هدوء الاحتجاجات في عقارب التونسية بعد «وعود رئاسية» بحل الأزمة البيئية

محتج وسط دخان متصاعد من قنابل مسيلة للدموع أطلقتها قوات الأمن في عقارب يوم الخميس (أ.ف.ب)
محتج وسط دخان متصاعد من قنابل مسيلة للدموع أطلقتها قوات الأمن في عقارب يوم الخميس (أ.ف.ب)
TT

هدوء الاحتجاجات في عقارب التونسية بعد «وعود رئاسية» بحل الأزمة البيئية

محتج وسط دخان متصاعد من قنابل مسيلة للدموع أطلقتها قوات الأمن في عقارب يوم الخميس (أ.ف.ب)
محتج وسط دخان متصاعد من قنابل مسيلة للدموع أطلقتها قوات الأمن في عقارب يوم الخميس (أ.ف.ب)

شهدت الاحتجاجات الاجتماعية في مدينة عقارب بصفاقس (وسط شرقي تونس) تهدئة ملحوظة، إذ عادت الحياة أمس إلى طبيعتها، وسط ترقب حذر لما سيؤول إليه تدخل الرئيس التونسي قيس سعيد لحل الأزمة البيئية في المنطقة. واستقبل سعيد ممثلين عن مدينة عقارب، مقدماً مجموعة من الوعود الرئاسية، ومتعهداً بعقد جلسة ثانية مع ممثلي المحتجين خلال ثلاثة أيام على أقصى تقدير.
وتعد هذه الاحتجاجات «اختباراً» لمدى قدرة مؤسسة الرئاسة التونسية على تجاوز الأزمة الاجتماعية التي تعرفها مناطق عدة من تونس، من بينها مدينة عقارب، وكذلك تهديد شباب منطقة الكامور بولاية (محافظة) تطاوين بالعودة للاعتصام في مناطق إنتاج النفط وسط شرقي تونس. وكان الرئيس التونسي قد شدد، خلال استقباله شباناً من مدينة عقارب، على وحدة الدولة التونسية، وعلى أهمية وعي الجميع بالمخاطر التي تعيشها تونس، داعياً إلى ضرورة الانتباه إلى كل من يسعى إلى «تأجيج الأوضاع».
وتضمنت الوعود الرئاسية إيقاف العنف ضد المحتجين، وانسحاب قوات الأمن من مكب «القنة»، والنظر في إطلاق سراح الموقوفين بالتنسيق مع وزارة الداخلية، وفتح تحقيق في وفاة عبد الرزاق الأشهب وإعادة فتح تحقيق في وفاة آمال بن إبراهيم، ومحاسبة كل المذنبين والذين تجاوزوا القانون في حق المنطقة، وتجهيز مستشفى مدينة عقارب من قبل الصحة العسكرية. ووعد الرئيس سعيد بعقد جلسة ثانية في غضون يومين اثنين أو ثلاثة أيام بقصر قرطاج بحضور وزيرة البيئة لإيجاد حل جذري لمشكلة النفايات في صفاقس ومكب «القنة» بمنطقة عقارب. يذكر أن مدينة عقارب قد شهدت من الاثنين إلى الخميس مواجهات حادة بين قوات الأمن ومحتجين على مواصلة استغلال مكب للفضلات في المنطقة بعد أن تم غلقه بقرار قضائي منذ شهر ديسمبر (كانون الأول) من السنة الماضية. وأدت المواجهات إلى حرق مركز للحرس الوطني، وإحراق 12 سيارة كانت محجوزة بالمستودع البلدي، وإيقاف خمسة محتجين، علاوة على وفاة مثيرة للشكوك للشاب التونسي عبد الرزاق الأشهب.
في غضون ذلك، قضت الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الفساد المالي بالقطب القضائي المالي بالعاصمة التونسية، بإيقاف المحاكمة بموجب قانون المصالحة الإدارية في حق كل من وزير الفلاحة السابق عبد السلام منصور، وزهير المظفر وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية السابق إبان عهد الرئيس التونسي السابق بن علي.
كما قضت المحكمة بالسجن لمدة سنتين مع تأجيل التنفيذ في حق مستثمر وحفظ التهمة في حق الرئيس الراحل بن علي بموجب الوفاة، وذلك في قضية تعلقت بالتفويت في ضيعة فلاحية مساحتها أكثر من 100 هكتار بجهة نابل (شمال شرقي تونس) تابعة للدولة لفائدة المستثمر المذكور بتدخل من الرئيس الراحل دون احترام القانون والإجراءات المعمول بها قانونياً وإقصاء بقية المنافسين.
على صعيد آخر، نفذ الأساتذة والمعلمون أمس إضراباً عن العمل ليوم واحد في مختلف المؤسسات التربوية التونسية، وذلك «دفاعاً عن حرمة المؤسسة التربوية والإطار العامل فيها وللمطالبة بسن قانون يحمي المؤسسة والإطار التربوي». وجاء الإضراب بعد أيام من الاعتداء على أحد المدرسين، رغم معارضة الهيئة الوطنية الإدارية للاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) التي ترجع لها نقابات التعليم بالنظر. وفي هذا الشأن، قال فخري السميطي، الرئيس المساعد لجامعة التعليم الثانوي، إن الإضراب كان ناجحاً بلغ في العديد من المناطق 100 في المائة، واستجابت له العديد من قطاعات التربية، معتبراً أن أسبابه «منطقية» حيث إن «الوضع قاهر وضاغط»، على حد تعبيره. وبشأن عدم استجابتهم لدعوة اتحاد الشغل (نقابة العمال) بإلغاء الإضراب وإن كان ذلك يعتبر تمرداً على المركزية النقابية، قال السميطي: «نحن منسجمون داخل المنظمة لكن لدينا استحقاقات قطاعية وقد تختلف مقاربة المكتب التنفيذي للاتحاد عن مقاربة النقابة العامة للتعليم الممسكة بالجمر»، وهو مجرد «خلاف في وجهات النظر».
يذكر أن اتحاد الشغل كان قد دعا الموظفين في أسلاك التربية والتعليم إلى مواصلة عملهم بصفة عادية يوم أمس (الجمعة)، مؤكداً دعمه المتواصل لكافة مطالب مختلف هذه الأسلاك وتمسكه بسن قانون يجرم الاعتداءات على المؤسسات التربوية والعاملين فيها والإصلاح العاجل للمنظومة التربوية. ويرى مراقبون أن الخلاف الظاهر يخفي صراعاً نقابياً برز على السطح قبل موعد عقد مؤتمر انتخابي لاتحاد الشغل، حيث اعترض لسعد اليعقوبي، رئيس نقابة التعليم الثانوي، على تغيير النظام الداخلي للاتحاد لصالح التمديد في دورات الرئاسة والاكتفاء بدورتين فحسب، وهو ما يتعارض مع رغبة نور الدين الطبوبي، رئيس نقابة العمال (اتحاد الشغل)، في الترشح من جديد.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.