ملحق سري لـ«وثيقة التطبيع العربي» مع سوريا يتضمن خروج القوات الأجنبية

وضع جدولاً للخطوات المطلوبة من دمشق و«الحوافز» المعروضة... و«الشرق الأوسط» تنشر نص الورقتين

الأسد مستقبلاً وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد في دمشق في التاسع من الشهر الحالي (إ.ب.أ)
الأسد مستقبلاً وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد في دمشق في التاسع من الشهر الحالي (إ.ب.أ)
TT

ملحق سري لـ«وثيقة التطبيع العربي» مع سوريا يتضمن خروج القوات الأجنبية

الأسد مستقبلاً وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد في دمشق في التاسع من الشهر الحالي (إ.ب.أ)
الأسد مستقبلاً وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد في دمشق في التاسع من الشهر الحالي (إ.ب.أ)

كشفت الوثيقة الأردنية وملحقها السري، اللذان حصلت «الشرق الأوسط» على نصهما، أن الهدف النهائي من الخطوات العربية للتطبيع مع دمشق هو «خروج جميع القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب من سوريا الذين دخلوا البلاد بعد 2011»، بما في ذلك «انسحاب القوات الأميركية والتحالف من شمال شرقي سوريا، بما في ذلك من قاعدة التنف الأميركية» قرب حدود الأردن والعراق، بعد سلسلة خطوات وفق مقاربة «خطوة مقابل خطوة» تشمل بداية «الحد من النفوذ الإيراني في أجزاء معينة من سوريا»، مع الاعتراف بـ«المصالح الشرعية لروسيا».
وتشكل هذه الوثيقة، التي سُميت «لا ورقة» ولاتتضمن جدولاً زمنياً، أساس الخطوات التي تقوم بها دول عربية تجاه دمشق وشمل ذلك لقاء وزير الخارجية فيصل المقداد تسعة وزراء عرب في نيويورك وزيارات رسمية أردنية - سورية واتصالات بين قادة عرب والرئيس بشار الأسد ولقاءه وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد في دمشق الثلاثاء.
وأعد الجانب الأردني هذ الخطة قبل أشهر، وناقشها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني مع الرئيسين الأميركي جو بايدن في واشنطن في يوليو (تموز)، والروسي فلاديمير بوتين في أغسطس (آب) ومع قادة عرب وأجانب. وتضمنت الوثيقة، التي تقع مع ملحقها في ست صفحات، مراجعة للسنوات العشر الماضية وسياسة «تغيير النظام» السوري، قبل أن تقترح «تغييرا متدرجا لسلوك النظام» السوري بعد «الفشل» في «تغيير النظام».
وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي لشبكة «سي إن إن» الأميركية أمس، إن «الأردن يتحدث مع الأسد بعد عدم رؤية أي استراتيجية فعالة لحل الصراع السوري». وأضاف أن «التعايش مع الوضع الراهن ليس خيارا»، مضيفا: «ماذا فعلنا كمجتمع عالمي لحل الأزمة؟ 11 عاما في الأزمة ماذا كانت النتيجة؟ الأردن عانى نتيجة الحرب الأهلية السورية، حيث تشق المخدرات والإرهاب طريقها عبر الحدود، وتستضيف البلاد 1.3 مليون لاجئ سوري لا يتلقون الدعم الذي قدمه العالم من قبل».
وكشف الصفدي أن «الأردن أجرى محادثات مع الولايات المتحدة حول جهود التقارب»، ذلك في إشارة إلى زيارة العاهل الأردني. كما أن مدير المخابرات الأردنية اللواء أحمد حسني حاتوقي أعلن أن الأردن يتعامل مع الملف السوري كـ«أمر واقع». وتتطابق تصريحات الوزير الصفدي مع «الوثيقة الأردنية»، وهنا نصها:
بعد مرور عشر سنوات منذ اندلاع الأزمة السورية، تنعدم الآفاق الحقيقية لحلها. ولا توجد استراتيجية شاملة للتوصل إلى حل سياسي واضح. ولا يمكن للنُهُج الضيقة المعنية بمعالجة مختلف جوانب الأزمة ونتائجها على أساس المعاملات وعلى أساس الأغراض المحددة أن تُحقق الحل السياسي اللازم. يتفق الجميع على عدم وجود نهاية عسكرية للأزمة الراهنة. وتغيير النظام السوري الحاكم ليس غرضا مؤثرا في حد ذاته. والهدف المعلن، هو إيجاد حل سياسي على أساس قرار مجلس الأمن رقم 2254. بيد أنه لا يوجد تقدم ذي مغزى على هذا المسار. فالوضع الراهن يسفر عن مزيد من المعاناة للشعب السوري وتعزيز مواقف الخصوم. لقد أثبت النَهج الحالي في التعامل مع الأزمة فشلا باهظ التكلفة:
- الشعب السوري: بحسب أحدث بيانات الأمم المتحدة، هناك 6.7 مليون لاجئ سوري، مع 6.6 مليون نازح داخليا، و13 مليون سوري بحاجة إلى المساعدات الإنسانية، بما في ذلك 6 ملايين مواطن في حالة عوز شديد، و12.4 مليون سوري يكابدون انعدام الأمن الغذائي، وأكثر من 80 في المائة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، مع 2.5 مليون طفل خارج نظام التعليم في سوريا، بالإضافة إلى 1.6 مليون طفل معرضين لمخاطر التسرب من المنظومة التعليمية.
- الإرهاب: لقد هُزم تنظيم «داعش» الإرهابي لكنه لم يُستأصل بالكامل. ويحاول أعضاؤه إعادة ترتيب الصفوف، وهم يعاودون الظهور في أجزاء من البلاد التي طُرد منها «داعش»، مثل جنوب غربي سوريا. كما يعملون على توطيد وجودهم في مناطق أخرى مثل الجنوب الشرقي. وتستمر تنظيمات إرهابية أخرى في العمل في أجزاء مختلفة من سوريا، حتى إنها تستفيد من الملاذات الآمنة في الشمال الشرقي.
- إيران: تستمر إيران في فرض نفوذها الاقتصادي والعسكري على النظام السوري، وعلى أجزاء حيوية عدة في سوريا. من استغلال معاناة الناس لتجنيد الميليشيات، ويزداد وكلاؤها قوة في المناطق الرئيسية، بما في ذلك جنوب البلاد. وتُدر تجارة المخدرات دخلا معتبرا لهذه الجماعات، كما تُشكل تهديدا متزايدا على المنطقة وخارجها.
- اللاجئون: لا يرجع أي من اللاجئين - أو حتى عدد متواضع منهم - إلى سوريا بسبب عدم تحسن الأوضاع الأمنية والاقتصادية والسياسية في البلاد. ويتناقص التمويل الدولي للاجئين، فضلا عن المجتمعات المضيفة، مما يهدد الهياكل الأساسية لدعم اللاجئين.

