ادعى ضابط أمني رفيع في إيران أن جهاز استخبارات «الحرس الثوري» اختطف مدير موقع التسريبات «آمد نيوز»، الصحافي روح الله زم، الذي أعدمته السلطات العام الماضي، في إطار «صفقة تبادل» و«تعاون» من وكالة الاستخبارات الفرنسية.
وقال الضابط السابق في العمليات الخارجية بوزارة الاستخبارات الإيرانية، أكبر خوش كوشك، في مقابلة نشرها موقع «رويداد 24»، أمس، إن وكالة الاستخبارات الفرنسية (DGSE) وافقت على «صفقة تبادل» تسلم الصحافي الإيراني مقابل المساعدة في إطلاق سراح ضابط فرنسي وقع في أسر الجماعات الموالية لإيران في سوريا، «بعد تسلله إلى صفوف تنظيم داعش، منتحلاً هوية عربية».
وكان زم لاجئاً سياسياً في فرنسا بعد مغادرة إيران عقب احتجاجات الحركة الخضراء في 2009، وأعلنت السلطات الإيرانية اعتقاله في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 في عملية استخباراتية «معقدة» جرت على الأراضي العراقية، ونقله إلى طهران، وأعلنت في 12 ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، تنفيذ حكم الإعدام بحقه، ذلك بعدما بثت السلطات الإيرانية اعترافات متلفزة من الصحافي الذي واجه أكثر من 10 تهم في القضاء الإيراني، بينها التآمر على قلب نظام الحكم.
ويعرض الضابط السابق التفاصيل الجديدة عن اعتقال زم تحت مسمى «مقايضات أجهزة الاستخبارات»، ويشير إلى أن فكرة استبدال زم جاءت بعدما طلبت الاستخبارات الفرنسية «وساطة» إيرانية لإطلاق سراح ضابطها «من إحدى مجموعات المقاومة نظراً لارتباطها الوثيق بإيران»، وقال «أظهرت متابعة الجانب الإيراني أن الشخص المطلوب من الاستخبارات الفرنسية ليس منخفض المستوى»، مشيراً إلى أن إيران اقترحت على الجانب الفرنسي صفقة التبادل، الذي بدوره «تعاون» و«قطع وعوداً لنا بتسليم زم، لكن بخطة».
وأشار خوش كوشك إلى أن الجانب الإيراني استدرج زم إلى النجف العراقية، بعدما تلقى وعوداً وهمية، بمقابلة شخصيات دينية متنفذة. وادعى أن الاستخبارات الفرنسية أجرت اتصالات بالجانب الإيراني بعد لحظات من مغادرته مقر السفارة الفرنسية في باريس. وقال «تم تجهيز فخ جيد… وفي النهاية كان يجب إعداد العمل بطريقة لا يلقى اللوم على الجانب الفرنسي». وأضاف: «عندما عبر زم إلى الأراضي الإيرانية (بعد اعتقاله في النجف)، جرى نقل الضابط الفرنسي من دمشق إلى إسطنبول وهناك جرى تسليمه للفرنسيين».
وأثار نشر المقابلة قبل ساعات من وصول علي باقري كني، نائب وزير الخارجية الإيرانية إلى باريس، تساؤلات حول التوقيت، والهدف.
وعادة لا تنشر مواقع إيرانية معلومات من هذا النوع إلا بعد أذن أمني مسبق. وارتبط اسم خوش كوشك بملفات مثيرة للجدل، منها اغتيالات نفذتها المخابرات الإيرانية خارج الأراضي الإيرانية، أشهرها اغتيال الشاعر والمغني فريدون فرخزاد، في أغسطس (آب) 2008 في برلين، وهو شقيق الشاعرة الإيرانية، فروغ فرخزاد.
