«إتاوات الكهرباء» في صنعاء تشعل الصراع بين قادة الانقلابيين

TT

«إتاوات الكهرباء» في صنعاء تشعل الصراع بين قادة الانقلابيين

كشفت مصادر يمنية مطلعة في صنعاء عن تصاعد حدة الصراع بين قيادات في الميليشيات الحوثية تتولى مهام الإشراف على قطاع الكهرباء في العاصمة المختطفة، لجهة الخلاف على عائدات الإتاوات المفروضة في هذا القطاع.
وقالت المصادر إن الخلاف الذي نشب أخيراً بين وزير الكهرباء بحكومة الانقلابيين غير المعترف بها المدعو أحمد العليي، ونائبه القيادي في الجماعة المدعو عبد الغني المداني، وصل ذروته بعد قرار الأول إلغاء رسوم الاشتراك الشهري من فواتير الطاقة التجارية، ورفض الثاني تطبيق ذلك القرار.
وأكدت المصادر في سياق حديثها مع «الشرق الأوسط»، أن المدعو المداني عمد فور صدور ذلك القرار إلى عقد لقاءات علنية وسرية مع معظم ملاك محطات توليد الطاقة التجارية من أجل تحريضهم على رفض القرار، واعتباره غير مسؤول وغير قابل للتنفيذ.
وبإيعاز من القيادي الحوثي المداني المتحدر من صعدة (معقل الميليشيات) والمعين نائباً لوزير الكهرباء لغرض الإشراف المباشر على عشرات المحطات التابعة للانقلابيين، وتذليل جميع الصعاب والعراقيل أمامها، وزع ملاك شركات توليد الطاقة (جلهم حوثيون) على آلاف المشتركين بالخدمة في العاصمة صنعاء عقب صدور القرار بأيام فواتير برسوم اشتراك مضاعفة عما كانت عليه في السابق.
وفي تحدٍ واضح لقرار الوزير الانقلابي، قام ملاك مولدات أخرى بتغيير التسمية من «رسوم اشتراك» إلى «رسوم خدمات»، بينما أضاف آخرون بصورة مخادعة رسوم الاشتراك على قيمة وحدات الاستهلاك.
في سياق ذلك، شكا سكان في صنعاء من ارتفاع رسوم الاشتراك الشهري لخدمة الكهرباء إلى أضعاف ما كانت عليه قبل صدور قرار الميليشيات بتخفيضها.
وأكد بعض السكان لـ«الشرق الأوسط»، أنهم تفاجأوا بارتفاع أسعار رسوم الاشتراك وسعر الكيلوواط الواحد عما كان عليه قبل فترة، واصفين بالصدد ذاته قرار الجماعة بالتخفيض وإلغاء الاشتراكات بـ«الكذبة التي تضاف إلى كذبات الجماعة السابقة».
ويقول يحيى وهو مواطن يقطن حي السنينية غرب صنعاء، إن فاتورة الكهرباء التجارية التي وصلته جاءت بمبلغ أربعة آلاف و900 ريال عن استهلاك 10 أيام فقط، في حين كان الحد الأقصى للفاتورة التي كانت تصله كل 10 أيام سابقاً يصل إلى مبلغ 2200 ريال فقط (الدولار حوالي 600 ريال في مناطق سيطرة الميليشيات).
وأرجع يحيى أسباب ارتفاع فاتورة الكهرباء، بما فيها رسوم الاشتراك للضعف هذه المرة، إلى الصراع الدائر حالياً بين قيادات الميليشيات المحتلة لوزارة الكهرباء في صنعاء.
وقال «لا داعي لجماعة جلبت لليمنيين الدمار والخراب أن تكذب عليهم كل مرة بأنها تتخذ قرارات تراعي مصالحهم، وتخفف من معاناتهم كونها هي من قادت الانقلاب على الدولة، وشنت الحروب لاجتياح المدن والمحافظات بهدف تدمير المؤسسات الحكومية وسرقة ونهب ممتلكات الغير».
كان القيادي في الجماعة المعين وزيراً للكهرباء في حكومة الانقلاب الحوثي المدعو أحمد العليي، أعلن منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عن تخفيض سعر الكيلوواط الحكومي إلى 200 ريال والخاص إلى 260 ريالاً بمناسبة احتفالات الجماعة بـ«المولد النبوي»، في حين كان سعر الكيلوواط الواحد في السابق يصل إلى 300 ريال.
وعقب ذلك بأيام أصدرت الوزارة الحوثية قراراً آخر قضى بإلغاء الاشتراك الشهري المضاف على فواتير المشتركين بخدمة الكهرباء الخاصة، وهو ما لم يطبق أيضاً، إذ ارتفعت قيمة الاشتراكات بصورة مضاعفة بعد أن كانت قبل القرار ما بين 1800 ريال، حيث ارتفعت إلى أزيد من 2000 ريال.
وبما أن القيادي في الميليشيات المدعو عبد الملك المداني، يملك نفوذاً كبيراً، فقد سبق له أن نجح على مدى فترات سابقة في التخلص من ثلاثة وزراء سابقين بحكومة الانقلابيين بعد تعمده إشعال خلافات حادة معهم انتهت بإقالتهم من مناصبهم.
وفي مطلع يونيو (حزيران) الماضي، أقالت سلطة الانقلابيين في صنعاء وزير الكهرباء في حكومتها عاتق عبار، ويتحدر من شبوة، وذلك عقب يومين من خلافات على النفوذ والمال نشبت بينه وبين القيادي المداني.
وذكرت حينها وكالة «سبأ»، بنسختها الحوثية، أن الميليشيات في صنعاء أصدرت قراراً يقضي بتعيين أحمد محمد العليي وزيراً للكهرباء بحكومة الجماعة غير الشرعية.
وسبق ذلك بأيام اقتحام المدعو المداني برفقة مسلحين من صعدة مكتب عبار ومنعه من دخول مكتبه في مبنى الوزارة.
وكانت تقارير محلية عدة اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية (من صعدة) بممارسة عمليات تهميش وإقصاء بحق كل المنضوين من باقي المدن اليمنية في صفوفها وحكومتها غير الشرعية.
وأشارت إلى أن الجماعة عمدت طيلة فترات سابقة إلى تعيين مسؤولين ينتمون إلى مدن يمنية مختلفة بشكل صوري، مدعية حينها أن ذلك تمثيل لكل اليمنيين، في حين وضعت الميليشيات ذاتها بجانب كل مسؤول مشرفاً من أتباعها يوكل إليه تولي وإدارة كل المهام المالية والإدارية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يخضعون 1000 طالب وأكاديمي وموظف لتدريبات عسكرية