ما ينبغي فعله؟
من اللازم اعتماد نهج فعال جديد يعيد تركيز الجهود الرامية إلى إيجاد حل سياسي للأزمة، والتخفيف من تداعياتها الإنسانية والأمنية. ينبغي للنهج المختار أن يتحلى بالتدرج، وأن يركز في بدايته على الحد من معاناة الشعب السوري. كما يتعين كذلك تحديد الإجراءات التي من شأنها تعزيز الجهود الرامية إلى مكافحة الإرهاب، والحد من النفوذ الإيراني المتنامي، ووقف المزيد من التدهور الذي يضر بمصالحنا الجماعية.
ومن شأن ذلك النهج أن يستهدف تغييرا تدريجيا في سلوك النظام الحاكم في مقابل حوافز يجري تحديدها بعناية لصالح الشعب السوري، مع إتاحة بيئة مواتية للعودة الطوعية للنازحين واللاجئين. السبيل إلى ذلك:
1) وضع نهج تدريجي للتوصل إلى حل سياسي على أساس القرار 2254.
2) بناء الدعم المطلوب للنهج الجديد لدى الشركاء الإقليميين والدوليين ذوي التفكير المماثل.
3) السعي إلى الاتفاق على هذا النهج مع روسيا.
4) الاتفاق على آلية لإشراك النظام السوري.
5) التنفيذ.

