أميركا وروسيا توسعان تحركاتهما العسكرية شمال شرقي سوريا

واشنطن تقيم قاعدة في ريف الحسكة... وموسكو تنشر مروحيات في القامشلي

عربة أميركية في تل تمر شمال شرقي سوريا أمس (وكالة نورث برس)
عربة أميركية في تل تمر شمال شرقي سوريا أمس (وكالة نورث برس)
TT

أميركا وروسيا توسعان تحركاتهما العسكرية شمال شرقي سوريا

عربة أميركية في تل تمر شمال شرقي سوريا أمس (وكالة نورث برس)
عربة أميركية في تل تمر شمال شرقي سوريا أمس (وكالة نورث برس)

وسّعت واشنطن وموسكو تحركاتهما العسكرية شرق الفرات، وشهدت محافظة الحسكة بريفها الشمالي وصول قوة من الجيش الأميركي ورتل عسكري إلى بلدة تل تمر؛ تمهيداً لإنشاء قاعدة جديدة لها، في وقت نفذت المروحيات الروسية تدريبات عسكرية بالأسلحة الحية في مطار القامشلي، بعد وصول طائرة حربية وعدد من الطائرات القتالية من طراز «سوخوي - 35»، وأعلنت «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، أن خطوط التماس في تل تمر بالحسكة وعين عيسى بالرقة والطريق الدولية السريعة (إم 4)، شهدت تعزيزات استفزازية وتحشيداً من قِبل الفصائل السورية المدعومة من تركيا، وأكدت التزامها باتفاقيات خفض التصعيد.
وفي بلدة تل تمر، وصلت قوة من الجيش الأميركي ورتل عسكري وعربات همبر إلى مركز البلدة، وتوجهت نحو مدرسة مصعب بن نمير والثانوية الصناعية وتجولوا سيراً على الأقدام، وتبادلوا الحديث مع سكان المنطقة، وتمركزوا لأكثر من ساعة في دوار السوق الرئيسية، وقالت مصادر عسكرية من «مجلس تل تمر العسكري»، إن القوات الأميركية كثفت دورياتها في تل تمر بالتزامن مع التصعيد التركي بشن هجوم عسكري على مواقع قوات «قسد» وتنوي إنشاء قاعدة ثالثة في المنطقة.
وتتمركز قوات التحالف الدولي والقوات الأميركية في قاعدتي القصرك وتل بيدر التي تبعد عن تل تمر نحو 25 كيلومتراً من الجهة الشرقية وتضم مهبطاً للطيران، كما وصلت قافلة مواد لوجيستية لـهذه القواعد قادمة من إقليم كردستان العراق المجاور، تألفت من 25 شاحنة وصهريج تحمل الوقود، وكانت هذه القافلة الثالثة من نوعها خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي والثانية خلال أقل من 48 ساعة ضمت 40 شاحنة محملة بمواد لوجيستية ومعدات عسكرية قادمة عبر معبر الوليد الحدودي.
في سياق متصل، سيَّرت القوات الأميركية دورية عسكرية بريف مدينة المالكية (ديرك) الواقعة أقصى شمال شرقي الحسكة، وتقع بالقرب من المعبر الحدودي «سيمالكا» مع إقليم كردستان العراق، تألفت من 4 مدرعات انطلقت من مطار روباريا الزراعي التي تتخذها قاعدة عسكرية لها تضم مهبطاً للطيران، بالتزامن مع تحليق لحوامتين روسيتين في المجال الجوي للمنطقة.
أما في مدينة القامشلي، فشهد مطارها المدني مناورات وطلعات جوية مكثفة نفذتها المروحيات الروسية، وأجرت تدريبات عسكرية بالأسلحة الحية ومشاركة مروحيات قتالية؛ الأمر الذي أثار ذعر سكان المنطقة القاطنين بالقرب منها، وتنتشر القوات الروسية في القامشلي بعد العملية العسكرية التركية «نبع السلام» نهاية 2019، ويتواجد فيها 4 مروحيات قتالية وطائرة حربية، وقامت بتدريبات ومناورات مكثفة مع القوات الحكومية الموالية للأسد خلال الأيام الماضية، في مدن وبلدات تل تمر وعين عيسى بالرقة، والباب بريف حلب الشرقي، وتل رفعت بريفها الشمالي.
ميدانياً، قال المركز الإعلامي لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، إن مناطق التماس وخطوط الجبهة شهدت تحركات عسكرية وصفوها بالاستفزازية، وذكرت في بيان نُشر على موقعها الرسمي إلى قيام الفصائل السورية الموالية لتركيا برفقة القوات التركية، تحشيد قواتها وتعزيز مواقعها في نقاط التماس بريف مدينة رأس العين الجنوبي بالحسكة، وريف تل أبيض الغربي الجنوبي بالرقة وانسحب جزء إلى مدينة منبج بريف حلب الشرقي.
وقال المدير الإعلامي للمركز فرهاد شامي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، «شهدت هذه المحاور تحشيدات استفزازية من قِبل مرتزقة الاحتلال التركي، حيث تمركز المئات من المرتزقة برفقة جنود الاحتلال التركي ومدرعاتهم في عدد من نقاط التماس في المناطق المذكورة»، واتهم هذه القوات بمحاولتها خلق أجواء من التوتر والاستفزاز، وشدد شامي على أن «قواتنا تحافظ على ضبط النفس وتلتزم باتفاقيات خفض التصعيد من جانب، لكن نحن على أهبة الاستعداد والجاهزية لأي طارئ في جانب آخر».
إلى ذلك، ذكرت مصادر محلية وشهود عيان، أن قرية بريف بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة شهدت توتراً أمنياً وإطلاق نار، على خلفية رفض سكان قرية «سويدية الكبيرة» سوق أبنائهم إلى حملة التجنيد الذاتي وأطلق البعض الرصاص الحي، لترد قوات «قسد» بفرض طوق أمني وحصار على المنطقة، وطلبت من الأهالي تسليم كل من شارك بإطلاق النار والمطلوبين من مواليد خدمة الدفاع الإجباري، وأسفرت المواجهات التي جرت بسلاح خفيف ومتوسط عن 6 إصابات في صفوف المدنيين، بجروح متفاوتة مختلفة بين الأهالي وتم نقلهم إلى مشافي الطبقة.
وبحسب مصادر محلية، عمد الأهالي بعد الحادثة إلى طرد دورية تابعة لقوات «قسد»، لتستقدم الأخيرة تعزيزات عسكرية وطوقت القرية وسط سماع اشتباكات استمرت حتى ساعة متأخرة من ليل الاثنين الماضي.
من جهة أخرى، قُتل قيادي وعنصران من قوات «قسد» في ريف محافظة دير الزور باشتباكات منفصلة مع مسلحين مجهولين، وقال مسؤول عسكري في القوات من بلدة ذيبان وتبعد نحو 50 كيلومتراً شرقي دير الزور، إن القيادي إبراهيم الشهاب أحد قادة «قسد» فقد حياته باشتباك مسلح شنّه مجهولون على نقطته العسكرية في البلدة، في حين شهدت بلدات البصيرة والشحيل وذيبان بالريف الشرقي توتراً بعد مقتل عنصر من القوات باشتباك مسلح مع عناصر موالية لتنظيم «داعش»، كما قُتل عنصر ثالث من القوات باشتباك مع مسلحين ملثمين يشتبه بنشاطهم في صفوف خلايا التنظيم بالقرب من مخيم بلدة أبو خشب غربي دير الزور.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».