العالم العربي جانب من سلسلة مبانٍ تتبع جامعة البيضاء الخاضعة لسيطرة للجماعة الحوثية (إكس)

الحوثيون يخضعون 1000 طالب وأكاديمي وموظف لتدريبات عسكرية

الجماعة الحوثية تجبر طلاباً وأكاديميين وموظفين في جامعة البيضاء على التعبئة القتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي النيران تشتعل في الناقلة «سونيون» بالبحر الأحمر بعد هجوم سابق من قبل الجماعة الحوثية (رويترز)

هجمات حوثية على إسرائيل واستهداف سفينتين في البحر الأحمر

الحوثيون يعلنون عن هجمات على إسرائيل واستهداف سفينتين في البحر الأحمر بالتزامن مع تولي قوات أسترالية قيادة قوات البحرية المشتركة لحماية الأمن البحري في المنطقة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي تعرُّض سفينتين لأضرار في هجمات قبالة ميناء الحديدة اليمني

تعرُّض سفينتين لأضرار في هجمات قبالة ميناء الحديدة اليمني

أفادت وكالة أمن بحري بريطانية، الثلاثاء، بأن طائرة مسيَّرة أصابت سفينة قبالة سواحل اليمن، حيث يشنّ المتمردون الحوثيون منذ أشهر هجمات على سفن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي احتمالات ضعيفة جداً أن تتولى الجماعة الحوثية سد الفراغ الناتج عن تحجيم قوة «حزب الله» (رويترز)

ماذا ينتظر الجماعة الحوثية بعد اغتيال نصر الله؟

يناقش خبراء وباحثون سياسيون تأثير اغتيال حسن نصر الله على الجماعة الحوثية، وردود فعلها بعد الضربات الكبيرة التي يتلقاها «حزب الله» خلال الأيام الأخيرة.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني خلال كلمته (سبأ)

اليمن يسترد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية

في لحظة وصفت بـ«التاريخية»، أعلنت الحكومة اليمنية استرداد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية، ووضعها بمتحف المتروبوليتان للفنون بمدينة نيويورك بشكل مؤقت…

عبد الهادي حبتور (الرياض)

عقوبات أميركية على فرد وكيانات تهرّب الأسلحة للحوثيين

مسلحون حوثيون على متن عربة في صنعاء (إ.ب.أ)
مسلحون حوثيون على متن عربة في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

عقوبات أميركية على فرد وكيانات تهرّب الأسلحة للحوثيين

مسلحون حوثيون على متن عربة في صنعاء (إ.ب.أ)
مسلحون حوثيون على متن عربة في صنعاء (إ.ب.أ)

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على فرد وكيانات متورطة في تهريب الأسلحة إلى الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، وفق ما أفاد به، الخميس، بيان للمتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر.

