الحياة البرية في الصين... أوبئة «يُنتظر حدوثها»

حيوانات الزباد في سوق للحيوانات البرية في غوانزو عام 2004 (أ.ب)
حيوانات الزباد في سوق للحيوانات البرية في غوانزو عام 2004 (أ.ب)
TT

الحياة البرية في الصين... أوبئة «يُنتظر حدوثها»

حيوانات الزباد في سوق للحيوانات البرية في غوانزو عام 2004 (أ.ب)
حيوانات الزباد في سوق للحيوانات البرية في غوانزو عام 2004 (أ.ب)

ارتبطت أنواع الحياة البرية المبيعة في الأسواق بالصين بظهور فيروس «كورونا». والآن، وجد مسح شامل لمسببات الأمراض الفيروسية أن هذه الحيوانات تؤوي مجموعة من الأمراض التي تهدد البشر والحيوانات الأخرى، وفقاً لوكالة «بلومبرغ».
وحددت دراسة أجريت على أكثر من اثني عشر نوعاً من حيوانات الصيد التي يتم تداولها وبيعها واستهلاكها بشكل شائع كطعام غريب في الصين، 71 من الفيروسات المرتبطة بالثدييات، بما في ذلك 18 نوعاً «يحتمل أن تكون عالية الخطورة» على البشر والحيوانات الأليفة. وبحسب البحث الذي صدر أمس (الجمعة)، حملت حيوانات الزباد، وهي الحيوانات آكلة اللحوم التي تشبه القطط، المتورطة في انتشار فيروس الجهاز التنفسي الحاد في الأسواق بجنوب الصين منذ ما يقرب من 20 عاماً، أكثر الميكروبات إثارة للقلق.
رغم أن المؤلفين في الصين والولايات المتحدة وبلجيكا وأستراليا لم يعثروا على أي شيء يشبه «كورونا»، فقد أظهروا أن السلالات التي تحملها الخفافيش تنتقل عبر حاجز الأنواع لإصابة الآخرين والحيوانات في الأحداث غير المباشرة التي تخاطر بظهور جائحات خطيرة. ووجدوا أيضاً أن بعض الحيوانات مصابة بالفيروسات التي كان يعتقد سابقاً أنها موجودة فقط في البشر.

وقال المؤلف المشارك في الدراسة، إدوارد هولمز عالم الأحياء التطورية بجامعة سيدني، في رسالة بالبريد الإلكتروني: «تسلط هذه الدراسة الضوء على السبب الذي يجعل تجارة الحياة البرية وأسواق الحيوانات الحية حادثاً وبائياً ينتظر حدوثه... توضح هذه الورقة أيضاً أن البشر ينقلون فيروساتهم بانتظام إلى حيوانات أخرى. من الواضح أن هناك حركة مرور ثنائية الاتجاه للفيروسات».
*التهديدات المستقبلية
تظهر الدراسة، التي يدعمها البرنامج الوطني للبحث والتطوير في الصين وآخرون، الالتزام بالبحث عن تهديدات الوباء في المستقبل.
يعد التحقيق الشامل في تنوع ووفرة الفيروسات المرتبطة بالفقاريات في الحيوانات المبيعة بالصين أول من يقيم الأنواع التي لديها أكبر احتمالية لحمل الفيروسات التي قد تتسبب في تفشي الأمراض والأوبئة.
لا يزال يتعين على العلماء تحديد أصل فيروس «كورونا». وتلازم الجدل المرتبط بنشأته حول فكرتين متنافستين: هروب الفيروس من مختبر أو انتقاله من الحيوانات. تدعم الدراسات الخاصة بفيروسات كورونا، بما في ذلك في الخفافيش التي تعيش في كهوف بشمال لاوس وكمبوديا، الفرضية الثانية، خاصةً أن الحيوانات الحية المعرضة للإصابة بالعدوى معروفة ببيعها في الأسواق في ووهان، المدينة الصينية حيث تم الكشف عن حالات «كورونا» الأولى.

ويتم تداول أنواع الحياة البرية التي يتم التقاطها في موائلها الطبيعية أو التي يتم تربيتها في المزارع بشكل قانوني وغير قانوني في جميع أنحاء العالم لتلبية الطلب على الغذاء والفراء والأدوية التقليدية والحيوانات الأليفة الغريبة ومعارض حدائق الحيوان. كانت قيمة السوق في الصين تقدر بنحو 520 مليار يوان (82 مليار دولار) في عام 2016.
وحظرت الصين التجارة بعد ظهور «كوفيد - 19»، كما منعت الحكومة لاحقاً الاستهلاك البشري للحيوانات البرية. أدركت هذه الخطوة، في أوائل عام 2020، أن الظروف الصحية السيئة والاتصال الوثيق بين الحيوانات والبشر، فضلاً عن المزيج الواسع من الأنواع داخل أسواق الحيوانات الحية والمطاعم التي تخدمها، تخلق أرضاً خصبة مثالية للأمراض المعدية الناشئة.


