حزمة دعاوى تفاقم الانقسام اللبناني حيال ملف «انفجار المرفأ»

مخاوف من ضياع حقوق الضحايا وسط الكباش القضائي ـ السياسي

TT

حزمة دعاوى تفاقم الانقسام اللبناني حيال ملف «انفجار المرفأ»

سلك الانقسام حول التطورات القضائية المتصلة بملف انفجار مرفأ بيروت، مساراً قانونياً جديداً تمثل بدعاوى قانونية تقدم بها وكلاء أهالي الضحايا أمام هيئات قضائية، وسط استمرار التباين السياسي الذي تُرجم بدعاوى قانونية جديدة ضد قضاة سطروا قرارات رافضة لتنحية المحقق العدلي القاضي طارق البيطار عن الملف.
وفاقمت الدعاوى القانونية الأزمة التي انتقلت من الحيز السياسي إلى داخل القضاء، إذ وجد القضاء نفسه أمام حزمة ادعاءات من قبل سياسيين ضد قضاة اتخذوا إجراءات قضائية متصلة بملف التحقيقات، ومن قبل قانونيين يمثلون أهالي الضحايا ضد قاضٍ اتخذ القرار بتجميد التحقيقات، وهو ما ينظر إليه قانونيون على أنه «عرقلة للتحقيقات» و«تأخير في تنفيذ الإجراءات القانونية».
ويدل هذا الكم من الدعاوى القضائية على وجود كباش سياسي بين القضاء والسلطة السياسية، بحسب ما يقول الباحث القانوني سعيد مالك الذي يجزم بهذا الكباش، ويشير في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن ما يظهر أن «السلطة السياسية تسعى جهدها لطمس الحقيقة وتمييع التحقيقات وتحاول تجهيل الفعلة وتهريب الحقيقة». وقال مالك: «هذا الكباش سيستمر على أمل ألا نصل إلى مكان يدفع فيه الضحايا ثمن هذا الصراع السياسي مع القضاة».
وإثر الرفض لقرار رئيس الغرفة 12 في محكمة الاستئناف القاضي حبيب مزهر القاضي بالطلب من البيطار تجميد التحقيقات في القضية وإيداعه الملف كاملاً، تقدم محامو الادعاء عن الضحايا الأجانب في انفجار المرفأ فاروق المغربي، ومازن حطيط، وطارق الحجار وحسام الحاج، بشكويين لدى هيئة التفتيش القضائي ومجلس القضاء الأعلى بحق رئيس الغرفة 12 بالانتداب في محكمة الاستئناف القاضي حبيب مزهر على خلفية «الأخطاء» في القرار الصادر عنه في الأسبوع الماضي، وفيه كف يد المحقق العدلي، كما ورد في نص الشكويين، وتحدثوا فيها عن «أخطاء جسيمة ارتكبها القاضي مزهر».
وكان القاضي مزهر، وفي إطار النظر بالملف رقم 72، المتعلق بالدعوى المقدمة من وكلاء الوزير السابق يوسف فنيانوس، لرد رئيس محكمة الاستئناف القاضي نسيب إيليا عن النظر بدعوى تنحية القاضي البيطار، ضم الملف رقم 69 المتعلق بدعوى فنيانوس التي يطلب فيها كف يد البيطار، وباشر إجراءات تبليغ البيطار ما يعني وقف التحقيقات بالملف.
وتوالت الدعاوى القضائية ضد قضاة رفضوا طلبات رد البيطار، وبعد الدعوى بحق القاضي إيليا، تقدم الوكيل القانوني للوزير السابق يوسف فنيانوس بدعوى رد القاضية روزين الحجيلي، المستشارة في هيئة محكمة الاستئناف في بيروت الناظرة في دعوى رد المحقق العدلي، والتي يرأسها بالانتداب القاضي حبيب مزهر بدلاً عن القاضي نسيب إيليا.
وفيما يعد حق التقاضي وفق القانون اللبناني، حقاً لأي فريق بأي دعوى، شرط أن يكون مشروطاً بحس الاستعمال، يرى المحامي مالك أن السبيل الوحيد لفرملة هذا المسار يتمثل في «اللجوء إلى المادة 327 من قانون أصول المحاكمات المدنية التي تنص على إمكانية أن يتقدم المتضررون نتيجة هذا التسويف في استعمال حق التقاضي، بدعوى عطل وضرر وتعويض نتيجة التسويف الحاصل».
وتنص المادة على أنه «إذا نجم ضرر على أحد المتداعين أو على شخص ثالث من جراء نقص في عمل من أعمال أصول المحاكمة، سواء حكم بإبطال هذا العمل أم لا، حُق للمتضرر أن يطالب بالتعويض من هذا الضرر».
ويعد ملف التحقيقات في ملف المرفأ في هذا الوقت مجمداً إلى حين البت بقرارات القاضي مزهر من قبل هيئة التفتيش القضائي ومجلس القضاء الأعلى. وفي شأن متصل بالإجراءات التي كان المحقق العدلي قد اتخذ قراراً بتنفيذها، تحدثت قناة «إل بي سي» عن أن المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان رفض تعميم مذكرة التوقيف الغيابية الصادرة عن القاضي البيطار بحق الوزير السابق علي حسن خليل، وأعادها إلى النيابة العامة التمييزية.
سياسياً، رفعت «حركة أمل» سقف الانتقاد لما أسمته «إصرار البعض في الاستمرار بالتعمية على الحقيقة ومحاولة ضرب القضاء ومناعته من خلال التسييس والاستنسابية والانتقال إلى تطييفه من خلال تصنيف القضاة على هذا الأساس في قضية انفجار المرفأ المطلوب فيها الحقيقة والعدالة».
وقالت الحركة في بيان بعد اجتماع مكتبها السياسي أمس، إن «الحملة المبرمجة والمعروفة الأهداف والغايات على القاضي حبيب مزهر تظهر بوضوح ازدواجية المعايير في التعاطي مع القضاة وفقاً لمصالح بعض الفئات، وهذا الأمر لا يمكن أن يكون سبيلاً إلى العدالة والحقيقة، وليس سوى مطية لتمييع الوقائع والحقائق».
وأكدت «أن الالتزام بالدستور والقانون وأصول المحاكمات والمحاكم واختصاصاتها هي الطريق الوحيد إلى إظهار الحقيقة»، معتبرة أن «استمرار القاضي بيطار في مكابرته ومخالفاته القانونية وأدائه المسيس، يحمله مسؤولية حرف الدعوى القضائية والقضاء عن المسار المهني القانوني السليم، كما يضع في رقبته دماء الشهداء الذين سقطوا غدراً وغيلة في الطيونة برصاص الجناة من فاعل وشريك ومحرض ومتدخل ومخبئ».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.