وذكر البيان أن وزارة الخزانة الأميركية فرضت عقوبات على فرد وثلاث شركات قامت بتيسير عمليات توريد الأسلحة وتهريبها للحوثيين. وأوضح أن هؤلاء الميسرين والموردين مكنوا الجماعة الحوثية «الإرهابية» من الاستحواذ على مواد ومكونات ثنائية الاستخدام ومن الدرجة العسكرية لتصنيع ونشر صواريخ متطورة وطائرات مسيرة تهدد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها.

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

وأضاف البيان الأميركي أن العقوبات شملت كياناً مرتبطاً بشحنات تجارية غير مشروعة للحوثيين، وسفينتين تابعتين لذلك الكيان، الأولى تولت نقل شحنات بالنيابة عن شبكة المسؤول المالي للحوثيين سعيد الجمل والأخرى تابعة لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية.

وقالت الخارجية الأميركية إن الحوثيين يعتمدون على سلاسل التوريد الدولية وتوليد الإيرادات غير الشرعية لمواصلة هجماتهم المتهورة ضد السفن التجارية في الممرات المائية الحيوية والسكان المدنيين.

وشدد البيان على أن الولايات المتحدة ستواصل «استهداف من يدعمون محاولات الحوثيين زعزعة استقرار السلام والأمن الإقليميين وتهديد الأبرياء وحرية الملاحة».

وأشار البيان إلى أن وزارة الخزانة الأميركية اتخذت إجراءات العقوبات وفقاً لسلطة مكافحة الإرهاب التي يمنحها لها الأمر التنفيذي رقم 13224 بصيغته المعدلة.

عقوبات متلاحقة

من وقت لآخر تفرض الولايات المتحدة المزيد من العقوبات على أفراد وكيانات وشركات تقول إنها تقوم بتسهيل تهريب الأسلحة إلى الجماعة الحوثية المصنفة بشكل خاص ضمن قوائم الإرهاب.

وكانت واشنطن في آخر تدابيرها فرضت في يونيو (حزيران) الماضي عقوبات على 3 أشخاص و6 كيانات للتورط في تسهيل وشراء الأسلحة للجماعة الحوثية، وشملت العقوبات سفينةً مشارِكةً في تهريب الأسلحة للجماعة المدعومة من إيران، وشركات مقراتها في الصين وسلطنة عمان والإمارات.

حشد للحوثيين في صنعاء يرفع المشاركون فيه شعار الجماعة وأعلام «حزب الله» اللبناني (أ.ف.ب)

وأوضحت وزارة الخزانة الأميركية حينها أن العقوبات شملت فرداً مقيماً في الصين يدعى علي عبد الوهاب محمد الوزير، المنتمي للحوثيين، والذي «يلعب دوراً رئيسياً في شراء المواد التي تُمكّن قوات الحوثيين من تصنيع أسلحة تقليدية متقدمة داخل اليمن».

ويستخدم الوزير شركة مقرها الصين تدعى «قوانغتشو تسنيم التجارية المحدودة» للحصول على المعدات وشحنها إلى اليمن، والشركة مملوكة بالكامل لشركة «تسنيم التجارية المحدودة»، ومقرها هونغ كونغ، والمدرجة على لائحة العقوبات.

وشملت العقوبات شخصاً يدعى معاذ أحمد محمد الحيفي، والشركة التي يديرها تدعى «الشركة الدولية للواجهة الرقمية الذكية المحدودة»، ومقرها سلطنة عمان، حيث قام بتسهيل شراء ونقل مكونات صواريخ «كروز»، بالتنسيق مع كبار قيادات الحوثيين.

وبحسب «الخزانة الأميركية»، أدت أنشطة الحيفي دوراً رئيسياً عام 2020 في هجمات الحوثيين التي استهدفت منشأة «أرامكو السعودية» باستخدام صاروخ «كروز».

كما فرضت «الخزانة الأميركية» عقوبات على سفينة «أوتاريا» التي ترفع علم الكاميرون وتعمل لصالح شركة «ستيلر ويف مارين إل إل سي» ومقرها في الإمارات.