قررت الحكومة التركية تجميد أصول 13 شخصاً وكياناً بتهمة تمويل تنظيمات إرهابية، بينها «مؤسسة الأناضول الثقافية» التي أسسها وكان يديرها رجل الأعمال الناشط البارز في مجال الحقوق المدنية، عثمان كافالا، المعتقل منذ 4 سنوات، بتهم تتعلق بالتجسس ودعم محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في منتصف يوليو (تموز) 2016، الذي تثير قضيته خلافات حادة بين تركيا والدول الغربية التي تعتبر احتجازه رمزاً لانتهاك القانون والحريات. ونشرت الجريدة الرسمة في تركيا، أمس (السبت)، مرسوماً رئاسياً تضمن قراراً بتجميد أصول 7 مواطنين أتراك، بسبب دعم تنظيمات إرهابية شملت حزب العمال الكردستاني في سوريا، و«داعش» و«القاعدة»، المدرجة على لائحة الإرهاب في تركيا، هم: عدنان كايا، وبوكيت أولغين، ودوغان دوغان، وفرات أوزغور، وسيفي تومار، وإلهان أولوطاش وشفق إردمير، لتورطهم في دعم «العمال الكردستاني». كما تم تجميد أصول السوري حسن الشعبان، من مواليد محافظة حلب، لتقديمه الدعم لتنظيم «القاعدة»، والطاجيكي فاروق فوركاتوفيتش فايزيماتوف، الملقب بـ«فاروق الشامي» قائد تنظيم «حراس الدين» في إدلب.
وتضمن القرار أيضاً تجميد أصول المواطن العراقي مروان مهدي صالح، بتهمة دعم تنظيم «داعش»، وأصول شركة «الأمين للإنشاءات والاستيراد والتصدير» ومقرها مدينة ريحانلي في ولاية هطاي جنوب تركيا، وشركة «ريدين» للاستشارات والتجارة الداخلية والخارجية. وشمل القرار «مؤسسة الأناضول الثقافية»، التي تأسست في تورونتو بكندا، ويديرها في تركيا، عثمان كافالا.
واعتقل كافالا (64 عاماً) عام 2017 لاتهامه بتمويل احتجاجات «جيزي بارك» التي انطلقت في إسطنبول عام 2013، اعتراضاً على قطع بعض الأشجار في حديقة تاريخية لصالح أعمال تطوير في ميدان تقسيم، وسرعان ما تحولت إلى احتجاجات على حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان في أنحاء البلاد، اعتبرها محاولة للإطاحة بحكومته، حيث وجهت إليه اتهامات بالتجسس ومحاولة الإطاحة بالحكومة، وطالبت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بالإفراج عنه في عام 2019، ورغم تبرئته من تلك الاتهامات في فبراير (شباط) 2020، أعادت السلطات اعتقاله مباشرة بعد تغيير الاتهامات إلى محاولة الإطاحة بالنظام الدستوري من خلال دعمه لمحاولة انقلاب فاشلة وقعت في 15 يوليو 2016، وقررت دمج قضيتي التجسس ومحاولة الإطاحة بالنظام الدستوري. وفي حال إدانته قد يواجه عقوبة السجن المؤبد.
وينفي كافالا كل التهم المنسوبة إليه، ويؤكد أنها كيدية، وأن إبقاءه في السجن المراد منه ترهيب خصوم إردوغان. وتسببت قضيته في أزمة دبلوماسية حادة مؤخراً، بعدما طالب سفراء 10 دول غربية؛ هي الولايات المتحدة، وألمانيا، وفرنسا، والدنمارك، وهولندا، وفنلندا، والنرويج، والسويد، وكندا ونيوزيلندا، في بيان مشترك، في 18 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بالإفراج الفوري عنه تنفيذاً لقرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الصادرة عام 2019، قائلين: «نعتقد أن هذه القضية يجب أن تحسم بشكل عادل وسريع، بما يتماشى مع التزامات تركيا الدولية والقوانين الوطنية»، معتبرين أن استمرار حبسه وتغيير الاتهامات الموجهة إليه يعد انتهاكاً لتلك الالتزامات.
ورد إردوغان ذلك بالتلويح بطرد السفراء، لكنه تراجع بعد أن نصحه مستشاروه ووزير خارجيته بعدم التصعيد، لا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة التي تعيشها تركيا، مؤكدين أن أي أزمة دبلوماسية قد تكلفها ثمناً باهظاً.
وتنظر الدول الغربية، الحليفة لأنقرة في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، فضلاً عن دول الاتحاد الأوروبي، إلى كافالا على أنه أصبح رمزاً لقمع حرية التعبير وحقوق الإنسان في تركيا. ويعتقد كافالا، الذي يتعرض لضغوط نفسية بسبب مواقف إردوغان وحكومته، التي تبدو انتقامية، أن القطيعة الدبلوماسية بين الاتحاد الأوروبي وتركيا قد تمنحها فرصة أكبر لتصعيد انتهاكها لحقوق الإنسان، وأن الحوار المباشر يجعلها باستمرار تحت مراقبة الشركاء الأوروبيين، وبالتالي مواجهة حكومتها والضغط عليها في كل مرة تنتهك فيها الحريات وحقوق الإنسان.
ويصف الرئيس التركي كافالا بأنه «سورس تركيا الأحمر»؛ في إشارة إلى أنه ذراع رجل الأعمال الأميركي من أصل مجري جورج سورس مؤسس «منظمة المجتمع المفتوح»، التي كان كافالا عضواً في فرعها في تركيا، فضلاً عن كونه مؤسس ورئيس منظمة الأناضول الثقافية. وسبق أن تعهد إردوغان بأنه لن يغادر السجن طالما بقي في الحكم.
في غضون ذلك، كشفت نسخة مسربة لقائمة المدعوين إلى «قمة الديمقراطية»، المقرر عقدها في واشنطن في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، عن عدم دعوة إردوغان.
وذكرت صحيفة «بوليتيكو» الأميركية، التي سربت القائمة، أن تركيا والمجر هما الوحيدتان من دول حلف الناتو، اللتان لن توجه لهما الدعوة، وأن الرأي الغالب لدى صناع القرار الأميركيين تجاه الرئيس التركي هي اعتباره «زعيماً سياسياً يقوض النظام الديمقراطي». وتُعقد القمة يومي 9 و10 ديسمبر المقبل في واشنطن، ومن المنتظر أن يقترح خلالها الرئيس الأميركي بايدن مجموعة من النقاشات حول تدفق الإنترنت والحريات العامة ومحو الأمية، وفرض أساسيات تتعلق بآلية توفير التقنيات على مستوى العالم، وعرض مجموعة من التعهدات والاتفاقيات الضامنة لالتزام الدول والزعماء المشاركين في القمة بما يتعهدون به. ولم يعلق المتحدثون الرسميون باسم البيت الأبيض على هذه التسريبات تأكيداً أو نفياً.
تركيا تدرج مؤسسة يرأسها «كافالا» على لائحة الإرهاب
تقارير أميركية تكشف عن عدم دعوة إردوغان إلى «قمة الديمقراطية»
تركيا تدرج مؤسسة يرأسها «كافالا» على لائحة الإرهاب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة