عمال النظافة في صنعاء يتأهبون للإضراب احتجاجاً على «نهب رواتبهم»

وسط تحذيرات من كارثة بيئية تهدد صحة ملايين السكان

TT

عمال النظافة في صنعاء يتأهبون للإضراب احتجاجاً على «نهب رواتبهم»

أفادت مصادر يمنية مطلعة بأن العاصمة المختطفة صنعاء يتهددها في قادم الأيام كارثة بيئية وصحية محتملة بسبب اعتزام نحو 6600 موظف وعامل نظافة تنفيذ إضراب جزئي ثم شامل يستمر 15 يوماً احتجاجاً على عدم تلقيهم رواتبهم ونهب الميليشيات الحوثية مستحقاتهم.
وكشف سكان في مناطق وأحياء عدة بصنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، عن أنه تم إبلاغهم من عمال النظافة قبل أيام بعدم إخراج المخلفات من منازلهم كونهم لن يمروا لأخذها حال تلقيهم التعليمات النقابية بالشروع بتنفيذ عملية الإضراب.
وأشار عدد من السكان إلى أن عمالاً وسائقي مركبات نقل مخلفات نصحوهم بإيجاد بدائل أخرى للتخلص من نفايات منازلهم وعدم انتظار قدومهم لأخذها في الأيام المقبلة.
وعلى وقع التلويح بالإضراب يخشى سكان صنعاء الذين يتجاوز عددهم 4 ملايين ملايين نسمة -وفق تقديرات غير رسمية- من أن يؤدي الإضراب حال وقوعه وتدهور أوضاع النظافة إلى توفير بيئة خصبة لتفشي الأوبئة والأمراض المختلفة، خصوصاً في ظل المخاوف من تفشي متحورات جديدة لفيروس «كوفيد – 19».
وأوضح السكان أن بعض الشوارع والحارات بالمدينة تشهد في الوقت الحالي وقبيل بدء تنفيذ العمال للإضراب تكدساً لأكوام القمامة، وتساءل بعضهم: «كيف سيكون الوضع في حال استمر إهمال وتجاهل الميليشيات المتعمد وعدم صرفها لمستحقات العاملين بصندوق النظافة مع تهديد العمال بتنفيذ أولى خطوات الإضراب والتصعيد؟».
من جهتهم، اتهم عاملون بصندوق نظافة العاصمة صنعاء قيادات حوثية بارزة بممارسة جرائم فساد وتلاعب ونهب منظم لملايين الريالات من ريع الصندوق وتسخيرها لصالح الميليشيات وخدمة مشاريعها وحروبها العبثية ضد اليمنيين.
وأفاد البعض منهم لـ«الشرق الأوسط»، بعد أن اشترطوا عدم نشر معلوماتهم، بأنهم لا يزالون في ظل استمرار سيطرة وإدارة الانقلابيين لمؤسسات الدولة بما فيها الصناديق الإيرادية في صنعاء وبعض المحافظات يعانون والآلاف من أسرهم وأطفالهم من فاقة وحرمان وأزمات اقتصادية ومعيشية صعبة.
ولفتوا إلى أن تلك الأوجاع التي يكابدها نحو 3 آلاف و365 عامل نظافة متعاقداً و3 آلاف و235 موظف نظافة رسمياً في صندوق نظافة صنعاء العاصمة تأتي في وقت تتواصل فيه إيرادات الصندوق بالارتفاع، إذ يعد من أكثر الصناديق إيراداً في العاصمة، غير أن قيادات الجماعة هي المتحكم الوحيد به وتتعمد كل مرة حرمانهم من الحصول على أبسط حقوقهم المعيشية والمادية.
وتطرق العاملون إلى صراعهم المرير مع الانقطاع شبه التام للراتب والمستحقات، وأكدوا لـ«الشرق الأوسط» أن معاناتهم والكثير من زملائهم العاملين بصناديق المدن تحت سيطرة الجماعة كانت ولا تزال مستمرة ومتعددة الأوجه والأشكال، بما في ذلك تعرض رواتبهم للاستقطاع من قبل الجماعة.
وعلى صعيد متصل، حذّر مراقبون محليون من الكوارث البيئية والصحية التي قد يخلّفها توجه العاملين في صندوق النظافة والتحسين بصنعاء صوب تنفيذ الإضراب الجزئي والشامل عن العمل نتيجة نهب الانقلابيين مستحقاتهم.
وحمّلوا الجماعة المسؤولية الكاملة حيال أي تداعيات بيئية وصحية قد يتعرض لها الملايين من سكان صنعاء.
وفي سياق الموضوع نفسه أفصحت مصادر محلية في صنعاء عن أن الجماعة عمدت طيلة فترات ماضية، بحجة عدم توفر السيولة، إلى حرمان آلاف الموظفين وعمال النظافة بكلٍّ من العاصمة وريفها ومدن إب والمحويت وريمة وذمار وحجة وغيرها من الحصول على مستحقاتهم.
وأشارت المصادر إلى أن الميليشيات لا تزال لديها الإمكانية والقدرة الكاملة على صرف رواتب جميع موظفي الدولة بمختلف قطاعاتها ولأشهر طويلة فقط من المبالغ الضخمة التي نهبتها طيلة سنوات جراء الجبايات والإتاوات وتحت مسميات متنوعة.
ومع تصاعد أعمال الفساد والنهب الحوثي للموارد، زعمت وسائل إعلام الجماعة أن قادتها المعينين لإدارة صندوق النظافة في ريف صنعاء وقّعوا عقوداً لشراء معدات بقيمة 936 ألف دولار لصالح الصندوق (الدولار نحو 600 ريال في مناطق سيطرة الميليشيات).
وذكرت وكالة «سبأ» بنسختها الحوثية أن تلك الصفقة التي وصفها مراقبون بـ«المشبوهة» تأتي تنفيذاً لتوجيهات صادرة عن رئيس مجلس حكم الانقلاب مهدي المشاط.