المقاربة
نهج تدريجي يتبناه جميع الشركاء والحلفاء لتشجيع السلوك الإيجابي والاستفادة من نفوذنا الجماعي لتحقيق ذلك. فهو يقدم حوافز للنظام مقابل اتخاذ التدابير المنشودة والتغييرات السياسية المطلوبة التي سيكون لها أثرها المباشر على الشعب السوري. وسيتم تحديد «العروض» المقدمة إلى النظام بدقة في مقابل «المطالب» التي سوف تُطرح عليه. وسوف ينصب التركيز الأولي على القضايا الإنسانية في كل من العروض والمطالب. مع التقدم التدريجي على مسار القضايا السياسية التي تُتوج بالتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2254. وسوف يتم الاتفاق على العروض والمطالب مع الأمم المتحدة، استنادا إلى بياناتها الخاصة بالاحتياجات الإنسانية.
1) بناء الدعم: من الأهمية أن يدعم الحلفاء العرب والأوروبيون الرئيسيون هذا النهج. وسوف يضمن ذلك صوتا جماعيا في المحادثات مع النظام وحلفائه. وسوف يضمن أيضا ألا نفقد نفوذنا نتيجة لفتح بعض البلدان قنوات ثنائية مع النظام السوري.
وسوف نتفق على البلدان التي نتقارب معها في بداية الأمر بغرض التشاور والدعم. وسوف تتلخص الخطوة التالية في تأييد هذا النهج ضمن (المجموعة المصغرة) قبل السعي إلى الحصول على تأييد الحلفاء كافة.
2) إشراك روسيا: إن كسب موافقة روسيا على هذا النهج هو عامل أساسي من عوامل النجاح. ومن الممكن الاستعانة بالاعتراف بالمصالح الروسية «المشروعة» وتضمينها في إطار «العرض» لضمان قبول وتنفيذ هذا النهج من قبل النظام السوري. إن تحديد الأرضية المشتركة مع روسيا أمر ضروري لضمان التقدم نحو حل سياسي. كما أنه من اللازم لنجاح الجهود الرامية إلى مواجهة النفوذ الإيراني المتنامي. وقد كانت روسيا منفتحة على العروض الخاصة بالقضايا الإنسانية مقابل إجراءات عملية من جانب النظام الحاكم.
3) إشراك النظام: يمكن أن تتم المشاركة من خلال قنوات متعددة:
- المشاركة غير المباشرة عبر روسيا.
- المشاركة المباشرة من مجموعة من الدول العربية. (هذا من شأنه رأب التصدعات في الموقف العربي، ومعالجة المخاوف بشأن غياب الدور العربي الجماعي في الجهود الرامية إلى حل الأزمة، والاستفادة من المشاركة العربية مع النظام من أجل الحصول على الحوافز مع تأطيرها ضمن الجهود الرامية إلى إحداث تغييرات إيجابية). ويمكن أن تقود الأردن تواصلا مبدئيا مع النظام لضمان الالتزام قبل بدء الاتصالات الموسعة.
4) التنفيذ: سوف توضع آلية رسمية لرصد التنفيذ والامتثال. وسوف تتولى الأمم المتحدة مسؤولية تقديم جميع المساعدات الإنسانية. وسوف يؤخذ تجسيد الاتفاق ضمن قرار صادر عن الأمم المتحدة في الاعتبار.
الخطوات التالية (لتطبيق المبادرة):
1) مناقشة النهج والاتفاق عليه.
2) الاتفاق على قيام الأطراف بصياغة المطالب والعروض.
3) الاتفاق على خريطة الطريق وكيفية المضي قدما.
من شأن هذا النهج أن يواجه العقبات بكل تأكيد. بل وربما يصل إلى طريق مسدود مع بدء المرحلة السياسية. ومع ذلك، فإن تركيزه الأولي على البُعد الإنساني سوف يخفف من معاناة السوريين، وسيدعم الجهود الرامية إلى مكافحة التنظيمات الإرهابية، ويقلل من النفوذ الإيراني في أجزاء معينة من سوريا. كما أنه سوف يعيد بناء الصوت الجماعي الموحد بين الشركاء والحلفاء إزاء الأزمة، مع استعادة زمام المبادرة في محاولة لإيجاد حل سياسي ووقف الكارثة الإنسانية.