تعمق المعلومات الجديدة من تعقيد قضية زم الذي كان يحظى بحماية أمنية في فرنسا بعد تهديدات باغتياله. وواجه اختطاف وإعدام زم تنديدات دولية واسعة. وقالت باريس في بيان رسمي إن «إعدام الصحافي الإيراني عمل همجي غير مقبول، ويتعارض مع تعهدات إيران الدولية».
ولم يصدر أي تعليق فرنسي على الاتهام الذي أثار تفاعلاً واسعاً، سواء في المواقع الخبرية الناطقة بالفارسية، في الداخل والخارج الإيراني، وتصدر اهتمام الإيرانيين بشبكات التواصل الاجتماعي.
وخطف موقع «آمد نيوز»، الأضواء قبل أن يترشح الرئيس السابق، حسن روحاني، لولاية ثانية، ونشر العديد من الوثائق حول تورط مسؤولين إيرانيين بموازاة التسريبات التي سبقت الانتخابات الرئاسية في 2017. كما ركز الموقع على نشر معلومات عن الأنشطة الإقليمية لـ«الحرس الثوري» واتهامات طالت قياداته بالفساد، كما نشر وثائق تستهدف رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام الحالي، صادق لاريجاني، عندما كان رئيساً للجهاز القضائي.
وتوجه السلطات أصابع الاتهام إلى زم في إشعال الاحتجاجات المعيشية في ديسمبر (كانون الأول) 2017، على خلفية تغطيته لأحداث الاحتجاجات في قناة «آمد نيوز» التي وصلت إلى مليوني متابعة قبل إغلاقها من إدارة «تليغرام». وفي نسختها الثانية، تجاوزت القناة أكثر من مليوني متابع، قبل أن تعلن استخبارات «الحرس الثوري» نبأ اعتقاله لأول مرة عبر القناة المذكورة، ومصادرتها منذ ذلك الحين.
وخلال المحاكمة نفى زم الاتهامات الموجهة إليه، وقال «كنت صحافي يوم بمهام صحافية».
في مارس (آذار) العام الماضي، بث التلفزيون الإيراني الموسم الثاني من المسلسل الاستخباراتي «غاندو»، الممول من جهاز استخبارات «الحرس الثوري»، الذي تمحور موسمه الأول حول «تفوق» جهاز الاستخبار (الحرس) على وزارة الاستخبارات.
وتبدأ الحلقة الأولى بمشهد تسليم الصحافي زم إلى ضابط رفيع في استخبارات «الحرس الثوري» في نقطة حدودية بين إيران والعراق. ويتحدث الضابط الإيراني، باللغة الفرنسية، إلى رجل يرتدي ملابس عراقية.
من جانب آخر، أشار خوش كوشك إلى تعاون بين أجهزة الاستخبارات الإيرانية، وجهاز الاستخبارات التركي (ميت) على مدى الأربعين عاماً الماضية. وقال «حتى الآن تبادلنا طلبات للتبادل جرت بموافقة الجانبين». وأشار إلى اعتقال المعارض فرود فولاوند، مؤسس منظمة تطالب بإعادة نظام الشاه، ضمن صفقة تبادل. ولفت في الوقت ذاته إلى أن اعتقال المعارض الأحوازي، حبيب آسيود، القيادي السابق في حركة «النضال العربي لتحرير الأحواز»، في إسطنبول وتسلميه إلى إيران، جاء مقابل طلبات تركية.
وكانت تركيا قد أعلنت عن اعتقال شبكة اتهمتها بالتورط في اختطاف آسيود الذي يحمل الجنسية السويدية. وأعلن القضاء الإيراني، أول من أمس، عن صدور لائحة اتهام بحق الناشط الأحوازي، وتقديمها إلى «محكمة الثورة» التي تنظر في الملفات السياسية والأمنية.
مسؤول أمني إيراني يدعي «صفقة تبادل» مثيرة للجدل بين طهران وباريس
مسؤول أمني إيراني يدعي «صفقة تبادل» مثيرة للجدل بين طهران وباريس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة