رئيس «حكومة الوحدة» يشترط «انتخابات نزيهة» لتسليم السلطة في ليبيا

المشري يرجّح تأجيل الاستحقاق المرتقب... والسايح ينفي انحيازه لحفتر

الدبيبة وعد بتسليم السلطة في حال إجراء انتخابات «نزيهة وتوافقية» بين جميع الأطراف السياسية (رويترز)
الدبيبة وعد بتسليم السلطة في حال إجراء انتخابات «نزيهة وتوافقية» بين جميع الأطراف السياسية (رويترز)
TT

رئيس «حكومة الوحدة» يشترط «انتخابات نزيهة» لتسليم السلطة في ليبيا

الدبيبة وعد بتسليم السلطة في حال إجراء انتخابات «نزيهة وتوافقية» بين جميع الأطراف السياسية (رويترز)
الدبيبة وعد بتسليم السلطة في حال إجراء انتخابات «نزيهة وتوافقية» بين جميع الأطراف السياسية (رويترز)

اشترطت السلطة الانتقالية في ليبيا إجراء انتخابات «نزيهة وتوافقية» قبل نهاية العام الجاري بين جميع الأطراف السياسية لتسليم السلطة في البلاد، بينما أعلن خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، احتمال تأجيل موعد الانتخابات. وقال المشري، المحسوب على السلطة الانتقالية في البلاد، إنه «من المرجح تأجيل الانتخابات، المقررة في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، إلى ثلاثة أشهر «للتوافق على قوانينها».
وأبلغ المشري وكالة «الأناضول» التركية للأنباء، أمس، أن «القضاء الإداري له صلاحيات النظر في الطعون المتعلقة بقرارات مفوضية الانتخابات»، لافتاً إلى وجود «طعون مقدمة لدى القضاء الإداري للفصل في هذه القرارات».
في غضون ذلك، أعلن عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة، في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس في ختام أعمال مؤتمر باريس، أنه «لو تمت العملية الانتخابية بشكل نزيه وتوافقي بين كل الأطراف سأسلم السلطة للجهة المنتخبة من كل الشعب الليبي»، مشيراً إلى أن ذلك الأمر «يعود إلى المفوضية العليا للانتخابات، وقد طلبنا أن تكون الانتخابات الرئاسية والنيابية بشكل متزامن وفي اليوم الذي يليه».
واعتبر الدبيبة أن مشاركته مع محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، في مؤتمر باريس أول من أمس، «تصب في هدف دعم الجهود المبذولة لإجراء الانتخابات في موعدها، واحترام نتائجها دعماً للسلام في بلادنا».
بدوره، قال المنفي إن «المجلس الرئاسي سيسلم السلطة لأول جسم منتخب، إذا استطاعت مفوضية الانتخابات (يدعم المجلس عملها) إجراء انتخابات متزامنة برلمانية ورئاسية، مع ضرورة حل النقاط الخلافية». وأضاف المنفي موضحاً أنه «لا يوجد أي اختلاف على موعد الانتخابات، فكل الليبيين متفقون على ذلك، ولكن نؤكد على صحة العمل التوافقي، وعلى اتخاذ الخطوات اللازمة لإجراء انتخابات بضمانات حقيقية يقبل بها الجميع».
واستغل المنفي اجتماعه بمقر إقامته بالعاصمة الفرنسية باريس، أمس، مع نجلاء بودن رمضان، رئيسة الحكومة التونسية، للتأكيد على أن «أهم نقطتين يمكن التركيز عليهما خلال ‏الانتخابات القادمة هما إعلان نوايا جميع الأطراف بقبول نتائجها، وتنظيمها بشكل متزامن». ونقل عن بودن دعم بلادها الكامل ليبيا، وللانتخابات المقبلة، وأنهما ناقشا «عدداً من الملفات ذات الاهتمام المشترك، لا سيما ملف الانتخابات، والملف الاقتصادي، بالإضافة إلى مخرجات مؤتمر باريس».
من جهته، أوضح المنفي أنه «وضع رئيسة الحكومة التونسية في صورة الخطوات، التي اتخذها المجلس الرئاسي لضمان سير العملية الانتخابية بشكل نزيه ومتزامن، يخدم طموحات الشعب الليبي».
في سياق ذلك، نفى عماد السايح، رئيس المفوضية العليا للانتخابات، «تسلمها ما يفيد بضرورة توقف العملية الانتخابية إلى أن يحدث توافق»، وأكد لوسائل إعلام محلية أن الانتخابات «ستُجرى في موعدها»، معتبراً أنه «لا مجال للتأخير حتى لو عدلت القوانين من البرلمان». كما نفى السايح مزاعم رددها، أول من أمس، رئيس الهيئة البرقاوية، عبد الحميد الكزة، اتهمه فيها بالانحياز للمشير خليفة حفتر، الذي تقاعد من منصبه مؤقتاً كقائد عام للجيش الوطني المتمركز في شرق البلاد، استعداداً لخوض الانتخابات.
وزعم الكزة أن السايح تمنى في مقابلة بينهما أن يكون حفتر رئيس ليبيا المقبل، لافتاً إلى أنه لا يعرفه.
وطبقاً لأحدث إحصائية قدمتها المفوضية، فقد بلغ عدد المرشحين للانتخابات البرلمانية «415 مرشحاً على مستوى ليبيا»، بينما تقدم حتى مساء أمس مرشح واحد فقط للانتخابات الرئاسية، وتم قبول أوراقه في مكتب الإدارة الانتخابية بالعاصمة طرابلس.
إلى ذلك، أكد ريتشارد نورلاند، سفير أميركا لدى ليبيا، ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها دون أي جدل. وقال، في تصريحات تلفزيونية، أمس، إنه «لن يكون هناك عفو أو تسامح لمن يفكرون في عرقلة الانتخابات». لكنه لفت في المقابل إلى أن التعديلات الفنية والقانونية على قوانين الانتخابات «يجب أن تُجرى بتوافق بين القادة الليبيين»، معلناً عن وجود ما وصفه بـ«خطة واضحة لإخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب قبل الانتخابات وبعدها».



