لعبة الأرقام... العمل الخفي للمتخصصين في إحصائيات كرة القدم

قبل بث أي مباراة في الدوري الإنجليزي يقوم متخصص بتجميع وثيقة من 25 ألف كلمة توضح كل التفاصيل والاحتمالات

TT

لعبة الأرقام... العمل الخفي للمتخصصين في إحصائيات كرة القدم

أنت لا تعرف وجهه أو اسمه، لكنك ترى عمله عدة مرات أثناء مشاهدة أي مباراة لكرة القدم منقولة عبر شاشات التليفزيون. وبصفته صحافياً إذاعياً مستقلاً ومساعداً للإخراج، يعمل ديف لصالح عدة جهات من بينها «بي تي سبورت» و«بريميير ليغ برودكشنز»، وهي الشركة المسؤولة عن بث مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز في جميع أنحاء العالم.
إنه واحد من جيش من الإحصائيين الذين يقدمون مجموعة واسعة من الحقائق والأرقام لأولئك الذين يعملون أمام الكاميرا أو خلفها. وعندما يقوم المعلقان الشهيران بيتر دروري أو مارتن تايلر بالحديث عن إحصائية معينة على الهواء مباشرة أثناء إحدى المباريات، فمن الممكن أن تكون هذه الإحصائية من بين كثير منها التي جمعها ووثقها ديف ليقدمها لهما.
يصف ديف هذه المهنة بأنها الوظيفة المثالية لعشاق كرة القدم، ويؤكد دروري أن هؤلاء الإحصائيين «من نوع معين». وبعد أن بدأ ديف مسيرته المهنية أثناء وجوده في إسبانيا، كجزء من دراسته في مجال الصحافة الرياضية، عمل في القناة التلفزيونية الخاصة بنادي ريال مدريد، قبل أن ينضم إلى شركة «صانصيت آند فاين»، وهي شركة الإنتاج التي تقف وراء قناة «بي تي سبورت» الإنجليزية عندما أطلقت تغطيتها لكرة القدم في عام 2013. ويعمل ديف مع هذه الشركة، فضلاً عن عدد من القنوات الأخرى، منذ ذلك الحين. وينصب تركيزه بشكل أساسي على تجميع الإحصائيات المتعلقة بكل مباراة.
يقول ديف: «الإحصائيات التي نجمعها ليست للمعلقين فقط، حيث يتم استخدامها أيضاً من قبل مقدمي البرامج والضيوف في استوديوهات التحليل، والنقاد وحتى المعدين والمخرجين». لقد أصبحت هذه الإحصائيات هي المرجع الأساسي لمجموعة كاملة من الأشخاص المشاركين في بث المباريات. ويضيف ديف: «يعتمد بعض الناس اعتماداً كلياً على هذه الإحصائيات، بينما يستخدمها آخرون كنقطة مرجعية، عندما يحتاجون إلى شيء ما».
وتجب الإشارة إلى أن حزمة الإحصائيات هذه هي عبارة عن ملف ضخم يحتوي على كمية هائلة من البيانات التي تهتم بالتفاصيل الدقيقة لكل جانب من جوانب اللعبة. وتتضمن معلومات عن كل فريق، بما في ذلك تاريخه ونتائجه الأخيرة، ونتائج المباريات بين الفريقين، وكل لاعب في الفريقين، وتاريخ وأرقام المديرين الفنيين، وما إلى ذلك. ويمكن لحزمة الإحصائيات الخاصة بمباراة واحدة في الدوري الإنجليزي الممتاز أن تصل إلى 25 ألف كلمة، لكن المعلقين من الممكن أن يستخدموا ما يصل إلى واحد في المائة فقط منها خلال التعليق على أحداث المباراة.
لا يعرف كثيرون ديف أو العمل الذي يقوم به، لكن اسمه قد يرد على لسان أحد المعلقين أثناء الإشارة إلى الإحصائيات. يقول ديف: «ذكر مقدم البرامج جيمس ريتشاردسون اسمي خلال استعراضه لأهداف دوري أبطال أوروبا على شاشة قناة (بي تي سبورت) قبل أسبوعين. لقد كان ذلك رائعاً، لكنه نادر جداً». وفي مصادفة غريبة، أشار المذيع الفرنسي جوليان لورينز الأسبوع الماضي إلى اسم ديف عندما ساعده في معرفة آخر هدف سجله أندرياس كريستنسن قبل الهدف الذي سجله في مرمى مالمو بدوري أبطال أوروبا.
