منظمة التحرير تسعى لمنع تحويل مخيم اليرموك إلى ميدان صراع

ممثل لعباس في دمشق.. و{الأونروا}: الأوضاع أكثر مأساوية مما هي عليه.. ومحاولات لممر آمن للسكان

لقطة عامة للمخيم أمس.. تبين حجم الدمار الذي لحق به جراء المواجهات المسلحة وقصف النظام بالبراميل المتفجرة (إ.ف.ب)
لقطة عامة للمخيم أمس.. تبين حجم الدمار الذي لحق به جراء المواجهات المسلحة وقصف النظام بالبراميل المتفجرة (إ.ف.ب)
TT

منظمة التحرير تسعى لمنع تحويل مخيم اليرموك إلى ميدان صراع

لقطة عامة للمخيم أمس.. تبين حجم الدمار الذي لحق به جراء المواجهات المسلحة وقصف النظام بالبراميل المتفجرة (إ.ف.ب)
لقطة عامة للمخيم أمس.. تبين حجم الدمار الذي لحق به جراء المواجهات المسلحة وقصف النظام بالبراميل المتفجرة (إ.ف.ب)

تواصلت الاشتباكات أمس بين مسلحي تنظيم داعش، وكتائب أكناف بيت المقدس، وفصائل المعارضة السورية، في مخيم اليرموك جنوب العاصمة السورية دمشق، المحاصر من قبل قوات النظام.
وأفاد الناشط المحلي مصطفى أبو عبيدة، لمراسل «الأناضول» أن مسلحي التنظيم انسحبوا من المخيم ليلا وعادوا إليه في ساعات الصباح، مبينا أن السكان يخشون الخروج من منازلهم بسبب اندلاع حرب شوارع في المنطقة.
وذكر أبو عبيدة أن الوضع الإنساني للمخيم سيء للغاية بسبب الاشتباكات، إضافة إلى الحصار الذي تفرضه قوات النظام، مضيفا «لا يستطيع السكان الخروج إلى الشوارع وتلبية احتياجاتهم خوفا من قناصة التنظيم والنظام».
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني، المبعوث الشخصي للرئيس الفلسطيني محمود عباس لـ«الشرق الأوسط» وهو في طريقه لسوريا، إنه «سيجري عدة لقاءات مع مسؤوليين سوريين ويقف على حقيقة الوضع على الأرض، في محاولة للخروج من الأزمة».
وأعلنت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أمس، أن الدور المركزي لوفد منظمة التحرير الفلسطينية إلى دمشق، هو «توفير كل الظروف لمنع استمرار نزيف الدم وتدمير المخيم وتحويله إلى ميدان صراع مسلح، والعمل الفوري من قبل المنظمة لتأمين مساعدات عاجلة لأبناء شعبنا المحاصرين في المخيم لمواكبة الكارثة الإنسانية التي يمرون بها، من كل الجهات المعنية، خصوصا وكالة غوث وتشغيل اللاجئين».
وشددت اللجنة التنفيذية على ضرورة وحدة موقف فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في كيفية حماية المخيم والتصدي لمحاولات تحويله إلى ساحة صراع، وتجنيب المدنيين عواقب هذا الوضع، والسماح الفوري لممرات إنسانية آمنة لخروج المدنيين، وإدخال المساعدات الإنسانية والطبية العاجلة.
وتفاقم الوضع المأساوي في مخيم اليرموك خلال اليومين الماضيين بعد تقدم تنظيم داعش وسيطرته على أجزاء واسعة منه قبل أن يعود وينكفئ فجر الأمس وسط اشتباكات متقطعة مع مقاتلين فلسطينيين ينتمون لجماعة تعرف بأكناف بيت المقدس، فيما يهاجم النظام السوري بين الفينة والأخرى مواقع في المخيم من الجو ببراميل متفجرة.
وقال ناشط من قلب المخيم، لـ«الشرق الأوسط» رفض الإشارة إلى اسمه، إن «الاشتباكات توقفت ليلة أمس، مما سمح للسكان بالتحرك لتأمين المياه والمأكل والحاجات الضرورية».
