صراع افتراضي ليبي حول المرشحين

وسط عودة الانقسام واحتدام السجال بشأن المتنافسين في الانتخابات المقبلة

TT

صراع افتراضي ليبي حول المرشحين

سارع قطاع كبير من الليبيين، فور فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، إلى البحث عن الشروط الواجب توافرها في المرشحين المحتملين كي يتم دعمهم بالسباق المقرر في الرابع والعشرين من الشهر المقبل، وسط احتدام الصراع الافتراضي والنقاش بين رواد التواصل الاجتماعي حول الشخصيات المطروحة، وما إذا كان لها دور في المرحلة السابقة.
وعدت عضو «ملتقى الحوار السياسي» المحامية آمال بوقعيقيص أن الصراع الذي تشهده مواقع التواصل الاجتماعي حول هويات المرشحين هو نتيجة منطقية لمناخ الانقسام الذي شهدته ليبيا على مدار عقد كامل، متوقعة تزايد وتيرته مع اقتراب موعد الاستحقاق.
وأضافت بوقعيقيص في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «يمكن القول إنه لا توجد إلى الآن شخصية تحظي بإجماع الليبيين، ولو بدرجة ما، لذلك هناك رغبة كبيرة لدى غالبيتهم في أن تشهد الفترة المقبل مشاركة شخصيات جديدة بالانتخابات، ويفضلون أن تكون بعيدة عن إدارة المرحلة السابقة، تجنباً لتعميق حالة الانقسام».
ورأت أنه «مع ظهور المرشحين الجدد، تصاعد النقاش والجدل حولهم، لا سيما أن بعض رواد مواقع التواصل لديه نظرة إيجابية، وباتوا يدعمون مشاركة المرأة الليبية بالسباق الرئاسي، حتى إن لم تفز».
وتابعت: «التطلع لوجود شخصيات جديدة يمتد أيضاً لمرشحي البرلمان، فالناخبين بدوائرهم ينددون بالمستوى الضعيف لكتلة غير هينة من أعضاء مجلس النواب لم تتواصل بالشكل الكافي مع سكان دوائرهم الانتخابية».
ومن جهتها، قالت عضو مجلس النواب الليبي فاطمة الصويعي إنه على الرغم من دور العامل الجهوي في الانتخابات، وما قد يفرزه من «تصويت عقابي» بين شرق وغرب ليبيا، فإنها لفتت لضرورة «تفهم أن خيارات القطاع الأكبر من الليبيين تعكس أيضاً رؤيتهم حول من هو الأصلح لقيادة وخدمة البلاد بالمرحلة المقبلة».
وأضافت الصويعي، النائبة عن مدينة أوباري بالجنوب الليبي: «هناك من شرق البلاد من يرى في (القائد العام للجيش الوطني المشير) خليفة حفتر، أو رئيس البرلمان عقيلة صالح، الشخصية الوطنية التي يجب تصعيدها»، وفي المقابل «هناك بغرب ليبيا من يرون أن رئيس وزراء حكومة (الوحدة الوطنية) عبد الحميد الدبيبة، أو وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا، وغيرهما من المرشحين المحتملين بتلك المنطقة، هم الشخصيات الوطنية التي تحظى بمعايير القيادة المطلوبة، وبالتالي يجب أن يكونوا في موقع السلطة».
وأكملت: «وعلى هذا النحو، يتواصل السجال واستعراض الأدوار والمواقف السياسية لتلك الشخصيات وتاريخهم بأكمله على منصات التواصل  الاجتماعي، وقد لا يتوقف الأمر عند الانتقاد، بل نجد قدراً من توجيه السباب لمرشحين».
ولا تستبعد الصويعي تغير قناعات الناخبين واختياراتهم خلال الفترة المقبلة، إذ قالت: «هناك من يقول الآن إنه سيقاطع لعدم اقتناعه بأي مرشح، ولكن تحت ضغط عائلي أو قبلي، أو حتى من خلال جماعات المال السياسي التي تشترى أصوات الناخبين، قد يُقدم هؤلاء المقاطعين على التصويت، مثلما حدث في انتخابات عام 2014».
وتؤكد النائبة أن مخاوف الكتلة الأكبر تكمن في عدم تقبل النتيجة، خاصة من قبل المنطقتين الشرقية والغربية، معتبرة أن فوز مرشح رئاسي من الجنوب «قد يكون الخيار الأكثر قبولاً»، كما أنه «سيكون كفيلاً بمعالجة التهميش الذي تعرض له الجنوب».
أما الناشطة الحقوقية فاطمة التكروي، فعدت أن الجدل الراهن حول المرشحين، خصوصاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ينحصر بين نشطاء ونخب وأطراف سياسية «نظراً لانصراف قطاع كبير من الشارع للاهتمام بأوضاعه المعيشية، بعيداً عن ما يحدث بالساحة من صراع».
وقالت التكروي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن المراحل التي مرت بها ليبيا، وحجم الضغوط التي تعرض لها المواطنون خلال الفترة الماضية، أوجدت لديهم حالة من عدم الثقة بالنخبة السياسية.
إلا أن الناشطة التي تقيم بالعاصمة لم تستبعد تبدل القناعات في اللحظات الأخيرة، متابعة: «قد يفاضل قطاع واسع من الناخبين بين الشخصيات المطروحة، خاصة إذا كانت هناك جولة ثانية بمعركة (الرئاسيات)، حيث سيتضح حجم التحالفات بين القوى السياسية التي سيرصدها الجميع بسهولة».
واستبعدت التكروي «ما يطرح من رؤى مثالية حول إمكانية التخلي عن الجهوية، وقيام بعضهم في الشرق بالتصويت لمرشح ما في الغرب، والعكس».
ولم يبتعد الناشط الحقوقي طاهر النغنوغي عن الطرح السابق، إذ يرى أن «الصراع الافتراضي لخلق رأى عام بالشارع سيتعمق مع إعلان القائمة الرسمية لمرشحي الرئاسة تحديداً».
وأوضح النغنوغي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «مع إعلان القائمة، ودخول شخصيات ربما تمثل مفاجأة لكثيرين، أو عزوف أخرى عن المشاركة، سيصل هذا الصراع الافتراضي إلى أشده، نظراً لانضمام كتلة كبيرة لا تزال تتشك حتى الآن بإجراء الانتخابات بموعدها، كما أنه سيتجاوز مسألة الجهوية لصراع أعمق».



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.