إيران تلعب على وتر مشدود في العراق

بين موقف مؤيد في ظاهره للكاظمي وآخر موارب للفصائل

محتجون على نتائج الانتخابات من أنصار «الحشد الشعبي» يجلسون إلى جانب خيمة نصبوها قرب المنطقة الخضراء أمس (أ.ف.ب)
محتجون على نتائج الانتخابات من أنصار «الحشد الشعبي» يجلسون إلى جانب خيمة نصبوها قرب المنطقة الخضراء أمس (أ.ف.ب)
TT

إيران تلعب على وتر مشدود في العراق

محتجون على نتائج الانتخابات من أنصار «الحشد الشعبي» يجلسون إلى جانب خيمة نصبوها قرب المنطقة الخضراء أمس (أ.ف.ب)
محتجون على نتائج الانتخابات من أنصار «الحشد الشعبي» يجلسون إلى جانب خيمة نصبوها قرب المنطقة الخضراء أمس (أ.ف.ب)

أياً كانت هوية منفذي محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، فإنها أحرجت خصوم الكاظمي، بمن في ذلك الفصائل المسلحة الموالية لإيران؛ أصابع الاتهام وجهت إلى عدد من هذه الفصائل من منطلق استخدام قسم منها الطائرات المسيرة لضرب أهداف يوجد فيها الأميركيون في العراق قبل الهدنة التي رعتها إيران بينهم وبين الحكومة العراقية.
الإدانات المشروطة التي صدرت عن الأجنحة السياسية لبعض تلك الفصائل تعبر عن مدى الحرج الذي أوقعتها فيه محاولة الاغتيال التي جاءت بعد يوم مما سمي «جمعة الفرصة الأخيرة» التي جرى فيها استهداف المتظاهرين أمام بوابة المنطقة الخضراء، الأمر الذي أدى إلى سقوط قتيلين وجرح العشرات. وفيما تصاعدت عملية اتهام الكاظمي، وتهديده بشكل صريح من قبل زعيم «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي، وإن كان التهديد عبر المحاكمة، مع عدم إمكانية التجديد له لولاية ثانية، فإن محاولة الاغتيال قلبت الموازين رأساً على عقب لصالح الكاظمي.
ردود الفعل الدولية الغاضبة، بما في ذلك موقف إيراني بدا قوياً من حيث الظاهر، لكنه لم يؤدِّ في النهاية إلى تغيير موقف الفصائل من عملية الاستهداف. ومع ذلك، فإن هذا الموقف الذي تم التعبير عنه رسمياً من قبل رئيس مجلس الأمن القومي في إيران علي شمخاني، ومن ثم المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، أدى في النهاية إلى تقوية موقف الكاظمي، وأضعف موقف الخصوم الذين كانوا قد اقتربوا يوم الجمعة من حسم المعركة مع الكاظمي لصالحهم.
وفي سياق ما بدا أنه دعم إيراني للكاظمي، الذي تزامن مع دعم أميركي أقوى، فقد جاءت زيارة قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» إسماعيل قاآني إلى بغداد ولقاءاته المحدودة مع الزعامات العراقية لتؤكد أن إيران تريد الارتقاء بموقفها إلى ما يجعلها تنظر إلى مثل هذه العمليات بصفتها سياسة مخالفة لتوجهاتها.
وطبقاً للمعلومات المسربة من وراء كواليس اللقاءات والاجتماعات، فإن قاآني كان قد عبر لمن التقاهم من الزعماء العراقيين، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي نفسه، ومن ثم رئيس الجمهورية برهم صالح، عن عدم موافقة إيران على ما جرى للكاظمي. وطبقاً للمعلومات ذاتها، فإن قاآني لم يلتقِ قادة الفصائل، مثلما يحصل في زياراته السابقة، لكنه استثنى زعيم تحالف «الفتح» هادي العامري.
ومع أنه لم يعرف ماذا دار في اللقاء بين قاآني والعامري، فإن الأخير، وفي رأي يعكس خلافاً واضحاً مع زعيم «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي الذي بقيت مواقفه متشددة، دعا في بيان له أمس إلى التهدئة، وترك الأمور للقضاء.
وفيما شكك الخزعلي في تصريحاته لقناة «الجزيرة» بالانتخابات، ودعوته إلى إعادة إجرائها، فإن العامري دعا إلى «التهدئة الإعلامية، وترك الأمور إلى القضاء واللجان الفنية المشكلة لحسم الحوادث التي حصلت مؤخراً، من الاعتداء على المتظاهرين السلميين، واستهداف منزل رئيس مجلس الوزراء».
وحول طبيعة المواقف الدولية حيال محاولة اغتيال الكاظمي، ومنها ما صدر عن الولايات المتحدة الأميركية ومجلس الأمن، وما إذا كانت تعبيراً عن مواقف داعمة للعراق أم تدخلاً في شؤونه، يقول الدكتور خالد عبد الإله، عميد كلية العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية، لـ«الشرق الأوسط» إنه «على الرغم من أن العراق تحت البند السادس، فإن ذلك لا يعني بالضرورة أن يكون مقدمة لعودة التدخل الدولي مباشرة عبر الفصل السابع، لكن بيان مجلس الأمن أكد على أهمية حماية السلم»، مبيناً أنه «بسبب علاقات الكاظمي الخارجية، فإن الهدف، سواء من بيان مجلس الأمن أو الاهتمام الدولي بمحاولة الاغتيال، يرمي إلى تجنيب العراق الصراعات الثانوية».
وأضاف عبد الإله أن «العراق نفسه لا يريد عودة التدخلات الدولية في شؤونه الخاصة، لكن كون العراق بلداً محورياً مهماً، فإن الدول شعرت بأن من واجبها الاهتمام بهذا الحادث الذي ربما تكون له تداعيات كبيرة غير محسوبة».
وفي السياق نفسه، يرى أستاذ العلوم السياسية عميد كلية الآمال الأهلية الدكتور عامر حسن فياض، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «كل حدث محكوم بقانون خاص. وفي الحدث العراقي، أي حدث نجد هناك غلبة للإرادة الخارجية على حساب الإرادة الداخلية، الأمر الذي يفتح باب التأويل بإمكانية التدخل الخارجي».
وأضاف فياض أنه «قبل حادث محاولة اغتيال الكاظمي، نجد هناك اهتماماً غير طبيعي بأمور داخلية عراقية. على سبيل المثال، النتائج الأولية للانتخابات، حيث رأينا كم التهاني التي حصل عليها الفائزون، مع أننا لسنا حتى الآن لا نعرف النتائج النهائية للانتخابات، الأمر الذي يوحي للمراقب بأن العراق يقاد من الخارج، ويفتح من جديد باب التأويلات بالتدخل في شؤونه».
وأشار الدكتور فياض إلى أن «العراق كان مقدراً له قبل الانتخابات 3 سيناريوهات: الأول الفوضى والاقتتال الداخلي، والثاني العودة إلى حكم تسلطي يشبه حقبة ما قبل 2003، والثالث الاعتماد على انتخابات مبكرة والقبول بنتائجها».
وبشأن السيناريو الأخير، يقول فياض إن «هذا هو الذي حصل، والأهم أن الانتخابات نجحت، على الرغم من أني كنت من الخاسرين، كوني رشحت ولم أفز، ولكنها كانت جيدة».



النهب يشل إمدادات الغذاء في غزة رغم تعهد إسرائيل بصد العصابات

يجد المجتمع الدولي صعوبات في الحصول على دعم إسرائيل لتحسين الوضع الإنساني المتدهور في غزة (أ.ب)
يجد المجتمع الدولي صعوبات في الحصول على دعم إسرائيل لتحسين الوضع الإنساني المتدهور في غزة (أ.ب)
TT

النهب يشل إمدادات الغذاء في غزة رغم تعهد إسرائيل بصد العصابات

يجد المجتمع الدولي صعوبات في الحصول على دعم إسرائيل لتحسين الوضع الإنساني المتدهور في غزة (أ.ب)
يجد المجتمع الدولي صعوبات في الحصول على دعم إسرائيل لتحسين الوضع الإنساني المتدهور في غزة (أ.ب)

قال ثلاثة مسؤولين مطلعين من الأمم المتحدة والولايات المتحدة إن إسرائيل تقاعست عن اتخاذ إجراءات صارمة ضد العصابات المسلحة التي تهاجم قوافل المواد الغذائية في قطاع غزة، على الرغم من تعهدها بفعل بذلك في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) للمساعدة في درء المجاعة عن القطاع الفلسطيني.

