البرلمان الموريتاني يفشل في مناقشة قانون مثير للجدل حول الحريات

الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (رويترز)
الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (رويترز)
TT

البرلمان الموريتاني يفشل في مناقشة قانون مثير للجدل حول الحريات

الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (رويترز)
الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (رويترز)

أخفق البرلمان الموريتاني مرتين أمس، في عقد جلسة علنية مخصصة لمناقشة مشروع قانون مثير للجدل حول الحريات يقر عقوبات بالسجن والغرامة للمخالفين والتصويت عليه، ويوصف بأنه «خطوة إلى الوراء» من قبل نشطاء حقوقيين.
وقال رئيس البرلمان الشيخ ولد بايا في تصريحات، نقلتها وكالة الأنباء الألمانية أمس، إنه تقرر رفع الجلسة للمرة الثانية لحين إيجاد توافق بين النواب حول انعقاد الجلسة، وذلك بعد رفض نواب المعارضة بسبب غياب النصاب القانوني، وبعد استماعه لآراء نواب من المعارضة، وآخرين من الأغلبية.
ويعترض نواب المعارضة على هذا النص، لأنه يعد من وجهة نظرهم «انتكاسة في مجال الحريات، وانتهاكاً للدستور وللحريات العامة».
وأثار مشروع القانون، الذي يسمى «حماية الرموز الوطنية وتجريم المساس بهيبة الدولة وشرف المواطن»، جدلاً واسعاً في موريتانيا، حيث اعتبره خصومه ونشطاء حقوق الإنسان «تضييقاً كبيراً على حرية التعبير»، بينما رأى مؤيدون من الأغلبية الحاكمة أنه «سيسهم في وضع حد لحملات التشهير والقذف، والنيل من شرف وأعراض المسؤولين والمواطنين». وكان نواب المعارضة قد احتجوا على الجلسة الأولى لعدم حصول النصاب القانوني من النظام الداخلي، فيما قرر رئيس البرلمان، الشيخ ولد بايه، رفع الجلسة في انتظار اكتمال النصاب. وبعد استئناف الجلسة، عاد نواب المعارضة ليؤكدوا أنه كان يجب تقديم التقرير المتعلق بالقانون 48 ساعة قبل بدء الجلسة، مشددين على أنه يجب أن تستوفي الجلسة شروطها القانونية حتى يمكن عقدها، وفق النظام الداخلي للبرلمان.
ويقر النص المقترح عقوبات تتراوح بين السجن من سنة إلى خمس سنوات، والغرامة من 225 إلى 1100 دولار لمرتكبي الأفعال، التي تمس من كرامة القوات المسلحة، وقوات الأمن والوحدة الوطنية، أو تجريح أو إهانة رئيس الجمهورية، أو أي مسؤول عمومي يتجاوز أفعاله وقراراته التسييرية إلى ذاته وحياته الشخصية. كما يعاقب الأفعال والأقوال، التي تمس من الوحدة الوطنية واللحمة الاجتماعية.
وكان نواب المعارضة قد انسحبوا من جلسة للبرلمان السبت الماضي، لمناقشة التعديلات، التي أدخلت على «قانون حماية الرموز الوطنية والدفاع عن شرف المواطن». وأكدت مصادر مطلعة أن انسحاب النواب جاء بعد رفض رئيس اللجنة تقديم المقترحات المقدمة من طرف نواب المعارضة بشأن القانون.
ويثير المشروع، الذي صاغته الحكومة وقدمته إلى البرلمان، جدلاً كبيراً في الساحة الموريتانية، وتفاعلاً غير مسبوق بسبب ما يصفه الحقوقيون والنشطاء والصحافيون بالتضييق الكبير على الحريات، فيما تؤكد الحكومة أنه سيحد من النيل من حريات الناس وأعراضهم وخصوصياتهم. لكن خصوم القانون يرون أنه لم يعد بالإمكان «انتقاد» الرئيس، ومن يمارس حقه في «نقد» الرئيس والمسؤولين الكبار سيجد نفسه وراء قضبان سجن قد يمتد أربع سنوات، وغرامة مالية بآلاف الدولارات.
أما مناصروه فيرون فيه سداً لثغرة قانونية، ومعالجة لسيل السباب والشتائم، التي تفيض بها وسائل التواصل الاجتماعي في موريتانيا، وأنه لن يكون مانعاً من انتقاد الرئيس ولا كبار مسؤولي البلاد، لكنه يمنع توجيه السب الشخصي لهم ولعائلاتهم، أو تسريب محادثاتهم الهاتفية والإلكترونية، خصوصاً تلك التي تنتهك خصوصياتهم الشخصية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.