مقالات ذات صلة

دراسة تربط الخيول بإمكانية ظهور وباء جديد... ما القصة؟

يوميات الشرق طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)

دراسة تربط الخيول بإمكانية ظهور وباء جديد... ما القصة؟

كشف بحث جديد أنه يمكن لفيروس إنفلونزا الطيور أن يصيب الخيول دون أن يسبب أي أعراض، مما يثير المخاوف من أن الفيروس قد ينتشر دون أن يتم اكتشافه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق دب قطبي (أرشيفية - رويترز)

رجل كندي يهاجم دباً قطبياً دفاعاً عن زوجته

قالت الشرطة إن رجلاً في أقصى شمال كندا قفز على دب قطبي لحماية زوجته من التعرض للهجوم. وأُصيب الرجل، الذي لم يذكر اسمه، بجروح خطيرة لكن من المتوقع أن يتعافى.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
يوميات الشرق العلماء الدوليون ألكسندر ويرث (من اليسار) وجوي ريدنبرغ ومايكل دينك يدرسون حوتاً ذكراً ذا أسنان مجرفية قبل تشريحه في مركز إنفيرماي الزراعي «موسغيل» بالقرب من دنيدن بنيوزيلندا 2 ديسمبر 2024 (أ.ب)

علماء يحاولون كشف لغز الحوت الأندر في العالم

يجري علماء دراسة عن أندر حوت في العالم لم يتم رصد سوى سبعة من نوعه على الإطلاق، وتتمحور حول حوت مجرفي وصل نافقاً مؤخراً إلى أحد شواطئ نيوزيلندا.

«الشرق الأوسط» (ويلنغتون (نيوزيلندا))
يوميات الشرق صورة تعبيرية لديناصورين في  بداية العصر الجوراسي (أ.ب)

أمعاء الديناصورات تكشف كيفية هيمنتها على عالم الحيوانات

أظهرت دراسة حديثة أن عيَّنات من البراز والقيء وبقايا أطعمة متحجرة في أمعاء الديناصورات توفّر مؤشرات إلى كيفية هيمنة الديناصورات على عالم الحيوانات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق يشكو وحدة الحال (أدوب ستوك)

دلفين وحيد ببحر البلطيق يتكلَّم مع نفسه!

قال العلماء إنّ الأصوات التي يصدرها الدلفين «ديل» قد تكون «إشارات عاطفية» أو أصوات تؤدّي وظائف لا علاقة لها بالتواصل.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)

عائلة سعودية تتوارث لقب «القنصل الفخري» على مدار سبعة عقود

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
TT

عائلة سعودية تتوارث لقب «القنصل الفخري» على مدار سبعة عقود

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

في حالة استثنائية تجسد عمق الالتزام والإرث الدبلوماسي، حملت أسرة بن زقر التجارية العريقة في مدينة جدة (غرب السعودية) شرف التمثيل القنصلي الفخري لجمهورية فنلندا عبر 3 أجيال متعاقبة، في مسيرة دبلوماسية وتجارية متواصلة امتدت لأكثر من 7 عقود.

بدأت القصة كما يرويها الحفيد سعيد بن زقر، في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية، عندما علم الجد سعيد بن زقر، بوجود جالية مسلمة في فنلندا تعاني من غياب مسجد يجمعهم، وهو ما دفعه إلى اتخاذ قرار بالسفر إلى هناك لبناء مسجد يخدم احتياجاتهم الدينية.

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

لكن الشيخ سعيد واجه بعض التحديات كما يقول الحفيد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، تتمثل في منع القانون الفنلندي تنفيذ المشروع في ذلك الوقت، وأضاف: «بعد تعثر بناء المسجد، تقدمت الجالية المسلمة هناك بطلب رسمي إلى الحكومة الفنلندية لتعيين الجد سعيد قنصلاً فخرياً يمثلهم، وهو ما تحقق لاحقاً بعد موافقة الحكومة السعودية على ذلك».