«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
TT

«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)

تثير تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، مخاوف مصرية من تفكك البلاد، التي تعاني من حرب داخلية اندلعت قبل نحو عام ونصف العام، وشردت الملايين. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن «بلاده مع استقرار السودان ومع بسط سيادته على كل الأراضي السودانية»، مشيراً إلى أن «هذا أمر ثابت في السياسة الخارجية المصرية ولا يمكن أن تتزحزح عنه».

واعتبر وزير الخارجية، في مؤتمر صحافي مشترك، مع المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا سويتشا، «تشكيل أي أطر موازية قد تؤدي إلى تفكك الدولة السودانية خطاً أحمر بالنسبة لمصر ومرفوضاً تماماً»، مضيفاً: «ندعم الشرعية. ندعم مؤسسات الدولة السودانية، وندعم الدولة، لا ندعم أشخاصاً بأعينهم».

ويرى خبراء ومراقبون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف السياسي المصري الداعم بقوة لمؤسسات الدولة، والرافض لتشكيل أي أطر موازية، هدفه حماية السودان من التمزق، لكنه يظل رهن تباينات إقليمية تعقد حل الأزمة.

ويمهد توقيع «قوات الدعم السريع» وحركات مسلحة وقوى سياسية ومدنية متحالفة معها بنيروبي، الأسبوع الماضي، على «الميثاق التأسيسي»، الطريق لإعلان حكومة أخرى موازية في السودان، في مواجهة الحكومة التي يقودها رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من القاهرة، قبل أيام، عدَّ وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، أن تحرك تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة قوات «الدعم السريع» لا يحظى باعتراف دولي، مشيراً إلى أن «دولاً إقليمية ودولية تدعم موقف بلاده في هذه القضية».

وجددت مصر، الأحد، رفضها مساعي تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، ووصفت الخارجية المصرية، في بيان رسمي، الأحد، ذلك، بأنه «محاولة تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان».