مقالات ذات صلة

​«الكوليرا» يتفشّى بشكل «مخيف» في مناطق سيطرة الحوثيين

العالم العربي بفضل الدعم المقدم من مركز الملك سلمان للإغاثة حققت الصحة العالمية نجاحات كبيرة في اليمن (الأمم المتحدة)

​«الكوليرا» يتفشّى بشكل «مخيف» في مناطق سيطرة الحوثيين

كشفت منظمة الصحة العالمية عن انتشار مخيف لوباء الكوليرا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بشمال اليمن وقالت إن عدد الإصابات المسجلة تقترب من 100 ألف حالة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي من اجتماع سابق لمجلس القيادة الرئاسي اليمني (سبأ)

حوار غروندبرغ الاقتصادي... غضب يمني ومرونة رئاسية ورفض حوثي

أظهر مجلس القيادة الرئاسي اليمني مرونة إزاء طلب المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، وقف تدابير البنك المركزي في عدن والانخراط في حوار اقتصادي، بينما رفض الحوثيون.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي جانب من استعراض حوثي مسلح في صنعاء (أ.ف.ب)

مقتل وإصابة 8 مدنيين بينهم أطفال جنوب تعز بقصف حوثي

قُتل وأصيب 8 مدنيين، بينهم أطفال جراء قصف للميليشيات الحوثية الإرهابية استهدف منطقة الشقب في مديرية الموادم جنوب محافظة تعز اليمنية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص القائم بأعمال السفارة الصينية لدى اليمن (تصوير بشير صالح) play-circle 01:15

خاص الصين تدعم الشرعية وتتحدث مع الحوثيين وترفض هجماتهم البحرية

أكد شاو تشنغ، القائم بأعمال السفير الصيني لدى اليمن، في حوار موسع مع «الشرق الأوسط» أن لدى الصين تواصلاً مع جماعة الحوثيين، ودعا لوقف الهجمات البحرية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي وفد الحكومة اليمنية وفريق التفاوض المشترك لدول التحالف الخاص بملف المحتجزين والمخفيين قسراً (الشرق الأوسط)

مسؤول يمني يتهم الحوثيين بعرقلة صفقة تبادل الأسرى في مشاورات مسقط

اتهم مصدر يمني مسؤول الحوثيين بإفشال جولة التفاوض حول تبادل الأسرى التي أسدل ستارها، السبت، من دون التوصل لاتفاق بين الطرفين.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

