مغتربو لبنان... طوق النجاة المُتعب

محنة بلدهم طالتهم بصورة أو بأخرى

مغتربو لبنان... طوق النجاة المُتعب
TT

مغتربو لبنان... طوق النجاة المُتعب

مغتربو لبنان... طوق النجاة المُتعب

تقدّر مصادر أن عدد المغتربين اللبنانيين يفوق عدد سكانه المقيمين بـ3 أضعاف، ثم إن الأرقام المتداولة للذين غادروا لبنان خلال العامين الماضيين وحده «مخيفة». ولعل الأخطر هو أن القسم الأكبر ممن ما زالوا يعيشون فيه يتحيّنون الفرصة لـ«الهرب» بعدما باتت هذه البقعة الصغيرة، التي لطالما كانت محط أنظار العالم واهتمامه وإعجابه وانبهاره، بقعة مظلمة غير قابلة للعيش... يرزح أكثر من 70 في المائة من سكانها تحت فقر شديد.
وحقاً، لطالما شكّل المغتربون طوق النجاة الذي يتمسك به لبنانيو الداخل منذ مئات السنوات. وما زال هؤلاء من أبرز أعمدة الاقتصاد اللبناني؛ إذ كانوا وظلوا يرسلون إلى أهاليهم وعائلاتهم مليارات الدولارات سنوياً. لكنهم، وكحال كل اللبنانيين طالتهم كارثة الانهيار المالي، فجرى حجز أموالهم في المصارف اللبنانية باعتبار أن نسبة كبيرة منهم كان تضع كل مدّخراتها في هذه المصارف، وبخاصة في ظل الفوائد العالية التي كانت تقدّمها البنوك؛ ما أدى إلى فقدان العدد الأكبر منهم ثقته الباقية بالبلد.
ما كانت الجنسية اللبنانية في يوم من الأيام عاملاً مُسهِّلاً للمغتربين أينما حلوا، بل كانت تحدّياً إضافياً يواجهونه في بلدان الاغتراب... إذ لحقت لعنات السياسيين اللبنانيين بهم إلى أصقاع العالم. وراهناً، تبدو الأكثرية الساحقة من المغتربين في دول الخليج اليوم مستاءة إلى أبعد الحدود من الأزمات المفتعلة مع هذه الدول، وآخرها، تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي التي فجّرت أزمة دبلوماسية غير مسبوقة يخشى هؤلاء أن تطالهم تداعياتها. وقد بات لسان حال هؤلاء يقول: «اتركونا وشأننا... لقد هربنا منكم، فلا تلاحقونا بلقمة عيشنا في بلدان الاغتراب!».
- حساب الأرقام
يبلغ عدد اللبنانيين المقيمين نحو 4 ملايين نسمة، يُضاف إليهم نحو مليون لاجئ ونازح سوري ونصف مليون لاجئ فلسطيني، وفي المقابل، يُراوح عدد المهاجرين اللبنانيين والمغتربين من أصل لبناني، المنتشرين خارج لبنان في بلدان العالم ما بين 8 ملايين و12 مليون نسمة، يحتفظ 1.3 مليون منهم بجنسيته اللبنانية، بحسب «الشركة الدولية للمعلومات».
لقد هاجر المغتربون اللبنانيون على مراحل وفي موجات متعددة، أبرزها خلال الحرب اللبنانية بين العامين 1975 و1992. إذ تتحدث «الدولية للمعلومات» عن هجرة 600 ألف لبناني، وتقول إنه منذ نهاية الحرب حتى عام 2019، هاجر 650 ألفاً آخرين. وأخيراً، كشف الأب طوني خضرا، رئيس مؤسسة «لابورا» (Labora) المعنية برصد مشكلة الفقر والبطالة، عن أن 230 ألف مواطن هاجروا من لبنان خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي (2021).
أما أسباب الهجرة، فلم تختلف كثيراً عبر السنوات، فظلت النسبة الأكبر والتي تتخطى النصف تبحث عن عمل يليها مَن يغادرون لأسباب أمنية. ولقد أدى تدهور الوضعين المالي والاقتصادي بشكل دراماتيكي، إلى فقدان المقوّمات الأساسية للعيش. وجاء انفجار مرفأ بيروت عام 2020 ليدعم حسم الأكثرية العظمى من حاملي جنسيات أجنبية إلى جانب جنسيتهم اللبنانية أمرهم لجهة مغادرة البلاد. ووفق الأب خضرا، فإن 90 في المائة من اللبنانيين من حملة الجنسيات الأجنبية (لم يذكر إجمالي عددهم) غادروا لبنان في سبتمبر (أيلول) الماضي.