ربما كان المشاهدون يعرفون أن هذا هو أول هدف يسجله اللاعب الدنماركي بقميص تشيلسي بعد انتظار دام لمدة 137 مباراة، لكن عدداً قليلاً من المشاهدين يتذكرون الهدف الذي أحرزه مع نادي بوروسيا مونشنغلادباخ في مرمى شالكه في الدوري الأوروبي في عام 2017. لكن كريستنسن كان متألقاً في ذلك الوقت، حيث كان قد سجل هدفاً قبل ذلك بأربعة أيام في الدوري الألماني الممتاز ضد هامبورغ، كما سجل هدفاً قبل أسابيع قليلة من ذلك في مرمى فيورنتينا أيضاً ببطولة الدوري الأوروبي. من المؤكد أن عدداً قليلاً للغاية من الناس لديهم مثل هذه المعلومات، لكن من المؤكد أن هذه المعلومات وأكثر كانت لدى ديف.
هناك كثير من التفاعل والتعاون بين المعلقين والمنتجين والإحصائيين، بدءاً من الإعداد للمباريات ومروراً بأوقات المباريات نفسها ووصولاً إلى تحليلات ما بعد المباراة. ومن المؤكد أن هؤلاء الجنود المجهولين يقومون بعمل رائع ويحدثون فرقاً كبيراً، لذلك عندما يقع حدث نادر مثل تسجيل كريستنسن لهذا الهدف، يجب أن تكون المعلومة سريعة ودقيقة. يقول دروري عن ذلك: «يمكنك القيام بكل الاستعدادات التي يمكنك القيام بها في العالم، لكن عندما يظهر شيء لم تكن تتوقعه على الإطلاق، فإنني أضغط على ما يُعرف باسم (الزر البطيء) الذي يسمح لي بطلب فحص هذه المعلومة أو تلك على الهواء مباشرة. وهنا يقوم هؤلاء المتخصصون في الإحصائيات بدورهم».
يقول دروري: «في عالم مثالي، أحب أن أقوم بكل الاستعدادات الخاصة بنفسي، لكن لا توجد مباراة لا أعتمد فيها على حزمة الإحصائيات التي يقدمها هؤلاء المتخصصون، حيث أذهب إليها للتأكد من أحد الأشياء، وفي بعض الأحيان أحصل منها على بعض المعلومات ثم أواصل البحث بنفسي عن أشياء أخرى. لنفترض مثلاً أن هذه الإحصائيات تقول إن نوريتش سيتي قد حقق أسوأ نتائج له في الدوري الإنجليزي الممتاز منذ عام 1953، فإن هذا يجعلني أتفقد ما حدث طوال تلك السنوات، إذا سمح لي الوقت بذلك».
ولم تبدأ شركة «أوبتا» في جمع الإحصائيات الشاملة إلا في موسم 2006 - 2007، لذلك يعتمد دروري على مصادر أخرى عندما يعود إلى إحصائيات تعود إلى ما قبل هذا الموسم. ويقول: «أنا مشترك في الأرشيف الوطني لكرة القدم الإنجليزية، والذي يحتوي على تشكيلة كل مباراة من مباريات الدوري الإنجليزي، وهو مصدري الموثوق به للمعلومات التاريخية». ويحتوي هذا الأرشيف على معلومات مفصلة بشأن - وفق آخر إحصاء - 234.182 مباراة و46.151 لاعباً، منذ موسم 1888 - 1889».
يقول دروري: «غالباً ما أستخدم مثل هذه المعلومات لتلك اللحظات المؤثرة بعد وفاة اللاعبين. في الآونة الأخيرة عندما رحل عن عالمنا جيمي غريفز، كان الجميع يعرف الكثير عن سجل أهدافه المذهل، لكنني أردت معرفة مزيد من التفاصيل حول أهدافه، وعلى وجه التحديد أهدافه في مباريات توتنهام وتشيلسي. وحدث الأمر نفسه أيضاً فيما يتعلق بروغر هانت، الذي اكتشفت أنه منذ ما يقرب من 60 عاماً سجل هدفه الأول في الدوري الممتاز مع ليفربول في مرمى مانشستر سيتي، وذكرت ذلك في المباراة التي لعبها الفريقان ووقفا فيها دقيقة حداداً عليه».
لكن هناك اختلافاً بين المعلقين على المباريات في هذا الأمر. يقول ديف: «بينما يحرص البعض على معرفة كل التفاصيل لأنهم يريدون تجنب تعرضهم للانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن البعض الآخر لا يهتم بشكل خاص. على سبيل المثال، هناك معلق رائع ومن أفضل المعلقين في العالم، لكنه كان يجد صعوبة في النطق الصحيح لاسم الظهير الأيسر لفريق كبير في أوروبا أثناء اللعب أمام نادٍ إنجليزي، لكنه لم يكلف نفسه عناء البحث».