وأضاف المسؤولون الثلاثة الكبار أن ذلك التعهد، الذي تم التوصل إليه خلف الأبواب المغلقة، بدا وكأنه انفراجة لأنه منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023 وجد المجتمع الدولي صعوبات في الحصول على دعم إسرائيل لتحسين الوضع الإنساني المتدهور في القطاع الذي عصفت به الحرب.

لكن القوات الإسرائيلية ظلت تركز على حربها ضد حركة «حماس» ولم تتخذ إجراءات تذكر ضد العصابات القليلة التي تنشط في أجزاء من غزة تحت السيطرة الإسرائيلية، وذلك وفقا للمسؤولين الثلاثة الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم بسبب حساسية المعلومات.

وأحال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأسئلة المتعلقة بالتعهد وبعمليات الإغاثة في غزة إلى الجيش. وأحجم متحدث باسم الجيش الإسرائيلي عن التعليق على ما تم الاتفاق عليه في أكتوبر وما تم تنفيذه للحد من عمليات النهب.

وقال المتحدث: «إسرائيل اتخذت خطوات كبيرة للسماح بدخول أكبر قدر ممكن من المساعدات إلى غزة».

العنف خرج عن السيطرة

والآن يقول مسؤولون من الأمم المتحدة والولايات المتحدة إن عنف العصابات خرج عن السيطرة، ما أدى إلى شلل خطوط الإمداد التي يعتمد عليها معظم المدنيين في غزة، البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة، للبقاء على قيد الحياة.

وأظهر إحصاء عن الوقائع كان غير معلن في السابق وجمعته وكالات إغاثة تابعة للأمم المتحدة بالتعاون مع منظمات خيرية أنه في أكتوبر فُقد ما قيمته 9.5 مليون دولار من الأغذية والسلع الأخرى، أي ما يقرب من ربع إجمالي المساعدات الإنسانية التي أُرسلت إلى غزة في ذلك الشهر، بسبب الهجمات والنهب.

وقال شخصان مطلعان على الأمر إن تقييم أعمال النهب في نوفمبر (تشرين الثاني) لا يزال جارياً، لكن البيانات الأولية تظهر أنها كانت أسوأ بكثير.

وفي منتصف نوفمبر تعرضت قافلة مكونة من 109 شاحنات مستأجرة من جانب وكالات الأمم المتحدة للهجوم بعد دقائق من إصدار الجيش الإسرائيلي أمرا لها بمغادرة معبر حدودي في جنوب غزة خلال الليل، قبل عدة ساعات من الموعد المتفق عليه، وذلك وفقا لخمسة أشخاص مطلعين على الواقعة، بينهم اثنان كانا حاضرين.

وأضاف الخمسة أن قوات الجيش الإسرائيلي المتمركزة في مكان قريب لم تتدخل. وامتنع المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي عن التعليق على الواقعة.

انعدام القانون

وقال جورجيوس بتروبولوس رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في غزة إن وكالات الإغاثة غير قادرة على حل مشكلة انعدام القانون هناك بمفردها.

وذكر في تصريحات للصحافيين لدى عودته من غزة يوم الخميس: «أصبحت المشكلة أكبر من أن تتمكن المنظمات الإنسانية من حلها».

وأحجمت وزارة الخارجية الأميركية عن التعليق على التعهد الذي قطعته إسرائيل على نفسها في أكتوبر، لكنها قالت إن عمليات النهب تظل العقبة الرئيسية أمام إيصال المساعدات.

