حملات التعرف على «ضحايا التعذيب» في سوريا تنجح في الكشف عن المزيد من هويات أصحابها

ارتفع عددهم إلى 1200 في درعا وإلى 460 شخصًا في دمشق

حملات التعرف على «ضحايا التعذيب» في سوريا تنجح في الكشف عن المزيد من هويات أصحابها
TT

حملات التعرف على «ضحايا التعذيب» في سوريا تنجح في الكشف عن المزيد من هويات أصحابها

حملات التعرف على «ضحايا التعذيب» في سوريا تنجح في الكشف عن المزيد من هويات أصحابها

سارعت مراكز التوثيق في سوريا وتجمعات الناشطين المهتمين بعملية تدوين الانتهاكات، في محاولاتها للتعرف على هويات ضحايا التعذيب داخل الأفرع الأمنية، من خلال البحث في الصور المسربة التي عرفت باسم «قيصر» التي تقوم الجمعية السورية للمفقودين ومعتقلي الرأي بنشرها تباعا في موقع مخصص لهذا الغرض، حتى بلغت 6796 صورة حتى الآن. ويتركز بحث هؤلاء على المعتقلين الذين لم تقم السلطات الأمنية بإبلاغ أهليهم بوفاتهم وإخطارهم رسما لاستخراج وثيقة وفاة لهم.
وذكر أنس حربات، أحد أعضاء «مركز الشهيد حسام عياش للتوثيق في درعا»، لـ«الشرق الأوسط»، أن المركز تمكن منذ بداية شهر مارس (آذار) وحتى الآن، من التعرف على هوية 185 معتقلا كشفت عنهم الصورة المسربة، كان قد اعتقل معظمهم بين عامي 2011 و2012، ليرتفع بذلك عدد من قضى تحت التعذيب في محافظة درعا إلى أكثر من 1200 معتقل. وكان ناشطو العاصمة دمشق وريفها قد أطلقوا بدورهم حملة للتعرف على ضحايا التعذيب فور نشر الصور، وأفضت عمليات البحث عن معرفة هوية ما يزيد على 460 معتقلا حتى الآن، منهم 78 من حي القدم الذي دفع العدد الأكبر من ضحايا التعذيب في دمشق، إضافة إلى 61 من داريا و45 من الزبداني و34 من مدينة التل و30 من كفر سوسة و40 من بلدة دمر.
وبيّن حربات أن صعابا كبيرة تعترض عمليات التوثيق لضحايا التعذيب أهمها عدم الحصول على صور أساسية حتى يصار إلى مقارنتها مع الصور المنشورة، لكن الأمر الأصعب هو النقص الواضح في عمليات التوثيق الأساسية للمعتقلين. وأوضح حربات أن كثيرا من الصور أظهرت أن بعض الضحايا لم يدون ضمن لوائح المعتقلين، الأمر الذي يوجب القيام بعمليات مسح شامل في كل منطقة داخل المحافظة الواحدة مع مراعاة العمل ضمن مركزية واضحة كي لا يحدث تشويش وازدواجية في عمليات التوثيق. كذلك، فإن مشكلات أخرى تواجه عمليات البحث تتعلق بضعف ثقافة التوثيق لدى عامة الناس، كما أن هناك بعض الأهالي الذين يفضلون التكتم على أنباء اعتقال أبنائهم كي لا يشكل ذلك خطرا على حياتهم من قبل النظام.
بدوره، أوضح بسام الأحمد، من مركز توثيق الانتهاكات في سوريا (VDC)، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك ضعفا في عمليات التوثيق بهذه الطريقة، مبينا أن عمليات نشر الصور عبر مواقع التواصل الاجتماعي بهدف التعرف على أصحابها، قد حمل كثيرا من الأخطاء.
وأشار الأحمد إلى أن معظم عمليات البحث الأخيرة كانت نتيجة اجتهادات شخصية، وفي كثير من الأحيان أدت إلى نتائج حملت ازدواجية في التعرف على هوية الشخص نفسه، وذلك سببه أن كثيرا من الصور قد التقطت بعد فترة طويلة من موت أصحابها، مما يجعل عمليات التعرف على الهوية الحقيقة صعبة وغير كافية لإثبات صحتها.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.