انتقادات عراقية واسعة لعادل عبد المهدي بعد إدانته قمع المحتجين على نتائج الانتخابات

مسلحون تابعون لميليشيا مسلحة خلال احتجاج على نتائج الانتخابات أمام إحدى بوابات المنطقة الخضراء ببغداد يوم الجمعة الماضي (د.ب.أ)
مسلحون تابعون لميليشيا مسلحة خلال احتجاج على نتائج الانتخابات أمام إحدى بوابات المنطقة الخضراء ببغداد يوم الجمعة الماضي (د.ب.أ)
TT

انتقادات عراقية واسعة لعادل عبد المهدي بعد إدانته قمع المحتجين على نتائج الانتخابات

مسلحون تابعون لميليشيا مسلحة خلال احتجاج على نتائج الانتخابات أمام إحدى بوابات المنطقة الخضراء ببغداد يوم الجمعة الماضي (د.ب.أ)
مسلحون تابعون لميليشيا مسلحة خلال احتجاج على نتائج الانتخابات أمام إحدى بوابات المنطقة الخضراء ببغداد يوم الجمعة الماضي (د.ب.أ)

أثارت تصريحات أدلى بها رئيس الوزراء العراقي السابق، عادل عبد المهدي، بشأن طريقة التعامل القاسي مع متظاهري «الإطار التنسيقي» الرافض نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، سخط واستغراب طيف واسع من الكتّاب والمثقفين وجماعات الحراك الاحتجاجي. وعدّ كثيرون، أن ليس من حق عبد المهدي انتقاد طريقة تعامل السلطات الحكومية الحالية مع المتظاهرين في حين كان هو رئيس الوزراء الذي قُمعت في عهده المظاهرات الاحتجاجية في أكتوبر (تشرين الأول) 2019؛ ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 550 متظاهراً وإصابة نحو عشرين ألفاً، بحسب بعض الإحصاءات الرسمية؛ ما أدى إلى إقالته من منصبه تحت ضغط الاحتجاجات وأعداد الضحايا التي سقطت فيها.
وكان عبد المهدي قد انتقد أثناء ذهابه، أول من أمس، لمراسم «العزاء» التي أقامتها جماعات «الإطار التنسيقي» لقتلى يُزعم أنهم سقطوا في المواجهات التي وقعت بين المتظاهرين وعناصر مكافحة الشغب، يوم الجمعة الماضي، قرب المنطقة الخضراء ببغداد. ورغم أن مصادر وزارة الصحة تتحدث عن أن غالبية الجرحى في ذلك اليوم كانوا من القوات الأمنية وتنفي سقوط قتلى، فإن «الإطار التنسيقي» للمتظاهرين يؤكد مقتل اثنين منهم وإصابة عشرات آخرين.
وقال عبد المهدي، في تصريح مقتضب، إن «طريقة التعامل القاسية التي رأيناها عبر مشاهد واضحة من حرق للخيم ورمي رصاص كثيف هي أمور مستنكرة ومستهجنة، ويجب التحقيق فيها بدقة وأخذها على محمل الجد». وأضاف «يجب التحقيق وأخذ الأمر على محمل الجد وعدم التعامل مع ما حدث بهشاشة وسطحية، وإنما ينبغي التعامل معه بجدية للوصول إلى الحقائق».
وكانت عوائل خمسة عراقيين تقّدمت، في أبريل (نيسان) الماضي، بشكوى قضائية في باريس ضد عادل عبد المهدي الذي يحمل الجنسية الفرنسية، تتّهمه فيها بـ«جرائم ضد الإنسانية وتعذيب وإخفاء قسري» خلال مظاهرات أكتوبر 2019.
وما زالت جماعات في الحراك تحمّل عبد المهدي مسؤولية ما حدث في تلك الاحتجاجات وتطالب بمحاسبته، علماً بأنه ينفي هذه المزاعم ضده.
ورداً على تصريحاته الأخيرة، كتب رئيس حزب «البيت الوطني» المنبثق عن «حراك تشرين» حسين الغرابي عبر مدونته في «فيسبوك»، “لن يهدأ لنا بال ولن نشعر بأننا حققنا أهم مطلب لشهداء تشرين (سوى) بمحاكمتك ومن معك عن مسؤولية قتل إخوتنا بدم بارد باستخدام القناص وكل أدوات القمع الدموية». وأضاف «محاكمتك مطلبنا».
أما أستاذ الفلسفة في الجامعة المستنصرية، علي المرهج، فأبدى استغرابه الشديد من تصريحات عادل عبد المهدي، واعتبر أنه تكلّم «من دون وجل ولا خوف ولا خشية ولا حياء من أهالي شهداء تشرين ومن الجرحى ومن العراق وأهله». وأضاف «إن لم تستحِ فافعل ما شئت. قتل مئات الشهداء في انتفاضة تشرين وآلاف الجرحى ولم يرف له جفن. لا نرتضي خسارة أي عراقي مهما كان، ونحن نرفض الاعتداء على كل متظاهر». وتابع «نشجب الاعتداء على المتظاهرين الذين خرجوا للاعتراض على نتائج الانتخابات، وكنا نتمنى أن يكون الرافض للاعتداء عليهم، يكون من قبل رافضاً لقتل الشباب الحر في انتفاضة تشرين».
وكتبت أستاذة علم الاجتماع، لاهاي عبد الحسين، عبر مدونتها «هذا هو معيار الكيل بمكيالين. الراعي لا يفرق ولا يرى بعين ويغمض عيناً، كما الأب يساوي ولا يظلم، أما القائد والرئيس فيعمل وفقاً للقانون ليحفظ للمواطنين حرماتهم وكراماتهم».
وهاجم الصحافي والمدير السابق لدار المأمون للترجمة، ساطع راجي، تصريحات عبد المهدي بشدة، وقال «600 ضحية لرصاصك لم تذهب لعزاء واحد منهم، آلاف الجرحى لم تتكفل بعلاج واحد منهم»، في إشارة إلى تحميله رئيس الوزراء السابق مسؤولية إطلاق قوات الأمن النار على المحتجين في «حراك تشرين». وأضاف «ليتك تعيد قراءة واحدة من مقالاتك (عبد المهدي سبق أن نشر الكثير من المقالات) وتسترشد بها، كرسيك المفقود أطاح عقلك فتركك على أبواب الصبيان والقتلة. ليتك كنت معزياً حقيقياً في الضحايا الذين يقام لهم العزاء».
يشار إلى أن حكومة عادل عبد المهدي التي استمر لأكثر من عام بقليل شهدت صعوداً غير مسبوق لنفوذ الفصائل والميليشيات المسلحة، وهو اليوم أحد أبرز حلفاء تلك الفصائل والمعترضين على نتائج الانتخابات ضمن ما بات يعرف بـ«الإطار التنسيقي». ورغم عدم اشتراكه في الانتخابات الأخيرة، فإن بعض المصادر تتحدث عن حصوله على 3 مقاعد نيابية عبر دعمه قوائم بعض المرشحين الفائزين في الانتخابات. كما شهدت حقبة رئاسته الحكومة أكبر حراك احتجاجي في محافظات وسط وجنوب البلاد ذات الأغلبية الشيعية. واستمرت الاحتجاجات لأكثر من عام وأدت إلى إطاحة حكومته.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.