الليرة التركية إلى قاع تاريخي بفعل مخاوف التضخم

تضيف هموماً إلى الاقتصاد المتأزم

يرى مراقبون أن توقعات التضخم في تركيا لا تزال مروعة... فيما تتكاثف عوامل انهيار الليرة (أ.ب)
يرى مراقبون أن توقعات التضخم في تركيا لا تزال مروعة... فيما تتكاثف عوامل انهيار الليرة (أ.ب)
TT

الليرة التركية إلى قاع تاريخي بفعل مخاوف التضخم

يرى مراقبون أن توقعات التضخم في تركيا لا تزال مروعة... فيما تتكاثف عوامل انهيار الليرة (أ.ب)
يرى مراقبون أن توقعات التضخم في تركيا لا تزال مروعة... فيما تتكاثف عوامل انهيار الليرة (أ.ب)

انحدرت الليرة التركية إلى مستوى متدنٍّ لم تشهده في تاريخها عندما هَوَت بشدة في تعاملات أمس (الخميس)، إلى نحو 10 ليرات للدولار، مدفوعةً ببيانات تضخم أميركية أعلى من المتوقع أدت إلى تفاقم المخاوف بشأن العملة التي تضررت بالفعل من السياسة النقدية للبنك المركزي.
وواصلت الليرة سقوطها الحر لترفع خسائرها إلى أكثر من 25% من قيمتها خلال العام الحالي، وافتتحت تعاملاتها عند مستوى 9.90 ليرة للدولار قبل أن تهوي أكثر إلى مستوى نحو 9.97 ليرة للدولار، لتسجل تراجعاً فاق الـ0.8% عن إغلاق تعاملات أول من أمس.
وقدمت بيانات التضخم في أميركا دفعة للدولار، فيما يدرس المستثمرون احتمالات أن يشدد مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) السياسات النقدية قبل الوقت المتوقع لذلك. وتجذب أسعار الفائدة الأميركية المرتفعة عادةً الأموال من الاقتصادات الناشئة ذات الديون الخارجية المرتفعة مثل تركيا.
وتعاني تركيا مستوى مرتفعاً من التضخم وصل إلى نحو 20% وسط ضغوط من الرئيس رجب طيب إردوغان باتجاه مزيد من تسيير السياسة النقدية وخفض سعر الفائدة من أجل تحفير الاقتصاد.
وحذرت وكالة التصنيف الائتماني الدولية «ستاندرد آند بورز»، الأسبوع الماضي، من أن التوقعات الاقتصادية لتركيا تخيّم عليها احتمالات الدولرة والسياسات غير المتوقعة وتقلب العملة، ما يجعل من الصعب جذب الاستثمار إلى البلاد.
وتحدث ماكسيم ريبنيكوف، مدير «ستاندرد آند بورز»، عن ردع المستثمرين بسبب الافتقار إلى المصداقية في السياسة النقدية لتركيا، الذي تفاقم بسبب قرار خفض أسعار الفائدة عندما كان التضخم أربعة أضعاف هدف البنك المركزي البالغ 5%.
وخفض البنك المركزي التركي، خلال الشهرين الماضيين، سعر الفائدة القياسي بمقدار 3 نقاط مئوية إلى 16% رغم تسارع التضخم، ما دفع المستثمرين إلى بيع الليرة، التي سجلت أدنى مستوى لها في التاريخ عند 9.85 مقابل الدولار في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بعد خفض سعر الفائدة بضغوط من إردوغان.
وأعلن معهد الإحصاء التركي، الأسبوع الماضي، أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين تسارع إلى 19.9% الشهر الماضي من 19.6% في سبتمبر (أيلول) الماضي، في أعلى مستوى منذ يناير (كانون الثاني) 2019، وقفز تضخم أسعار المنتجين إلى 46.3%، وهو أعلى مستوى منذ يوليو (تموز) 2002 من 44% في سبتمبر.
وقال إريك مايرسون، الاقتصادي السابق في بنك الاستثمار الأميركي «غولدمان ساكس» إن «توقعات التضخم في تركيا لا تزال مروعة، وفكرة أن أي لجنة للسياسة النقدية بالبنك المركزي يمكنها النظر في تخفيضات أسعار الفائدة في هذه البيئة تحير العقل».
وستعقد لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي اجتماعها الشهري القادم في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي وقد تخفض الفائدة مرة أخرى 100 نقطة أساس، حسب التوقعات.
وقال معهد الإحصاء التركي إن تضخم أسعار المستهلكين الأساسي، الذي يستثني المزيد من العناصر المتقلبة مثل أسعار المواد الغذائية والطاقة، تباطأ إلى 16.82% الشهر الماضي، من 16.98% في سبتمبر. وبدأ البنك المركزي في استخدام الرقم الأساسي الأدنى كمؤشر رئيسي للتغييرات في السياسة النقدية.
ورأى تيم آش، كبير محللي الأسواق الناشئة في «بلو باي إيست مانجمنت» في لندن أن البنك المركزي التركي سيبرر المزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة بحقيقة انخفاض التضخم الأساسي.
ويشعر المستثمرون بالقلق من أن تخفيضات أسعار الفائدة، التي أمر بها إردوغان، ستعزز النمو الاقتصادي على حساب الليرة وارتفاع التضخم، فيما يرفع الكثير من البنوك المركزية في الأسواق الناشئة أسعار الفائدة للحد من الزيادات في الأسعار الناجمة عن مشكلات الإمداد العالمية والارتفاع الكبير في تكاليف الطاقة.



الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)

قالت الأمم المتحدة، في وقت متأخر، يوم الخميس، إن الاقتصاد العالمي قاوم الضربات التي تعرَّض لها بسبب الصراعات والتضخم، العام الماضي، وإنه من المتوقع أن ينمو بنسبة ضعيفة تبلغ 2.8 في المائة في 2025.

وفي تقرير «الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه (2025)»، كتب خبراء اقتصاد الأمم المتحدة أن توقعاتهم الإيجابية كانت مدفوعة بتوقعات النمو القوية، وإن كانت بطيئة للصين والولايات المتحدة، والأداء القوي المتوقع للهند وإندونيسيا. ومن المتوقَّع أن يشهد الاتحاد الأوروبي واليابان والمملكة المتحدة انتعاشاً متواضعاً، كما يقول التقرير.

وقال شانتانو موخيرجي، رئيس فرع مراقبة الاقتصاد العالمي في قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة: «نحن في فترة من النمو المستقر والضعيف. قد يبدو هذا أشبه بما كنا نقوله، العام الماضي، ولكن إذا دققنا النظر في الأمور، فستجد أن الأمور تسير على ما يرام».

ويقول التقرير إن الاقتصاد الأميركي تفوق على التوقعات، العام الماضي، بفضل إنفاق المستهلكين والقطاع العام، لكن من المتوقَّع أن يتباطأ النمو من 2.8 في المائة إلى 1.9 في المائة هذا العام.

ويشير التقرير إلى أن الصين تتوقع تباطؤ نموها القوي قليلاً من 4.9 في المائة في عام 2024 إلى 4.8 في المائة في عام 2025، وذلك بسبب انخفاض الاستهلاك وضعف قطاع العقارات الذي فشل في تعويض الاستثمار العام وقوة الصادرات. وهذا يجبر الحكومة على سن سياسات لدعم أسواق العقارات ومكافحة ديون الحكومات المحلية وتعزيز الطلب. ويشير التقرير إلى أن «تقلص عدد سكان الصين وارتفاع التوترات التجارية والتكنولوجية، إذا لم تتم معالجته، قد يقوض آفاق النمو في الأمد المتوسط».

وتوقعت الأمم المتحدة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن يبلغ النمو الاقتصادي العالمي 2.4 في المائة في عام 2024. وقالت، يوم الخميس، إن المعدل كان من المقدَّر أن يصبح أعلى، عند 2.8 في المائة، ويظل كلا الرقمين أقل من معدل 3 في المائة الذي شهده العالم قبل بدء جائحة «كوفيد - 19»، في عام 2020.

ومن المرتقب أن ينتعش النمو الأوروبي هذا العام تدريجياً، بعد أداء أضعف من المتوقع في عام 2024. ومن المتوقَّع أن تنتعش اليابان من فترات الركود والركود شبه الكامل. ومن المتوقَّع أن تقود الهند توقعات قوية لجنوب آسيا، مع توقع نمو إقليمي بنسبة 5.7 في المائة في عام 2025، و6 في المائة في عام 2026. ويشير التقرير إلى أن توقعات النمو في الهند بنسبة 6.6 في المائة لعام 2025، مدعومة بنمو قوي في الاستهلاك الخاص والاستثمار.

ويقول التقرير: «كان الحدّ من الفقر العالمي على مدى السنوات الثلاثين الماضية مدفوعاً بالأداء الاقتصادي القوي. وكان هذا صحيحاً بشكل خاص في آسيا؛ حيث سمح النمو الاقتصادي السريع والتحول الهيكلي لدول، مثل الصين والهند وإندونيسيا، بتحقيق تخفيف للفقر غير مسبوق من حيث الحجم والنطاق».

وقال لي جون هوا، مدير قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية: «لقد تجنَّب الاقتصاد العالمي إلى حد كبير الانكماش واسع النطاق، على الرغم من الصدمات غير المسبوقة في السنوات القليلة الماضية، وأطول فترة من التشديد النقدي في التاريخ». ومع ذلك، حذر من أن «التعافي لا يزال مدفوعاً في المقام الأول بعدد قليل من الاقتصادات الكبيرة».