وقال متحدث: «نواصل الضغط على إسرائيل بشأن ضرورة تعزيز الأمن لضمان وصول القوافل التي تحمل المساعدات الإنسانية الضرورية إلى المدنيين الفلسطينيين في جميع أنحاء غزة».

وذكر مسؤول أمني إسرائيلي طلب عدم نشر اسمه أن عمليات النهب تراجعت في الأسابيع القليلة الماضية لكنها لا تزال تشكل تحديا.

وقال للصحافيين اليوم الثلاثاء: «تعلمنا الكثير بالتعاون مع المنظمات الدولية. من الصعب للغاية أن نصل إلى مرحلة من دون عمليات نهب على الإطلاق».

وضع إنساني سيئ للغاية

أصبحت آلة الإغاثة الدولية في حالة فوضى بعد 14 شهرا من الحرب التي تشنها إسرائيل على «حماس»، إذ تقول منظمات الأمم المتحدة والجمعيات الخيرية إن الأزمة الإنسانية في قطاع غزة وصلت إلى واحد من أسوأ مستوياتها لأنها غير قادرة على توصيل ما يكفي من الغذاء والإمدادات الطبية وتوزيعها على سكان غزة.

وأحيت جولة جديدة من محادثات وقف إطلاق النار هذا الشهر الأمل في إفراج «حماس» عن الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم منذ هجومها على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 وكذلك في إيجاد حلول لتعزيز المساعدات الإنسانية.

لكن عمليات الإغاثة متعثرة في الوقت الراهن بسبب الخلاف بين إسرائيل ومعظم المجتمع الدولي حول من يتحمل المسؤولية عن إطعام المدنيين في غزة والحفاظ على النظام في القطاع الفلسطيني.

ودأبت الأمم المتحدة والولايات المتحدة على دعوة إسرائيل إلى الالتزام بالقوانين الإنسانية الدولية وتوفير الأمن والمساعدة للمدنيين في غزة، لكن السلطات الإسرائيلية تقول إن واجبها الوحيد هو تسهيل نقل المواد الغذائية والإمدادات الطبية وإنها تفعل الكثير بشكل منتظم.

وقال جيمي مكجولدريك الذي شغل منصب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة من ديسمبر (كانون الأول) إلى أبريل (نيسان) إن حالة الجمود جعلت تنظيم عمليات الإغاثة وتنسيقها أمرا بالغ الصعوبة.

وقال مسؤولون أميركيون إنهم يراقبون نسبة سكان غزة الذين تستطيع منظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة تقديم المساعدات الغذائية لهم شهريا، وذلك لقياس مدى تفاقم أزمة الجوع.

وأظهرت بيانات الأمم المتحدة أن النسبة بلغت في نوفمبر 29 في المائة ارتفاعا من 24 في المائة في أكتوبر، لكنها تمثل انخفاضا حادا عن الذروة المسجلة وقت الحرب وتجاوزت 70 في المائة في أبريل.

مخابز تخرج من الخدمة

وقال محمد عبد الدايم مالك مخبز «زادنا 2» وسط قطاع غزة إنه و60 من عماله توقفوا عن العمل منذ شهر ولم يتمكنوا من توفير الخبز لنحو 50 ألف شخص يخدمونهم في الظروف العادية.

وأضاف لـ«رويترز» عبر الهاتف الأسبوع الماضي: «إحنا ما بيصلنا طحين بسبب السرقات».

ونفى المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ما قيل عن عدم حصول بعض المخابز على الدقيق.

لكن تقارير مراجعة يومية لعمليات المخابز يعدها برنامج الأغذية العالمي واطلعت عليها «رويترز» أظهرت أن 15 من 19 مخبزا تدعمها الوكالة التابعة للأمم المتحدة في غزة خرجت من الخدمة حتى 21 ديسمبر، وأن «زادنا 2» مغلق منذ 23 نوفمبر بسبب نقص الطحين.

وقال عبد الدايم إن بعض المواد الغذائية المسروقة تجد طريقها إلى السوق، ولكن بأسعار باهظة لا يستطيع سوى عدد قليل جدا من السكان تحملها.

