الأسعار في ألمانيا تسجل ارتفاعات بتضخم لم يحدث منذ 30 عاماً

انتقادات متزايدة لـ {المركزي} الأوروبي

كريستين لاغارد مديرة البنك المركزي الأوروبي التي ترفض خفض الفائدة حالياً مما حدا بالألمان ليطلقوا عليها «السيدة تضخم» (أ.ف.ب)
كريستين لاغارد مديرة البنك المركزي الأوروبي التي ترفض خفض الفائدة حالياً مما حدا بالألمان ليطلقوا عليها «السيدة تضخم» (أ.ف.ب)
TT

الأسعار في ألمانيا تسجل ارتفاعات بتضخم لم يحدث منذ 30 عاماً

كريستين لاغارد مديرة البنك المركزي الأوروبي التي ترفض خفض الفائدة حالياً مما حدا بالألمان ليطلقوا عليها «السيدة تضخم» (أ.ف.ب)
كريستين لاغارد مديرة البنك المركزي الأوروبي التي ترفض خفض الفائدة حالياً مما حدا بالألمان ليطلقوا عليها «السيدة تضخم» (أ.ف.ب)

من الطاقة إلى الفواكه والخضر والإيجارات، تسجل الأسعار في ألمانيا ارتفاعاً كبيراً كما هي الحال في معظم الدول الأوروبية، نتيجة تضخم يقترب من 5 في المائة بوتيرة سنوية، وهذا لم يحدث منذ نحو ثلاثين عاماً.
ففي إحدى أسواق فرانكفورت، يؤكد الشاب سيمون فيندلاند الأب لتوأمين، أنه يشعر بقوة بالتضخم المتسارع في ألمانيا بينما أعلنت الشركة التي تزوده بالكهرباء زيادة في أسعارها «بمقدار الضعف».
وفي منزله في المدينة حيث يبحث عن مسكن أوسع بعد ولادة التوأمين، تشير زوجته لينا فيندلاند إلى أنها «تواجه ارتفاع أسعار المساكن» الذي يثير «بعض الخوف». وقال سيمون الذي كان مع أحد الرضيعين البالغين من العمر ثلاثة أسابيع يغطيه معطفه: «لا نعرف إلى أين سيقودنا كل هذا».
لذلك، تهاجم الصحف الشعبية البنك المركزي الأوروبي الذي ينظر في ألمانيا تقليدياً إلى سياسته المتمثلة بإبقاء معدلات الفائدة عند أدنى مستوياتها - لدعم الاقتصاد - على أنها سبب لارتفاع الأسعار و«إفلاس» المدخرين.
شكلت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد هدف هجوم لصحيفة بيلد اليومية التي تشن باستمرار حملات مناهضة لهذه المؤسسة الأوروبية. وقد منحتها لقب «السيدة تضخم»، مشيرة إلى أنها «ترتدي ملابس (من علامة) شانيل» لكن «لا يهمها مصير المتقاعدين والموظفين والمدخرين».
ولا يهم الصحيفة ما أبدته لاغارد من تعاطف مع البلد المضيف عندما اعترفت في تصريحات لمجلة «دير شبيغل» بأنها لاحظت في السوبرماركت ارتفاع أسعار «اللبن أو الخبز أو الزبد».
وكان سلفها الإيطالي ماريو دراغي أيضاً هدفاً لهجمات الصحيفة لسنوات. وقد اختارت له لقب «دراغيلا»، مصاص الدماء الذي «يفرِغ حساباتنا حتى آخر قطرة».
هل هو تضخم عابر أم سيستمر؟ هذا هو الهاجس. تساءلت المدرسة السابقة مارلوت كروبر (72 عاماً) التي كانت تقوم بالتسوق «حسب السيدة لاغارد، سنكون قد تغلبنا على كل ذلك منتصف العام المقبل، لكن المشكلة هي أنها هي التي تقول ذلك».
ولا يؤمن كبار المصرفيين الألمان بهذا السيناريو المتفائل أيضاً ويحضون البنك المركزي الأوروبي على التحرك بسرعة.
وقال مانفريد كنوف رئيس «كوميرتسبنك» إن «هناك مزيداً من المؤشرات التي تفيد بأن هذا الارتفاع في الأسعار ليس مؤقتاً بطبيعته، وأنه سيتعين علينا التعايش معه بعد هذا العام».
ويطلب نظيره في «دويتشه بنك» كريستيان سيفينغ، من المصارف المركزية بما في ذلك البنك المركزي الأوروبي «إيجاد وسيلة للخروج من سياستها النقدية المريحة جداً»، موضحاً أنه «كلما كان ذلك أسرع كان الأمر أفضل».
تستعد النقابات لمفاوضات مقبلة حول الأجور. وقال كارستن بريزيسكي الخبير الاقتصادي في مجموعة «آي إن جي»، وفق وكالة الصحافة الفرنسية، إن سكان ألمانيا، أول اقتصاد أوروبي، ما زال يتملكهم هاجس الأزمتين التضخميتين في عشرينات القرن الماضي وسبعيناته.
وفي بلد كان المصرف المركزي الاتحادي (بوندسبنك) يحظى بالاحترام بسبب كفاحه الدؤوب ضد ارتفاع الأسعار، لا تلقى السياسات السخية للبنك المركزي الأوروبي ترحيباً.
وقد فجر الرئيس الحالي لمجموعة «بوبا» ينس فيدمان الذي كان معزولاً دائماً في مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي في دعوته إلى تبني سياسة أكثر تقييداً، قنبلة في هذا المجال بإعلان استقالته أخيراً.
وأشادت صحيفة «دي فيلت» اليومية المحافظة بفيدمان قائلة: «استسلم المدافع الأخير عن المدخر الألماني»، ونشرت له رسماً بدرع وسيف مقاتل، لكن بريزيسكي رأى أن هذا يعني «نسيان أن المؤسسة عملت بذلك على ضمان استمرار دعم الاقتصاد، والحفاظ على منطقة اليورو وأن سوق العمل الألمانية تشهد طفرة» غير مسبوقة منذ عشرين عاماً.
واستفادت الأجور كذلك من الوضع الاقتصادي الجيد ويمكن للحكومة الفيدرالية الاقتراض عبر الاستفادة من معدلات الفائدة السلبية.
لذلك ما زال بعض المستهلكين واثقين من مواجهة الأسعار المرتفعة ويعتقدون مثل المتقاعد هيرمان فوغت أن البنك المركزي الأوروبي «يفعل الأمر الصحيح إلى حد كبير» لكن عليه إيجاد الوسائل الصحيحة في منطقة تضم 19 اقتصاداً.



