تشكيلي سعودي يحمل هموم الهوية والجدل بين الفن والحياة لأسترالياhttps://aawsat.com/home/article/3294566/%D8%AA%D8%B4%D9%83%D9%8A%D9%84%D9%8A-%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A-%D9%8A%D8%AD%D9%85%D9%84-%D9%87%D9%85%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%84-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9-%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A7
تشكيلي سعودي يحمل هموم الهوية والجدل بين الفن والحياة لأستراليا
جانب من أعمال الفنان التشكيلي السعودي حسين السماعيل المشاركة في المعرض (الشرق الأوسط)
الدمام:«الشرق الأوسط»
TT
20
الدمام:«الشرق الأوسط»
TT
تشكيلي سعودي يحمل هموم الهوية والجدل بين الفن والحياة لأستراليا
جانب من أعمال الفنان التشكيلي السعودي حسين السماعيل المشاركة في المعرض (الشرق الأوسط)
يعود الفنان التشكيلي السعودي حسين السماعيل إلى المشهد الفني بمشروعه الجديد الذي يحمل عنوان «بحثاً عن ضحكة حلوة» ضمن معرض شخصي يقام في مدينة أدلايد في جنوب أستراليا خلال الفترة من 8 نوفمبر (تشرين الثاني) إلى 17 ديسمبر (كانون الأول).
في هذه التجربة يستعين الفنان السماعيل بالرسومات والصور الفوتوغرافية والفيديو آرت، لإيجاد منصة تعبيرية لأفكاره التي ستجعل من المعرض حزمة من المعارض المتنوعة، على مستوى الموضوعات والخامات معاً، فأعمال المعرض كما يصفها السماعيل هي رحلة فنية تراهن على دمج العناصر البصرية في مقاربة جمالية لتمثلات الهوية العربية والسعودية المتنوعة، في بعدها الثقافي والحضاري، وهذا ما سيدفع بالتجربة ناحية النزعة التركيبية والمفاهيمية في تنفيذ بعض الأعمال المدرجة ضمن هذا المعرض.
معالجات متنوعة لثيمة المعرض، غير أنها جميعاً تحكي عن المنحنى الفني الذي اتخذه السماعيل في تجاربه الأخيرة، فما زال يركن إلى التجريدي والتكعيبي في تقديم رسومات صارخة في ألوانها لمحاكاة التنوع الذي تصنعه الجغرافيا السعودية في هوية الناس، كما لا تزال ألعاب الصورة الفوتوغرافية والفيديو آرت ذات تأثير واضح في حساسيته الفنية، وفي الربط بين حقول مختلفة من الفنون، ففي العمل المسمى «اندماج» يعالج التحديات التي يمر بها السعودي في محاولته للاندماج في الدول الأجنبية، والتأثيرات الإعلامية التي تطال صورة السعودي بالخارج، مستدعياً صورة الحجاب والعباءة والشماغ، والعقال كعلامات دالة على هذه الهوية.
هذا الجدل بين الفن والحياة يحرضه هذه المرة على التعاون مع مجموعة من الفنانين الأستراليين من ذوي الإعاقة لتحويل معاناتهم وآلامهم النفسية إلى حالة فنية ترتكز على الفيديو والصورة الفوتوغرافية، كما يختار السماعيل أيضاً ملامسة جائحة «كورونا» في عمل مفاهيمي يستدعي الكمامات والشرائط وضمادات الجروح، استكمالاً لرغبات معرض متعدد في موضوعاته وأساليبه، ومغامر في البحث عن هويته الفنية.
مصطفى الرزاز يستحضر الذكريات والفولكلور المصري عبر «رزق البحر»https://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/5119825-%D9%85%D8%B5%D8%B7%D9%81%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B2%D8%A7%D8%B2-%D9%8A%D8%B3%D8%AA%D8%AD%D8%B6%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%88%D9%84%D9%83%D9%84%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A-%D8%B9%D8%A8%D8%B1-%D8%B1%D8%B2%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D8%B1
مصطفى الرزاز يستحضر الذكريات والفولكلور المصري عبر «رزق البحر»
جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
استحضر الفنان المصري مصطفى الرزاز عناصر ورموزاً من الأساطير والفولكلور الشعبي المصري، واستدعى مَشاهد وذكريات مرَّ بها لسنوات طويلة، ثم مزج ذلك كله بفرشاته وخطوطه وخاماته المختلفة على مسطح أعماله؛ ليقدم مجموعة جديدة من اللوحات، والمنحوتات تنبض بالحياة، وتدعو إلى الاستمتاع بها.
