العاهل الأردني يفتتح الدورة البرلمانية العادية اليوم

تناقش تعديلات الدستور وتشريعات الإصلاح السياسي

TT

العاهل الأردني يفتتح الدورة البرلمانية العادية اليوم

يفتتح العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، أعمال الدورة البرلمانية لمجلس الأمة، بغرفتيه مجلسي النواب والأعيان، بخطبة العرش، اليوم (الاثنين)، في الوقت الذي يتصدر فيه جدول أعمال الدورة مشاريع تعديلات دستورية موسعة وقانونا الأحزاب والانتخاب. وتحدثت مصادر مطلعة إلى «الشرق الأوسط» عن مضامين الخطاب الملكي الذي سيحث الحكومة ومجلس النواب على الإسراع في مهمة التعديلات الدستورية، ومناقشة وإقرار قانون الأحزاب والانتخاب الذي توافق عليهما أعضاء لجنة تحديث المنظومة السياسية (لجنة ملكية مستقلة ضمت طيفاً واسعاً من القوى السياسية)، باستحداث مقاعد مخصصة للقائمة الحزبية بنسبة 30 في المائة من مقاعد مجلس النواب، بواقع (41) مقعداً من أصل (130) مقعداً، على أن ترتفع تلك النسبة لتصل إلى 70 في المائة خلال 3 دورات نيابية، وصولاً لتطبيق مبدأ الحكومات البرلمانية مستقبلاً.
ويعقب افتتاح أعمال الدورة البرلمانية العادية، اليوم، انتخابات رئاسة مجلس النواب، بعد إعلان النائب عبد الكريم الدغمي نيته الترشح للرئاسة، في مواجهة النائب نصار القيسي، وسط حديث عن نية النائبتين تمام الرياطي وزينب البدول الترشح لكرسي الرئاسة.
وتأتي انتخابات رئاسة المجلس في أعقاب قرار لم يبرره رئيس المجلس الحالي، عبد المنعم العودات، بالانسحاب من سباق الترشح، تاركاً المنافسة بين أقدم برلماني أردني الذي سبق له رئاسة مجلس النواب عام 2012 (الدغمي)، والنائب الذي شغل موقع النائب الأول لرئيس المجلس لأكثر من دورة برلمانية (القيسي).
وفي حين نص الدستور الأردني على أن تكون مدة رئاسة مجلس النواب لعامين، فإن تعديلاً مقترحاً على الدستور نص على أن تعود مدة رئاسة مجلس النواب لعام واحد فقط، بالإضافة لمنح ثلثي أعضاء مجلس النواب صلاحيات عزل الرئيس، في حال طالب النواب باستخدام هذا الحق الدستوري المستحدث.
إلى ذلك، أعلن وزير الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة، فيصل الشبول، أن الحكومة أحالت (الأحد) مشروع تعديل الدستور الأردني لسنة 2021، ومشروع قانون الانتخاب لمجلس النواب لسنة 2021، ومشروع قانون الأحزاب السياسية لسنة 2021، إلى مجلس النواب للسير بالإجراءات الدستورية لإقرارها.
وأكد الشبول، في تصريحات لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن التشريعات التي أُحيلت هي نتاج عمل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، إضافة إلى التعديلات المقترحة من الحكومة على مشروع تعديل الدستور.
وأوضح أن مجلس الوزراء يُعد الحلقة الأولى من حلقات التشريع بموجب أحكام الدستور، وقد أقر التشريعات المقترحة المشار إليها كما وردت من اللجنة الملكية، إنفاذاً للتوجيهات الملكية التي أكدت تبني الحكومة لنتائج عمل اللجنة، وتقديمها إلى مجلس الأمة فوراً، دون أي تدخلات أو محاولات للتغيير أو التأثير.
وأضاف الشبول أن التشريعات الجديدة المقترحة تشكل بداية مرحلة جديدة من التحديث في المنظومة السياسية مع مطلع المئوية الثانية للدولة الأردنية، بإحداث تغيير جوهري في النظام الانتخابي، قوامه تصعيد العمل الحزبي، وصولاً إلى تشكيل حكومات برلمانية مستقبلاً.
واطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة من التعديلات الدستورية التي أقرتها الحكومة مؤخراً، والتي استحدثت مجلساً للأمن الوطني يخلف مجلس السياسات في الديوان الملكي، على أن يرتبط بالعاهل الأردني مباشرة، وتُناط به مسؤوليات التعامل مع سياسات الدفاع الوطني، وإقرار السياسات الرسمية الخارجية.
وفيما تضمن مشروع تعديل الدستور 26 بنداً دستورياً، فقد جرى حصر صلاحيات تعيين قائد الجيش ومديري الأجهزة الأمنية، وقاضي القضاة، ومفتي المملكة، بالعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، بالإضافة لصلاحيات الملك المنفردة في التعيين لمواقع دستورية أخرى. ويواجه مجلس النواب، مطلع دورته البرلمانية الحالية، حزمة تشريعات جدلية، في مقدمتها قانون موازنة السنة المالية المقبلة، وقانون الانتخاب بنسخته الإصلاحية بعد تخصيص 30 في المائة من مقاعده للقوائم الحزبية، على أن ترتفع تلك النسبة لتصل إلى 70 في المائة خلال 3 دورات نيابية. وارتبطت التعديلات الدستورية ذات الصفة السيادية المنوطة برأس النظام السياسي في البلاد بفرص تشكيل حكومات حزبية عبر توافقات نيابية بدءاً من مجلس النواب المقبل الذي سيخلف المجلس الحالي بعد انتخابات عام 2024، في حال استكمل المجلس الحالي مدته الدستورية، بأربع سنوات شمسية بدأت من نهاية عام 2020.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.