هدوء نسبي في بغداد غداة يوم عاصف من المواجهات

قادة الفصائل المسلحة يتوعدون رئيس الحكومة

تشييع اثنين من أنصار الفصائل المسلحة الذين قتلوا على أبواب المنطقة الخضراء في النجف أمس (أ.ف.ب)
تشييع اثنين من أنصار الفصائل المسلحة الذين قتلوا على أبواب المنطقة الخضراء في النجف أمس (أ.ف.ب)
TT

هدوء نسبي في بغداد غداة يوم عاصف من المواجهات

تشييع اثنين من أنصار الفصائل المسلحة الذين قتلوا على أبواب المنطقة الخضراء في النجف أمس (أ.ف.ب)
تشييع اثنين من أنصار الفصائل المسلحة الذين قتلوا على أبواب المنطقة الخضراء في النجف أمس (أ.ف.ب)

شهدت مداخل المنطقة الرئاسية «الخضراء» في بغداد، أمس، هدوءاً نسبياً بعد يوم عاصف من المواجهات بين قوات مكافحة الشغب الحكومية والمتظاهرين التابعين لبعض الفصائل المسلحة الخاسرة في الانتخابات النيابية التي جرت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وطبقاً لبعض الإحصاءات الرسمية، فإن متظاهرين اثنين قتلا وأصيب ما لا يقل عن 100 شخص من قوات الأمن والمتظاهرين الذين ينتمي معظمهم إلى الفصائل النافذة في «الحشد الشعبي».
وفي مقابل البيانات الرسمية التي أصدرتها الحكومة لتهدئة الأوضاع، توعد قادة بعض الفصائل الميليشياوية رئيس الوزراء الكاظمي ولوحوا بمحاسبته وحرمانه من الحصول على ولاية ثانية في رئاسة الوزراء، إلى جانب تهديدهم بمحاسبة بعض القادة العسكريين الذين يتهمونهم بالوقوف وراء صدامات أول من أمس.
فعلى مستوى خطاب التهدئة الذي تسعى الحكومة إلى تكريسه لتلافي تحول التظاهرات إلى مواجهة متواصلة بين قوات الأمن والمتظاهرين، وجه رئيس حكومة تصريف الأعمال مصطفى الكاظمي، أمس (السبت)، بتشكيل «مقر متقدم» برئاسة ضابط رفيع لتأمين اعتصام الجسر المعلق، حيث يوجد المعتصمون عند البوابة الجنوبية للمنطقة الخضراء.
وذكر بيان لقيادة العمليات المشتركة أنه بعد ما حصل أول من أمس، «من أحداث مؤسفة، وجه القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، قيادة عمليات بغداد بتشكيل مقر متقدم برئاسة ضابط برتبة عليا وممثلين عن الأجهزة الأمنية، بينها هيئة الحشد الشعبي لغرض العمل على إدارة وتأمين منطقة الاعتصام قرب الجسر المعلق لمنع الاحتكاك بين القوات الأمنية والمتظاهرين». وأوصى البيان «المتظاهرين الالتزام بقواعد حرية التعبير التي كفلها الدستور العراقي، وندعو القوات الأمنية العراقية إلى ضبط النفس والالتزام بأفضل الممارسات المهنية لحماية حرية التعبير وحقوق الإنسان».
وفي مقابل خطاب التهدئة الذي انتهجه الكاظمي وحكومته، واصلت الفصائل المسلحة وزعماؤها حملة التهديد والوعيد للحكومة وبعض قادة الجيش والأجهزة الأمنية، ففي تغريدة عبر «تويتر»، هاجم أمين عام «كتائب سيد الشهداء» أبو آلاء الولائي، الكاظمي، وهدده بالحرمان من ولاية ثانية لرئاسة الوزراء، حيث كتب: «أقول لك (الكاظمي)؛ عليك أن تنسى أمرين، الأول تكرار مهزلة تجديد رئاستك (للوزراء)، والثاني لن تعاد حتى إلى منصبك السابق (رئاسة جهاز المخابرات)».
وأول من أمس، هاجمت «كتاب حزب الله» الكاظمي بشدة، ووصفت سلوكه بـ«الوحشي». وقالت في بيان، إن «إصدار أوامر إطلاق النار على المتظاهرين العزل وسفك دماء الأبرياء في ساحة الاحتجاج السلمي أظهر وحشية الكاظمي وفريقه، وهو ما يعكس بشكل واضح استبداده هو ومن يقف خلفه». وأضافت أن «سلوك الكاظمي الإجرامي تجاه شعبنا العزيز بدأ بسياسات التجويع والفساد، وها هو ينتهي إلى القمع والقتل، وكلها مظاهر لسوء استخدام السلطة».
وفي مقابل التصعيد الكلامي الذي انتهجته بعض الفصائل المسلحة وزعمائها، بدا أن بعضهم، خصوصاً الأمين العام لـ«عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي الذي حضر ليلة الجمعة إلى ساحة التظاهر كان يحبذ التهدئة بدلاً من لغة التصادم والتصعيد، إذ شدد خلال استقباله وفداً حكومياً رفيعاً لإطلاعه على الجهود الجارية لتشكيل لجنة للتحقيق في الأحداث على «أهمية الحفاظ على العلاقة بين الحشد الشعبي وإخوتهم في الأجهزة الأمنية الأخرى، وأنها لن تتأثر بتصرفات غير قانونية من شخصيات سياسية وعسكرية». وفي اجتماع مماثل جمع رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي بقيس الخزعلى، أمس، شدد الطرفان على «حماية حق التظاهر السلمي وضبط النفس ومنع التصعيد».
من جهة أخرى، لم يغِب الجدل حول أحقية الفصائل الخاسرة في الانتخابات في التظاهر من عدمه، حيث وجهت معظم التوجهات القريبة من «حراك تشرين» انتقادات لاذعة لتلك الفصائل واتهمتها بمحاولة فرض منطق القوة، من خلال التظاهر، للحصول على حصتها في الحكومة المقبلة، ورفضت غالبية تلك التوجهات المقارنة بين التظاهرات والاحتجاجات المطلبية المتعلقة بـ«استعادة وطن»، وتلك التي ترغب في الحصول على مقاعد إضافية في البرلمان من دون سند قانوني.
والتحق الشيخ القبائلي في محافظة الأنبار ورئيس «مؤتمر صحوة العراق»، أحمد أبو ريشة، أمس، بقافلة المنتقدين لتظاهرات جماعات الفصائل و«الإطار التنسيقي»، وقال عبر تغريدة في «تويتر»، إن «مطالب شباب تشرين كانت (نريد وطناً سيداً)... وقد أطلقوا عليهم أبشع التسميات والرصاص وراح ضحية الإجرام بحقهم أكثر من ألف شهيد وجريح». وأضاف أن «الأيام دارت، ومن كان يساند قمع الشباب التشريني يتظاهر اليوم من أجل الكرسي».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.