- الشريان الاقتصادي للبنان
بلغت تحويلات المغتربين ما بين عامي 2017 و2019 نحو 8 مليارات دولار أميركي سنوياً، في حين يؤكد مطلعون على الملف، أنها تجاوزت بكثير هذا الرقم، باعتبار أن الكثير منهم كان يحمل الأموال نقداً إلى البلد بعد الإجراءات الأخيرة للمصارف.
وحسب توفيق معوض، رئيس مجلس إدارة شركة تحويل الأموال «أو إم تي»، ازدادت التحاويل الواردة من الخارج بنسبة 50 في المائة في الأشهر الستة الأولى من عام 2021 بالمقارنة مع الفترة نفسها من عام 2020. ويشير معوض في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه في النصف الأول من عام 2021، تلقّى نحو 220.000 مستفيد شهرياً التحاويل الواردة من الخارج بالدولار الأميركي نقداً «fresh» عبر الشركة التي يرأس مجلس إدارتها. وأوضح، أن التحاويل وصلت من نحو 156 دولة، على رأسها أستراليا، والولايات المتحدة الأميركية، ودول الخليج، وكندا، وألمانيا.
- لبنانيو الخليج
للعلم، يتجاوز عدد اللبنانيين المقيمين في دول الخليج النصف مليون شخص. ويشير شارل جحا، رئيس مجلس العمل اللبناني في دبي والإمارات الشمالية، إلى أن عدد اللبنانيين في دولة الإمارات يبلغ نحو 150 ألف نسمة. ولقد زار قسم كبير منهم بلدهم خلال الصيف الماضي؛ لأن الأكثرية لم تتمكن خلال صيف 2020 من مغادرة أماكن إقامتها بسبب إجراءات «كوفيد - 19».
ويوضح جحا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «بعد الصفعات التي تلقاها المغتربون من دولتهم لديهم شعور بالأسى والمرارة، خاصة، أن هناك أشخاصاً موجودين في الاغتراب منذ 40 سنة، وقد وضعوا جنى عمرهم في المصارف اللبنانية... ليصار إلى إبلاغهم بين ليلة وضحاها بأنه ما عاد بمقدورهم الحصول على أموالهم. وأن عليهم أن ينتظروا فيما الدولة تتنصّل من واجباتها... هذا يخلق نفوراً لدى المغتربين الذين وصلت الأمور بالبعض منهم إلى القول: لم نعد نريد شيئاً من بلدنا... كانت ثقتنا عمياء، فأتت النتيجة مدمّرة».
ويتابع جحا، أنه على الرغم من الإحباط المسيطر على قسم كبير من هؤلاء المغتربين، فإنهم لا يمكن أن يتخلوا عن عائلاتهم وأهلهم في لبنان. وهذا، مع العلم أن قسماً لا بأس به منهم يحاول أن يأتي بهم بعد الأزمات الأخيرة إلى الدول التي يعيشون بها. ثم يلفت إلى أن تحويلات اللبنانيين من الخارج بلغت عام 2020 نحو 7 مليارات دولار ما بين 25 و30 في المائة منها من دول الخليج.
من جهته، يوضح الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة، أن المغتربين «اعتادوا أن يساهموا سنوياً بـ15 مليار دولار بالاقتصاد اللبناني، 8 مليارات كتحاويل مباشرة عبر المصارف اللبنانية، وما تبقى على شكل إنفاق حين يزورون لبنان»، لافتاً إلى أنه «بسبب الأزمة الحالية كما بسبب أزمة (كوفيد – 19) خسرنا هذه الأموال. ففي العام 2020 انخفضت التحاويل المباشرة عبر البنوك وشركات التحاويل كثيراً، حتى أنني لا أعتقد أنها تخطت الـ4 مليارات دولار رغم الحديث عن أرقام أعلى، إضافة إلى مليارَي صرفت على شكل إنفاق هذا الصيف».