وكما يشير دروري، هناك قدر من التوازن بين الدورين، حيث يقول: «ليس من وظيفة محللي المباريات معرفة كل التفاصيل. فبصفتهم لاعبين سابقين، فهم موجودون في الاستوديو للحديث عن كيفية حدوث شيء ما، ولتوضيح الرؤية الثاقبة التي لا يمكن أن يقدمها سوى اللاعبين الذين خاضوا المباريات على أعلى مستوى. بينما نحن كمعلقين على المباريات يتعين علينا أن نتحدث عن كل شيء، بدءاً من الأشخاص وصولاً إلى الزمان والمكان».
وكما الحال مع ديف، يعمل كريس مور في شركة «صانصيت آند فاين» منذ أن بدأت قناة «بي تي سبورت» العمل قبل ثماني سنوات. ومن وجهة نظره كمخرج، يرى مور حزمة الإحصائيات على أنها الشيء الذي يقدم له الراحة التامة خلال المباريات، ويقول: «إنها تساعدني في التعرف على شيء ربما لا أعرفه، وتكون بمثابة نقطة مرجعية لي طوال المباراة». ودائماً ما يقرأ مور الصفحات القليلة الأولى في هذه الإحصائيات، لأنها تقدم ملخصاً يمنحه كثيراً من المعلومات التي يستغلها في اللحظات الماسبة. يقول مور عن ذلك: «سحر الصفحات الأولى يكمن في أنها تحتوي على جميع القصص الرئيسية التي يمكننا البحث عنها خلال المباراة. على مدى السنوات القليلة الماضية أصبحت كرة القدم لعبة تعتمد على الأرقام إلى حد كبير».
ويشير مور إلى أن التحدي الحقيقي يأتي بمجرد بدء المباراة، ويقول: «هذا هو الوقت الذي نحتاج فيه حقاً إلى أن نكون مدركين لكل ما يحدث. يستعد الإحصائيون والمخرجون دائماً لما قد يحدث خلال المباراة. فعندما سجل باتسون داكا هدفه الثاني لصالح ليستر سيتي في مباراة الدوري الأوروبي أمام سبارتاك موسكو الأسبوع الماضي، بدأ ديف ومور يبحثان بسرعة عن أسرع هاتريك في تاريخ الدوري الأوروبي».
واكتشف ديف أن الثلاثية (الهاتريك) التي أحرزها داكا كانت أول هاتريك يحرزه لاعب لفريق زائر في مرمى سبارتاك موسكو منذ يوليو (تموز) 2008، عندما سجل فاغنر لوف هاتريك لصالح سيسكا موسكو، لذلك أرسل ديف رسالة نصية بهذه المعلومة إلى آدم سمرتون، الذي ذكرها في التعليق على أحداث المباراة. ولحسن حظ مور، شهدت هذه المباراة إحصائية مذهلة أخرى، فعندما سجل داكا هدفه الرابع في تلك الليلة، أصبح المهاجم الزامبي هو الهداف الأول لليستر سيتي في كرة القدم الأوروبية رغم مشاركته في ثلاث مباريات فقط مع النادي ببطولة الدوري الأوروبي.
وبالحديث عن اللاعبين الذين سجلوا أربعة أهداف خارج ملعبهم، كان هناك مثال آخر على التفاعل والتواصل بين الإحصائي والمعلق عندما كان ديف يعمل جنباً إلى جنب مع دروري في يناير (كانون الثاني) 2017. يقول ديف: «عملت أنا وبيتر معاً خلال مباراة ليفربول ضد سوانزي سيتي، التي شهدت تسجيل فرناندو يورينتي هدفين في بداية المباراة. ونظراً لأنه لا يوجد عدد كبير من اللاعبين الذين سجلوا ثلاثة أهداف في مرمى ليفربول على ملعب أنفيلد، سألني بيتر عن آخر مرة حدث فيها ذلك. ولحسن الحظ أنني من مشجعي ليفربول، لذلك أخبرته على الفور أن آخر من أحرز هاتريك في مرمى ليفربول على ملعب أنفيلد هو أندريه أرشافين في عام 2009».
في الواقع، سجل اللاعب الروسي الأهداف الأربعة التي سجلها فريقه في المباراة التي انتهت بالتعادل بأربعة أهداف لكل فريق، ليصبح بذلك اللاعب الوحيد الذي سجل أربعة أهداف لفريق زائر على ملعب «أنفيلد» في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز. وكما يقول مايكل كين: «وهو الأمر الذي لا يعرفه كثير من الناس».


