الجيش اليمني يستعيد مواقع جنوب مأرب وسط تصاعد معاناة المشردين

مقتل 125 حوثياً وتدمير 14 آلية بضربات من تحالف دعم الشرعية

جنديان من الجيش الوطني اليمني على خط متقدم في جبهة بمأرب (أ.ف.ب)
جنديان من الجيش الوطني اليمني على خط متقدم في جبهة بمأرب (أ.ف.ب)
TT

الجيش اليمني يستعيد مواقع جنوب مأرب وسط تصاعد معاناة المشردين

جنديان من الجيش الوطني اليمني على خط متقدم في جبهة بمأرب (أ.ف.ب)
جنديان من الجيش الوطني اليمني على خط متقدم في جبهة بمأرب (أ.ف.ب)

أعلن تحالف دعم الشرعية في اليمن استمرار عملياته المساندة للجيش اليمني والمقاومة الشعبية بتنفيذ كثير من الضربات الجوية التي أوقعت عشرات القتلى الحوثيين، وذلك بالتزامن مع استعادة مواقع في جنوب محافظة مأرب، وتوعد الجيش بتحويل المحافظة إلى «مقبرة» لعناصر الميليشيات الانقلابية.
في هذا السياق، أفاد تحالف دعم الشرعية بأنه نفذ 22 عملية استهداف لآليات وعناصر الميليشيا الحوثية في مديرية صرواح غرب مأرب، وفي محافظة البيضاء المجاورة خلال الساعات الـ24 الماضية.
وأوضح التحالف، في بيان مقتضب، بثته «واس»، أن عمليات الاستهداف شملت تدمير 14 من الآليات العسكرية والقضاء على 125 عنصراً إرهابياً.
هذه الضربات جاءت غداة إعلان التحالف تنفيذ 11 عملية استهداف لآليات وعناصر الميليشيا الحوثية بمديرية صرواح والجوف؛ حيث أكد أن عمليات الاستهداف شملت تدمير 8 من الآليات العسكرية، والقضاء على 60 عنصراً إرهابياً، إلى جانب إعلانه أن الدفاعات الجوية السعودية اعترضت 3 صواريخ باليستية أطلقتها ميليشيا الحوثيين باتجاه جنوب المملكة.
وأدت الضربات التي تنفذها مقاتلات تحالف دعم الشرعية خلال الأسابيع الأخيرة في مناطق متفرقة من مأرب والبيضاء والجوف إلى تكبيد الميليشيات الحوثية خسائر بشرية ومادية؛ حيث تشير التقديرات إلى مقتل نحو 3 آلاف عنصر على الأقل.
في غضون ذلك، قال رئيس هيئة العمليات الحربية في الجيش اليمني، اللواء الركن ناصر الذيباني، إن وحدات من قوات الجيش والمقاومة نفذت خلال الساعات الماضية عملية هجومية في جبهة ملعاء حريب، جنوب مأرب.
ونقل المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية عن الذيباني قوله: «إن عناصر الجيش والمقاومة تمكنوا خلال العملية الهجومية من تطهير جيوب للعدو في عروق الرملية بجهة حريب، وألحقوا بالميليشيا الإيرانية خسائر كبيرة في العتاد والأرواح».
وتوعد رئيس هيئة العمليات الحربية في الجيش اليمني بتحويل مأرب إلى «مقبرة للحوثيين» وقال: «أكدنا سابقاً أن رمال مأرب ستكون مقبرة لمن تسول له نفسه أن يعتدي عليها». مجدداً التأكيد على أن من يأتي مأرب «معادياً فسيموت قبل أن يصل إليها».
وكانت الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران دفعت بآلاف من عناصرها خلال الأسابيع الماضية إلى جبهات جنوب مأرب، وسيطرت على مديرية العبدية وجبل مراد وأجزاء من مديرية الجوبة، بعد أن كانت سيطرت على مديريات عين وعسيلان وبيحان في محافظة شبوة المجاورة.
وقادت الهجمات الحوثية خلال الشهرين الأخيرين إلى تشريد أكثر من 93 ألف مدني من مناطق جنوب مأرب؛ حيث نزح أغلبهم إلى مركز المحافظة في ظل ظروف إنسانية بالغة التعقيد.
وفي آخر تحديث عن حالة النزوح، كشفت الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بمحافظة مأرب أن ميليشيات الحوثي الإيرانية هجّرت خلال الشهرين الماضيين أكثر من 93 ألف شخص من أبناء المديريات الجنوبية بالمحافظة والنازحين جراء تصعيدها العسكري المتواصل.
وأفادت الوحدة الحكومية، في تقرير وزعته على وسائل الإعلام، بأن الميليشيات مستمرة بتصعيدها العسكري وأعمالها العدائية ضد المدنيين واستهدافها المتعمد للقرى والتجمعات السكانية ومخيمات النزوح في المديريات الجنوبية بمحافظة مأرب وقصفها الممنهج بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة والأسلحة الثقيلة والمتوسطة.
وأوضحت أن التصعيد الحوثي تسبب بموجات نزوح وتهجير كبيرة لأبناء المناطق الجنوبية والنازحين فيها، الذين يصلون يومياً إلى المخيمات المخصصة لهم في مديريتي مدينة مأرب والوادي، لافتة إلى أن كثيراً من الأسر النازحة من تلك المناطق نزحت للمرة الثالثة، بحثاً عن أماكن آمنة ومستقرة، ما ضاعف عليهم أعباء النزوح بعد فقدانهم لمساكنهم ومصادر عيشهم.
وقالت الوحدة التنفيذية إن المخيمات الجديدة التي خصصت للنازحين والمهجرين من المديريات الجنوبية تكتظ بآلاف من الأسر التي تفتقر لأبسط الاحتياجات الأساسية والخدمات الضرورية، وتعيش أوضاعاً إنسانية تتطلب تدخلاً عاجلاً لتلبية احتياجاتهم والتخفيف من معاناتهم.
ودعت الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين الأمم المتحدة والمنظمات والهيئات التابعة لها إلى تحمل مسؤولياتها تجاه آلاف من الأسر المهجرة من مديريات مأرب الجنوبية، ومساندة جهود السلطة المحلية في توفير المأوى والغذاء والمياه النظيفة والخدمات الصحية والإصحاح البيئي، إلى جانب آلاف النازحين الذين كانوا يعيشون في مخيمات بتلك المديريات، وباتوا الآن يعيشون نزوحاً جديداً ويحتاجون لمساعدات إنسانية طارئة.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.