ويشدد عجاقة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أنه «رغم انخفاض كمية الأموال المرسلة من قبل المغتربين، فإن تأثير الـ6 مليارات كان كبيراً نتيجة الوضع المالي والاقتصادي وعوز اللبنانيين، وبالأخص نتيجة انهيار سعر صرف الليرة... ما جعل تأثير المائة دولار أكبر بكثير مما كان عليه في السنوات الماضية».
ويشرح عجاقة، أنه «بعد إعلان وقف دفع سندات اليورويوند، والعرقلة التي أصابت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي نتيجة الخلاف اللبناني الداخلي على تحديد الخسائر، وانفجار مرفأ بيروت... كل ذلك أفقد المغترب اللبناني ثقته ببلده، وأصبح همه الأساسي سحب أمواله من المصارف». ثم يضيف «للأسف تخلت الدولة عن مبلغ الـ15 ملياراً سنوياً الذي كان يساهم فيه المغتربون للاستحصال على 3 أو 4 مليارات دولار من صندوق النقد. وهذا يدل على سوء تقدير أوصل البلد إلى ما وصل إليه. وبالتالي، فأي خطة ستلحظ الجسم الاغترابي لن تنجح حالياً لأن ثقة المغترب ببلده مفقودة».
- دور المغترب بالانتخابات
من ناحية ثانية، ينقسم الرأي العام اللبناني بين مَن يعتبر أن استياء المغتربين سينعكس إقبالاً كبيراً من قِبلهم للمشاركة في الانتخابات النيابية من أجل المساهمة بتغيير السلطة الحاكمة، وبين مَن يرى أن إحباطهم سيترجم انعدام الحماسة للمشاركة بالاستحقاق النيابي في شهر مارس (آذار) المقبل.
الفريق الثاني يدعم وجهة نظره بالأرقام التي سُجّلت في الانتخابات الأخيرة عام 2018؛ إذ بلغ عدد الناخبين المسجلين للاقتراع في الخارج 82.965 ناخباً فقط، اقترع منهم 46.799 مقترعاً، أي بنسبة 56.4 في المائة، وشكّل هؤلاء نسبة 2.5 في المائة فقط من إجمالي المقترعين.
حول الموضوع الانتخابي، ارتأى المجلس النيابي أخيراً تعديل قانون الانتخاب الذي كان قد أشار إلى انتخاب المغتربين 6 نواب يمثلونهم في الندوة البرلمانية، وأعاد العمل بما كان معتمداً عام 2018 لجهة إشراك المغتربين بانتخاب 128 نائباً. ومن المرتقب أن يكون هناك إقبال أكبر من قبل اللبنانيين الموجودين في الخارج على تسجيل أسمائهم للمشاركة في الانتخابات بعد حسم الجدل الذي كان قائماً حول الموضوع.
هنا، يتحدث شارل جحا، رئيس مجلس العمل اللبناني في دبي والإمارات الشمالية، عن «حماسة لدى المغتربين للانتخاب في هذه الدورة، باعتبار أن الوضع في لبنان خطير ويحتاج إلى الإنقاذ. ونظراً لتمتع المغتربين بحرية رأي واستقلالية في خياراتهم؛ فهم قادرون على أن يكونوا شركاء فاعلين بهذا الإنقاذ».
في المقابل، لا يعوّل رئيس «المركز اللبناني لحقوق الإنسان» والناشط السياسي وديع الأسمر، الذي يعيش منذ 4 سنوات في قطر – كثيراً على دور المغترب في الانتخابات، معتبراً أن «المراهنة على المغتربين ليست بمكانها الصحيح، وهي يفترض أن تكون على الناشطين الذين لديهم أمل في البلد سواءً في الداخل أو الخارج». ويتحدث الأسمر لـ«الشرق الأوسط» عن «الوهم بأن التصويت الاغترابي قد يغير الأمور، وهو ما لمسناه في العام 2018 التي أتت نتائج مشاركة المغترب فيها معبرة»، واستطرد، أنه «يمكن تقسيم الانتشار اللبناني إلى نوعين: المغتربون الذين تركوا البلد بإرادتهم إلى المهجر منذ سنوات، والمهجّرون الجدد الذين اضطروا إلى المغادرة بحثاً عن عمل، وبالأخص في العامين الأخيرين، وهؤلاء هم الذين نعتقد أنهم سيصوتون بكثافة».