مقالات ذات صلة

مدرب توتنهام يهاجم فيرنر: لم تكن مثالياً أمام رينجرز

رياضة عالمية استبدل بوستيكوغلو المهاجم فيرنر ودفع بالجناح ديان كولوسيفسكي (إ.ب.أ)

مدرب توتنهام يهاجم فيرنر: لم تكن مثالياً أمام رينجرز

وجه أنجي بوستيكوغلو، مدرب توتنهام هوتسبير، انتقادات لاذعة لمهاجمه تيمو فيرنر بعدما استبدله بين الشوطين خلال التعادل 1-1 مع رينجرز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غوندوغان نجم السيتي خلال مواجهة اليوفي بدوري أبطال أوروبا (أ.ف.ب)

غوندوغان: على الجميع تقديم أفضل أداء لتبديل حظوظنا

اعترف الألماني إلكاي غوندوغان، لاعب وسط مانشستر سيتي الإنجليزي، بأن فريقه "لم يعد جيدا بشكل كاف"، في الوقت الذي فشل فيه في إيجاد حل لتبديل حظوظه بالموسم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية كايل ووكر (أ.ف.ب)

سيتي يدين الإساءة العنصرية ضد قائده ووكر

أدان مانشستر سيتي الإساءات العنصرية، عبر الإنترنت، التي استهدفت قائد فريقه كايل ووكر بعد الخسارة 2 - صفر أمام يوفنتوس الإيطالي في دوري أبطال أوروبا.

«الشرق الأوسط» (مانشستر )
رياضة عالمية رحل أشوورث عن يونايتد يوم الأحد الماضي بموجب اتفاق بين الطرفين (رويترز)

أموريم: أهداف مانشستر يونايتد لن تتغير برحيل أشوورث

قال روبن أموريم، مدرب مانشستر يونايتد، إن رحيل دان أشوورث عن منصب المدير الرياضي يشكل موقفاً صعباً بالنسبة للنادي لكنّ شيئاً لم يتغير فيما يتعلق بأهدافه.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية غوارديولا (أ.ب)

غوارديولا: «سُنة الحياة» هي السبب فيما يجري لمانشستر سيتي

رفض المدرب الإسباني لمانشستر سيتي الإنجليزي بيب غوارديولا اعتبار الفترة الحالية التحدي الأصعب في مسيرته.


مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».