جدول الخطوات
وتضمن الوثيقة ملحقا سرياً يتضمن شرحا لمقاربة «خطوة مقابل خطوة»، يشمل البند المحدد و«المطلوب» من دمشق و«المعروض» من الآخرين. وتبدأ الخطوة الأولى بـ«ضمان وصول المساعدات الإنسانية والاتفاق على تدفق المساعدات الإنسانية عبر الحدود مقابل تسهيل قوافل الأمم المتحدة عبر الخطوط داخل سوريا، وإرسال المساعدات الصحية إلى سوريا».
وتشمل الخطوة الثانية تهيئة دمشق «البيئة المواتية للعودة الآمنة للنازحين واللاجئين ومنح المفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حق الوصول الكامل إلى المناطق المعنية، بما في ذلك ضمان عدم اضطهاد العائدين وتسهيل عودة النازحين إلى ديارهم» مقابل خطوات غربية تشمل «اعتماد خطة المساعدة المرحلية للسوريين الذين يعيشون في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، من خلال زيادة المساعدات الإنسانية بالتنسيق مع النظام، وتمويل مشاريع الإنعاش المبكر، وتمويل مشاريع إرساء الاستقرار وتنفيذها وتمويل برامج التعافي المبكرة الخاصة بالمساعدة لعودة النازحين واللاجئين إلى ديارهم ومدنهم وصياغة البرامج ودعم وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية التي تساعد على استعادة نوع من الحياة الطبيعية في سبل عيش الشعب السوري بشكل عام».
تتعلق المرحلة الثالثة بـتطبيق القرار 2254 و«المشاركة الإيجابية من دمشق في اللجنة الدستورية المؤدية إلى إصلاح الدستور»، و«الإفراج عن المعتقلين والسجناء السياسيين، وتحديد مصير المفقودين والاتفاق على تشكيل صيغة حقيقية للحكومة تؤدي إلى حكم أكثر شمولا في سوريا وإجراء الانتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة بما يؤدي إلى تشكيل الحكومة الشاملة».
في المقابل، توافق دول عربية وغربية على «التخفيف التدريجي للعقوبات المفروضة على سوريا. بما في ذلك تسهيل تجارة السلع مع أطراف ثالثة، ورفع العقوبات عن القطاعات العامة السورية، بما في ذلك البنك المركزي، والكيانات الحكومية، والمسؤولون الحكوميون، ورفع العقوبات القطاعية، وإجراء التقارب الدبلوماسي التدريجي لاستعادة العلاقات مع سوريا، وإعادة فتح البعثات الدبلوماسية في دمشق والعواصم المعنية، وتسهيل عودة سوريا إلى المحافل الدولية واستعادة مكانتها في جامعة الدول العربية».

ماذا عن «داعش»؟
أما المرحلة الرابعة من البرنامج، فتشمل «مكافحة داعش والجماعات الإرهابية، والتعاون في التصدي لتنظيم (داعش) والعناصر الإرهابية المماثلة، بما في ذلك في شرق سوريا، والمناطق الخاضعة لسيطرة النظام في جنوب سوريا والصحراء السورية، والتعاون في مواجهة المقاتلين الأجانب، وتبادل المعلومات الأمنية حول الجماعات الإرهابية، والروابط مع عناصر التجنيد الدولية، وشبكات التمويل، ووقف أنشطة الجماعات المتطرفة المرتبطة بإيران واستفزازاتها للطوائف السنية والأقليات العرقية في سوريا»، مقابل «التعاون مع النظام السوري وروسيا في مكافحة الإرهاب في شمال غربي سوريا، ومكافحة العناصر الإرهابية في شرق سوريا والتنسيق بين النظام و(قوات سوريا الديمقراطية) في التعامل مع سكان مخيم الهول، والمقاتلين الأجانب، وعناصر (داعش) المعتقلين وتمويل مشاريع إرساء الاستقرار والتعافي المبكر في المناطق المحررة من (داعش) والخاضعة لسيطرة النظام السوري».
في المرحلة الخامسة، يتم «إعلان وقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد، وانسحاب جميع العناصر غير السورية من خطوط المواجهة والمناطق الحدودية مع دول الجوار، مما يؤدي إلى إعلان وقف العمليات العسكرية الكبرى وإعلان وقف إطلاق النار في كل أنحاء البلاد ووقف جميع العمليات العسكرية بما في ذلك القصف الجوي والغارات ووقف جميع العمليات الجوية العسكرية الأجنبية فوق سوريا، ما لم يكن ذلك في إطار عملية وقف إطلاق النار، واالتزام الشركاء على الأرض في سوريا والحلفاء الإقليميين (بما في ذلك تركيا) بوقف إطلاق النار المعلن في جميع أنحاء البلاد».
وفي المرحلة السادسة والأخيرة، يتم «انسحاب جميع القوات الأجنبية، والمشاركة الإيجابية مع البلدان المجاورة والالتزام بالاستقرار والأمن الإقليميين، بما في ذلك الوفاء بالالتزامات بموجب منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، والحد من النفوذ الإيراني في أجزاء معينة من سوريا، وانسحاب جميع القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب من سوريا لما بعد عام 2011، وانسحاب القوات الأميركية وقوات التحالف من شمال شرقي سوريا، بما في ذلك من قاعدة التنف»، في المقابل يتم «فتح قنوات تنسيق بين الجيش السوري والأجهزة العسكرية والأمنية في دول الجوار لضمان أمن الحدود مع سوريا».



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.