بيانات التضخم تصعق الأسواق

سجلت أعلى مستوياتها في عقود بكل من أميركا والصين

ارتفعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بأكبر معدل سنوي منذ 1990 (أ.ف.ب)
ارتفعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بأكبر معدل سنوي منذ 1990 (أ.ف.ب)
TT

بيانات التضخم تصعق الأسواق

ارتفعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بأكبر معدل سنوي منذ 1990 (أ.ف.ب)
ارتفعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بأكبر معدل سنوي منذ 1990 (أ.ف.ب)

تسبب ارتفاع مستويات التضخم في كل من الولايات المتحدة والصين أمس في إرباك واسع النطاق بالأسواق العالمية أمس، لتنقلب أغلب المؤشرات في أسواق الأسهم والسلع عقب نشر البيانات الأميركية.
وارتفعت أسعار المستهلكين بالولايات المتحدة بأكثر من المتوقع في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مع صعود تكاليف البنزين والغذاء، فيما أدى إلى أكبر زيادة بمعدل سنوي منذ 1990. وتوقع اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم ارتفاع الأسعار بمعدل سنوي 4.3 في المائة بالمقارنة مع المستوى المستهدف لـ«مجلس الاحتياطي الفيدرالي» البالغ اثنين في المائة. وأكد «الاحتياطي الفيدرالي» الأسبوع الماضي اعتقاده أن التضخم المرتفع حالياً مؤقت. لكن يخشى العديد من المستثمرين أن يؤدي التهوين من ارتفاع الأسعار إلى خطأ مكلف في السياسات.
واستمرت المخاوف المتعلقة بالتضخم في ثاني أكبر اقتصاد في العالم أيضاً؛ إذ أظهرت بيانات أن أسعار منتجات المصانع الصينية سجلت أعلى مستوياتها في 26 عاماً الشهر الماضي، مما عزز المخاوف من الدخول في حالة تضخم مصحوبة بركود اقتصادي.
وانتكست الأسهم الأوروبية بعدما ارتفعت في بداية التعاملات لتقترب من أعلى مستوياتها على الإطلاق الأربعاء. وهبط مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي 0.06 في المائة بحلول الساعة 14:45 بتوقيت «غرينيتش».
وفي آسيا، اختتمت الأسهم اليابانية تعاملات الأربعاء على انخفاض مع تأثير ارتفاع تكاليف المواد الخام بالسلب على أرباح بعض الشركات وإضعافه الشهية للمخاطرة. وأغلق مؤشر «نيكي» منخفضاً 0.61 في المائة إلى 29106.78 نقطة، موسعاً خسائره للجلسة الرابعة على التوالي، في حين تراجع مؤشر «توبكس الأوسع نطاقاً» عند الإغلاق 0.54 في المائة إلى 2007.96 نقطة.
وهوى سهم «سوميتومو رابر» 13.1 في المائة، و«إليكوم للإلكترونيات» 10.6 في المائة، مع خفض كلتا الشركتين توقعاتها للأرباح بفعل زيادة التكاليف. وتراجع كذلك سهم «كيرين هولدينغز للمشروبات» 6.23 في المائة بعد نتائج فصلية مخيبة للآمال، والتي تأثرت بقيود فيروس «كورونا» على التنقل.
غير أن محللين قالوا إن صورة الأرباح الكاملة ليست قاتمة؛ فقد قفز سهم «نيسان موتورز» 7.51 في المائة بعدما رفعت شركة تصنيع السيارات توقعاتها لأرباح التشغيل للعام بأكمله 20 في المائة مع تلقي هوامش الأرباح دفعة من الطرز الجديدة وتراجع العروض التحفيزية بسبب شح إمدادات المركبات.
من جانبها؛ تراجعت صباحاً أسعار الذهب مع ارتفاع الدولار وصعود عائدات السندات الأميركية قبل صدور بيانات التضخم الأميركية، لكنها عادت للارتفاع سريعاً بعد نشر البيانات.
وزاد سعر الذهب في المعاملات الفورية 1.79 في المائة ليسجل 1863.50 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 14:46 بتوقيت «غرينيتش».
وتراوح سعر الذهب قرب أعلى مستوياته في شهرين في الأيام القليلة الماضية بعد تطمينات من بنوك مركزية رئيسية الأسبوع الماضي بأن أسعار الفائدة ستظل منخفضة في الوقت الراهن وتمسك «مجلس الاحتياطي الفيدرالي» بوجهة نظره بأن التضخم «مؤقت».
وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، زادت الفضة في المعاملات الفورية 0.6 في المائة إلى 24.31 دولار للأوقية. وزاد البلاتين 2.71 في المائة إلى 1090.20 دولار، والبلاديوم 1.26 في المائة إلى 2047.50 دولار.


