رغم فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا أول من أمس، فإن بعض السياسيين يرون أن الميليشيات المسلحة «تشكل تهديداً حقيقياً» على الاستحقاق المرتقب، بحجة إمكانية توظيفها من قبل بعض الأطراف لتعطيل المسار الديمقراطي.
وقالت عضو مجلس النواب الليبي، سلطنة المسماري، إن بعض التيارات السياسية: «لا تزال هي الطرف الأكثر تعنتاً والأعلى صوتاً بخصوص رفض العملية الانتخابية حتى قبل أن تبدأ، وذلك لتخوفها من أن تأتي بشخصيات لا تنال رضاها».
وأعربت المسماري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن تخوفها أيضاً من «أن يتم توظيف بعض الجماعات المسلحة من قبل مرشح خسر فرصة المشاركة في السباق الانتخابي، أو استخدامها للانقلاب على نتائجها، أو لإفساد المشهد الانتخابي برمته لتجنب الهزيمة، التي لحقت به وبفصيله السياسي».
الأمر ذاته، ذهب إليه عضو المجلس الأعلى للدولة أبو القاسم قزيط، وتوقع معارضة أغلب قيادات وعناصر التشكيلات العسكرية في البلاد للانتخابات الرئاسية تحديداً، لافتاً إلى أن قطاعا كبيرا منهم «لم يتفق على تأييد مرشح رئاسي بعينه، نظراً لعدم امتلاك أي من الأسماء، التي ترشحت رسمياً حتى الآن حظوظا قوية، تدفع هذه التشكيلات للمراهنة عليها».
وقال قزيط لـ«الشرق الأوسط» إن «من يستخدم البندقية خارج سياق الدولة سيرفض حتماً أي رئيس منتخب من الشعب، مهما كان معتدلاً أو مسالماً، وذلك لأن شرعيته قطعاً ستحد من نفوذه». مشيرا إلى «جاهزية بعض التشكيلات المسلحة للدفع بشخصيات من داخلها لخوض معركة الانتخابات التشريعية، بهدف ضمان وجود ذراع سياسية تدافع عن مصالحهم في البرلمان، فضلاً عن تنسيقهم مع مرشحين آخرين قريبين من توجهاتهم الجهوية أو الآيديولوجية، أو تجمعهم بهم مصالح مادية».
وحذر قزيط من أن ليبيا «أصبحت في الطريق للتحول إلى دولة زعماء الحرب والسلطة السياسية، التي تنبع من فوهات البنادق»، وقال بهذا الخصوص: «للأسف ما تم حتى الآن من عمليات تفكيك التشكيلات المسلحة، وإعادة دمج عناصر في مؤسسات الدولة لم يتم بشكل جيد، بل إن الأمر زاد سوءاً، حيث بات الكثير من تلك المؤسسات تحت قبضة القيادات والعناصر الميليشياوية، وتسير وتأتمر بقراراتها».
ونوه قزيط إلى أن «قوة الميليشيات تعدت الارتكاز على السلاح، الذي يعد بمثابة نقطة الانطلاق، ذلك أن مراكز قوتهم اليوم باتت تتنوع بين النفوذ المالي عبر السيطرة على العديد من المسارات الاقتصادية، وخاصة ما يتعلق بتجارة الخردة والعملة، وتهريب البشر والمخدرات والسلاح، فضلاً عن نفوذهم السياسي المتمثل فيما يدور في فلك تلك المجموعات من شخصيات وفصائل سياسية».
وبالمثل أرجع وكيل وزارة الخارجية الليبية الأسبق، السفير حسن الصغير، رفض قطاع كبير من قيادات الميليشيات للانتخابات الرئاسية إلى «تخوفهم من إقدام الرئيس المنتخب على إعادة ترتيب القطاع الأمني، مما قد يؤدي إلى إزاحة بعضهم من رئاسة أجهزة أمنية بالغة الحساسية، بعدما نجحوا في الوصول إليها خلال السنوات الأخيرة، وبالتالي مراجعة ما أصدروه من قرارات، وفي مقدمتها إلحاق عناصرهم الميليشياوية بهذه الأجهزة».
ورأى الصغير أن بعض الجماعات المسلحة ترفض المساس بموعد الانتخابات بسبب «تعارض مصالحها مع القيادات الممسكة بالسلطة الانتقالية الراهنة»، مشيراً في هذا السياق إلى بعض الحوادث والاعتداءات التي شهدتها العاصمة مؤخراً بين الفريقين الرافض والمؤيد للانتخابات، والتي تمثلت في محاولة اقتحام منازل بعض القيادات الميليشياوية، ووقوع اشتباكات متكررة بينهم داخل العاصمة».
وفي إطار تأكيده على أن المنفعة هي ما يحرك أي ميليشيا، لم يستبعد الصغير «تبدل مواقف الفريق الرافض للانتخابات إذا سمح لرئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، بالمشاركة في الانتخابات بتعديل قانون الانتخابات الرئاسية». وذهب إلى أن «السلطة الراهنة لم تقم بأي خطوة يمكن وصفها بالجادة في ملف تفكيك الميليشيات ونزع سلاحها، وبالطبع فالملف يحتاج لتدخل دولي وجهد كبير».
أما الباحث في مؤسسة «غلوبال أنيشاتيف»، جلال الجرشاوي، فيرى أن الميليشيات «يمكنها منع المواطنين من التصويت في الانتخابات، أو عن طريق التسبب في التزوير»، محذراً من «صدام مرتقب خلال الفترة القادمة بين جماعات مسلحة تتمركز بالعاصمة أو بالقرب منها، وترغب بإجراء الانتخابات في موعدها، وبين جماعات أخرى لا ترغب في ذلك، وهي الجماعات الموالية لتيار الإسلام السياسي». ملمحاً إلى أن بعض السياسيين المحسوبين على هذا التيار، كخالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة، «يعرفون أن الانتخابات ستنهي أي سلطة أو دور له».
هل تشكل «الميليشيات» تهديداً حقيقياً للانتخابات الليبية؟
سياسيون يرون أن شرعية الرئيس المنتخب ستتعارض لا محالة مع نفوذها في العاصمة
هل تشكل «الميليشيات» تهديداً حقيقياً للانتخابات الليبية؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة