غموض حول ملف ترشح سيف الإسلام القذافي للرئاسة

«الداخلية» الليبية تؤسس قوة احتياطية لتأمين الاقتراع

سيف الإسلام القذافي لدى تقديم أوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية في مقر مفوضية الانتخابات بسبها جنوب ليبيا أمس (أ.ب)
سيف الإسلام القذافي لدى تقديم أوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية في مقر مفوضية الانتخابات بسبها جنوب ليبيا أمس (أ.ب)
TT

غموض حول ملف ترشح سيف الإسلام القذافي للرئاسة

سيف الإسلام القذافي لدى تقديم أوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية في مقر مفوضية الانتخابات بسبها جنوب ليبيا أمس (أ.ب)
سيف الإسلام القذافي لدى تقديم أوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية في مقر مفوضية الانتخابات بسبها جنوب ليبيا أمس (أ.ب)

قدم سيف الإسلام معمر القذافي (النجل الثاني لحاكم ليبيا الراحل)، أوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية الليبية، أمس، بمقر مفوضية الانتخابات في سبها بجنوب ليبيا.
ومن المقرر أن تجرى الانتخابات في  24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، فيما يعد نجل القذافي البالغ من العمر (49 عاماً) أحد أبرز المرشحين لخوض المنافسة الرئاسية، رغم الشكوك القانونية التي تحيط بها، والمخاطر الأمنية التي تعاني منها.
واكتفى سيف الإسلام الذي ظهر  بلحية رمادية، وارتدى ملابس تشبه آخر  ملابس أطل بها والده في آخر خطاباته (بما في ذلك  عمامة وعباءة تقليدية بنية اللون)، بترديد آيات قرآنية مختلفة، من دون أن يلقي أي كلمة كما كان متوقعاً في ظهوره الأحدث من نوعه.
ووقع نجل القذافي، الذي بدا متأثراً بإصابة في يده، على أوراق ترشحه في مراسم مقتضبة بمساعدة مسؤولي فرع مفوضية الانتخابات في مدينة سبها، التي شهدت مسيرات وإطلاق ألعاب نارية احتفالاً بترشحه الذي تزامن مع عودة بشير صالح سكرتير القذافي والرئيس السابق لمكتب الاتصال باللجنة الشعبية العامة إلى مسقط رأسه بلدة تراغن بجنوب ليبيا.

