قيادي في حزب طالباني لمقاضاة مسمميه عراقياً ودولياً

TT

قيادي في حزب طالباني لمقاضاة مسمميه عراقياً ودولياً

أكد القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني ملا بختيار، تعرضه للتسميم من قبل أشخاص داخل حزبه، وقال إنه نجا من الموت بأعجوبة، مضيفاً أنه لن يتهم أحداً حتى ينتهي التحقيق الحزبي ولن يتنازل عن حقه.
وقال عضو اللجنة العليا لمصالح «الاتحاد الوطني الكردستاني» ملا بختيار، في مؤتمر صحافي عقده أمس الأحد في السليمانية، بعد يوم من عودته من ألمانيا، إن محاولة اغتياله بالسم بدأت قبل يوليو (تموز) الماضي، «من قبل أشخاص داخل الاتحاد الوطني الكردستاني، مستخدمين أنواعاً مختلفة من السم، حسب معلومات طبية واستخباراتية، وعندما شعرت بالأعراض ذهبت إلى الأردن للعلاج، وتأكد لي ذلك بشكل واضح من خلال التقارير الطبية، وقدمت كل المعلومات التي حصلت عليها إلى الرفيق بافل طالباني في حينها، وقابلته مرتين بشكل شخصي، قبل أن أتوجه إلى ألمانيا لتلقي العلاج».
بختيار أكد أنه لن يتهم أحداً قبل أن ينتهي التحقيق، وتظهر نتائجه بشكل واضح، فكل متهم بريء حتى تثبت إدانته، مؤكداً أنه سينتظر نتائج تحقيقات الحزب ليثبت عدم تورط الحزب في ذلك، ويظهر المتهم الذي يقف خلف الجريمة. وتابع: «يبقى لي الحق في تقديم شكوى قضائية ضد المتهم في محاكم كردستان، وفي حال لم تتمكن محاكم الإقليم من نظر القضية، سيلجأ إلى محاكم بغداد، ولو لم تتمكن المحاكم الفيدرالية من إظهار المتهمين ومحاكمتهم سيلجأ إلى المحاكم الدولية»، مستدركاً أن «المتورط لو تقدم إليّ، واعترف لي بذنبه، سوف أعفو عنه، ولن أقبل أن يتعرض له أحد مهما كان حتى الاتحاد الوطني الكردستاني».
ووصل ملا بختيار إلى السليمانية يوم السبت، عائداً من ألمانيا، حيث تلقى العلاج على مدى شهر تقريباً في مستشفى متخصص ببرلين، بعدد أن ثبت تعرضه للتسميم بموجب فحوصات طبية في مستشفى الخالدية المتخصص بالعاصمة الأردنية عمان.
مصدر طبي مقرب من بختيار قال لـ«الشرق الأوسط»، إنه «تعرض لتسمم بثلاث مواد سامة هي (الإنتينيوم، والزئبق والأمونيوم)، بنسب قليلة، وبشكل تدريجي خلال شهرين تقريباً»، مبيناً أن «المستشفى قام بتصفية دمه من السموم، وصحته الآن مستقرة، ولا يوجد أي خطر على حياته».
وجاءت محاولة اغتيال القيادي ملا بختيار، بالسم في ظل ظاهرة تعرض عدد من قياديي «الاتحاد الوطني الكردستاني»، الذي أسسه الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني، للتسميم بعد الخلافات الداخلية التي عصفت بالحزب في يوليو الماضي على خلفية الخلاف بين الرئيسين المشتركين للاتحاد، بافل طالباني (نجل جلال طالباني) وابن عمه لاهور شيخ جنكي. وكان بافل طالباني أول من أعلن تعرضه للتسميم على يد ابن عمه، وأكد أن لديه الأدلة التي سيعلنها في المستقبل، ومن ثم أعلن مصدر مقرب من القيادي ومدير أمن السليمانية السابق حسن نوري، أن الأخير ظهرت عليه أعرض التسمم، وتم نقله إلى مستشفى متخصص في ألمانيا بداية أكتوبر (تشرين الأول)، حيث تلقى العلاج، واستقرت حالته الصحية وعاد إلى الوطن.
وفي محاولة لاحتواء الموقف، قررت لجنة التقييم والمتابعة في «الاتحاد الوطني الكردستاني» في بداية الشهر الحالي استبعاد شيخ جنكي وثلاثة آخرين من أعضاء القيادة، لكن شيخ جنكي رفض قرار المكتب متحججاً بأنه صدر بشكل مخالف لقواعد النظام الداخلي للحزب، إلا أن المكتب السياسي للحزب صادق على القرار بشكل نهائي.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم