده برصيد 44 هدفاً من 69 مباراة دولية، قاد انتفاضة صربيا وسجل 8 أهداف في 8 مباريات بالتصفيات، لكن هدفه بعد دخوله بديلاً أمام البرتغال سيكون مدوناً في التاريخ.
وقال ميتروفيتش وهو يكاد يطير من السعادة: «نجحت في تعويض خيبة الأمل أمام أسكوتلندا. عندما تعمل وتجتهد يصبح الأمر مجرد وقت قبل أن تحقق مبتغاك. نعيش أجواء رائعة بالمنتخب ربما الأفضل التي أتذكرها منذ فترة طويلة. الكلمات تعجز عن وصف مشاعري».
وأضاف: «قال لنا المدرب دراغان ستويكوفيتش إن بوسعنا تحقيق المعجزات. وعندما دخل غرفة الملابس عقب المباراة قال...أديتم عملاً لا يصدق يا رفاق».
وكان المدرب ستويكوفيتش واحداً من أمهر لاعبي خط الوسط الهجومي في جيله، وبلغ دور الثمانية لكأس العالم 1990 مع يوغوسلافيا السابقة، ونجح في إنعاش حظوظ صربيا بعد أن تولى المسؤولية في مارس الماضي. وقال ستويكوفيتش بعد أن احتفلت صربيا بأول انتصار على منافس بارز منذ الفوز 1 - صفر على ألمانيا في كأس العالم 2010: «نملك القدرة على تكرار هذه الانتصارات الكبيرة. أقول دائماً إن المنافسين لا يملكون أجنحة يطيرون بها، فهم بشر مثلنا. الملعب يكون عادلاً دائماً. كنا نعرف أن المباراة في لشبونة ستكون مثل نهائي الكأس، ونجحنا في الخروج منتصرين».
وفي إشبيلية على ملعب «لا كارتوخا» ضمن منافسات المجموعة الثانية، حسم المنتخب الإسباني بطل 2010 تأهله إلى النهائيات للمرة الثانية عشرة توالياً والسادسة عشرة في تاريخه، وذلك بفوزه الصعب على ضيفه السويدي 1 - صفر. ودخلت إسبانيا اللقاء الحاسم ضد منافسها الوحيد على بطاقة التأهل المباشر عن المجموعة، وهي في الصدارة بفارق نقطة عن المنتخب الاسكندنافي.
وكان هدف الحسم لموراتا بمثابة رد اعتبار له في الملعب نفسه الذي تعرض فيه لصيحات استهجان في يونيو (حزيران) الماضي بعدما أهدر ركلة جزاء وأضاع فرصة سهلة خلال تعادل محبط دون أهداف أمام السويد أيضاً في بطولة «أوروبا 2020».
وقال موراتا (29 عاماً) الذي سبق أن كشف عن تعرضه هو وعائلته لتهديدات بالقتل خلال بطولة أوروبا،: «الحظ ساندني... كان ينبغي أن يحدث ذلك في المكان الذي تعرضت فيه لمشكلات حقيقية. أشعر أني محظوظ جداً لأني ساعدت الفريق على التأهل لكأس العالم. إسبانيا يجب أن تظهر في كل نسخة من كأس العالم».
من جهته، شعر لويس إنريكي مدرب إسبانيا بالارتياح بانتزاع الفوز ونجاح موراتا على وجه التحديد في تسجيل هدف الصعود، وقال: «هو يستحق الكثير بسبب ما تعرض له في هذا الاستاد، ولأنه يعمل بجدية كبيرة. أنا متحمس جداً من أجله ودخوله في سلام مع المشجعين».
وأكد إنريكي أن هذا الفوز رفع عبئاً ثقيلاً عن كاهله، وأوضح: «شعرت بضغط أكبر من بطولة أوروبا أو دوري الأمم الأوروبية. حاولنا العمل على الجانب الذهني، وكان رد فعل اللاعبين رائعاً. أنا فخور بهم وبطريقة ردهم».
في المقابل، وللمرة الثانية توالياً، سيضطر المنتخب السويدي إلى خوض الملحق على أمل تكرار سيناريو «مونديال 2018» حين بلغ النهائيات بعدما أقصى العملاق الإيطالي، مبعداً الأخير عن النهائيات لأول مرة منذ 60 عاماً وتحديداً منذ 1958.