«يوتيوب» يواجه التأثيرات النفسية لـ«كوفيد ـ 19» على مستخدميه

«يوتيوب» يواجه التأثيرات النفسية لـ«كوفيد ـ 19» على مستخدميه
TT

«يوتيوب» يواجه التأثيرات النفسية لـ«كوفيد ـ 19» على مستخدميه

«يوتيوب» يواجه التأثيرات النفسية لـ«كوفيد ـ 19» على مستخدميه

في خطوة تثير التساؤلات حول دور «يوتيوب» في حماية الصحة النفسية لمستخدميه، أعلن تطبيق «يوتيوب» لمشاهدات الفيديو عزمه إضافة تحديثات جديدة، تمكّن مستخدميه من الوصول إلى «محتوى فيديو لحماية الصحة العقلية» و«مواجهة التأثيرات النفسية الضارة لجائحة (كوفيد 19)». تأتي هذه الخطوة بينما يواجه «يوتيوب»، كغيره من تطبيقات التواصل الاجتماعي، اتهامات بالتأثير السلبي على الصحة النفسية للمستخدمين، وخاصة المراهقين والأطفال.
وفي حين أشار متخصصون إلى أن تحديثات «يوتيوب» بتوفير مواد لحماية الصحة العقلية تحديثات مهمة، وتأتي في سياق محاولاته تقليل الاتهامات الموجهة إليه في هذا السياق، رأى آخرون أن «نجاح هذه التحديثات مرتبط بتفاعل المستخدمين مع هذه النوعية من المحتوى، ورغبتهم في طلب المساعدة فيما يتعلق بالصحة النفسية والعقلية».
«يوتيوب» كشف عن خطته الجديدة، في بيان نشره في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، إذ أعلن عن إطلاق تحديثات جديدة على خدمة الاستجابة للأزمات الخاصة به، تسمح بظهورها بشكل أوضح للمستخدمين، بهدف توسيع نطاق تقديم المساعدة فيما يتعلق بالصحة النفسية. ووفق شارون ستوفيزكي، من قسم الإنتاج في «يوتيوب»، عبر المدوّنة الرسمية للتطبيق، إن «التحديث المزمع إطلاقه رسمياً في الأسابيع المقبلة، سيسمح للمواد المنتجة لمواجهة أزمات الصحة النفسية بالظهور أسفل عنوان الفيديو الذي يشاهده المستخدم، وفي صفحة المشاهدة التي يقضي عليها المستخدمون معظم وقتهم على تطبيق (يوتيوب)». وحسب ستوفيزكي، فإن «هذه المواد كانت متاحة في السابق من خلال خدمة البحث في التطبيق، فتظهر لمن يبحث عنها؛ لكنها ستتوسع لتظهر أسفل مواقع الفيديو التي يدور محتواها حول الانتحار وإيذاء الذات، ما يسهل الوصول إليها، ويوفر مزيجاً من المحتوى التعليمي والعاطفي، بالتزامن مع إمكانية طلب المساعدة عند الحاجة».
من ناحية ثانية، يرى أندرو هتشنسون، مدير إدارة محتوى مواقع التواصل الاجتماعي على موقع «سوشيال ميديا توداي»، وهو مقيم في أستراليا، أن «هذا التحديث يأتي بالتزامن مع زيادة التأثيرات النفسية لجائحة (كوفيد 19)؛ حيث كانت العزلة التي فرضتها الإجراءات الاحترازية للجائحة، والمخاوف المتعلقة بانتشار الفيروس، من العوامل التي كان لها تأثير واضح على الصحة النفسية للبشر، خاصة مع بقاء كثير منهم وحيداً خلال أزمة الجائحة، وعاجزاً عن الوصول إلى شبكات الدعم والمساعدة التقليدية لإخراجه من دائرة الخطر».
على ما تقدم، علّق خالد البرماوي، المتخصص المصري في الإعلام الرقمي، لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً إن «خطة (يوتيوب) لنشر محتوى خاص بالمساعدة في شؤون الصحة النفسية والعقلية أمر جيد، ويظهر أن التطبيق يسعى لتصويب الأخطاء». وأردف أن «هذا ضروري في ظل شبه احتكار (يوتيوب) خدمات الفيديو حول العالم بنسبة 80 في المائة».
من جانب آخر، تضمن تقرير لمؤسسة «كيسر فاميلي» الأميركية أن «4 من كل 10 بالغين في الولايات المتحدة الأميركية أبلغوا عن أعراض قلق واكتئاب واضطرابات نفسية خلال الجائحة». وهذا ما عزز صدقيته كلام ستوفيزكي عن دوافع «يوتيوب» من التحديثات الجديدة، أنه «بالفعل كانت تأثيرات الجائحة محركاً رئيسياً لتحديث (يوتيوب) الجديد، وأن تحديات الصحة العقلية كانت مصدر قلق متزايد خلال الوباء، الذي كان له 19 تأثيراً كبيراً على الصحة العقلية في جميع أنحاء العالم، مع زيادة حالات الإصابة بمشكلات الصحة العقلية، من القلق والاكتئاب والتوتر إلى تعاطي المخدرات وإيذاء النفس».