من جهتها، لا تبدو ناتالي غندور (31 سنة) - وهي تعمل في نيجيريا منذ سنوات - متحمسة على الإطلاق للمشاركة بالانتخابات. إذ قالت غندور في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بشيء من الألم «إذا كانوا نفس المرشحين لن أشارك بالتصويت... عندما يتركون كراسيهم جميعهم، دون استثناء، عندها أفكّر بالاقتراع لوجوه جديد». إلا أنه رغم كل الخيبات التي أصيب بها المغترب اللبناني، فهو يظل، حسب غندور «جاهزاً لإعادة النهوض بلبنان... ولكن شرط أن يقترن ذلك مع اقتلاع الفاسدين من السلطة، علماً بأنه... للأسف، قسم كبير من الشعب اللبناني هو بدوره فاسد، وهنا المعضلة الكبيرة».
قصص نجاح اللبنانيين في الخارج لا تُحصى
- فيليب سالم على جبهتي السرطان والدفاع عن سيادة لبنان
قصة فيليب سالم هي إحدى الروايات الجميلة التي تتجدد فصولاً مع شخصية لا تكلّ ولا تملّ العمل والنضال والقتال على جبهتين؛ إذ اختارت أن تتصدر صفوف المقاتلين فيهما؛ جبهة محاربة مرض السرطان وجبهة استعادة سيادة لبنان.
البروفسور فيليب سالم، رئيس مركز سالم للسرطان ‏في مدينة هيوستن الأميركية، الذي هاجر إلى الولايات المتحدة عام 1987 نتيجة ظروف الحرب الصعبة، طوّر أخيراً استراتيجية جديدة لمعالجة الأمراض السرطانية، وذلك بواسطة المعالجة بالمزيج الثلاثي: العلاج الكيميائي، والعلاج المناعي، والعلاج المستهدف. وسجل هذا العلاج تحت اسم ICTriplex.
يقول سالم، إنه لم يكن هناك أي إمكانية له لتحقيق النجاح الذي حققه في مجال الطب في الولايات المتحدة الأميركية، فيما لو بقي في لبنان. ويشير في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أبحاث أجراها ما بين عامي 1971 و1986 تمحوَرت حول العلاقة بين الالتهابات الجرثومية والسرطان، وأثبت فيها أن الالتهابات الجرثومية المتكررة في الأمعاء قد تتطور لأمراض سرطانية إن لم تعالج في بدايتها. هذه النظرية التي كانت تعتبر يومها «هرطقة طبية»، حصلت على جائزة نوبل في الطب لعام 2005. في ذلك العام منحت الجائزة إلى العالمين الأستراليين Barry Marshall and Robin Warren بسبب أبحاثهما عن علاقة البكتيريا H.pylori، وهي جرثومة موجودة بشكل واسع في المعدة، وسرطان المعدة. وحسب سالم، فإن المؤسسات الأكاديمية في العالم العربي تفتقر إلى الأبحاث العلمية، وهناك خلل كبير بمفهوم معنى الجامعة. ويشدد على أن «دور الجامعة لا يقتصر على نقل المعرفة من الأستاذ إلى الطالب، بل يتعداه إلى ما هو أهم وهو صنع المعرفة وتدريب العقل».
سالم، على صعيد آخر، يتابع أخبار لبنان ساعة بساعة، فلا تعنيه آلاف الكيلومترات التي تبعده عن بلده الأم. وهو يقول بغصة «سقط شعار لبنان مستشفى الشرق، نحن في أزمة كبيرة في كل القطاعات، بما فيها القطاع الصحي. كل الطاقات باتت خارج البلد! الأطباء هاجروا والمؤسسات والمستشفيات تقفل أبوابها. الوضع مأساوي وليس مؤسفاً فحسب. لكن إمكانية عودة لبنان للعب دوره متاحة، وهي مرتبطة بعودة الدولة ودورها واستعادة لبنان الحقيقي».
