إعفاءات من «قانون قيصر» لتسهيل «التعافي المبكر»

واشنطن: أبلغنا الشركاء بعدم تشجيع التطبيع مع الأسد

TT

إعفاءات من «قانون قيصر» لتسهيل «التعافي المبكر»

زيارة وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، لدمشق، لم تشكّل مفاجأة لأحد. على الأقل هذا ما أعلنته وزارة الخارجية الأميركية، على لسان المتحدث باسمها نيد برايس، الذي أكد أن الوزير أنتوني بلينكن «تسنّى» له الحديث مع نظيره الإماراتي، الأسبوع الماضي في بريطانيا، وأن الزيارة لم تكن مفاجئة للولايات المتحدة.
وأعاد متحدث باسم الخارجية في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، التأكيد على المواقف التي أوردها برايس، مشيراً إلى «قلق» واشنطن من «الإشارات» التي ترسلها هذه الزيارة، وأنها «لن تدعم جهود التطبيع أو تأهيل (الرئيس) بشار الأسد الديكتاتور الوحشي. وهي رسالة ناقشناها مع شركائنا في المنطقة بما في ذلك الإمارات أيضاً وأوضحنا لهم موقفنا». وأضاف أنه «فيما يتعلق بالولايات المتحدة، فلن نطبّع علاقاتنا أو نرفع مستواها مع نظام الأسد، وموافقة واشنطن على استثناء أنبوب خط الغاز عبر سوريا نحو لبنان، من عقوبات قانون قيصر، ليست رسالة تشجيع للتطبيع مع الأسد».
لكنّ وزارة الخزانة الأميركية أصدرت قبل يومين «إعفاءات تتعلق بإجراء أنشطة ومعاملات تتعلق بالاستقرار والتعافي المبكر في سوريا»، بموجب «قانون قيصر: نفسه. وسمحت الإعفاءات للمقاولين ومنظمات المجتمع المدني والمتعاملين مع هيئات الأمم المتحدة التي تنفّذ مشاريع في سوريا، بتبادل تحويل الأموال وتلقيها، بما فيها من أميركيين، شرط الإبلاغ عنها مسبقاً». وحسب بيان الخزانة، فإن لوائح العقوبات السورية ذات الرقم 542.513 «تخوّل وفقاً لشروط معينة، الأمم المتحدة ووكالاتها وبرامجها وصناديقها والمنظمات ذات الصلة... المشاركة في جميع المعاملات والأنشطة التي تدعمها في سوريا، بما في ذلك أي أنشطة تتعلق بالاستقرار والتعافي المبكر».
وقال المتحدث: «إن أهداف الولايات المتحدة في سوريا هي: توسيع وصول المساعدات الإنسانية، وهي الأولوية القصوى بالنسبة لنا، وهذا ما يقاومه النظام السوري ويعمل للحد منه. ومواصلة جهود الولايات المتحدة والتحالف الدولي ضد (داعش) و(القاعدة) والمجموعات الإرهابية في سوريا. ومحاسبة النظام بالحفاظ على المعايير الدولية فيما يتعلق بحقوق الإنسان، والالتزام مع حلفائنا وشركائنا والأمم المتحدة من أجل تحقيق حل سياسي دائم عبر دفع مسار التسوية المحدد في القرار الدولي 2254».
من جهة أخرى، شددت فرنسا على أن الخطوة الإماراتية باتجاه دمشق «تعكس فعلاً سيادياً» لدولة الإمارات.
وقالت المتحدثة باسم خارجيتها آن كلير لوغوندر، إن «فرنسا لا تعلّق على الخيارات السيادية للدول الشريكة لنا، لكنها تؤكد أنه لا توجد لديها الآن أي نية للتطبيع مع النظام السوري، في ظل استمرار انتهاكات حقوق الإنسان وتوقف العملية السياسية».
وقال الدبلوماسي السوري المعارض بسام بربندي، إن غضّ نظر واشنطن عن الزيارة هو خطوة لتسليف موسكو موقفاً قبيل الحوار الاستراتيجي بين البلدين الذي سيبحث إبقاء طرق عبور المساعدات الإنسانية مفتوحة. وفي المقابل تتوقع واشنطن من دمشق أن تردّ بالمثل، بدعم أو ضغط من موسكو، ما قد يعني التوافق على خريطة طريق جديدة عبر سياسة «الخطوة مقابل خطوة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».