بل أكثر من هذا، تضمن كلام ستوفيزكي القول: «إن مشكلات الصحة العقلية منهكة، ما يجعلك تشعر وكأنك لا تعرف من تلجأ إليه، أو أنه لا يوجد أي شخص يمكنه فهم ما تمر به، وقد يؤدي احتمال طلب المساعدة وكشف التجارب الشخصية العميقة إلى زيادة الشعور بالضيق الذي يشعر به الناس في اللحظات التي يحتاجون فيها بشدة إلى المساعدة».
وفي سياق متصل، بحسب مراقبين، فإن وحدة الأزمات على «يوتيوب» تقدم فيديوهات متنوعة ومختلفة، وفقاً لاهتمامات الجمهور وأسئلتهم، وتقدم لهم المساعدة عن طريق ربط المستخدمين بالجهات المعنية بأسئلتهم. ويشير «يوتيوب» إلى أن الخدمة الجديدة سوف تتضمن مشاركة قصص حقيقية لأشخاص مع المرض النفسي.
من جانبه، يؤكد هتشنسون في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنه «رغم بذل (يوتيوب) جهوداً للمساعدة، يتطلب الأمر إقدام المستخدمين على اتخاذ الخطوة التالية وطلب المساعدة لأنفسهم». ويرى هتشنسون أن «تسهيل الوصول لهذه المعلومات مفيد، خاصة مع عرضها على الشاشات الرئيسية التي يتابعها المستخدمون».
أما البرماوي فيعتقد أن «المشكلة مع (يوتيوب) وغيره من التطبيقات التي تحاول معالجة الأخطاء والأضرار السلبية التي تحدث لمستخدميها بسببها، أنها تفعل ذلك من دون استشارة أحد، ومن دون الاستماع لوجهات النظر الأخرى»، مضيفاً أن «هناك كثيراً من الآراء ووجهات النظر فيما يتعلق بمعالجة هذه القضية، ولا سيما أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت متغلغلة في حياتنا».
وفق ستوفيزكي، فإن «الخدمة الجديدة تحاول مساعدة الناس على التعامل مع المرض النفسي من خلال مشاركة قصص شخصيات حقيقية، حتى التعامل مع المرض النفسي بطريقة طبيعية، وإزالة الوصمة عن فكرة طلب المساعدة في هذه النوعية من الأزمات... و(يوتيوب) لا يسمح بنشر محتوى يروج للانتحار أو إيذاء الذات».
وحقاً، أعلن «يوتيوب» في بيان صحافي أخيراً حجب عدد علامات قلة الإعجاب الموجودة على مقاطع الفيديو المنشورة على منصته، بهدف «حماية صانعي المحتوى من الهجمات الموجهة»، على حد وصفه. وهي الخطوة التي يراها مراقبون أنها تأتي في سياق محاولة «يوتيوب» حماية المستخدمين وصحتهم النفسية. هذا، وحسب «يوتيوب» سيكون بإمكان المستخدمين الضغط على علامة قلة الإعجاب، لكن نتيجة مشاركتهم لن تظهر إلا لصانع محتوى الفيديو في البيانات الخاصة بقناتهم، وتأتي هذه الخطوة في أعقاب خطوة مماثلة نفذها كل من «إنستغرام» و«فيسبوك» في مايو (أيار) الماضي.
أخيراً، عن الضغوط التي تواجهها مواقع التواصل، يرى البرماوي أن «مواقع التواصل الاجتماعي تواجه حالياً ضغوطاً لإعادة تنظيمها، وهناك آراء متعددة في هذا المجال، منها من يطالب بوضع قيود من جهات مستقلة لتنظيم عمل تطبيقات الإنترنت، وأن يكون هناك دور أكبر للرقابة والتشريع والحوكمة. وفي المقابل، يرى آخرون أن فرض قيود يضرّ بحرية الرأي والإبداع والابتكار التي قام عليها الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي». ويشدد في هذا الصدد على أن «استمرار الوضع القائم لم يعد منطقياً، مع تزايد الاعتماد على هذه المواقع، ولذلك لا بد من الوصول إلى حل يحمي حرية التعبير، ويحمي المستخدمين ولا يضرّ بصحتهم أو مصالحهم».



