الأمم المتحدة: الحكومة اللبنانية «تخذل شعبها»

مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان أوليفييه دي شوتر (إ.ب.أ)
مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان أوليفييه دي شوتر (إ.ب.أ)
TT

الأمم المتحدة: الحكومة اللبنانية «تخذل شعبها»

مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان أوليفييه دي شوتر (إ.ب.أ)
مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان أوليفييه دي شوتر (إ.ب.أ)

أشار مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان أوليفييه دي شوتر اليوم (الجمعة) إلى أن الحكومة اللبنانية «تخذل شعبها»، محذراً من أن الدولة أصبحت «على شفير الانهيار».
وقال: «لبنان ليس دولة منهارة بعد، لكنه على شفير الانهيار، وحكومته تخذل شعبها».
وأضاف في مؤتمر صحافي في بيروت في نهاية زيارة استمرت 12 يوماً «رأيت مشاهد في لبنان لم أتصور قط أنني قد أراها في بلد متوسط الدخل»، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وتعمل حكومة نجيب ميقاتي، التي تشكلت في العاشر من سبتمبر (أيلول)، بموجب توافق صعب بين الفرقاء السياسيين بعد 13 شهراً من الفراغ، على استعادة ثقة المجتمع الدولي الذي ينتظر منها القيام بإصلاحات جذرية من أجل حصول لبنان على دعم مالي.
ويعيش نحو 80 في المائة من سكان لبنان تحت خط الفقر على خلفية تضخم متسارع وشح في الأدوية والمحروقات وتقنين حاد للتغذية بالتيار الكهربائي، وسط رفع الدعم تدريجياً عن الأدوية والطحين.
استنزف الانهيار الاقتصادي الذي صنفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850، احتياطات مصرف لبنان وأفقد الليرة أكثر من 90 في المائة من قيمتها.
وأضاف دي شوتر «في حين يحاول السكان البقاء على قيد الحياة يوماً بعد يوم، تضيع الحكومة وقتاً ثميناً في التهرب من المساءلة وتجعل من اللاجئين كبش فداء لبقائها»، لافتاً إلى أن «تقاعس الحكومة عن مواجهة هذه الأزمة غير المسبوقة تسبب بحالة بؤس شديد لدى السكان».
وبحسب آخر البيانات الصادرة عن الحكومة اللبنانية فإن أسعار المواد الغذائية الأساسية ارتفعت بأربعة أضعاف تقريباً في عام واحد فقط.
وقال البنك الدولي إن معدل التضخم بلغ 131.9 في المائة خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2021.
وحذرت منظمة «سايف ذي تشيلدرن» في أكتوبر (تشرين الأول) من أن «الأطفال في لبنان لا يأكلون بانتظام لأن أهلهم يعانون من أجل تأمين المواد الغذائية الأساسية لهم».
وتخشى ميرنا (33 عاماً)، وهي أم لأربعة أطفال، أن تخسر ابنتها البالغة من العمر تسعة أعوام المصابة بورم دماغي لأنها أصبحت عاجزة عن تحمل تكاليف الأدوية أو حتى الطعام.
وتقول لوكالة الصحافة الفرنسية: «عندما أنام، أتوقع أن أستيقظ في اليوم التالي وأجد أن ابنتي رحلت».
وأصبحت ميرنا وزوجها الذي كان سائق سيارة أجرة عاطليْن عن العمل، ويعيشان على التبرعات الغذائية التي يقدمها لعائلتهم مسجد محلي. وتُضيف «أحياناً، ننام جائعين».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».