مقالات ذات صلة

بنك إنجلترا يحذر من تأثير زيادة الحواجز التجارية على النمو العالمي

الاقتصاد بنك إنجلترا في الحي المالي لمدينة لندن (رويترز)

بنك إنجلترا يحذر من تأثير زيادة الحواجز التجارية على النمو العالمي

حذر بنك إنجلترا يوم الجمعة من أن زيادة الحواجز التجارية قد تؤثر سلباً على النمو العالمي وتزيد من حالة عدم اليقين بشأن التضخم مما قد يتسبب في تقلبات في الأسواق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد ناقلة نفط يتم تحميلها في مصفاة رأس تنورة النفطية التابعة لـ«أرامكو السعودية» (رويترز)

شركات الطاقة السعودية تحقق 27.45 مليار دولار أرباحاً في الربع الثالث

حققت شركات الطاقة المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) أرباحاً بلغت نحو 102.94 مليار ريال سعودي (27.45 مليار دولار) خلال الربع الثالث من عام 2024.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد فتاة تتفاعل مع تجمع الفلسطينيين لتلقي الطعام الذي تعده جمعية خيرية وسط أزمة الجوع (رويترز)

القضاء على الجوع هدف مؤجل إلى 2050 بسبب الحروب والصراعات والتغير المناخي

سيطرت السياسة على نقاشات قمة توفير الغذاء ومحاربة الجوع في أسبوع الغذاء العالمي الذي أقيم في العاصمة الإماراتية أبو ظبي.

هبة القدسي (أبوظبي)
الاقتصاد لاغارد تتحدث إلى الصحافيين عقب اجتماع مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

لاغارد للقادة الأوروبيين: اشتروا المنتجات الأميركية لتجنب حرب تجارية مع ترمب

حثَّت رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد القادة في أوروبا على التعاون مع ترمب بشأن التعريفات الجمركية وشراء المزيد من المنتجات المصنوعة في أميركا.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد مسؤول في البنك المركزي النمساوي يتسلم أوراقاً نقدية جديدة من فئة 200 يورو (رويترز)

تقلبات اليورو تهدد الاستقرار العالمي

مع اقتراب اليورو من أسوأ شهر له منذ أوائل 2022، يحذر المحللون من أن التقلبات الحادة في العملة قد تصبح المصدر القادم لعدم الاستقرار بالأسواق العالمية.

«الشرق الأوسط» (لندن )

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
TT

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)

سيذهب الغانيون إلى صناديق الاقتراع في السابع من ديسمبر (كانون الأول) لاختيار رئيس جديد وبرلمان، في انتخابات تراقبها الأوساط الاستثمارية من كثب لتحديد كيفية توجيه الفائز للاقتصاد الذي يخرج من مرحلة تعثر في سداد الديون.

المتنافسون الرئيسيون لاستبدال الرئيس نانا أكوفو - أدو، البالغ من العمر 80 عاماً، الذي يتنحى بعد ولايتين على رأس دولة تنتج الذهب والكاكاو، هما الرئيس السابق جون دراماني ماهاما ونائب الرئيس الحالي محامودو باوميا. كما أن هناك 11 مرشحاً آخرين يتنافسون على المنصب، وفق «رويترز».

ما الذي يركز عليه المستثمرون؟

وصلت غانا إلى نهاية عملية إعادة هيكلة الديون الطويلة والمعقدة؛ حيث أعادت الحكومة هيكلة 13 مليار دولار من السندات الدولية بوصف ذلك جزءاً من خطة أوسع لخفض الديون بنحو 4.7 مليار دولار وتوفير نحو 4.4 مليار دولار من تخفيف السيولة خلال برنامج صندوق النقد الدولي الحالي الذي يستمر حتى عام 2026.

ومع بقاء الخطوة الأخيرة المتمثلة في التوصل إلى اتفاق مع الدائنين التجاريين غير الأوروبيين، فإن المستثمرين يقومون بالفعل بتقييم فترة ما بعد الانتخابات لمعرفة ما إذا كان الفائز سوف يستمر في الإصلاحات الاقتصادية اللازمة لضمان استدامة الديون. وتعهد ماهاما (65 عاماً)، الذي يتصدر العديد من استطلاعات الرأي، بمحاولة إعادة التفاوض على شروط اتفاق صندوق النقد الدولي لتأمين المزيد من التمويل. ووعد أيضاً بتعديل القانون لوضع سقف للدين العام يتراوح بين 60 و70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لمنع الاقتراض المفرط.