«أبل» و«ميتا»... صراع متجدد يثير تساؤلات بشأن «خصوصية البيانات»

شعار ميتا (رويترز)
شعار ميتا (رويترز)
TT

«أبل» و«ميتا»... صراع متجدد يثير تساؤلات بشأن «خصوصية البيانات»

شعار ميتا (رويترز)
شعار ميتا (رويترز)

مرة أخرى يتجدَّد الصراع بين عملاقَي التكنولوجيا «أبل»، و«ميتا»، مثيراً تساؤلات بشأن مدى «حماية خصوصية بيانات المستخدمين». وبينما رأى خبراء التقتهم «الشرق الأوسط» أن المعركة الأخيرة جزء من نزاع مستمر بين «أبل»، و«ميتا» يتيح لهما البقاء على عرش التكنولوجيا الرقمية، فإنهم أشاروا إلى أن تأثير الصراع بشأن الخصوصية قد يمتد إلى مواقع الأخبار.

المعركة الأخيرة بدأت منتصف الشهر الحالي، مع تحذير وجَّهته شركة «أبل» بشأن تقديم منافستها «ميتا» مالكة «فيسبوك» و«إنستغرام» نحو «15 طلباً للوصول العميق إلى البيانات، في إطار قانون الأسواق الرقمية الجديد بالاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يضعف حماية بيانات المستخدمين».

ووفق «أبل»، فإنه «إذا حصلت طلبات (ميتا) على الموافقة، فسيكون باستطاعتها من خلال تطبيقاتها: (فيسبوك)، و(إنستغرام)، و(واتساب)، رؤية كل الرسائل القصيرة ورسائل البريد الإلكتروني والصور والمواعيد، وكل بيانات مكالمات المستخدمين». ونبَّهت «أبل»، في بيانها، إلى أن «مجموعة من الشركات تستخدم قانون الأسواق الرقمية الأوروبي؛ للوصول إلى بيانات المستخدمين». ولكن في المقابل، نفت «ميتا» هذه الاتهامات، وعدَّتها «حججاً تستخدمها (أبل) في إطار ممارساتها المضادة لحرية المنافسة». وقالت، في بيان لها، إن «(أبل) لا تعتقد بالتوافق بين الأجهزة الأخرى».

تعليقاً على ما هو حاصل، قال أنس بنضريف، الصحافي المغربي المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، إن «الصراع الأخير بين (أبل) و(ميتا) هو امتداد لمعارك سابقة متكررة ومتجددة بين عملاقَي التكنولوجيا». وأردف: «هناك قانونان يحكمان السوق الرقمية في أوروبا: الأول هو قانون الخدمات الرقمية الذي يستهدف منع الاحتكار وحماية بيانات المستخدمين. والثاني هو قانون الأسواق الرقمية الذي يجبر الشركات على إتاحة معلوماتها للمطوّرين».

وأوضح بنضريف أن «الصراع الأخير بين (أبل) و(ميتا) مرتبط بقانون التسويق الرقمي، إذ تعدّ (ميتا) من المطوّرين المتاحة تطبيقاتهم، مثل (إنستغرام) و(فيسبوك) على هواتف (أبل)». وتوقّع أن تنتهي المعركة لصالح «ميتا»، مبرراً ذلك بأن «حجة (أبل) ضعيفة وغير كافية، وخصوصية بيانات المستخدمين محمية قانوناً في أوروبا، إلا أن مخالفة (ميتا) لقوانين حماية الخصوصية تُعرِّضها لغرامات كبيرة... وفي أي حال الصراع هو جزء من معركة تستهدف الضغط على (أبل) لفتح خدماتها وإتاحتها على منتجات تابعة لشركات أخرى».

للعلم، حسب قانون الأسواق الرقمية الأوروبي، لا يسمح للشركات المشغّلة للمنصّات الحصول على امتيازات خاصة. وتطالب المفوضية الأوروبية شركة «أبل» بأن تغدو أجهزتها متوافقة مع التكنولوجيا التي تنتجها شركات أخرى.

وبموجب إجراءات المفوضية الأوروبية يتوجب على «أبل» تقديم وصف واضح للمراحل والمواعيد النهائية المختلفة والمعايير والاعتبارات التي ستطبقها أو تأخذها في الاعتبار عند تقييم طلبات التشغيل البيني من مطوري التطبيقات، مع تزويد المطورين بتحديثات منتظمة، وتقديم التعليقات وتلقيها فيما يتعلق بفاعلية حل التشغيل البيني المقترح. ومن المتوقع صدور قرار من المفوضية بشأن ما إذا كانت «أبل» تلتزم بشرط قابلية التشغيل البيني، بحلول مارس (آذار) المقبل، وفق ما نقلته «رويترز».

من جهة ثانية، صرَّح محمد الصاوي، الصحافي المصري المتخصص في الرصد والتحليل الإعلامي، لـ«الشرق الأوسط» شارحاً أن «التوترات المستمرة بين (أبل) و(ميتا)، إلى جانب قانون الأسواق الرقمية في الاتحاد الأوروبي، تسلط الضوء على الأهمية المتزايدة لتنظيم شركات التكنولوجيا الكبرى، خصوصاً فيما يتعلق بالخصوصية والمنافسة». وأضاف أن «التحذير الذي أطلقته (أبل) بشأن (ميتا) أثار ذلك جدلاً حول ما إذا كانت مثل هذه الممارسات قد تضعف حماية البيانات للمستخدمين، والتركيز المتجدد على قانون الأسواق الرقمية يعد جزءاً من جهود الاتحاد الأوروبي لمنع شركات التكنولوجيا الكبرى من استغلال هيمنتها، حيث يهدف القانون إلى ضمان المنافسة العادلة عن طريق تقييد الشركات من منح نفسها مزايا خاصة، أو الوصول إلى بيانات المستخدمين بشكل مفرط دون موافقة».

وأشار الصاوي إلى أن «تأثير قانون الأسواق الرقمية يمتد إلى ما هو أبعد من شركات التكنولوجيا الكبرى، حيث قد يؤثر أيضاً على المواقع الإخبارية، لا سيما تلك التي تعتمد على منصات مثل (فيسبوك) في توزيع منتجاتها». وأوضح أن «القانون قد يجبر المنصات على معاملة أكثر عدلاً، ما يضمن ألا تتضرر المواقع الإخبارية من الخوارزميات أو ممارسات البيانات المتحيزة، كما يفرض إعادة التفكير في كيفية جمع البيانات الشخصية ومشاركتها وحمايتها عبر المنصات، مما يشير إلى تحول نحو أنظمة رقمية أكثر شفافية».

وعدّ الصاوي «قانون الأسواق الرقمية محاولةً لإعادة التوازن في ديناميكيات القوة في السوق الرقمية، ما قد يؤثر بشكل كبير على المبدعين في مجال المحتوى، بما في ذلك المواقع الإخبارية، في كيفية تفاعلهم مع المنصات... في حين يضمن استمرار الصراع بين (أبل) و(ميتا) بقاءهما متربعتين على عرش المنافسة الرقمية».

وحقاً، يأتي الصراع الأخير بين «أبل» و«ميتا» في وقت قرَّرت فيه هيئة حماية البيانات الآيرلندية فرض غرامة قيمتها 251 مليون يورو على شركة «ميتا»؛ بسبب عملية اختراق واسعة لبيانات نحو 29 مليون مستخدم على مستوى العالم في عام 2018.