قبل اقتراح الحلول، يحدد الدكتور سالم سبب المشكلة والمرض، معتبراً أن «ما أوصل البلد إلى ما هو عليه اليوم هي القيادات السياسية التي أفرزناها نتيجة وجود خلل بالثقافة السياسية والعقل السياسي التقليدي اللبناني». ثم يضيف «من دون شك نحن نريد تغيير الطبقة السياسية الفاسدة، إلا أننا إن لم نغيّر الثقافة السياسية... سنعود ونفرز طبقة جديدة لا تختلف كثيراً عن هذه الطبقة. نحن في قعر عميق لم يكن أحد يتوقع أن يصل اللبناني للذل الذي يتخبط فيه اليوم، ولكن لبنان لن يموت. ولن نسمح بذلك، وهناك الكثير من العمل الذي يتوجب علينا القيام به. الشعب اللبناني قادر على أن يعيد بلده أفضل مما كان بحيث إنه سيبني دولة لا تنهار كلما هبّت عليها عاصفة من هنا أو هناك». حسب رأيه «ليس هناك أي دولة في العالم تمتلك مقومات تخوّلها أن تكون بلداً عظيماً كلبنان. فلبنان يمتلك الطبيعة ويمتلك الإنسان ويمتلك الانتشار اللبناني العظيم. لقد قلنا مراراً ونعيد، إن الانتشار اللبناني هو أهم نفط يمتلكه لبنان. فبينما يكون النفط قوة مالية فقط فالانتشار هو قوة سياسية، قوة علمية، وقوة ثقافية، بالإضافة إلى القوة المالية. وكذلك، فالانتشار اللبناني يربط لبنان بالعالم. لذا؛ يكون لبنان ليس موجوداً فقط في الشرق، بل هو حاضر وموجود أيضاً في العالم كله. ولكن، يؤسفني القول، إن القيادات السياسية المتعاقبة في لبنان لم تستثمر هذه القوة، بل حاربتها. في بناء لبنان الجديد سنبني الجسور التي تربط بين لبنان المنتشر ولبنان المقيم».
ورغم الإحباط المسيطر على قسم كبير من اللبنانيين، يبدو سالم متسلحاً بالأمل، متحدثاً عن «فرصة تاريخية عبر الانتخابات النيابية المقبلة لتأمين أكثرية تغييرية في البرلمان»، ويضيف «هذه الفرصة يتوجب استغلالها، لكنها تحتاج إلى دعم وإحياء الثورة وخلق مناخ يسمح بانتخاب أشخاص قادرين على عملية التغيير».
وهنا، يقر الدكتور سالم بأن «اللوبي اللبناني» في الخارج لا يزال ضعيفاً «ولكن هناك نواة من المستقلين الذين يحبون لبنان، إضافة إلى مؤسسات فكرية وعلمية وأكاديمية في الولايات المتحدة الأميركية تعنى بمشاكل الشرق الأوسط. كلها تعمل مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن لتغيير السياسة الأميركية بما يتعلق بالملفات المرتبطة بلبنان. فمثلاً بعدما كانت مفاوضات فيينا تتركز حصراً على الملف النووي الإيراني، نجح ضغط اللوبي الداعم للبنان بإقناع مسؤولين في الإدارة الأميركية أن ما هو أخطر من البرنامج النووي هو التمدد الإيراني الحاصل في الشرق العربي، وبأن هذا الخطر يطال المنطقة ككل ومن ضمنها لبنان كما يطال المصالح الأميركية». ويعتبر سالم أن «لبنان يشكل اليوم أهم رهينة لطهران نظراً لموقعه على البحر الأبيض المتوسط وعلى الحدود مع إسرائيل، ونظراً للقوة العسكرية التي تمتلكها فيه والمتمثلة بـ(حزب الله)»، لكنه يشدد على أنه رغم ذلك كله «فلا قوة على الأرض تستطيع أن تفرض الهيمنة الإيرانية على لبنان طالما هناك أصوات مرتفعة داخل وخارج البلد رافضة لهذه الهيمنة».
ويختم البروفسور اللبناني - الأميركي، واصفاً علاقته ببلده الأم بـ«العضوية»، قائلاً «أنا أعيش في لبنان كما أعيش في أميركا. في الولايات المتحدة، أصارع من أجل الإنسان، كل إنسان، بوجه المرض وهو ما لم أكن لأتمكن من القيام به في بلدي الأم. كما أنني في الوقت عينه أخوض معركة كبيرة من أجل لبنان، وأخصص وقتاً طويلاً للدفاع عن القضية اللبنانية من خلال السعي لتوحيد الانتشار وتقوية اللوبي اللبناني».



الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».