وأوضح العاملون بالإغاثة أيضا أنهم يواجهون صعوبات في الوصول إلى شمال غزة، حيث استأنف الجيش الإسرائيلي العمليات العسكرية ضد «حماس» في أكتوبر. ويقدر أن ما بين 30 إلى 50 ألف مدني ما زالوا عالقين هناك، مع القليل من الغذاء والمساعدة الطبية.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إنه تم التجهيز لعمليات إغاثة إنسانية مخصصة للمنطقة.

وبخلاف العمليات العسكرية، أرجع أكثر من عشرة مسؤولين من الأمم المتحدة والولايات المتحدة تدهور الأوضاع الإنسانية داخل غزة في الأشهر الثلاثة الماضية إلى قرار اتخذته السلطات الإسرائيلية في أوائل أكتوبر بحظر شحنات الأغذية التجارية التي تُدخلها الشركات.

ووفقا لبيانات الجيش الإسرائيلي، تشكل تلك الشحنات جميع الأغذية الطازجة تقريبا وأكثر من نصف السلع التي دخلت غزة بين مايو (أيار) وسبتمبر (أيلول).

وقال مسؤولون من الأمم المتحدة والولايات المتحدة إن حظرها المفاجئ تسبب في نقص حاد في الإمدادات وجعل مهاجمة شاحنات المساعدات أمرا مربحا.

وفي أكتوبر، نُهب 40 في المائة من المساعدات التي دخلت من معبر كرم أبو سالم في جنوب غزة، وفقا لإحصاء الحوادث الذي اطلعت عليه «رويترز».

وقالت الأمم المتحدة إن السلطات الإسرائيلية قامت بتشغيل معبر كيسوفيم إلى جانب المعابر الأخرى، لكن العصابات هاجمت أيضا قوافل على ذلك الطريق.

وقال عاملون بالإغاثة وقطاع النقل في غزة إن العصابات تتشكل على أسس عشائرية، وتشمل بعض العناصر الإجرامية التي تم إطلاق سراحها من السجون في غزة في أثناء الهجوم الإسرائيلي.

وتضغط الأمم المتحدة والولايات المتحدة على إسرائيل لاستئناف الشحنات التجارية، وقالتا إن زيادة المعروض من الغذاء في غزة بشكل كبير من شأنها أن تؤدي إلى خفض الأسعار وتثني العصابات على النهب، لكن السلطات الإسرائيلية لم توافق.

شاحنات مفرغة

سعت الأمم المتحدة في وقت مبكر من الحرب إلى الاعتماد على شرطة غزة غير المسلحة لتأمين القوافل، لكن إسرائيل كانت تفتح عليها النار وتقول إنها لا يمكن أن تتسامح مع أي قوة مرتبطة بـ«حماس».

وذكر ضابط إسرائيلي خلال زيارة لمعبر كرم أبو سالم في أواخر نوفمبر أن مسؤولية توزيع المساعدات على سكان غزة تقع على عاتق الأمم المتحدة بمجرد أن تسمح إسرائيل بدخول المواد الغذائية عبر الحدود.

وقال العقيد عبد الله حلبي، الذي كان يرتدي سترة وخوذة واقيتين من الرصاص، للصحافيين وهو يشير إلى أكوام من المواد الغذائية إن المساعدات بانتظار قدوم المنظمات الدولية لتوزيعها.

لكن جورجيوس بتروبولوس رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في غزة قال إن هجمات العصابات تجعل ذلك شبه مستحيل.

وذكر بتروبولوس وعاملون آخرون في الإغاثة أنهم أصيبوا بصدمة من الهجوم على قافلة من 109 شاحنات في 16 نوفمبر على بعد أربعة أميال من المعبر.

وأضافت المصادر الخمسة المطلعة أن مسلحين من عدة عصابات حاصروا القافلة وأجبروا السائقين على اتباعهم إلى تجمعات سكنية قريبة حيث سرقوا دقيقا ومستلزمات طعام من 98 شاحنة.

وذكرت المصادر أن المسلحين أطلقوا في الصباح سراح السائقين والشاحنات بعد إفراغ محتوياتها.