وقال  بيان  لمفوضية الانتخابات، إن «المرشح سيف الإسلام القذافي تقدم للترشح لرئاسة الدولة وتقدم بمستندات ترشحه إلى مكتب الإدارة الانتخابية في مدينة سبها، مستكملاً المسوغات القانونية»، مشيراً إلى أنه «تسلم بطاقته الانتخابية من المركز الانتخابي المسجل به بالمدينة».
ونشرت المفوضية على موقعها الإلكتروني صوراً ظهر فيها سيف الإسلام جالساً ومرتدياً عباءة وعمامة بنية اللون، ويوقع على بعض الأوراق، فيما أحاط به موظفون وأشخاص آخرون. كما ظهر في لقطات أخرى وهو يمازح بعض الحضور.
لكن المفوضية حذفت لاحقاً خبر ترشح نجل القذافي بدون تفسير، رغم ظهور صوره عبر الموقع الإلكتروني الرسمي لها.
ولا يعرف المصير القانوني لتقديم نجل  القذافي ترشحه للانتخابات الرئاسية، خصوصاً بعدما  أدانته محكمة ليبية بالإعدام غيابياً عام 2015 لتورطه في جرائم حرب عام 2011، علماً بأن هناك مذكرة توقيف صادرة بحقه عن «المحكمة الجنائية الدولية» التي أعلن  فادي العبد الله الناطق باسمها أن «أمر القبض على سيف القذافي ما زال سارياً». وتابع العبد الله في تصريحات لوسائل إعلام محلية ليبية: «نحن لا نعلق على أي شأن سياسي، لكن الوضع القانوني لسيف أمام المحكمة لم يتغير».
وتعمق الغموض، بعدما طلبت النيابة العسكرية أمس تعليق ترشح سيف الإسلام وأيضاً قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر. وطلب وكيل النيابة بمكتب المدعي العام العسكري في ليبيا محمد غرودة من المفوضية العليا للانتخابات «إيقاف السير في ترشح سيف الإسلام معمر القذافي، وأيضاً خليفة أبو القاسم حفتر، إلى حين امتثالهما للتحقيق فيما أسند إليهما من وقائع».
ويعتقد محللون، وفقاً لوكالة «رويترز»، أن «سيف الإسلام الذي يرجح أن يعمد إلى استغلال الحنين للفترة التي سبقت انتفاضة عام 2011 التي ساندها حلف شمال الأطلسي، قد لا يكون في صدارة السباق الانتخابي علماً بأنه لم يشاهد علناً تقريباً على مدار نحو عشر سنوات رغم شهرته كواحد من أبرز الشخصيات في ليبيا، ورغم أنه لعب دوراً رئيسياً في تشكيل السياسات قبل هذه الانتفاضة».
وفي العاشر من يونيو (حزيران) 2017 أعلن إطلاق سراح سيف الإسلام، تطبيقاً لقانون العفو العام الصادر عن مجلس النواب، علماً بأن إحدى الكتائب المسلحة التابعة لبلدية الزنتان جنوب غربي طرابلس اعتقلته في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011 أثناء محاولته الفرار إلى خارج ليبيا باتجاه النيجر.
وتستمر عملية تسجيل المرشحين للانتخابات الرئاسية التي انطلقت قبل أسبوع حتى 22 من الشهر الحالي، وللانتخابات البرلمانية حتى السابع من الشهر المقبل، حيث من المنتظر أن يدلي أكثر من 2.8 مليون ليبي بأصواتهم في الانتخابات.
وطبقاً لما نشرته مفوضية الانتخابات،  فإن 468 من  المرشحين تقدموا حتى أمس لخوض الانتخابات البرلمانية في كل الدوائر الانتخابية، بينما تجاوز عدد المراقبين المحليين المعتمدين ألفي  مراقب مقابل 17  من المراقبين الدوليين، كما بلغ إجمالي عدد الإعلاميين المحليين  205 مقابل 88 من الإعلاميين الدوليين.
إلى ذلك، شدد المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي، في بيان له مساء أول من أمس، على أهمية إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشكل متزامن، كما أكد ضرورة «اتخاذ كل ما من شأنه أن يحقق عملية انتخابية شاملة لتعزيز فرصة بناء الثقة بين الأطراف». كما رحب بنتائج مؤتمر باريس، وأشاد  بدور اللجنة العسكرية المشتركة في إخراج جميع  القوات الأجنبية من ليبيا.
بدورها، أكدت حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، على لسان محمد حمودة الناطق باسمها،  على «احترام حق الجميع برفض أو قبول إجراء الانتخابات المقبلة»، لكنه لفت في المقابل إلى أنها «يجب أن تكون توافقية».
وأعلن خالد مازن  وزير الداخلية بحكومة الوحدة، عقب اجتماع عقده مساء أول من أمس، لمتابعة الاستعدادات والتجهيزات لتأمين وحماية الاستحقاقات الانتخابية  المقبلة، الاتفاق على «تأسيس قوة احتياطية للتمركز، وإشهار الغرفة الرئيسية لتأمين الانتخابات وتوضيح اختصاصاتها». وأكد مازن أهمية هذا الاستحقاق في إرساء دعائم الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي بما يتطلب مشاركة جميع الأجهزة الأمنية.
من جانبها، أكدت  الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، أنها «صاحبة الاختصاص الأصيل في إعداده وصياغته، وفقاً لما نص عليه الإعلان الدستوري المؤقت وأحكام القضاء الليبي». ورداً على مطالبة مؤتمر باريس الدولي حول ليبيا للبرلمان القادم بالتركيز على صياغة دستور دائم للبلاد يحظى باستحسان الجميع، دعت الهيئة «كافة الجهات الوطنية والدولية المعنية لاحترام اختصاصها وعدم تجاوز ولايتها القانونية». في شأن آخر، تابع أمس الدبيبة في اجتماع مع محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، تنفيذ الميزانية العامة للدولة وفق الأولويات، وإعطاء الأولوية لعدد من المشاريع التنموية المهمة في مجالي الكهرباء والطرق، كما تم التنسيق لوضع الآلية المناسبة لتوريد الأعلاف تقديراً لظروف المربين.



ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
TT

ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)

دخلت مبادرة وساطة كينية - أوغندية على خط محاولات دولية وإقليمية لتهدئة التوترات بين الصومال وإثيوبيا التي نشبت بعد مساعي الأخيرة للحصول على منفذ بحري في إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وسط رفض حكومة مقديشو.

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، مقابل الاعتراف باستقلال الإقليم، وهو ما رفضته الحكومة الصومالية بشدة.

وعلى هامش اجتماعات قمة رؤساء دول شرق أفريقيا بتنزانيا، أعلن الرئيس الكيني ويليام روتو، السبت، «اعتزامه التوسط بمشاركة نظيره الأوغندي يوري موسيفيني، لحل الخلافات بين الصومال وإثيوبيا». وقال في مؤتمر صحافي، إنه «سيبحث عقد قمة إقليمية تضم زعماء الدول الأربعة (كينيا وأوغندا والصومال وإثيوبيا)، لمعالجة التوترات في منطقة القرن الأفريقي».