ومع ذلك، فإن فترة رئاسته السابقة (2012 - 2017) شهدت زيادة ملحوظة في الاقتراض للاستثمار في مشاريع البنية التحتية مثل الطرق، ما أوقعه في انتقادات بسبب نقص الكهرباء وارتفاع التضخم.

من جانبه، يتبنى بوميا (61 عاماً) شعاراً يتمثل في تحديث الاقتصاد من خلال الرقمنة، وخفض الضرائب، وتعزيز الانضباط المالي بهدف رفع النمو السنوي إلى متوسط ​​6 في المائة. وتعهد أيضاً بتحديد الإنفاق العام بنسبة 105 في المائة من عائدات الضرائب في العام السابق، وتقديم خطة ضريبية ثابتة، ونقل 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي من الإنفاق العام إلى القطاع الخاص لتوفير البنية الأساسية العامة.

هل يمكن للفائز إعادة التفاوض على برنامج صندوق النقد الدولي؟

من الشائع أن يلجأ القادة الجدد إلى صندوق النقد الدولي لمراجعة البرامج القائمة، كما حدث مؤخراً في سريلانكا. ويقول صندوق النقد الدولي، الذي يعد مقرض الملاذ الأخير لغانا في إعادة هيكلة ديونها بموجب الإطار المشترك لمجموعة العشرين، إن تركيزه الأساسي هو دعم الحكومة في استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي مع تمكين استدامة الدين والنمو الشامل. وقد وافق الصندوق حتى الآن على الأداء الاقتصادي لغانا في إطار برنامج قروضه الحالي البالغة قيمته 3 مليارات دولار.

ويؤكد الصندوق أنه يمكن تعديل برنامج غانا الحالي؛ حيث يتم تطوير برامج الإصلاح المدعومة من الصندوق بالتعاون مع الحكومات وتتم مراجعتها بشكل دوري. ومع ذلك، يجب أن تؤخذ أي مناقشات في الاعتبار مع ضرورة الحفاظ على قدرة البلاد على تحقيق الأهداف الاقتصادية المنشودة.

ما القضايا الاقتصادية الأخرى التي تؤثر في الانتخابات؟

سيتعين على الفائز في الانتخابات أن يعالج عدداً من القضايا الملحة، بما في ذلك أزمة تكاليف المعيشة، والبطالة المتفشية، وارتفاع الأسعار، وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر. ويخطط حزب ماهاما (المؤتمر الوطني الديمقراطي) لزيادة الإنفاق الحكومي في القطاعات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم، فضلاً عن تعزيز البنية الأساسية لدعم النمو وخلق فرص العمل، إذا فاز في الانتخابات.

أما حزب باوميا (الحزب الوطني الجديد) فيرغب في تحسين استقرار الاقتصاد من خلال خفض التضخم وجذب الاستثمارات الخاصة. وستواجه أي من الحكومات المقبلة خيارات محدودة في ظل العبء الثقيل للديون، وفقاً لتقرير «أكسفورد إيكونوميكس». وأظهرت تحليلات أن وعود ماهاما خلال الحملة الانتخابية بتحسين الظروف الاقتصادية للأفراد والأسر قد تجد نفسها في اختبار حقيقي نتيجة الحاجة إلى موازنة هذه الوعود مع مطالب صندوق النقد الدولي بالتحلي بضبط الإنفاق المالي.

السلع الأساسية على المحك

سيتعين على الحكومة الجديدة التعامل مع عملية الترخيص لمشاريع النفط والغاز الجديدة؛ حيث انخفض الإنتاج، الذي بدأ في عام 2010، في السنوات الخمس التي سبقت عام 2024. ويخطط ماهاما لمنح السكان المحليين المزيد من الملكية في مشاريع النفط والتعدين المستقبلية إذا فاز.

ويحتاج قطاع الكاكاو أيضاً إلى اهتمام عاجل. وانخفض الإنتاج في ثاني أكبر منتج للكاكاو في العالم إلى أدنى مستوى له منذ 20 عاماً، بسبب تدني أجور المزارعين، وأمراض النبات، وتهريب الحبوب، والتعدين غير القانوني الذي يدمر المزارع. وسوف تكون سوق الكاكاو العالمية مهتمة بشدة بمعرفة ما إذا كان الرئيس الجديد سينفذ مقترحات صندوق النقد الدولي لإجراء إصلاحات شاملة في القطاع، وما إذا كان نموذج التسويق الجديد الذي حل محل قروض الكاكاو المجمعة التي سادت لأكثر من ثلاثة عقود سوف يستمر.