في معرضه «رزق البحر» المُقام في «قاعة الزمالك للفن»، يترك الرزاز للمتلقي الفرصة للانغماس مع عالمه الذي جسَّده في أعماله، متنقلاً ما بين البحر والصيد والمرأة والأسماك؛ وخلال ذلك تتشبَّع عين الزائر بجماليات أعماله، ويتزوَّد وجدانه بدفء حكاياته.
الصياد وشِباك السمك (إدارة الغاليري)
يضمّ المعرض نحو 60 لوحة كبيرة، و64 لوحة صغيرة، فضلاً عن 45 قطعة نحتية، تتميّز بأنَّ «البطولة المطلقة» فيها للأسماك في المقام الأول؛ فهي ليست مجرّد عنصر رمزي، أو مفردة من البيئة تزدان بها الأعمال، لكنها ذات حضور طاغٍ، فتلتقيها على مسطّح اللوحات محمولة بعناية بين الأيدي، أو عروس للبحر، أو في صورة فرس البحر الذي يبدو صديقاً حميماً للإنسان، ورمزاً لحمايته، كما جاء في الحضارة المصرية القديمة، وغير ذلك من مَشاهد تُعزّز مكانتها.
عمل نحتي برونزي يُبرز احتفاء الإنسان بالسمك (إدارة الغاليري)
اللافت أنَّ الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بعناصر العصفورة والهدهد والنبات في أعماله؛ في رمز للسلام والنماء، والتماهي مع البيئة المصرية. وبدا واضحاً أنّ لإقامته طويلاً في حي المنيل المطلّ على النيل بالقاهرة بالغ الأثر في أعماله بالمعرض؛ فقد قدَّم مَشاهد حياتية يومية عن قرب لمناظر الصيد والمراكب. يقول الفنان لـ«الشرق الأوسط»: «عندما تُشرق الشمس في صباح كل يوم، أحبُّ النظر إلى نهر النيل حيث جمال المنظر والحضارة والتاريخ».
ومن أكثر المَشاهد التي استوقفته في الصباح الباكر، حركة المراكب والاستعداد للصيد. لذلك استخدم «النظارة المُعظمة» ليتأمّلها عن قرب، فإذا به يكتشف أنَّ مَن يقُمن بالصيد في هذه المنطقة نساء.
لوحة المرأة الفلسطينية ترمز إلى نضال غزة (إدارة الغاليري)
يواصل الفنان المصري حديثه: «وجدتُ أنهن قبل الصيد يُحضّرن الفطور، ويتناولنه مع أطفالهن وجاراتهن بشكل جماعي يومياً قبل التوجه إلى العمل».
أثار ذلك اهتمام الرزاز، فتوجَّه إلى نقطة تجمعهن، والتقى معهن، ومن خلال حديثه معهن، اكتشف أنّ الرجال لا يشاركونهن الصيد في هذا المكان؛ فيقتصر الأمر عليهن لانشغال أزواجهن بالعمل في مجالات أخرى.
كما اكتشف الفنان أنّ المراكب التي يخرجن للصيد بها هي بيوتهن الدائمة؛ حيث يقمن بها، ولا مكان آخر يؤوي هذه الأسر.
«عروس البحر»... حلم قد يراود الصياد (إدارة الغاليري)
استهوته هذه الحكايات الإنسانية، وفجَّرت داخله الرغبة في تجسيد هذا العالم بفرشاته. يقول: «كانت تجربة غنية ومفيدة جداً بالنسبة إليّ؛ مثلت منبعاً للإلهام. من هنا جاء اهتمامي بتناول البحر والأسماك والصيد في عدد من معارضي؛ منها هذا المعرض الجديد، ولا أعني هنا البحر والصيد فيه وحده، إنما نهر النيل كذلك؛ إذ إنَّ كلمة البحر في اللغة المصرية الدارجة تشير إليهما معاً».
