شغب في سجن «دواعش» شمال شرقي سوريا

TT

شغب في سجن «دواعش» شمال شرقي سوريا

اندلعت أعمال شغب داخل سجن بمدينة الحسكة يخضع لحراسة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) خاص باحتجاز مقاتلين يشتبه بانتمائهم لتنظيم «داعش» الإرهابي.
وفرضت القوات الأميركية وقوات «قسد» طوقاً أمنياً على سجن الثانوية الصناعية جنوب محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا، وأغلقت عدداً من الطرق المؤدية للمنطقة بعد اندلاع أعمال شغب وفوضى تبعها حالة من العصيان، مع سماع أصوات اشتباكات داخل السجن واستنفار كافة عناصر الحراسة وقوات التدخل السريع ومكافحة الإرهاب.
وقال مصدر أمني وشهود عيان من الحسكة، إن سجن الصناعة الكائن في حي الغويران ويقع بالجهة الجنوبية من المحافظة، شهد اضطرابات وأعمال عنف تبعتها حالة استعصاء، ونقل سكان محليين يسكنون في محيط المنطقة سماعهم أصوات صراخ وصيحات وهتافات عالية منددة، ووفق المصدر نفسه، يطالب هؤلاء السجناء المحتجزون «بتخفيف عدد المحتجزين بالغرف المكتظة ومراعاة أحوالهم الإنسانية، ويشتكون من ظروف قاسية في كثير من الحالات»، وكانت أبرز مطالبهم إسراع تحويل ملفاتهم إلى القضاء، ومعالجة قضاياهم العالقة والبت في مصيرهم.
ولفت المصدر إلى أن الطائرات الأميركية ومروحيات تابعة للتحالف الدولي حلقت على علو منخفض فوق سماء السجن ليل الأحد - الاثنين الماضي، وألقت قنابل ضوئية على محيط السجن وأسواره، ودخل مجموعة من المحققين في الجيش الأميركي وخبراء بمجال مكافحة الإرهاب إلى داخل السجن للتفاوض مع الذين نفذوا الاستعصاء.
ويعد هذا الاستعصاء الثاني من نوعه في أقل من شهر بعد أن وقعت أعمال مشابهة في 27 من الشهر الماضي، وشهد آنذاك أعمال فوضى وشغب في سجن الصناعة، ويقبع في هذه المنشأة أكثر من 5 آلاف شخص قاتلوا إلى جانب تنظيم «داعش» الإرهابي، الذي تم القضاء على سيطرته الجغرافية والعسكرية شرق نهر الفرات في شهر مارس (آذار) 2019، حيث مضى على احتجازهم أكثر من عامين ونصف العام، وترفض معظم الدول والحكومات الغربية والعربية استعادة مواطنيها لدواعٍ سياسية وأمنية.
ومنشأة سجن الثانوية الصناعية بالحسكة من بين 7 سجون منتشرة في شمال شرقي سوريا يحتجز فيها عناصر كانوا ينتمون إلى التنظيم، تخضع لحراسة وإدارة قوات «قسد»، ومراقبة ودعم مالي من التحالف الدولي بقيادة واشنطن. وتشير إحصاءات إدارة السجون إلى وجود نحو 12 ألف شخص كانوا ينتمون إلى صفوف التنظيم المتشدد، بينهم 800 مسلح يتحدرون من 54 جنسية غربية، وألف مقاتل أجنبي من بلدان الشرق الأوسط، على رأسها تركيا وروسيا وشمال أفريقيا ودول آسيوية، بالإضافة إلى 1200 مسلح يتحدرون من دول عربية، غالبيتهم قدموا من تونس والمغرب، كما يبلغ عدد المتحدرين من الجنسية العراقية نحو 4 آلاف، والعدد نفسه يتحدرون من الجنسية السورية.
وحسب إدارة السجن، لم يسبق لهؤلاء المحتجزين الخضوع لعمليات استجواب أو تقديمهم للقضاء، وهم منقطعون عن العالم الخارجي ولا يعرفون التطورات الميدانية التي شهدتها المنطقة خلال فترة احتجازهم، التي مضى عليها عامان ونصف العام، ويخضع لرقابة صارمة على مدار 24 ساعة عبر تفقدهم ومراقبتهم بكاميرات ضوئية وحرارية، وأجهزة لاسلكية متطورة لتتبع تحركاتهم وتصرفاتهم.
وتخشى السلطات الكردية وقوات «قسد» في حال تعرضت المناطق الخاضعة لسيطرتها لهجوم تركي جديد والتي تؤوي عدداً من السجون ومراكز الاحتجاز؛ من فرار هؤلاء المتطرفين، وبواعث هذا الخوف مرده وجودهم في أبنية غير «منضبطة أمنياً»، أو في حال وقعت حوادث اعتداء وفوضى على قوات الحراسة يصعب السيطرة على الوضع، كتلك التي وقعت في مخيم الهول شرق سوريا، ويعد أكبر المخيمات التي يقطن فيها آلاف من نساء وأطفال التنظيم على مستوى البلاد. وطالب قادة الإدارة الذاتية خلال الاجتماعات المباشرة مع حكومات التحالف الدولي والدول المعنية، بضرورة استعادة رعاياهم من الرجال والنساء والأطفال القاطنين بالمخيمات ومحاكمتهم على أراضيها، وتقديم الدعم لمساعدة الأجهزة الأمنية لتقسيم قطاعات مخيم الهول الذي شهد تصاعد عمليات العنف والقتل وحالات الهروب، والمساهمة ببناء وإنشاء مراكز تأهيل، وتبادل المعلومات الاستخباراتية لإبعاد خطر التنظيم عن المنطقة، وكان من بين أبرز المطالب إنشاء محكمة خاصة بقرار دولي لمقاضاة هؤلاء على الأراضي الخاضعة لنفوذ الإدارة الذاتية وقواتها العسكرية.
إلى ذلك، قالت شبكة «عين الفرات» الإخبارية المحلية، إن القوات الأميركية نقلت الأحد الماضي 15 قيادياً من التنظيم من سجن الصناعة نحو قاعدتها في بلدة الشدادي الواقعة بالريف الجنوبي، تمهيداً لنقل هؤلاء إلى قواعد التحالف في العراق، وتسليمهم فيما بعد إلى وفود من حكومات دولهم وإخضاعهم للمحاكمة داخل حدود بلدانهم.
وقال مصدر خاص للشبكة، إن من بين القادة المنقولين مواطناً من الجنسية الجزائرية يدعى سليم عبد المعاطي، ومواطناً فرنسي الجنسية يدعى نيكو سابريو.


