اللجان الشعبية تسيطر على «قاعدة العند».. وطيران التحالف يقصف مسقط رأس المخلوع صالح

انفجارات تهز صنعاء وعشرات القتلى في صفوف الحوثيين بالضالع وعدن وتعز وشبوة.. والمقاومة تطلب دعمًا عسكريًا

يمنيون موالون للحراك الجنوبي يقفون فوق دبابة، فيما يبدو آخرون حولها في مدينة عدن أمس (أ.ف.ب)
يمنيون موالون للحراك الجنوبي يقفون فوق دبابة، فيما يبدو آخرون حولها في مدينة عدن أمس (أ.ف.ب)
TT

اللجان الشعبية تسيطر على «قاعدة العند».. وطيران التحالف يقصف مسقط رأس المخلوع صالح

يمنيون موالون للحراك الجنوبي يقفون فوق دبابة، فيما يبدو آخرون حولها في مدينة عدن أمس (أ.ف.ب)
يمنيون موالون للحراك الجنوبي يقفون فوق دبابة، فيما يبدو آخرون حولها في مدينة عدن أمس (أ.ف.ب)

سيطرت اللجان الشعبية والمقاومة الموالية للرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي، على قاعدة العند العسكرية، بعد معارك ضارية فرت على أثرها قوات الحوثيين المسنودة بقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح. وفي حين واصلت قوات التحالف المشاركة في عملية «عاصفة الحزم» عملياتها العسكرية الجوية في اليمن، أكدت مصادر أن القصف استهدف أمس، المواقع التي يتمركز فيها المسلحون الحوثيون وقوات صالح، في أكثر من محافظة يمنية، من بينها منطقة سنحان مسقط رأس الرئيس المخلوع.
وتتواصل المواجهات المسلحة بين القوات المهاجمة ومسلحي المقاومة الشعبية الذين يمنعون هذه القوات من السيطرة على مدينة عدن، كبرى مدن جنوب البلاد، وقالت مصادر ميدانية في عدن لـ«الشرق الأوسط» إن قرابة 200 شخص قتلوا في عدن، منذ اندلاع المواجهات، الأسبوع الماضي، وأشارت المصادر إلى سقوط آلاف الجرحى وإلى أن معظم القتلى والجرحى من المدنيين أو من شباب المقاومة الذين استهدفهم الحوثيون قنصا من المرتفعات. وأكد قبائل في شرق صنعاء، أمس، قصف طائرات التحالف بعض المواقع في منطقة سنحان. وسمع دوي الانفجارات في مناطق ومواقع في العاصمة صنعاء.
ومن عدن، قال محمد قاسم نعمان، رئيس مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان، لـ«الشرق الأوسط» إن المواجهات تركزت، أمس، في حيي المعلا والقلوعة وإن أسلحة «آر بي جي» وقذائف الهاون والمدفعية استخدمت فيها. وأكد نعمان أن «شباب المقاومة بحاجة ماسة إلى مساعدات عسكرية عاجلة.. وشباب المقاومة تمكنوا من السيطرة على الصوامع بعدما قاموا بضرب مواقع القناصة بالدبابات».
إلى ذلك، قالت مصادر محلية في محافظة تعز اليمنية لـ«الشرق الأوسط» إن 7 من مسلحي الحوثي قتلوا وجرح نحو 20 آخرين، في كمين نصبه لهم مسلحون في مديرية الراهدة، وذكرت المصادر أن الكمين استهدف تعزيزات عسكرية وبشرية كانت في طريقها من تعز إلى عدن، حيث يواصل الحوثيون محاولاتهم السيطرة على عدن في ظل عمليات التصدي لهم المستمرة من قبل المقاومة الشعبية.
وتمثل تعز بالنسبة للحوثيين وقوات صالح محطة لتزويد جبهات القتال في لحج وعدن بالمقاتلين والعتاد العسكري من معسكرات الجيش والأمن في المحافظة، وذلك رغم الاحتجاجات الشعبية المتواصلة في تعز الرافضة لاستخدام المحافظة جسرا بريا للقوات التي تحاول السيطرة على الجنوب.
على صعيد التطورات، ذكرت مصادر ميدانية أن ميليشيات الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح انسحبت، أمس، من قاعدة العند العسكرية الاستراتيجية الواقعة إلى الشمال من عدن (60 كيلومترا)، وذلك عقب تكثيف قصف قوات التحالف في عملية «عاصفة الحزم» للقاعدة العسكرية، وعقب انسحاب القوات المهاجمة للجنوب وعدن، تمكن مسلحو المقاومة الشعبية من السيطرة على القاعدة العسكرية.