وأضاف البيان أن تشكيل حكومة سودانية موازية «يُعقد المشهد في السودان، ويعوق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية»، فيما طالبت كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط في إطلاق عملية سياسية شاملة دون إقصاء أو تدخلات خارجية.

وحسب الوزير المصري عبد العاطي، فإن «مصر على تواصل مع كل الأطراف المعنية لنقل وجهه نظرها وموقفها الواضح والثابت»، وأضاف: «بالتأكيد نحن مع السودان كدولة، ومع السودان كمؤسسات، ومع السودان بطبيعة الحال لفرض سيادته وسيطرته على كل الأراضي السودانية».

وتستهدف مصر من رفض مسار الحكومة الموازية «دعم المؤسسات الوطنية في السودان، حفاظاً على وحدته واستقراره، وسلامته الإقليمية»، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تعمل على حشد الدعم الدولي والإقليمي لوقف الحرب ونفاذ المساعدات الإنسانية، ووضع خطط لإعادة الإعمار».

وتنظر القاهرة لحكومة بورتسودان باعتبارها الممثل الشرعي للسودان، والمعترف بها دولياً، وفق حليمة، ودلل على ذلك بـ«دعوة رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، للأمم المتحدة، وزيارة دول مختلفة، كممثل شرعي عن بلاده».

وترأس البرهان وفد السودان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويعتقد حليمة أن إجهاض مساعي «الحكومة الموازية» لن يتحقق سوى بـ«التوافق على مسار سياسي، من خلال حوار سوداني - سوداني، تشارك فيه كل الأطراف، ويفضي لتشكيل حكومة مدنية مستقلة لفترة انتقالية»، وطالب بالبناء على مبادرة مصر باستضافة مؤتمر للقوى السياسية السودانية العام الماضي.

وجمعت القاهرة، في شهر يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، في مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاث ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».

في المقابل، يرى المحلل السياسي السوداني، عبد المنعم أبو إدريس، أن «التحركات المصرية تواجه تحديات معقدة، بسبب دعم دول إقليمية مؤثرة للقوى الساعية لتشكيل حكومة موازية، في مقدمتها (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أن «الموقف المصري مرهون بقدرتها على تجاوز الرفض الدبلوماسي، وقيادة تحركات مع الفرقاء السودانيين وحلفائها في الإقليم».

ويعتقد أبو إدريس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن اختراق القاهرة لأزمة «الحكومة الموازية»، «لن يكون سهلاً، في ضوء تأثير الجهات الدولية والأطراف الداعمة للقوى السودانية التي تقف خلف هذه الحكومة»، وقال إن «مصر تخشى أن تقود تلك التحركات إلى انفصال جديد في السودان، ما يمثل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية».

ورغم هذه الصعوبات، يرى القيادي بالكتلة الديمقراطية السودانية، مبارك أردول، أن الموقف المصري مهم في مواجهة الأطراف الإقليمية الداعمة لمسار الحكومة الموازية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رفض القاهرة يؤكد أن السودان لا يقف وحده في هذه الأزمة»، وأن «هناك أطرافاً إقليمية داعمة لوحدة واستقرار السودان».

وتعتقد مديرة وحدة أفريقيا في «مركز الأهرام للدراسات السياسية»، أماني الطويل، أن «المواقف الرافضة لهذه الحكومة، التي صدرت من مصر والأمم المتحدة ودول أخرى، يمكن أن تُضعف من الاعتراف الدولي والإقليمي للحكومة الموازية، دون أن تلغيها».

وباعتقاد الطويل، «سيستمر مسار الحكومة الموازية بسبب رغبة شركات عالمية في الاستفادة من موارد السودان، ولن يتحقق لها ذلك إلا في وجود سلطة هشّة في السودان»، وقالت: «الإجهاض الحقيقي لتلك التحركات يعتمد على التفاعلات الداخلية بالسودان، أكثر من الموقف الدولي، خصوصاً قدرة الجيش السوداني على استعادة كامل الأراضي التي تسيطر عليها (الدعم السريع) وخصوصاً دارفور».