هنتر بايدن... فنان ناشئ معرضه للمدعوين فقط وحارس أمن في استقبالك

المعرض الفردي الأول لهنتر بايدن في صالة «جورج بيرغيس» في سوهو (نيويورك تايمز)
المعرض الفردي الأول لهنتر بايدن في صالة «جورج بيرغيس» في سوهو (نيويورك تايمز)
TT

هنتر بايدن... فنان ناشئ معرضه للمدعوين فقط وحارس أمن في استقبالك

المعرض الفردي الأول لهنتر بايدن في صالة «جورج بيرغيس» في سوهو (نيويورك تايمز)
المعرض الفردي الأول لهنتر بايدن في صالة «جورج بيرغيس» في سوهو (نيويورك تايمز)

هنتر بايدن هو فنان ناشئ من مدينة «ويلمنغتون» في ولاية «ديلوير» الأميركية، وشأن غيره من الفنانين الناشئين، اختار لوس أنجليس ليعيش فيها. لكن على عكس غيره من الفنانين، فقد كان أول ظهور فني له على نطاق واسع، في نيويورك، من خلال معرض فردي ضمن «معرض جورج بيرغيس» في منطقة «سوهو».
يحمل المعرض عنوان «The Journey Home»، ولا يعتبر صغيراً، إذ إنه يحوي أكثر من 20 لوحة متنوعة ما بين ورق وصور فوتوغرافية ملونة موزعة على جدران طابقين مضاءين بشكل ميلودرامي. بيد أن الظروف تطلبت أن يكون العرض متاحاً فقط لحاملي الدعوات الخاصة. فعندما زرته في نهاية الأسبوع الماضي، استقبلني حارس أمن مكلف بحماية الموظفين من التهديدات بالقتل.
رغم أنه لم يتعلم الرسم، فقد دأب بايدن على إنتاج الأعمال الفنية منذ نعومة أظفاره، ويمكنني القول إن العرض جاء أكثر احترافية من أعمال الهواة. (كان هنتر بايدن في السابق عضواً في جماعة ضغط ورئيساً لإدارة الأسهم الخاصة رغم ميولة الفنية، وكان بول غوغان سمساراً في البورصة، وجيف كونز تاجراً للسلع). يمكنني أن أضيف أيضاً - وربما ينبغي أن أتحول هنا من لغة نقاد نيويورك إلى لغة دبلوماسيي واشنطن – أن هذا ليس ذلك النوع من المعارض الذي من شأنه أن يجعل الباحث الحاصل على درجة الماجستير في الفنون الجميلة يشعر بالغيرة أو عدم الرقي بالمقارنة.
أكثر لوحات بايدن روعة هي التي تتناول الأزهار المجردة والمناظر الطبيعية المكونة من طبقات من الصبغة المائية المرسومة على ورق «يوبو»، وهو ورق اصطناعي غير ماص (أشبه بالبلاستيك) تسمح مقاومته بالتلوين والطلاء بسهولة. ينفخ الفنان الحبر من خلال قش معدني، ما تنتج عنه أزهار متفجرة تشبه أوراق الزنبق، أو نباتات الهندباء المتناثرة بفعل الرياح، أو الفيروسات تحت المجهر لتخرج في النهاية بشكل جميل. تتميز اللوحات بالسلاسة العامة للفن الذي تراه في غرفة فندق فخم، أو في أوراق الطبعة الأولى للمجلات. ومن المؤكد أنها تعرض الوسيط المرن الذي يعكس أهمية الغرض، حتى لو نسيتها بعد أيام أو دقائق.
يخاطر بايدن بشكل أكبر بلوحاته على القماش في مختلف المناسبات، حيث تتجمع بعض التجريدات من مئات الكتل ذات الألوان الصلبة مقسمة على خلفيات داكنة إلى أشكال تشبه الخرائط. ومع الوقت، قد تتجه هذه الأفكار التجريدية نحو شيء مثل فن الرسام فريد توماسيلي الذي يدفع ذلك النوع التجريدي إلى ذلك الفضاء الكوني والهلوسة.
هناك أيضاً صور من الرصاص لطيور سوداء، حية وميتة، صور فظيعة من العصر الحديث لشخص أصلع، أو ربما أصلع من خارج كوكب الأرض. صورة ذاتية باللون الأزرق والبنفسجي الرخامي تتناسب مع «مهرجان الرجل المحترق». تتمازج العلامات والأنماط بسرعة وبشكل سلس: فهناك تراكمات الصباغ على غرار مارك برادفورد، ومساحات كثيفة من النقاط التي تذكرنا بالرسم الأسترالي الأصلي، ولوحة بركة كاليفورنيا تكريماً للفنان ديفيد هوكني. وصف بايدن فنه بقوله إنه «حرفياً يبقيني عاقلاً». وهناك أكثر من لوحة تعرض نصاً يوضح بالتفصيل إدمانه وتعافيه، ويقول التعليق أسفل الصورة الذاتية الثلاثية: «لقد بدأ في كتابة قصة جديدة». تحمل لوحة الشكل الأصلع اقتباساً من الفيلسوف بارمينيدس الذي عاش قبل سقراط. وكتب بايدن هذه الاقتباسات، على نحو مثير للفضول مستخدماً قلم تحديد طلاء ذهبي، وهو نوع من الأدوات الحرفية المحببة لدى صانعي القصاصات. تتكرر علامة الذهب طوال العرض، حيث تحدد الأشجار العارية والتلال الجبلية، والأحرف الغيلية المستديرة، وعدد كبير من الثعابين التي يبدو أن بعضها قد تم باستخدام «استنسل». قد يكون للثعابين بعض الأهمية الشخصية، شأن طرح الريش (وتقشر اليرقات) والولادة الجديدة وما إلى ذلك.
يبدو كل هذا عشوائياً إلى حد ما، وشخصي إلى حد ما وبدرجة ساذجة. إذا كان اسم الرسام قد ألهب عقول بعض المراقبين الذين ما زالوا يقاضون الانتخابات الأخيرة في المحاكم، فقد ذكرني العرض بدرجة أقل بوالد بايدن مقارنة بكارين بينس، نائبة الرئيس الأميركي، التي استغلت وقتها في قصر الرئيس، لتعزيز العلاج بالفن للمصابين بالصدمات والراغبين في الشفاء. أعتقد أن السيدة بينس والسيد بايدن يتوافقان بالتأكيد على أن الرسم يمكن أن يصنع العجائب من أجل احترام الذات وتقديرها. أما بالنسبة للاحترام العام، فهذه قضية أخرى.
- خدمة {نيويورك تايمز}



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».