حملات ميليشياوية تستغل فقر الأسر لاستقطاب القاصرين في اليمن للقتال

TT

حملات ميليشياوية تستغل فقر الأسر لاستقطاب القاصرين في اليمن للقتال

فيما تواصل الميليشيات الحوثية استغلال حالة الفقر الشديد التي أنتجتها الحرب لتنفيذ حملات تجنيد جديدة لصغار السن والدفع بهم إلى جبهات القتال، كشف أكاديمي يمني متخصص في الطب النفسي أن أكثر من مليوني طفل تأثروا نفسياً من الحرب التي شنتها ميليشيات الحوثي الإرهابية على اليمنيين نتيجة إصابتهم المباشرة أو تعرضهم للتهجير القسري أو النزوح من مناطقهم.
في هذا السياق أكد سكان في العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات ذمار وإب لـ«الشرق الأوسط» أن ميليشيا الحوثي أطلقت حملة تجنيد كبيرة في مناطق سيطرتها مستهدفة صغار السن والأسر التي لا تجد ما تأكله لتعويض الخسائر البشرية التي منيت بها في جبهات القتال في جنوب محافظة مأرب وغربها، «لأن الحصول على راتب شهري أصبح غير ممكن إلا إذا التحق هؤلاء بالقتال».
وبحسب المصادر، فإن الملتحقين بمعسكرات التدريب يكون لهم وأسرهم أولوية الحصول على المساعدات النقدية التي تقدم من المنظمات الإغاثية، لأن تسجيل المحتاجين يتم عبر باحثين من منظمات محلية جميعها تتبع ميليشيات الحوثي ويديرها ما يسمى المجلس الأعلى للشؤون الإنسانية الذي يتحكم بقوائم المستفيدين والشركاء المحليين العاملين مع المنظمات الإغاثية.
من جهته أكد معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية أن الميليشيات الحوثية صعدت من عمليات تجنيد الأطفال في العاصمة المختطفة صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرتها.
وأوضح الإرياني في تصريحات رسمية أن الميليشيات «تصعد من عمليات تجنيد الأطفال والزج بهم في هجمات انتحارية على خطوط النار في جبهات القتال جنوب محافظة مأرب وغربها، حيث يسقط المئات منهم بشكل يومي بين قتيل وجريح وأسير‏».
وأشار الوزير اليمني إلى أن ميليشيا الحوثي الإرهابية تضاعف عمليات استدراج وتجنيد الأطفال دون سن 18 سنة لتعويض مخزونها من المقاتلين الذي أوشك على النفاد جراء الخسائر البشرية غير المسبوقة التي تكبدتها ولا تزال منذ تصعيدها في جبهات محافظة مأرب، في أوسع جرائم لاستخدام الأطفال في العمليات القتالية في تاريخ البشرية‏، وفق قوله.
وأضاف بالقول: «تواصل ميليشيا الحوثي الإرهابية عمليات تجنيد الأطفال وسوقهم للموت في محارق مفتوحة، تحت سمع وبصر المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان وحماية الطفل، التي لم تتخذ أي إجراء يذكر لوقف جرائم الإبادة الجماعية لأطفال اليمن، ومحاسبة المسؤولين عنها من قيادات وعناصر الميليشيا».
إلى ذلك كشف الأكاديمي المتخصص في الطب النفسي الدكتور مهيوب المخلافي أن أكثر من مليوني طفل تأثروا نفسياً من الحرب التي شنتها ميليشيات الحوثي الإرهابية على اليمنيين نتيجة إصابتهم المباشرة أو تعرضهم للتهجير القسري أو النزوح من مناطقهم.
واستعرض الدكتور المخلافي في كلمته خلال فعالية أقيمت (السبت) في مدينة مأرب، بمناسبة يوم الطفل العالمي أبرز الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها الميليشيات الحوثية الإيرانية بحق الطفولة في اليمن منذ بداية انقلابها على الحكومة الشرعية.
وأكد أن 10 آلاف طفل على الأقل قتلوا فيما بترت أطراف 8 آلاف طفل آخرين منهم 800 طفل أصيبوا بالشلل الكلي والنصفي في هذه الحرب المستعرة منذ أكثر من سبعة أعوام.
وأشار الأكاديمي اليمني إلى أن ميليشيات الحوثي الإرهابية جندت منذ بداية انقلابها نحو 20 ألف طفل وزجت بهم في معاركها ضد اليمنيين في انتهاك صارخ لكل الاتفاقيات والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الأطفال في ظل صمت المجتمع الدولي تجاه هذه الجرائم.
وفي الفعالية نفسها، طالب الأطفال اليمنيون المجتمع الدولي والمنظمات والهيئات الإنسانية والحقوقية بإدانة الجرائم الإرهابية التي ترتكبها الميليشيات الحوثية بحقهم واستهدافها الإجرامي المتعمد لمخيمات النازحين في مأرب، بعد أن شردتهم من مناطق سيطرتها.
ودعا الأطفال مجلس الأمن الدولي والمفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى ممارسة الضغط على الميليشيات الحوثية لإيقاف قصف المدن والقری الآهلة بالسكان المدنيين بالصواريخ الباليستية والقذائف والطائرات المسيرة المفخخة، التي أزهقت أرواح مئات الأطفال والنساء ومزقت أجسادهم، مشددين على ضرورة إدراج الميليشيات الحوثية إلی قائمة المنظمات والجماعات الإرهابية وإدراج قادتها في قوائم الإرهابيين الدوليين على ما ارتكبوه من جرائم بحق أطفال اليمن.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

المشرق العربي جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في مدينة الحديدة للتعبئة القتالية (فيسبوك)

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

بعد أن أخضعت العشرات منهم لدورات تدريبية تعبوية، منعت الجماعة الحوثية إعلاميين وصحافيين وناشطين حقوقيين في محافظة الحديدة اليمنية (223 كلم غرب صنعاء) من العمل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي جرافة حوثية تهدم محلاً تجارياً في إحدى المناطق التابعة لمحافظة الضالع (فيسبوك)

اعتداءات مسلحة أثناء تحصيل الحوثيين جبايات في الضالع

يتهم سكان محافظة الضالع اليمنية الجماعة الحوثية بارتكاب ممارسات إجرامية خلال تحصيل إتاوات تعسفية وغير قانونية من الباعة والتجار والسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

يواجه الآلاف من مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خطر الموت بسبب إهمال الرعاية الطبية وسط اتهامات للجماعة الحوثية بنهب الأدوية والمعونات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».