السودان وإثيوبيا يتصدران أولى رحلات بلينكن إلى أفريقيا

واشنطن تسعى لتعزيز وجودها في القارة مقابل النفوذ الصيني

السودان وإثيوبيا يتصدران أولى رحلات بلينكن إلى أفريقيا
TT

السودان وإثيوبيا يتصدران أولى رحلات بلينكن إلى أفريقيا

السودان وإثيوبيا يتصدران أولى رحلات بلينكن إلى أفريقيا

يحمل وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن ملفات الصراع في إثيوبيا والوضع المتوتر في السودان وقضايا الأمن ومكافحة الإرهاب في القرن الأفريقي وشرق أفريقيا خلال زيارته الأولى إلى القارة السوداء، حيث يبدأ اليوم الاثنين زيارة رسمية لكل من كينيا ونيجيريا والسنغال تستمر حتى الجمعة المقبل.
ويتصدر الوضع في السودان محادثات بلينكن الذي يعد أرفع مسؤول أميركي يزور أفريقيا، وقد دعت واشنطن إلى العودة إلى المسار الديمقراطي ودعت السلطات العسكرية السودانية إلى تسليم السلطة للمدنيين فيما يواصل المتظاهرون مظاهرات حاشدة ضد الانقلاب العسكري. وأدانت السفارة الأميركية في الخرطوم الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين واستخدام الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع في تفريقهم يوم السبت.
ولا تتضمن أجندة بلينكن زيارة إثيوبيا أو السودان حيث أدى استيلاء عبد الفتاح البرهان على السلطة إلى اندلاع أزمة سياسية كبيرة في البلاد. لكن مسؤولا كبيرا بالخارجية الأميركية أشار إلى أن كلا من الأزمة في إثيوبيا والوضع في السودان ستكونان موضع نقاش رئيسي خلال رحلة بلينكن، مضيفاً خلال مؤتمر صحافي «لدينا مشاركة دبلوماسية أكثر من كافية لمعالجة أهداف السياسية الخارجية الأميركية في تلك الأماكن والوزير بلينكن سيركز بشدة على تعزيز مصالحنا ومصالح شعب السودان وشعب إثيوبيا خلال رحلته».
وتواجه الولايات المتحدة رياحاً أفريقية معاكسة للتوجهات الأميركية الهادفة لتعزيز الديمقراطية، وقد وضع بايدن هدف تنشيط الديمقراطية في الخارجية كأولوية رئيسية في سياسته الخارجية منذ توليه منصبه إلا أن أفريقيا شهدت تحولات جذرية وكان الانقلاب العسكري السوداني هو الرابع في أفريقيا هذا العام بعد انقلابات عسكرية شهدتها تشاد ومالي وغينيا كما شهدت جمهورية أفريقيا الوسطى والنيجر ومدغشقر محاولات انقلاب مما يشير إلى زيادة في معدلات الانقلاب ومحاولات الانقلاب التي شهدتها القارة الأفريقية منذ ثمانينات القرن الماضي.
وطالب المحللون بسياسة أميركية تعتمد على كلام أقل ومزيد من الصرامة فيما يتعلق بالوضع في إثيوبيا والسودان إذا ما أرادت إدارة بايدن تجنب نتيجة كارثية في القرن الأفريقي.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن زيارة بلينكن لكينيا ومشاوراته مع الرئيس الكيني أوهورو كينياتا ومسؤولين آخرين ستركز على المصالح المشتركة كأعضاء في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بما في ذلك معالجة قضايا الأمن الإقليمي مثل إثيوبيا والصومال والسودان». ويشير محللون إلى أن اختيار الولايات المتحدة لزيارة الدول الثلاث يعكس رغبة إدارة بايدن في تعزيز وجودها العسكري في القارة الأفريقية مع مراقبة التحركات والنفوذ الصيني في القارة.
وتأتي رحلة بلينكن في وقت تهدف فيه الولايات المتحدة إلى تعزيز مبادرة يقودها الاتحاد الأفريقي لإنهاء القتال بين الحكومة الإثيوبية وحركة تحرير تيغراي بعد تصاعد التوترات بشكل كبير بين الجانبين. وقامت السلطات الإثيوبية باحتجاز مئات السكان من تيغراي كما احتجزت بعض موظفي الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وأبدى بلينكن قلقه يوم الجمعة من انهيار الأوضاع في إثيوبيا، وأشار إلى المخاوف من تورط إثيوبيا في حرب أهلية قائلا إن الصراع قد يؤدي إلى انهيار إثيوبيا ويمتد إلى دول أخرى في المنطقة وسيكون ذلك كارثيا على الشعب الإثيوبي. وأشار للصحافيين إلى أن وقف إطلاق النار والمفاوضات هما الطريق الأفضل قدما لمصلحة إثيوبيا. وخلال الأيام الماضية قام وزير الخارجية الأميركي بالعديد من الاتصالات مع مبعوث الاتحاد الأفريقي الرئيس النيجيري السابق أولوسيغون أوباسانغو الذي يحاول التوسط لوقف إطلاق النار.
وسيناقش بلينكن مع الرئيس النيجيري محمد بخاري التعاون في مجال الأمن الصحي الدولي وتوسيع الوصول إلى الطاقة والأمن وتعزيز الديمقراطية، كما سيلقي بلينكن في العاصمة النيجيرية أبوجا كلمة حول السياسة الأميركية تجاه أفريقيا، وفي مشاوراته مع الرئيس السنغالي ماكي سال في داكار يهدف بلينكن إلى تأكيد الشراكة الوثيقة بين البلدين.
ورجح المحللون أن تمتد مشاورات بلينكن إلى المخاوف بشأن العنف والإرهاب المتزايد في منطقة شرق أفريقيا إضافة إلى القضايا المتعلقة بمحاصرة وباء (كوفيد - 19) والتغير المناخي. وأكد مسؤولو الخارجية الأميركية أن أجندة بلينكن تشمل مناقشة توزيع لقاحات (كوفيد - 19) للدول الأفريقية.
واستبعد مايكل روبن الباحث البارز بمركز «أميركان إنتربرايز» أن يتمكن بلينكن من تحقيق نجاح كبير في زياراته الأفريقية، مشيرا إلى أن الشعار الذي رفعه وهو تعزيز التعاون بين الولايات المتحدة وأفريقيا حول أولويات عالمية مثل التغير المناخي والوباء ربما يسلط الأضواء على تلك القضايا لكنه لن يحقق إنجازا ملموسا وإنما سيخلق وهما بنشاط أميركي بعد عقود من تقاعس الولايات المتحدة عن العمل في أفريقيا.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.