«المركزي الروسي»: الاقتصاد آمن بأسعار النفط الحالية ومهدد دون 60 دولاراً

العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
TT

«المركزي الروسي»: الاقتصاد آمن بأسعار النفط الحالية ومهدد دون 60 دولاراً

العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)

قال البنك المركزي الروسي إن مستويات أسعار النفط الحالية لا تشكل تهديداً لاستقرار الاقتصاد الروسي، لكنها قد تتحول إلى تحدٍّ خطير إذا انخفضت الأسعار دون الهدف الذي حُدد في الموازنة والذي يبلغ 60 دولاراً للبرميل.

وتشكل عائدات النفط والغاز نحو ثلث إيرادات الموازنة الروسية، وعلى الرغم من التوقعات بتراجع هذه النسبة في السنوات المقبلة، فإن إيرادات السلع الأساسية تظل تلعب دوراً محورياً في الاقتصاد الروسي، كما أن سعر النفط بالروبل يعد عنصراً مهماً في الحسابات المالية للموازنة.

ووفقاً لحسابات «رويترز»، فإن سعر مزيج النفط الروسي «أورال» في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) قد تجاوز السعر المُستخدم في حسابات موازنة الدولة لعام 2024، وذلك بفضل الانخفاض الحاد في قيمة الروبل. وأكد البنك المركزي أن سعر النفط «أورال» بلغ 66.9 دولار للبرميل بداية من 15 نوفمبر.