وفي جبهة الضالع (130 كيلومترا شمال عدن)، لقي 27 مسلحا حوثيا ومن قوات صالح، مصرعهم في كمين للمقاومة الشعبية، وشنت قوات «اللواء 33 مدرع» وميليشيات الحوثي، أمس، هجوما عسكريا شاملا عند السادسة والنصف واستمر لخمس ساعات دون توقف، وقال مصدر عسكري في المقاومة الشعبية لـ«الشرق الأوسط» إن القوات المهاجمة استخدمت مختلف الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة وبشكل عبثي مفرط بالنسبة للسلاح الثقيل الذي تم القصف به نحو حي العرشي غرب مدينة الضالع، وعلى نحو غير مسبوق، وبقصد إحداث الخوف والهلع بين صفوف المقاومين، وبما يجعلهم يفرون من مواقعهم الأمامية المطلة على تقدم القوات المهاجمة التي أرادت الدخول إلى المدينة والسيطرة على هذه المرتفعات المرابط بها أفراد المقاومة. وقالت المصادر إن الهجوم واجه مقاومة شرسة كبدت فيها المقاومة القوات المهاجمة خسائر في الأرواح والعتاد، وأشارت المصادر إلى أنه وبعد القصف المدفعي الكثيف حاولت الميليشيات والجنود التسلل إلى موقع العرشي وكذا التحصن في المنازل القريبة من أماكن وجود المقاومة، إلا أن هؤلاء اشتبكوا مع مسلحي المقاومة الذين قتلوا وجرحوا العشرات من ميليشيات وجنود وضباط القوات المهاجمة، فيما قتل من المقاومة 3 أفراد هم: علي الكبيدي، وتامر محمد الحاج مقبل بطاط، وعبد الرحيم حكيم النوبي، بينما عدد الجرحى كان 5.
من جهة أخرى، قصف طيران التحالف، أمس، مواقع للأمن المركزي و«اللواء 33 مدرع» ومجمع مبنى المحافظة الكائن في سناح شمال مدينة الضالع، وأفاد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» رؤيتهم ألسنة اللهب والدخان يتصاعدان من المواقع المستهدفة بصواريخ طيران التحالف، وقال شهود العيان إن جثث الضباط والجنود والميليشيات بالعشرات وهناك مناشدة من السكان للهلال والصليب الأحمر لسحب هذه الجثث نظرا لتعذر سحبها من أماكنها بسبب القناصة الحوثيين الذين لا يكترثون حتى لقتلاهم، وتشير معلومات ميدانية إلى أن قوات صالح والحوثيين لجأت إلى الاحتماء في المستشفيات الخاصة التي جرى إخلاؤها من المرضى والطواقم الطبية.
وفي مديرية بيحان بمحافظة شبوة بجنوب شرقي البلاد، هاجم مسلحو القبائل مواقع الحوثيين في المديرية التي استولوا عليها مؤخرا، وقالت مصادر قبلية إن الهجوم كبد الحوثيين وقوات صالح خسائر بشرية كبيرة، إضافة إلى تدمير بعض الآليات العسكرية. وقال الشيخ علي بن علي هادي، أحد وجهاء بيحان لـ«الشرق الأوسط» إن «الهجوم بدأ صباح اليوم (أمس)، وقامت به قبائل بلحارث وقبائل أخرى من محافظة شبوة، وتكبد الحوثيون خسائر كبيرة»، مؤكدا أن القبائل المهاجمة اضطرت إلى الانسحاب باتجاه عاصمة المحافظة، مدينة عتق، وذلك نتيجة عدم وجود دعم أو مساندة سواء بالسلاح أو الغذاء أو غير ذلك، وأكد هادي أن القتلى الذين سحبهم الحوثيون من مكان المواجهات كثيرون، ودعا الزعيم القبلي إلى «وجود قيادة وزعامة موحدة للمجهود الشعبي لمواجهة الميليشيات الحوثية»، كما دعا قوات التحالف إلى دعم رجال القبائل بالسلاح من أجل مواجهات القوات المهاجمة.
هذا، وباتت هناك 3 جبهات قتال مشتعلة، حاليا، مع الحوثيين وقوات صالح، الأولى في عدن، والثانية في الضالع، والثالثة في مديرية بيحان بمحافظة شبوة.
وفي الجانب الآخر، هناك جبهة حضرموت التي فتحها تنظيم «أنصار الشريعة» التابع لتنظيم القاعدة باحتلاله مدينة المكلا، عاصمة المحافظة، وقالت مصادر محلية في المكلا لـ«الشرق الأوسط» إن لجانا شعبية من أبناء المدينة بدأت، أمس، في الانتشار وهم من الموالين لـ«القاعدة»، وقال الناشط السياسي في حضرموت، عبد الرحمن أحمد لـ«الشرق الأوسط» إن «شخصيات مقربة من تنظيم (القاعدة) في مدينة المكلا قامت بتشكيل لجان شعبية للسيطرة على المدينة. من بين تلك الشخصيات العميد فهمي محروس، مدير أمن حضرموت السابق والشيخ جمال النهدي والشيخ صالح الشرفي»، وأضاف أن «تحركاتهم هذه أتت باتفاق وتنسيق مع (أنصار الشريعة) عقب اجتماع عقد في القصر الجمهوري بين الشخصيات المذكورة والقيادي في (أنصار الشريعة)، خالد باطرفي وقيادات حضرمية بارزة في تنظيم (القاعدة) مثل شاكر بن هامل وعمر باعباد وغيرهم من مجاهدي التنظيم القدامى»، ويردف الناشط الحضرمي أن «مساعي هذه الشخصيات الحثيثة ستضمن إحكام سيطرة (أنصار الشريعة) على مدينة المكلا عن طريق تسليمها للموالين لهم من أبناء المدينة مما سيمكن مقاتلي التنظيم من التحرك والتوسع والتمدد ليطبق سيطرته على محافظة حضرموت بأكملها».



مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
TT

مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)

على الرغم من الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات اليمنية للحد من الهجرة غير الشرعية، بدأ العام الميلادي الجديد أيامه بتدفق المئات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي الذين وصلوا إلى سواحل البلاد على متن قوارب متهالكة استقلوها من سواحل جيبوتي والصومال.

ومع تسجيل المنظمة الدولية للهجرة وصول أكثر من 60 ألف مهاجر خلال العام المنتهي، ذكر مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية اليمنية أن الأيام الأولى من العام الجديد شهدت وصول 336 مهاجراً غير شرعي قادمين من القرن الأفريقي إلى سواحل مديرية رضوم بمحافظة شبوة شرق عدن.

وبحسب الداخلية اليمنية، فإن قاربي تهريب أنزلا المهاجرين بساحل منطقة «كيدة»، منهم 256 مهاجراً من حاملي الجنسية الإثيوبية؛ بينهم 103 نساء، أما البقية وعددهم 80 مهاجراً، فإنهم يحملون الجنسية الصومالية. وذكرت أن الشرطة في مديرية رضوم قامت بتجميع المهاجرين غير الشرعيين تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.

اعتراض قارب يقل 130 مهاجراً في سواحل محافظة لحج اليمنية (إعلام حكومي)

وفي سواحل محافظة لحج غرب عدن، ذكرت وحدات خفر السواحل التابعة للحملة الأمنية في منطقة الصبيحة (مديرية المضاربة ورأس العارة) أنها ضبطت قارب تهريب كان يحمل على متنه 138 مهاجراً من الجنسية الإثيوبية حاولوا دخول البلاد بطرق غير شرعية.

سلسلة عمليات

وفق بيان للحملة الأمنية، فإنه وبعد عمليات رصد دقيقة، تمكنت من اعتراض القارب في منطقة الخور بمديرية المضاربة ورأس العارة. وأوضح البيان أن المهاجرين الذين كانوا على متنه كانوا في حالة مزرية نتيجة لسوء المعاملة التي تعرضوا لها أثناء الرحلة، حيث نُقلوا إلى أحد مراكز تجميع المهاجرين في محافظة لحج.

وتأتي هذه العملية ضمن سلسلة من العمليات الأمنية التي تنفذها الحملة الأمنية في الصبيحة في سواحل محافظة لحج جنوب باب المندب بهدف التصدي لظاهرة التهريب والهجرة غير الشرعية، التي تشكل خطراً على الأمن الوطني والإقليمي.

المهاجرون الأفارقة يتعرضون للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (إعلام حكومي)

وأكدت قيادة الحملة الأمنية أنها ستواصل جهودها المكثفة لتعزيز الأمن والاستقرار بالتعاون مع مختلف الجهات المختصة، من خلال تنفيذ المزيد من العمليات النوعية، خصوصاً في المناطق الساحلية التي تعد مركزاً رئيسياً للتهريب. ودعت السكان إلى التعاون والإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة، مؤكدة أن الحفاظ على الأمن مسؤولية مشتركة بين الجميع.

ويعاني المهاجرون في اليمن من الحرمان الشديد مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن، وفق منظمة الهجرة الدولية، التي أكدت أن الكثيرين منهم يضطرون إلى العيش في مآوٍ مؤقتة أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

إساءة واستغلال

نبهت منظمة الهجرة الدولية إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عُرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، مؤكدة أن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن إلى دول الجوار.

وبحسب المنظمة، فإنها سجلت في أكتوبر (تشرين الأول) فقط قيام أكثر من 1900 مهاجر برحلات محفوفة بالمخاطر، إما عائدين إلى مناطقهم في القرن الأفريقي، وإما مُرَحَّلين على متن القوارب. وتم الإبلاغ عن 462 حالة وفاة واختفاء (على الأقل) بين المهاجرين أثناء عبورهم البحر بين جيبوتي واليمن في 2024.

المهاجرون من القرن الأفريقي عرضة للاستغلال وسوء المعاملة من المهربين (الأمم المتحدة)

ووثقت المنظمة الأممية 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على طول الطريق الشرقي في العام ذاته، وقالت إنه من المرجح أن يكون عدد المفقودين وغير الموثقين أكثر من ذلك بكثير.

وبينت أنها ومن خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة، تعمل على تقديم الخدمات على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات التي تقدم للمهاجرين ما بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود، تقول الأمم المتحدة إن فجوات كبيرة في الخدمات لا تزال قائمة في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.