انتخابات فرنسا الرئاسية: إلى اليمين در

استطلاعات الرأي: الرئيس ماكرون في المقدمة والإليزيه في قبضته لولاية ثانية

انتخابات فرنسا الرئاسية: إلى اليمين در
TT

انتخابات فرنسا الرئاسية: إلى اليمين در

انتخابات فرنسا الرئاسية: إلى اليمين در

بعد خمسة أشهر، سوف تُجرى الانتخابات الرئاسية الفرنسية بدورتيها يومي 10 و24 أبريل (نيسان) القادم. ويوماً بعد يوم، تبين استطلاعات الرأي أن الرئيس إيمانويل ماكرون الذي لم يعلن بعد ترشحه لولاية ثانية، يتربع على المرتبة الأولى في الجولة الأولى، كما أنها تتوقع له فوزاً مريحاً على كافة منافسيه في الجولة الثانية. وبعد التقدم الاستثنائي الذي حققه الإعلامي والسياسي الفرنسي بالغ التطرف إريك زيمور في الأسابيع الماضية بحيث تقدم على مرشحة اليمين المتطرف مارين لو بن، لجهة التأهل للجولة الرئاسية الثانية، إلا أن آخر استطلاعين أجريا نهاية الأسبوع الماضي، بيّنا تراجع شعبيته وعودة لو بن لتكون منافسة ماكرون في الدورة الثانية كما كان الحال في عام 2017.
وتفيد أرقام مؤسسة «أودوكسا» بأن ماكرون يمكن أن يحصل على 25 في المائة من الأصوات تليه لو بن «18 في المائة» فـ زيمور «14 في المائة» حيث خسر نقطتين في الأسبوعين الأخيرين علماً أنه لم يعلن ترشحه بعد. وفي معسكر اليمين الكلاسيكي «حزب الجمهوريون» ما زالت المعركة الداخلية على أشدها حيث يتنافس خمسة مرشحين للفوز بترشيح الحزب. وبعد مناظرة تلفزيونية ثانية جرت على قناة «بي إف إم» التلفزيونية الإخبارية، ما زال المشهد ضبابياً إذ لم ينجح أي من المرشحين في أن يفرض نفسه. وبحسب الاستطلاعين، فإن المرشحين الخمسة يمكن أن يحلوا في المرتبة الثالثة ما يعني إخراج مرشح اليمين التقليدي من السباق لصالح مرشح «أو مرشحة» من اليمين المتطرف. وما يحصل حالياً، هو أن هؤلاء المرشحين يتنافسون في التوجه يميناً وغالباً ما يتبنون مقاربات مستنسخة من زيمور أو لو بن أو قريبة منها ليقينهم أن الجمهور الفرنسي يميل يميناً وأن أصوات اليمين ستكون حاسمة في تزكية هذا أو ذاك. وللعلم، فإن المرشح الذي يحقق أعلى نسبة ما زال كزافيه برتراند، الوزير السابق والرئيس الحالي لإقليم شمال فرنسا؛ إذ يقدر له الحصول على 12 في المائة. أما منافسته الأقرب فهي فاليري بيكريس، الوزيرة السابقة ورئيسة إقليم «إيل دو فرانس» الذي يضم باريس ومحيطها القريب والبعيد والتي تبقى تحت سقف الـ 10 في المائة بحيث يتبعها مباشرة ميشال بارنيه، المفاوض الأوروبي في ملف «البريكسيت» «9 في المائة».
