تركيا تواصل الحشد ضد «سوريا الديمقراطية» رغم الاستنفار الروسي ـ الأميركي

قالت إن أزمة حكومة لبنان أرجأت خططاً لـ«العودة الطوعية» للاجئين السوريين إلى بلادهم

آلية للجيش الأميركي في منطقة يسيطر عليها الأكراد على الحدود مع العراق بشمال شرقي سوريا في بداية نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
آلية للجيش الأميركي في منطقة يسيطر عليها الأكراد على الحدود مع العراق بشمال شرقي سوريا في بداية نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
TT

تركيا تواصل الحشد ضد «سوريا الديمقراطية» رغم الاستنفار الروسي ـ الأميركي

آلية للجيش الأميركي في منطقة يسيطر عليها الأكراد على الحدود مع العراق بشمال شرقي سوريا في بداية نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
آلية للجيش الأميركي في منطقة يسيطر عليها الأكراد على الحدود مع العراق بشمال شرقي سوريا في بداية نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

واصلت القوات التركية قصفها لمواقع تابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» شرق الفرات شمال سوريا، فيما دفعت بتعزيزات جديدة إلى ريف حلب وسط تراجع ملحوظ في التصريحات الصادرة عن المسؤولين في أنقرة بشأن عملية عسكرية محتملة ضد «قسد» أدت إلى استنفار روسي - أميركي لثني تركيا عن القيام بها.
وفي الوقت ذاته، قالت تركيا إن أزمة الحكومة في لبنان أدت إلى تأجيل خطة إعادة طوعية للاجئين سوريين.
ميدانياً، قصفت المدفعية التركية في ساعة مبكرة من صباح أمس (السبت) قريتي الدردارة والمجيبرة في ريف تل تمر الشمالي في محافظة الحسكة (شمال شرقي سوريا)، وسط تحليق مكثف للطائرات المسيّرة التركية فوق المنطقة.
وطال القصف التركي عدداً من المنازل في المنطقة التي تسيطر عليها «قوات سوريا الديمقراطية»، التي أعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، قبل أيام، أن جميع مواقعها في شمال سوريا باتت أهدافاً للقوات التركية.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن القصف التركي ألحق أضراراً مادية في الممتلكات. وكان القوات التركية قصفت المنطقة ذاتها أول من أمس بالتزامن مع تسيير القوات الأميركية دورية مؤلفة من 7 عربات عسكرية في بلدة تل تمر، وتحليق لمروحيات روسية في أجواء المنطقة وقرب خطوط التماس التي تفصل بين مناطق سيطرة «سوريا الديمقراطية» (قسد) ومناطق سيطرة القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني السوري» الموالي لأنقرة.
في غضون ذلك، واصل الجيش التركي الدفع بمزيد من التعزيزات العسكرية إلى شمال سوريا، ودخل رتل تركي إلى مدينة الباب ضمن منطقة «درع الفرات» بريف حلب الشمالي الشرقي. وضم الرتل دبابات ومدفعية ثقيلة وناقلات جند مجنزرة وعربات مدرعة، وذلك بالتزامن مع استقدام القوات التركية والفصائل الموالية لها تعزيزات عسكرية إلى مناطق «نبع السلام» في شرق الفرات، وإلى الحدود التركية - السورية مقابل مدينة عين العرب (كوباني).
وتشهد نقاط التماس بين الفصائل الموالية لتركيا وقوات «قسد» هدوءاً حذراً منذ يومين، عقب اشتباكات على محور قرية أناب بريف عفرين، شمال غربي حلب، الجمعة الماضي.
في سياق آخر، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن بلاده اتفقت مع 4 دول مجاورة على ضرورة إعادة اللاجئين السوريين «بشكل طوعي» إلى بلدهم، إلا أن أزمة الحكومة في لبنان أجّلت هذا الاتفاق، مؤكداً: «(أننا) ما زلنا بصدد تنفيذه».
وأضاف جاويش أوغلو، أثناء مناقشة الميزانية الجديدة لوزارته بالبرلمان التركي ليل الجمعة – السبت: «نجحنا في وضع قضية العودة الطوعية للسوريين على أجندة الرأي العام الدولي، وناقشنا الملف مع مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي أثناء زيارته إلى بلادنا مؤخراً». وتابع: «تستضيف تركيا أكبر عدد من اللاجئين في العالم، لكن لم يعد لديها الإمكانية لتحمّل المزيد من المسؤولية في هذا الشأن».
ويواجه اللاجئون السوريون في تركيا، الذين يقدر عددهم بنحو 3.7 مليون شخص، في الفترة الأخيرة حملات تطالب بترحيلهم بسبب بعض الحوادث التي وقعت في عدد من المدن التركية، كان أشدها مقتل شاب تركي وإصابة آخر على يد اثنين من السوريين، ما أدى إلى اشتعال أحداث عنف قام خلالها أتراك غاضبون بإشعال النار في ممتلكات السوريين ومحال عملهم. كما وقعت حوادث أخرى تدل على زيادة السخط ومدى تأثر المجتمع التركي بحملات المعارضة التركية، لا سيما من جانب حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، والأحزاب ذات التوجه القومي مثل حزبي «الجيد» و«النصر»، وآخرها الأزمة التي اندلعت بعد انتشار فيديو لامرأة تركية وزوجها يتناقشان مع مجموعة من السوريين حول عدم قدرة الرجل على شراء الموز، وعدم قدرة زوجته على الذهاب إلى الكوافير، بسبب سوء الأوضاع المعيشية في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة في تركيا، بينما السوريون يشترون الموز بكميات كبيرة وتمتلئ بهم صالونات تصفيف الشعر والماكياج. وبعدها بدأت مجموعة من السوريين في نشر مقاطع فيديو ساخرة تُظهرهم وهم يأكلون الموز ويسخرون من الأتراك، إلى حد استبدال الهلال في العلم التركي بثمرة موز، ما دفع وزارة الداخلية التركية إلى التحرك واعتقال 7 سوريين، ونقلهم إلى مركز ترحيل في غازي عنتاب تمهيداً لترحيلهم إلى سوريا.
وأصدرت 16 منظمة حقوقية في تركيا بياناً أعلنت فيه رفضها تصريحات دائرة الهجرة العامة بشأن ترحيل اللاجئين الذين شاركوا مقاطع فيديو عن أكل الموز. وأكد البيان أن مشكلة اللاجئين ليست ناجمة عن أنهم جزء من الأزمة الاقتصادية المتفاقمة لسنوات في تركيا، وإنما مرتبطة بالاستهداف المتزايد من السياسيين ووسائل الإعلام للاجئين.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».