وأشار روتو إلى أن «أمن الصومال يُسهم بشكل كبير في استقرار المنطقة». لكن خبراء تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط» يرون أن «التدخل الكيني الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً، في ظل عدم استجابة أطراف الخلاف لهذا المسار حتى الآن، بالإضافة إلى عدم وجود دعم إقليمي ودولي».

ومنذ توقيع مذكرة التفاهم، حشد الصومال دعماً دولياً لموقفه ضد إثيوبيا؛ حيث وقّع في فبراير (شباط) الماضي اتفاقية تعاون دفاعي مع تركيا، ووقّع مع مصر بروتوكول تعاون عسكري في أغسطس (آب) الماضي، أرسلت بموجبه القاهرة مساعدات عسكرية إلى مقديشو. كما تعتزم إرسال قوات عسكرية بداية العام المقبل بوصفه جزءاً من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، وهو ما أثار غضب إثيوبيا، التي اتهمت مقديشو «بالتواطؤ مع جهات خارجية لزعزعة استقرار الإقليم».

والتقى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، مع نظيريه الكيني والأوغندي، على هامش اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا. وعلى الرغم من أنه لم يتحدث عن وساطة محتملة، نقلت «رويترز» عن وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي، أن «القرارات السابقة التي اتخذها زعماء إقليميون لم تلق آذاناً مصغية في أديس أبابا»، مشيراً إلى أنه «يثق بأن جهود الوساطة الجارية من جانب تركيا ستكون مثمرة».

وكانت العاصمة التركية أنقرة قد استضافت جولات من الوساطة بين الصومال وإثيوبيا، لإنهاء الخلاف بين البلدين، كان آخرها في سبتمبر (أيلول) الماضي، غير أن المحادثات دون التوصل لاتفاق.

وبينما تنظر مديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أماني الطويل، إلى التدخل الكيني - الأوغندي بـ«إيجابية»، ترى أن «نجاح تلك الوساطة مرهون بأبعاد أخرى تتعلّق بأجندة تحرك الوسطاء ومواقفهم تجاه الخلاف القائم بين مقديشو وأديس أبابا».

وقالت إن «القضية مرتبطة بموقفَي كينيا وأوغندا من السلوك الإثيوبي تجاه الصومال، ومن وحدة الأراضي الصومالية، وإلى أي مدى تؤيّد أو تعارض الاعتراف الإثيوبي بإقليم (أرض الصومال)».

وتعتقد أماني الطويل أن «التحرك الكيني - الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً في حلحلة الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، لأن الخلاف بين الطرفين معقد»، مشيرة إلى أن «الإشكالية في نهج الدبلوماسية الإثيوبية التي تركز على أهدافها دون الوضع في الاعتبار الأمن والتعاون الإقليميين».

ورفض الصومال مشاركة إثيوبيا في البعثة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام، وأمهل أديس أبابا حتى نهاية العام الحالي، لانسحاب قواتها من البعثة الحالية التي ستنتهي مهامها بنهاية العام الحالي، وقال وزير الخارجية الصومالي، إن «بلاده ستعد وجود قوات إثيوبيا بعد نهاية العام، احتلالاً لأراضيها».

وترى أماني الطويل أن «الوساطة التركية قد تكون أكثر تأثيراً في النزاع بين الصومال وإثيوبيا». وقالت إن «أنقرة لديها تفهم أكثر للخلاف. كما أنها ليست دولة جوار مباشر للطرفين، وبالتالي ليست لديها إشكاليات سابقة مع أي طرف».

وباعتقاد الباحث والمحلل السياسي الصومالي، نعمان حسن، أن التدخل الكيني - الأوغندي «لن يحقّق نتائج إيجابية في الخلاف الصومالي - الإثيوبي»، وقال إن «مبادرة الوساطة يمكن أن تقلّل من حدة الصراع القائم، لكن لن تصل إلى اتفاق بين الطرفين».

وأوضح حسن أن «أديس أبابا لديها إصرار على الوصول إلى ساحل البحر الأحمر، عبر الصومال، وهذا ما تعارضه مقديشو بشدة»، مشيراً إلى أن «العلاقات الكينية - الصومالية ليست في أفضل حالاتها حالياً، على عكس علاقاتها مع إثيوبيا»، ولافتاً إلى أن ذلك «سيؤثر في مسار التفاوض». واختتم قائلاً: إن «نيروبي تستهدف أن يكون لها دور إقليمي على حساب الدور الإثيوبي بمنطقة القرن الأفريقي».