​مظاهرات يمنية تؤيد الإصلاحات المصرفية وترفض التدخلات الأممية

في تعز خرج آلاف اليمنيين لتأييد قرارات البنك المركزي ورفض الوساطات الأممية لإلغائها (إعلام محلي)
في تعز خرج آلاف اليمنيين لتأييد قرارات البنك المركزي ورفض الوساطات الأممية لإلغائها (إعلام محلي)
TT

​مظاهرات يمنية تؤيد الإصلاحات المصرفية وترفض التدخلات الأممية

في تعز خرج آلاف اليمنيين لتأييد قرارات البنك المركزي ورفض الوساطات الأممية لإلغائها (إعلام محلي)
في تعز خرج آلاف اليمنيين لتأييد قرارات البنك المركزي ورفض الوساطات الأممية لإلغائها (إعلام محلي)

شهد عدد من المدن اليمنية مظاهرات مؤيدة للقرارات الحكومية الخاصة بالإصلاحات الاقتصادية والسيطرة على القطاع المصرفي، التي ضيقت الخناق الاقتصادي على الجماعة الحوثية، في وقت حذر فيه البنك المركزي من تهديد الجماعة للقطاع المصرفي، وممارساتها التعسفية بحق البنوك لإغلاق فروعها في مدن تحت سيطرة الحكومة.

وخرجت مظاهرات شعبية واسعة في كل من تعز ومأرب والخوخة، دعت الحكومة اليمنية إلى المضي في القرارات الاقتصادية بحق البنوك المخالفة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، والتمسك بالسيادة الوطنية، وعدم الرضوخ للضغوط الأممية لإلغاء تلك القرارات، أو تأجيلها تحت مبررات تجنيب الاقتصاد اليمني الضرر، وعدم إفساد معيشة البسطاء.

نساء بتعز يشاركن في مظاهرات تأييد قرارات البنك المركزي اليمني (إكس)

ففي تعز (جنوب غرب) نبه المتظاهرون مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ إلى أن إنقاذ اقتصاد البلاد لن يتم إلا بإعادة تصدير النفط وتوحيد العملة والسياسة النقدية ودفع مرتبات الموظفين العموميين كافة، واستعادة مؤسسات الدولة من الانقلابيين، معربين عن رفضهم لمساعيه التي اتهموها بتقويض السلطة الشرعية.

وفي محافظة الحديدة (غرب) خرج الآلاف من سكان مدينتي الخوخة وحيس الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية إلى الشوارع دعماً لقرارات البنك المركزي، ورفضاً لوساطة المبعوث الأممي، رافعين شعارات ترفض التراجع عنها على اعتبار، إن حدث، أنه سيكون خطأً تاريخياً، واستغربوا من تجاهل غروندبرغ تسخير الجماعة الحوثية أموال البنك المركزي وإيرادات مختلف المؤسسات لمجهودها الحربي.

متظاهرون يعلنون تأييدهم لمحافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب (إعلام محلي)

وجاءت المظاهرات تلبية لدعوة الأحزاب والقوى السياسية والمكونات الشبابية والنقابية، لإظهار الدعم الشعبي للموقف السياسي والعسكري لمجلس القيادة الرئاسي، وتضامن مكونات المجتمع مع قرارات البنك المركزي الأخيرة التي تهدف إلى تحسين الوضع الاقتصادي للبلاد، وعقب دعوة المبعوث الأممي لمجلس القيادة الرئاسي لتأجيل تنفيذ تلك القرارات، بهدف إجراء مفاوضات بشأن الملف الاقتصادي.

وتلقى مجلس القيادة الرئاسي خلال الأيام الماضية رسالة من المبعوث الأممي إلى اليمن، يطلب فيها تأجيل تنفيذ قرارات البنك المركزي بعدن، والدعوة لحوار بين الحكومة الشرعية والجماعة الحوثية لمناقشة الملف الاقتصادي، ووضع البنوك التجارية المخالفة.

بنوك تحت الضغط

وشدّدت المظاهرات على عدم التراجع عن قرارات البنك المركزي اليمني في عدن أو تأجيلها مهما كانت الضغوط، كونها تعبر عن تطلعات الإرادة الشعبية لإيقاف انهيار العملة الوطنية، وانتشال الاقتصاد من وضعه المتردي.