مقابل اليمين، ما زال اليسار الفرنسي بكافة فروعه عاجزاً عن البروز بسبب كثرة مرشحيه من جهة وبسبب هجرة الكثير من مؤيديه السابقين إلى التشكيلات اليمينية، فأفضل مرشحيه، حتى اليوم، هو الوزير السابق ورئيس حزب «فرنسا المتمردة» اليساري المتشدد جان لوك ميلونشون «ما بين 9 إلى 10 في المائة» فيما مرشحة الحزب الاشتراكي الرسمية آن هيدالغو، رئيسة بلدية باريس، تصارع للقفز فوق حاجز الخمسة في المائة. وفي هذا السباق، فإنها بعيدة عن المرشح البيئي، النائب الأوروبي يانيك جادو «7 في المائة». وثمة مرشحون آخرون عن الحزب الشيوعي أو التروتسكي أو الاشتراكي لا أمل لهم إطلاقاً بتحقيق أي اختراق، والسؤال يتناول مدى تمسكهم بالترشح في ظل ما يقدر لهم من أصوات. وهذه النسب التي توفرها مؤسسة «أودوكسا» لا تختلف كثيراً عن تلك التي يظهرها استطلاع مؤسسة «إيلاب». والفارق الوحيد أن استطلاعها يتوقع لماكرون نسبة تتراوح ما بين 25 و30 في المائة من الأصوات في الجولة الأولى. والخلاصة أن الرئيس الفرنسي سيكون حاضراً في الدورة الثانية وأن حظوظ فوزه بولاية ثانية هي الأكثر ترجيحاً اليوم إلا إذا حصل «حادث» ما، وهو مستبعد، يقلب الوضع رأساً على عقب.
يقتدي ماكرون بسابقيه من الرؤساء الذين لم يعلنوا ترشحهم لولاية ثانية إلا في وقت متأخر للاستمرار في الاستفادة من وضعه كرئيس للجمهورية، أي بمعنى ما فوق الأحزاب. لكن هذا الخيار لا يحرم ماكرون من أن يستفيد من كافة المناسبات المتاحة له للإشادة بما حققه في سنوات حكمه وطرح رؤيته للمستقبل وهو ما فعله في كلمته الأخيرة التي كان مبررها الحديث عن وباء (كوفيد) ووضع فرنسا الصحي. ويعمل كوادر حزبه «فرنسا إلى الأمام» على التحضير للحملة الرئاسية التي يراد لها أن تكون قصيرة ومكثفة. والأمر الآخر أن الحزب المذكور بصدد التحضير لإنشاء ما اصطلح على تسميته «بيت الأكثرية» الذي يفترض به أن يضم «فرنسا إلى الأمام» وحزب الوسط الحركة الديمقراطية «موديم» الذي يرأسه الوزير السابق فرنسوا بايرو ومجموعات وشخصيات وسطية أو يمينية معتدلة.
اللافت اليوم أن اليمين المتطرف نجح في دفع الجدل الانتخابي إلى مواضيع تعالج مسائل الهجرات والإسلام وموقعه في المجتمع الفرنسي والتطرف والإرهاب. والدليل على ذلك أن المناظرة التلفزيونية الثانية لمرشحي اليمين الكلاسيكي كانت المنافسة فيها في من يعبر عن المواقف الأكثر تطرفاً في موضوع الهجرات والإسلام والضواحي التي بعضها أصبح مربعات محظورة على القوى الأمنية بعد أن تحولت إلى سوق للمخدرات واللصوصية والعنف... وفي هذا السياق، فإن نائب منطقة الشاطئ اللازوردي إريك سيوتي كان الأكثر تطرفاً بحيث بدا كأنه يتبنى طروحات اليمين المتطرف من غير تحفظ. وتكاثرت المقترحات في المناظرة المذكورة بين من يريد منع لم الشمل العائلي وآخر يطالب بتحديد «كوتا» سنوياً بحسب حاجات الاقتصاد الفرنسي أو فرض إغلاق تام للحدود الفرنسية، أمام المهاجرين لفترة محددة فيما آخرون ربطوا بين الهجرات والإرهاب، ورداً على ما يحصل على الحدود البولندية ــ البيلاروسية، فإن المرشحين الخمسة لم يترددوا في تبني طرح إنشاء حائط يفصل بين البلدين على غرار حائط دونالد ترمب بين الولايات المتحدة والمكسيك.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.