مقالات ذات صلة

بين أنقرة ودمشق… مساع أردنية لإعادة بناء قدرات «سوريا الجديدة»

المشرق العربي قائد الجيش الأردني اللواء يوسف الحنيطي مستقبلاً وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة (التلفزيون الأردني)

بين أنقرة ودمشق… مساع أردنية لإعادة بناء قدرات «سوريا الجديدة»

هناك رأي داخل مركز القرار الأردني ينادي بدور عربي وإقليمي لتخفيف العقوبات على الشعب السوري و«دعم وإسناد المرحلة الجديدة والانتقالية».

محمد خير الرواشدة (عمّان)
المشرق العربي فيدان والصفدي خلال المؤتمر الصحافي في أنقرة (الخارجية التركية)

تنسيق تركي - أردني حول دعم المرحلة الانتقالية في سوريا... وعودة اللاجئين

أبدت تركيا توافقاً مع الأردن على العمل لضمان وحدة وسيادة سوريا ودعم إدارتها الجديدة في استعادة الاستقرار وبناء مستقبل يشارك فيه جميع السوريين من دون تفرقة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عبد القادر مؤمن

كيف أصبح ممول صومالي غامض الرجل الأقوى في تنظيم «داعش»؟

يرجّح بأن الزعيم الصومالي لتنظيم «داعش» عبد القادر مؤمن صاحب اللحية برتقالية اللون المصبوغة بالحناء بات الرجل الأقوى في التنظيم

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا سائقو الشاحنات يتجمعون بجوار شاحنات إمدادات المساعدات المتوقفة على جانب الطريق في هانجو يوم 4 يناير 2025 بعد أن نصب مسلحون كميناً لقافلة مساعدات باكستانية (أ.ف.ب)

مقتل 6 أشخاص جرَّاء هجوم انتحاري جنوب غربي باكستان

لقي 6 أشخاص مصرعهم، وأصيب أكثر من أربعين بجروح، جراء هجوم انتحاري استهدف موكباً لقوات الأمن في منطقة تُربت، بإقليم بلوشستان، جنوب غربي باكستان.

الولايات المتحدة​ حاكم ولاية لويزيانا جيف لاندري (الثاني من اليمين) يتفقد شارع بوربون في الحي الفرنسي بنيو أورليانز بعد هجوم إرهابي في 1 يناير (أ.ف.ب)

منفذ هجوم الدهس في نيو أورليانز امتلك مواد تستخدم لصنع قنابل

أفاد مسؤولون في أجهزة الأمن بأن الرجل الذي صدم حشدا من المحتفلين برأس السنة في نيو أورليانز كان يمتلك في منزله مواد يشتبه في استخدامها لصنع قنابل.

«الشرق الأوسط» (نيو أورليانز)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.