واتخذ الرزاز قراراً بتخصيص المعرض كله للصيد، من دون الاقتصار على تجربة الصيادات الإنسانية؛ فثمة قصص أخرى للصيد في الوجه القبلي، وفي المناطق الساحلية حيث يقتصر الصيد على الرجال.
من أعمال الفنان في المعرض (إدارة الغاليري)
ويتابع: «سافرت إلى الإسكندرية (شمال مصر) وشاركتهم رحلة للصيد، وتأثّرت جداً بعملهم، فتشرَّبت تفاصيل حياتهم، وطريقة عملهم، وصوَّرتهم فوتوغرافياً، إلا أنني تركتها جانباً، ورسمت التكوينات من خيالي، حتى تختلف عن الرؤية المباشرة أو التسجيل».
لقطة من معرض «رزق البحر» (إدارة الغاليري)
ويرى الرزاز أنه عندما يرسم الفنان الواقع كما هو، يُفقده جمالياته وحرّيته في التعبير. لكن لماذا يمثّل البحر والصيد كل هذا الاهتمام من جانب الدكتور مصطفى الرزاز؟ يجيب: «البحر بالمفهوم الذي أشرت إليه هو نصف الدنيا، وهو مختلف تماماً عن اليابسة، وأكثر غموضاً، وسحراً، بالإضافة إلى اختلاف الكائنات التي تعيش فيه عن الأرض».
ويؤكد الفنان المصري أنّ «لمهنة الصيد خصوصيتها؛ ونموذج حقيقي لسعي الإنسان؛ فالصياد يتوجَّه إلى البحر على وجه الكريم، من دون أن يحظى براتب، ولا يمكن أن يعرف حجم أرباحه التي سيجنيها، ويرمي نفسه في البحر طوال النهار، وربما لأيام، وقد يعود بما يرضيه، وقد لا يرجع بشيء على الإطلاق».
علاقة الإنسان بالبحر تشغل الفنان (إدارة الغاليري)
ومن هنا، فإن حلم الصياد أن يجني سمكة ضخمة، أو سمكة تُكلّمه، أو تكون في صورة امرأة جميلة، أو داخلها «خاتم سليمان) يحقّق له كل ما يتمناه. لذلك أيضاً، كان للسمك نصيب كبير في الأساطير والحكايات الشعبية؛ فكانت هناك «أم الشعور»، و«عروسة البحر»، وغيرهما مما يُعدّ فانتازيا علاقة الإنسان بالسمك، وفق الرزاز الذي يرى أن هذه العلاقة هي مصدر إلهام للفنان، ومنبع حكايات تحفّز أي شخص على الانطلاق والسعي في الحياة.
الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بالمرأة والعصفورة رمزاً للجمال والسلام (إدارة الغاليري)
وربما لم تُنافس الأسماك في أعمال المعرض -المستمر حتى 15 مارس (آذار) الحالي- سوى المرأة الجميلة بعيونها الواسعة وملابسها المزدانة بالموتيفات والنقوش الشعبية؛ انعكاساً لاهتمام الفنان بمكانتها والفولكلور المصري في أعماله من جهة، ومن جهة أخرى تعبيراً عن قوة الوطن.
فتأتي على سبيل المثال لوحة المرأة الفلسطينية التي تطلّ علينا بزيها التقليدي، حاملة صينية الأسماك الطازجة فوق رأسها، كأنها جاءت للتوّ من رحلة للصيد، تضامناً مع أهل غزة. يقول الرزاز: «يرمز هذا العمل إلى أنّ أهل القطاع المعروفين بالصيد سيستمرّون في مهنتهم، وسيبقون في مدينتهم، ولن يستطع أحد أن يغيّر شيئاً من هذا الواقع».