وفي وثيقة مؤرخة في السابع من شهر سبتمبر (أيلول) 1950، اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، تظهر موافقة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، على تعيين الشيخ سعيد بن زقر قنصلاً فخرياً لحكومة فنلندا في جدة.

وجاء في الوثيقة: «فلما كان حضرة صاحب الفخامة رئيس جمهورية فنلندا، قد عيّن بتفويض منه السيد سعيد بن زقر قنصلاً فخرياً لحكومة فنلندا في جدة، ولما كنا قد وافقنا على تعيينه بموجب ذلك التفويض، فأننا نبلغكم بإرادتنا هذه أن تتلقوا السيد سعيد بن زقر بالقبول والكرامة وتمكنوه من القيام بأعماله وتخوّلوه الحقوق المعتادة وتمنحوه المميزات المتعلقة بوظيفته».

وثيقة تعيين الجد سعيد بن زقر صادرة في عهد الملك عبد العزيز طيب الله ثراه (الشرق الأوسط)

وأضاف الحفيد سعيد، القنصل الفخري الحالي لفنلندا: «أعتقد أن جدي كان من أوائل القناصل الفخريين في جدة، حيث استمر في أداء مهامه حتى عام 1984، لينتقل المنصب بعد ذلك إلى والدي، الذي شغله حتى عام 2014، قبل أن يتم تعييني خلفاً له قنصلاً فخرياً».

وفي إجابته عن سؤال حول آلية تعيين القنصل الفخري، وما إذا كانت العملية تُعد إرثاً عائلياً، أوضح بن زقر قائلاً: «عملية التعيين تخضع لإجراءات دقيقة ومتعددة، وغالباً ما تكون معقدة، يبدأ الأمر بمقابلة سفير الدولة المعنية، يعقبها زيارة للدولة نفسها وإجراء عدد من المقابلات، قبل أن تقرر وزارة الخارجية في ذلك البلد منح الموافقة النهائية».

الأب محمد بن زقر عُين قنصلاً فخرياً على مستوى مناطق المملكة باستثناء الرياض مقر السفارة (الشرق الأوسط)

وتابع قائلاً: «منصب القنصل الفخري هو تكليف قبل أن يكون تشريفاً، حيث تلجأ بعض الدول إلى تعيين قناصل فخريين بدلاً من افتتاح قنصلية رسمية، لتجنب الأعباء المالية، وعادةً ما يتحمل القنصل الفخري كل التكاليف المترتبة على أداء مهامه».

ووفقاً للأعراف الدبلوماسية فإن لقب القنصل الفخري، هو شخص من مواطني الدولة الموفد إليها، بحيث تكلفه الدولة الموفِدة التي لا توجد لديها تمثيل دبلوماسي بوظائف قنصلية إضافة إلى عمله الاعتيادي الذي عادة ما يكون متصلاً بالتجارة والاقتصاد.

يسعى الحفيد سعيد بن زقر إلى مواصلة إرث عائلته العريق في تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين السعودية وفنلندا، والارتقاء بها إلى مستويات متقدمة في شتى المجالات. يقول بن زقر: «منذ تعييني في عام 2014، حرصت على تأسيس شركات وإيجاد فرص استثمارية في فنلندا، خصوصاً في مجالات تكنولوجيا الغذاء والوصفات الصناعية، إذ تتميز فنلندا بعقول هندسية من الطراز الأول، وهو ما يفتح آفاقاً واسعة للتعاون والابتكار».

الحفيد سعيد بن زقر القنصل الفخري الحالي لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

ويرى القنصل الفخري لجمهورية فنلندا أن هناك انفتاحاً سعودياً ملحوظاً على دول شمال أوروبا، ومن بينها فنلندا، وأوضح قائلاً: «تتركز الجهود بشكل كبير على شركات التعدين الفنلندية التي تُعد من بين الأكثر تقدماً في العالم، إلى جانب وجود فرص واعدة لم تُستغل بعدُ في مجالات صناعة السيارات، والطائرات، والصناعات الدفاعية».

وفي ختام حديثه، أشار سعيد بن زقر إلى أن القنصل الفخري لا يتمتع بجواز دبلوماسي أو حصانة دبلوماسية، وإنما تُمنح له بطاقة تحمل مسمى «قنصل فخري» صادرة عن وزارة الخارجية، وبيّن أن هذه البطاقة تهدف إلى تسهيل أداء مهامه بما يتوافق مع لوائح وزارة الخارجية والأنظمة المعتمدة للقناصل الفخريين بشكل رسمي.