وفي مراجعته السنوية، قال البنك المركزي: «لا تشكل مستويات أسعار النفط الحالية أي مخاطر على الاستقرار المالي لروسيا»، لكنه حذر من أنه «إذا انخفضت الأسعار دون المستوى المستهدف في الموازنة، البالغ 60 دولاراً للبرميل، فإن ذلك قد يشكل تحديات للاقتصاد والأسواق المالية، بالنظر إلى الحصة الكبيرة التي تمثلها إيرادات النفط في الصادرات الروسية».

كما أشار البنك إلى أن روسيا قد خفضت إنتاجها من النفط بنسبة 3 في المائة ليصل إلى 9.01 مليون برميل يومياً في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول)، وذلك في إطار التزامها باتفاقات مجموعة «أوبك بلس». وأضاف أن الخصم في سعر النفط الروسي مقارنة بسعر المؤشر العالمي قد تقلص إلى 14 في المائة في أكتوبر، مقارنة بـ 16-19 في المائة في الفترة من أبريل (نيسان) إلى مايو (أيار).

الإجراءات لدعم الروبل فعّالة

من جانبه، قال نائب محافظ البنك المركزي الروسي، فيليب جابونيا، إن البنك سيواصل اتباع سياسة سعر صرف الروبل العائم، مؤكداً أن التدابير التي اتخذها لدعم قيمة الروبل كافية وفعالة.

ووصل الروبل إلى أدنى مستوى له منذ مارس (آذار) 2022، إثر فرض أحدث جولة من العقوبات الأميركية على القطاع المالي الروسي. وفي خطوة لدعم العملة الوطنية، تدخل البنك المركزي، وأوقف شراء العملات الأجنبية بداية من 28 نوفمبر.

وفي مؤتمر صحافي، صرح جابونيا: «نعتقد أن التدابير المتبعة حالياً كافية، ونحن نلاحظ وجود مؤشرات على أن الوضع بدأ في الاستقرار». وأضاف: «إذا كانت التقلبات قصيرة الأجل الناجمة عن مشكلات الدفع تشكل تهديداً للاستقرار المالي، فنحن نمتلك مجموعة من الأدوات الفعّالة للتعامل مع هذا الوضع».

وأكد جابونيا أن سعر الفائدة القياسي المرتفع، الذي يبلغ حالياً 21 في المائة، يسهم في دعم الروبل، من خلال تعزيز جاذبية الأصول المقومة بالروبل، وتهدئة الطلب على الواردات.

وكانت أحدث العقوبات الأميركية على القطاع المالي الروسي قد استهدفت «غازبروم بنك»، الذي يتولى مدفوعات التجارة الروسية مع أوروبا، ويعد المصدر الرئيسي للعملات الأجنبية في السوق المحلية. وقد أدت هذه العقوبات إلى نقص حاد في سوق العملات الأجنبية الروسية، ما تَسَبَّبَ في حالة من الهلع واندفاع المستثمرين نحو شراء العملات الأجنبية. ورغم هذه التحديات، أصر المسؤولون الروس على أنه لا توجد أسباب جوهرية وراء تراجع قيمة الروبل.

النظام المصرفي يتمتع بمرونة عالية

وفي مراجعة للاستقرار المالي، يوم الجمعة، قال المركزي الروسي إن الشركات الصغيرة فقط هي التي تواجه مشكلات في الديون في الوقت الحالي، في وقت يشكو فيه بعض الشركات من تكاليف الاقتراض المرتفعة للغاية مع بلوغ أسعار الفائدة 21 في المائة.

وأضاف أن نمو المخاطر الائتمانية قد أدى إلى انخفاض طفيف في نسبة كفاية رأس المال للبنوك الروسية في الربعين الثاني والثالث، لكنه وصف القطاع المصرفي بأنه يتمتع بمرونة عالية. كما نصح البنوك بإجراء اختبارات ضغط عند تطوير منتجات القروض، بما في ذلك سيناريوهات تتضمن بقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترات طويلة.