وأكد الناشط وجود نقص حاد في كل الاحتياجات الضرورية لاستمرار الحياة نتيجة توقف خطوط الإمدادات والمساعدات. وتحدث عن القلق والخوف الذي يعتري العائلات هناك بسبب الاقتتال الدامي.
ووصفت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، الوضع في مخيم اليرموك (جنوب العاصمة السورية دمشق) بأنه «أكثر مأساوية» مما كان عليه الحال من قبل.
وقالت «أونروا» في بيان صحافي، أمس، إن «الوضع في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بدمشق لم يكن أكثر يأسا مما هو عليه في هذه اللحظة التي يشتد فيها القتال داخل المخيم»، مناشدة كل الأطراف المسلحة بوقف عملياتها العدائية التي تعرض المدنيين لخطر كبير والانسحاب الفوري من مناطق المدنيين.
وحول الأوضاع في المخيم، أشارت إلى أن سكان اليرموك المحاصرين بمن فيهم 3500 طفل وطفلة، لا يزالون يعتمدون على عمليات التوزيع غير المنتظمة للغذاء والمساعدات الإنسانية الأخرى التي تقدمها وكالة «أونروا».
كما أكدت الوكالة الأممية، على استعدادها استئناف مساعداتها للاجئين الفلسطينيين في أي وقت، إلا أن ذلك رهن بتوقف الأعمال العدائية، مناشدة المجتمع الدولي بما في ذلك الهيئات التابعة للأمم المتحدة بأن تعمل على إنهاء هذا الوضع «الحرج» دون تأخير.
وترجع أهمية اليرموك بالنسبة للمتقاتلين في سوريا، كونه نقطة انطلاق إلى دمشق ويربط الريف بالعاصمة.
ومنذ أكثر من عامين تسيطر عدة جهات على المخيم، «داعش» وجبهة النصرة وأحرار الشام من الجنوب، والنظام السوري والقيادة العامة من الشمال.
وتراجع عدد سكان المخيم نتيجة ذلك من نحو 160 ألفا قبل اندلاع النزاع إلى نحو 18 ألفا.
وتقدم «داعش» في عمق اليرموك الأربعاء الماضي بعدما أقدم عناصر من أكناف بيت المقدس، وهي فصيل فلسطيني قريب من حركة حماس، على اعتقال عدد من عناصر التنظيم داخل المخيم بتهمة إقدام التنظيم على اغتيال القيادي (في حماس) يحيى حوراني.
ويسعى المسؤولون الفلسطينيون الآن إلى تجنيب المخيم ويلات الصراع.
وأجرت القيادة الفلسطينية اتصالات مع الأمم المتحدة والإدارة الأميركية وروسيا والصين والاتحاد الأوروبي وأكثر من طرف دولي، بغية توفير الحماية والمساعدات لسكان اليرموك.
وقال مدير الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية السفير أنور عبد الهادي عقب لقائه مع نائب وزير الخارجية السوري فيصل مقداد، في دمشق، أمس، إنه تم الاتفاق على إيجاد ممر آمن لخروج المدنيين من مخيم اليرموك وحمايتهم من أي خطر.
وقال عبد الهادي «كنا وما زلنا منذ بداية الأزمة على الحياد، ولا نتدخل بالشؤون الداخلية، وإن الرئيس عباس يجري اتصالات دولية من أجل تحييد المخيم وحماية المدنيين».
وفيما يحاول النظام الفلسطيني الرسمي تحييد المخيم عن الصراع، حملت حركة حماس قيادة منظمة التحرير مسؤولية الإهمال الذي يعانيه الفلسطينيون في سوريا. وقال القيادي في الحركة عصام عدوان إن «غياب منظمة التحرير عما يحصل للفلسطينيين في اليرموك، لهو دليل اهتراء وفشل لقيادة المنظمة».
ووثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، مقتل 12 شخصا من سكان المخيم واعتقال 80 آخرين منذ الأربعاء الماضي.



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.