استمرار الاضطراب الأمني في عدن.. والصليب الأحمر يتعذر عن الإغاثة

الحوثيون ينسحبون من حجيف والقلوعة وينتشرون قرب ميناء المعلا

استمرار الاضطراب الأمني في عدن.. والصليب الأحمر يتعذر عن الإغاثة
TT

استمرار الاضطراب الأمني في عدن.. والصليب الأحمر يتعذر عن الإغاثة

استمرار الاضطراب الأمني في عدن.. والصليب الأحمر يتعذر عن الإغاثة

قالت مصادر طبية وعسكرية يمنية، اليوم (الاثنين)، ان حصيلة قتلى المعارك في عدن بين المتمردين، من حوثيين وقوات موالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، وبين اللجان الشعبية، بلغت منذ أمس (الاحد) 53 قتيلا بينهم 26 حوثيا و 17 مدنيا.
وقال مسؤول طبي ان "عدد القتلى منذ امس حتى صباح الاثنين بلغ 17 مدنيا وعشرة من اللجان الشعبية"، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.
واكد مصدر عسكري مقتل 26 من المتمردين بالإضافة الى عشرات الجرحى في الاشتباكات في احياء المعلا والقلوعة وخور مكسر.
وأعلن شهود ان القوات التابعة للمتمردين انسحبت من "دوار حجيف والقلوعة باتجاه عقبة المعلا، غير انهم انتشروا في شارع ميناء المعلا وعند مطاحن وصوامع الغلال دون السيطرة على الميناء".
يشار الى وجود أربعة موانئ في عدن الواقعة على بحر العرب.
وأكد الشهود ان "الاشتباكات مستمرة بين الحوثيين ومقاتلي اللجان في حي الميناء والشارع المؤدي اليه".
ويحاول المتمردون السيطرة على عدن، حيث استولوا الخميس الماضي على القصر الرئاسي قبل ان ينسحبوا منه فجر الجمعة تحت وطأة الغارات التي شنها تحالف "عاصفة الحزم".
من جانبه، أشار المتحدث باسم قوات التحالف العميد عسيري المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي، خلال الإيجاز العسكري اليومي في مطار قاعدة الرياض الجوية، أمس، إلى أن الموقف في عدن مطمئن، على الرغم من أن الميليشيات الحوثية ما زالت تستهدف المساكن لترويع المواطنين بالرمي العشوائي، وأضاف «كنا نتمنى إيجاد بنية تحتية تخدم المواطن اليمني، ولكن استبدلت هذه البنية التحية بمستودعات ذخيرة وصواريخ كثيرة».
ويعاني اليمن كله من نقص في الغذاء والماء والكهرباء، وعلى الأخص في عدن؛ حيث أغلق القتال الموانئ وقطع الطرق البرية التي تربط المدينة ببقية المدن. إذ لم تصل مساعدات الاغاثة من الخارج، حيث قالت اللجنة الدولية للصليب الاحمر انها لم ترتب رحلة بعد لنقل 48 طنا من الامدادات الطبية رغم الحصول على موافقة السعودية لنقل امدادات مساء يوم السبت، كما اشارت وكالة "رويترز" للأنباء.
وأكد المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي، أن اللجنة التي تم الإعلان عن تشكيلها أول من أمس لدعم العمل الإنساني والإغاثي، بدأ تفاعلها مع الجهات الأخرى، مؤكدا أن منظمة الصليب الأحمر الدولي تخلفت عن الموعد الذي حدد لها من قبل قوات التحالف في دخول الأجواء اليمنية، وتنفيذ أعمالها، وقال: «أبلغنا الصليب الأحمر الدولي بأن الساعة التاسعة من يوم أمس، موعد الرحلة، إلا أن الصليب الأحمر تخلف عن الموعد وأبلغنا بأن هناك طلبا لتغيير الطائرة، بحيث ان الشركة التي ستنقلهم لا تريد الذهاب إلى اليمن، وطلبت تغيير الرحلة إلى وقت غير مسمى».
على صعيد متصل، أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاردنية صباح الرافعي، اليوم ان بلادها أجلت 287 من مواطنيها من اليمن، بسبب تدهور الوضع الامني.
وقالت الرافعي انه "تم اجلاء 130 مواطنا اردنيا بعد ظهر اليوم من اليمن برا، وصلوا الى الاراضي السعودية، ليصل عدد الاردنيين الذين تم اجلاؤهم خلال الأيام الأخيرة الى 287".
واضافت الرافعي في تصريحات بثتها وكالة الأنباء الاردنية الرسمية ان "العمل مستمر لتأمين إجلاء جميع الاردنيين في اليمن ضمن خطط موضوعة يتم العمل عليها من قبل مركز عمليات وزارة الخارجية (الاردنية) الذي يعمل على مدار الساعة بالتنسيق مع السفارة في صنعاء والجهات المختصة".
ولم تذكر المتحدثة المزيد من التفاصيل عن عدد الاردنيين في اليمن.
وأكد الاردن في 26 من الشهر الماضي مشاركته في التحالف الذي يستهدف ميليشيات الحوثيين والقوات الموالية لصالح.
وكانت الجزائر أجلت 160 من رعاياها من اليمن السبت وسبقتها في ذلك مصر التي أجلت 35 من مواطنيها الجمعة.
وفي 28 مارس (آذار) الفائت، تم اجلاء اكثر من 200 اجنبي من صنعاء عبر الجو بينهم موظفون لدى الأمم المتحدة ولدى سفارات وشركات اجنبية. كما أجلت البحرية السعودية عشرات الدبلوماسيين السعوديين والعرب والأجانب من مدينة عدن جنوب اليمن الى مدينة جدة على البحر الاحمر، وأعلنت بكين ارسال سفن حربية للمساعدة على اجلاء رعاياها من اليمن "بسبب تدهور الوضع" في البلاد.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.