من جهته، أدان البنك المركزي اليمني بشدة الممارسات التعسفية التي تمارسها الجماعة الحوثية ضد القطاع المصرفي الوطني، خصوصاً البنوك التجارية والإسلامية وبنوك التمويل الأصغر، محذراً من استخدامها وسائل الضغط والإكراه لإجبار هذه البنوك على إغلاق فروعها وتجميد أعمالها، وتجاوز القوانين والأعراف المصرفية.

وجاءت تحذيرات البنك المركزي اليمني عقب إغلاق عدد من البنوك والمصارف الخاصة، والمشمولة بالعقوبات التي أقرها في قراراته الأخيرة، أبواب فروعها أمام عملائها في مدينتي مأرب وتعز، قبل أن تجبرها قوات أمنية على إعادة فتحها.

واتهم البنك المركزي الجماعة الحوثية بإجبار البنوك على إغلاق فروعها في المدن الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، بضغوط على إداراتها الرئيسية في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة.

وشدّد على أن تلك الممارسات تكشف عن تغول الجماعة على هذا القطاع الحيوي، وعجز إدارات البنوك عن مقاومة هذه الضغوط، مما يعرضها لإجراءات قانونية صارمة، مشيراً إلى أن استمرار هذه الانتهاكات يحرم المواطنين من مدخراتهم ويعقد سبل معيشتهم، داعياً إدارات البنوك إلى الالتزام بضوابط العمل المصرفي وعدم الرضوخ لضغوط الجماعة.

وطمأن البنك جمهور المتعاملين مع تلك البنوك باستمرار فروعها في ممارسة أعمالها في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية كالمعتاد.

رفض حوثي للحوار

وتضمنت القرارات الأخيرة لمحافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب المعبقي إلغاء تراخيص البنوك المخالفة، ومخاطبة الشركة المسؤولة عن «السويفت» بسحب النظام منها، ما زاد من مخاوف الانقلابيين الحوثيين من تشديد العزلة الدولية عليهم وخنق مواردهم المالية.

ورفضت الجماعة الحوثية الدخول في أي مفاوضات اقتصادية بحسب دعوة المبعوث الأممي، والتي وافق مجلس القيادة الرئاسي على المشاركة فيها، بعد أن اشترط استئناف تصدير النفط، وتوحيد العملة المحلية، وإيقاف ممارسات الجماعة بحق القطاع المصرفي.

وأعلن القيادي الحوثي حسين العزي المعين نائباً لوزير الخارجية في حكومة الانقلابيين غير المعترف بها، أن جماعته أبلغت غروندبرغ رفضها استعمال «لغة التأجيل والترحيل»، نافياً أن يكون هناك أي تفاوض إلا في إطار مناقشة تنفيذ خريطة الطريق المتفق عليها، في إشارة إلى طلب المبعوث الأممي تأجيل سحب تراخيص البنوك المشمولة إلى نهاية أغسطس (آب) المقبل.

متظاهر في تعز يرفض تدخلات المبعوث الأممي لتقويض قرارات البنك المركزي اليمني (إكس)

وكان عبد الملك الحوثي زعيم الجماعة الحوثية، أطلق تهديدات بالعودة إلى التصعيد العسكري رفضاً لقرارات البنك المركزي اليمني بنقل مراكز عمليات البنوك إلى العاصمة المؤقتة عدن.

وتهرب الحوثي من الاعتراف بحق الحكومة الشرعية في اتخاذ تلك القرارات إلى تهديد دول الجوار باستهدافها عسكرياً تحت مبرر وقوفها إلى جانب الحكومة، قبل أن يلجأ إلى الزعم بوقوف الولايات المتحدة وإسرائيل خلف تلك القرارات.

وفي رده على تلك التهديدات، أبدى وزير الدفاع اليمني الفريق محسن محمد الداعري استعداد القوات المسلحة وجاهزيتها لردع أي مغامرة عدائية للجماعة الحوثية، وعد تهديدات الجماعة «مجرد فقاعات ووسائل ابتزاز وذرائع للتنصل من الاتفاقات وجهود السلام».